الإمارات

الإمارات.. انخفاض حجم هدر الطعام خلال رمضان بنسبة 37%

أظهرت أرقام رسمية نجاح المبادرات الإماراتية في خفض 37% من حجم الهدر في الغذاء، كما تراجعت الكلفة السنوية لهدر الطعام بنحو 40%، فيما وضع دليل الفعاليات الإماراتية عدداً من الخطوات للحد من هدر الغذاء.

وتفصيلاً، أفادت دراسة بحثية إماراتية حول «هدر الطعام» بأن هدر الغذاء يحدث لأسباب متعددة عبر مراحل مختلفة، فقد يتعرض الطعام للتلف أثناء الإنتاج، مثل التجفيف والطحن والنقل والمعالجة، بسبب الحشرات والقوارض والطيور والعفن والبكتيريا، وعلى مستوى البيع بالتجزئة قد يؤدي التخزين غير الجيد، وإنتاج كميات زائدة إلى هدر الطعام، كما يسهم المستهلكون في الهدر عندما يشترون أو يطبخون أكثر مما يحتاجون ويطرحون الفائض، لذا تعد مواجهة هدر الغذاء أمراً بالغ الأهمية للنظم الغذائية المستدامة، لكونها تساعد في الحفاظ على الموارد، وتقلل التأثير البيئي، وتضمن الحصول على الغذاء بشكل أكثر إنصافاً.

وأظهرت إحصاءات رسمية صادرة عن مبادرة «نعمة» ودليل الاستهلاك المستدام الصادر عن فريق عام الاستدامة، أنه يتم هدر طعام سنوياً في دولة الإمارات بما قيمته ستة مليارات درهم، حيث يتم هدر أكثر من 3.27 ملايين طن من الغذاء سنوياً، فيما يحدث 61% من هدر الطعام على مستوى الأسر وفي المنازل، كما اعتبر عدد كبير من المواطنين والمقيمين في الدولة، أن الحد من هدر الطعام يتطلب الالتزام بالعديد من السلوكيات اليومية المعقدة.

تحسّن ملحوظ

كما كشفت دراسة حالة ركزت على مقارنة معدلات استهلاك الغذاء بين الفنادق التي شاركت في المبادرة الوطنية للحد من فقد وهدر الغذاء في دولة الإمارات «نِعمة»، خلال رمضان في أعوام 2022 و2023 و2024، عن توجه إيجابي واضح، وخفض في معدلات هدر الغذاء في كل فندق خلال شهر رمضان على المدى الطويل، حيث تم استهلاك 610 كغم في رمضان 2022، وانخفض الاستهلاك إلى 523 كغم في 2023، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 14%، فيما انخفض الاستهلاك إلى 330 كغم في 2024 مسجلاً انخفاض في هدر الطعام بنسبة 37%، وخلال دراسة «نِعمة» في رمضان 2024 التي أجريت مع قطاع الضيافة، قال 94% من رواد المطاعم إن رؤية الإشارات الخاصة بتجنب هدر الطعام أثرت في تجربتهم بشكل إيجابي.

الإضرار بالبيئة

وحذر مختصون في مجال البيئة والاستدامة: عمر المصعبي، ومريم البلوشي، ووفاء صالح، من أن هدر الطعام يترتب عليه هدر الموارد المستخدمة في إنتاجه (المياه والتربة والطاقة والعمالة)، ما يؤثر سلباً في البيئة، كما يؤدي التخلص من الطعام في مكب النفايات إلى انبعاث غازات دفيئة تُسهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وشددوا على ضرورة اتخاذ خطوات جادة نحو تقليل نصيب الفرد من هدر الطعام، موضحين أن تقليل الهدر في شهر رمضان الكريم يرتبط بالعادات اليومية في إعداد واستهلاك الطعام بكميات تزيد على الحاجة، حيث إن فائض الطعام الصالح للأكل لا يمكن بيعه أو استخدامه.

وقال الرئيس التنفيذي للاستدامة في مؤسسة الإمارات أمين عام لجنة مبادرة «نعمة»، خلود حسن النويس: «رمضان هو وقت لممارسة الكرم والامتنان والمسؤولية المشتركة، ومن خلال تقديرنا لتقاليدنا الراسخة وقيم أجدادنا، يجب اتخاذ خطوات حقيقية لإنقاذ الغذاء، وتقليل الهدر، وضمان الاستهلاك المسؤول للغذاء عبر اتخاذ قرارات واعية عند التسوق والطهي في الشهر الفضيل، ومن خلال المسؤولية المجتمعية والعمل يداً بيد، يمكننا الاقتراب من تحقيق هدفنا في أن نصبح دولة لا يهدر فيها الغذاء».

وأشارت إلى أن المبادرة الوطنية للحد من فقد وهدر الغذاء «نِعمة»، تواصل حملتها «نقدر النعمة» خلال شهر رمضان 2025، بهدف تعزيز مفهوم الاستهلاك المسؤول، والترويج لممارسات الاستدامة في المجتمع، والتركيز على تقليل هدر الغذاء، لافتة إلى أن الحملة تتماشى مع الإعلان عن «عام المجتمع» في دولة الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، حيث تهدف إلى إحداث تغيير في السلوكيات على المدى الطويل، وتعزيز ريادة الدولة في مجال استدامة الغذاء، كما تمثّل جهداً موحداً نحو تحقيق هدف منع وصول الغذاء إلى مكبات النفايات خلال الشهر وبعده.

خط الأساس

وتقود مبادرة «نعمة» أول دراسة بحثية واسعة النطاق تقوم بها الإمارات، لقياس مستويات فقد وهدر الغذاء عبر كل سلسلة القيمة ضمن قطاع الغذاء، والتي تشمل المزارع والشركات والأسر، وتنبع أهمية الدراسة من كونها الأولى في تقديم صورة واضحة عن كمية الغذاء المفقود أو المهدر في الإمارات، كما ستحدد بؤر فقد وهدر الغذاء عبر سلسلة القيمة، وستساعد هذه النتائج في صياغة خط أساس وطني ومؤشرات لفقد وهدر الغذاء في دولة الإمارات، ووضع السياسات للحد من الهدر وتحسين الأمن الغذائي، والحفاظ على الموارد القيمة، بما في ذلك المياه والطاقة المستخدمة في إنتاج الغذاء، إضافة إلى بناء مستقبل أكثر استدامة للجميع من خلال الحفاظ على الغذاء لمن يحتاجون إليه، وتبلغ مدة الدراسة 18 شهراً (من سبتمبر 2024 إلى مارس 2026).

ثقافة مجتمعية

وأكد مواطنون ومقيمون أن تحدي فقد الغذاء في الدولة يرتبط بثقافة المجتمع، لذا يشهد شهر رمضان سنوياً زيادة في معدلات هدر الطعام بسبب ارتباطه بالولائم والعزائم في أذهان معظم الأسر، ما يستلزم اتخاذ خطوات جادة نحو تقليل نصيب الفرد من هدر الطعام، وتبنّي الترشيد كأفراد ومؤسسات، والعودة إلى السلوكيات الإيجابية المتأصلة في مجتمعنا، مشيرين إلى أن تقليل الهدر في هذا الشهر يرتبط بالعادات اليومية في إعداد واستهلاك الطعام بكميات تزيد على الحاجة، خصوصاً أن فائض الطعام الصالح للأكل الذي لا يتم استغلاله وتحرص الأسر على صنع طعام طازج يومياً.

تقليل الهدر

وأشاروا إلى أن الإسراف في التفاعل مع عروض التسويق خلال شهر رمضان تسهم في زيادة الهدر، من خلال إقدام المستهلكين على شراء أزيد من احتياجاتهم، كما أن أغلبية العروض صلاحيتها لا تكون طويلة ما يؤدي إلى تلف جزء منها ويترتب عليه زيادة كميات الغذاء المهدر.

التغذية الصحية

وأكدت أخصائية التغذية العلاجية في مدينة برجيل الطبية، الدكتورة فاطمة بن عمار، أهمية الغذاء الصحي لتلبية حاجة الجسم من جميع العناصر الغذائية الضرورية للمحافظة على صحة الجسم وتعزيز صحة جهاز المناعة، محذرة من الإفراط في تناول الطعام، وما يترتب عليه تأثير ضار بالصحة يشمل الشعور بالانزعاج والخمول وحرقة المعدة، والأرق وانتفاخ البطن والتجشؤ، والغثيان والتقيؤ، وزيادة الوزن، إضافة إلى تباطؤ عملية الهضم، وقالت: «من المهم اتباع الممارسات الصحيحة خلال عملية التسوق لضمان الحصول على غذاء آمن وسليم أو ما يطلق عليه (التسوق الذكي)، خصوصاً أننا في كثير من الأحيان لا نتناول كل الطعام الموجود في أطباقنا، أو قد تتعرض المواد الغذائية من اللحوم والخضراوات المخزّنة في ثلاجاتنا للتلف والفساد».

فوائد تقليل الأكل

وأيدتها في الرأي أخصائية التغذية العلاجية في مدينة برجيل الطبية، الدكتورة سارة الكثيري، مشيرة إلى أن الدماغ يحتاج إلى نحو 20 دقيقة بعد تناول الطعام، لتسجيل مستوى الإشباع الذي وصل إليه الجسم، وهذا يعني أن التخمة تحدث في المعدة عن دون قصد أو وعي، حيث توجد أسباب عدة تدفع إلى الإفراط في الأكل، يرتبط بعضها بأوقات محددة من السنة، مثل رمضان ومواسم الأعياد والإجازات التي تتجلى خلالها كثير من المشاعر التي تشجع على المبالغة في استهلاك الطعام.

وأوضحت الكثيري أن التقليل من الأكل يساعد على زيادة قدرة الدماغ وقوّة التركيز، ويزيد العمر ويزيد فرصة قضاء شيخوخة صحية بعيدة عن الأمراض المزمنة والبدانة، ويعطي شعوراً بالنشاط وعدم الكسل وسهولة الحركة، إضافة إلى المساعدة على الوقاية من أمراض ضغط الدم والقلب والسكري والسكتات الدماغية، وأمراض الجهاز الهضمي، وبعض أنواع السرطانات.

تعزيز الأمن الغذائي

تنفذ دولة الإمارات العديد من البرامج والمبادرات لتعزيز الأمن الغذائي عبر تشجيع سلوكيات الحد من هدر الطعام، وإدارة الفائض منه وإيصاله إلى أكبر عدد من محتاجيه داخل الدولة وخارجها، وأظهرت الإحصاءات نجاح المبادرات في تخفيض كمية الطعام المهدر بنحو 37%، وانخفاض فاتورة فقد الغذاء من 10 مليارات إلى ستة مليارات درهم، وشملت المبادرات وضع استراتيجية طموحة للأمن الغذائي تهدف للوصول إلى صدارة مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وتشكيل اللجنة الوطنية للحد من فقد وهدر الغذاء المنبثقة من مجلس الإمارات للأمن الغذائي، ومبادرة «نعمة» لمواجهة فقد وهدر الغذاء، وتشجيع المسؤولية الاجتماعية، وتعزيز الممارسات المستدامة عبر سلسلة الإمداد الغذائي، ومشروع حفظ النعمة التابع لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، للحد من الإسراف في استهلاك المواد الغذائية، واستقبال تبرعات الأطعمة الجاهزة والوجبات التي لم تمتد إليها الأيدي، إضافة إلى بنك الإمارات للطعام لإدارة فائض الطعام وتقليل هدره، وتوزيع الطعام الصالح للاستهلاك على أكبر عدد من المستفيدين داخل الدولة وخارجها.

مليون وجبة فائضة

وتعد مبادرة «توفير مليون وجبة من فائض الطعام»، جهداً شاملاً من «نِعمة» لاستعادة وتوزيع الغذاء الفائض الصالح للاستهلاك، بالتعاون مع بنك الطعام الإماراتي، وتطبيق «ريلوب»، ويعتمد على إشراك الفنادق وقطاع الضيافة، وتشمل المبادرة أيضاً إعادة تدوير النفايات الغذائية، من خلال جمع غير الصالح للاستهلاك لاستخدامه في التسميد، دعماً للاقتصاد الدائري.

إنجازات

وزّع بنك الإمارات للطعام أكثر من 70 مليون وجبة منذ تأسيسه، وبلغ عدد شركائه من المؤسسات الغذائية والفنادق والمطاعم 232 شريكاً استراتيجياً، ووقع خمس مذكرات تفاهم مع بنوك طعام عالمية في المملكة العربية السعودية، ومصر والسودان والكويت، فيما تضمنت إنجازات مبادرة «نعمة» النجاح في تحويل مليون كيلوغرام من الغذاء عن مكبات النفايات. وتعادل القيمة الاقتصادية لما تم توفيره نتيجة تحويل نفايات الغذاء عن مكب النفايات 3.2 ملايين درهم، وأدى ذلك إلى خفض 2.4 مليون كيلوغرام من الانبعاثات الكربونية، وإنتاج 76 ألفاً و600 كيلوغرام سماد عضوي لنحو 30 ألفاً و635 متراً مربعاً من الأراضي الزراعية، كما سجلت نسبة الحد من هدر الغذاء المحققة من خلال التجارب السلوكية في قطاع الضيافة، ارتفاعاً بمقدار 62%، وبلغت نسبة رضا المشاركين في استبيان ضم 34 ألفاً و363 شخصاً 94%.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى