50 عامًا على وفاة كوكب الشرق.. كيف أصبحت أم كلثوم أسطورة لا تموت؟
تحل اليوم، 3 فبراير/شباط، ذكرى وفاة كوكب الشرق أم كلثوم، السيدة المصرية التي وهبت عمرها وصحتها وموهبتها وجهدها للطرب الأصيل، لتصبح أيقونةً للموسيقى الشرقية.
في زمنٍ كان من الصعب على الرجال أن يتميزوا في مجال الغناء والموسيقى، استطاعت أم كلثوم أن تصبح كوكب الشرق، ويظل فنها مستمرًا حتى هذه اللحظة، وسيظل حيًا ما دامت الموسيقى والفن باقيين.
من هي أم كلثوم؟
فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، ابنة الشيخ المؤذن إبراهيم السيد، وكنيتها أم كلثوم، وُلدت في طماي الزهايرة، مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، في 31 ديسمبر/كانون الأول 1898، أو رسميًا حسب السجلات المدنية في 4 مايو/أيار 1908.
وُلدت فاطمة لأسرة متواضعة في ريف مصر، وكان والدها الشيخ إبراهيم إمامًا ومؤذنًا لمسجد في القرية، كما كان يعمل منشدًا في حفلات القرية والقرى المجاورة. أما والدتها، فاطمة المليجي، فكانت ربة منزل. وكان لها أخت متزوجة تُدعى رقية، وأخ يُدعى خالد، وهو أكبر منها.
تلقت فاطمة تعليمها في كُتّاب القرية، ورغم ضيق الحال، حرص والداها على عدم إظهار هذا الضيق والفقر إلا بالهمسات بعد صلاة الفجر، حين يكون الطفلان نائمين. في ذلك الوقت، لم تكن فاطمة الصغيرة تعرف كيف تساعد والدها سوى بالدعاء له.
بدأ مشوار أم كلثوم الفني حينما كان والدها يُحفظ أخاها بعض الأناشيد، ومع التكرار، حفظتها أم كلثوم وبدأت في تقليد والدها. وانبهر والدها عندما سمعها، فبدأ بتعليمها دروس الإنشاد.
أحيت أول حفل لها بحضور 15 شخصًا فقط، حيث غنّت وصفّق لها الجمهور، وكانت مكافأتها الأولى طبقًا من المهلبية.
لاحقًا، ارتفع أجر حفلاتهم تدريجيًا، فبلغ ربع جنيه، ثم جنيهًا واحدًا، ثم جنيهًا ونصف، حتى أصبحوا قادرين على الذهاب إلى القرى المجاورة، حيث تركت في كل قرية عددًا من المعجبين بصوتها.
مكتشف أم كلثوم
لعب الشيخ إبراهيم، والد أم كلثوم، دورًا كبيرًا في تأسيسها فنيًا. ثم جاء بعده اسمان لعبا دورًا لا يقل أهمية عن دور أبيها، وهما:
عز الدين يكن باشا، الذي بفضله زارت القاهرة لأول مرة، إذ دعاها لإحياء ليلة الإسراء والمعراج.
الشيخ أبو العلا محمد، الذي سمِعته لأول مرة وهي صغيرة عبر الفونوغراف، ولم تكن تتصور أن لهذا الصوت صاحبًا على قيد الحياة، حتى التقت به مع والدها في محطة القطار، تحديدًا بعد عام 1916، حين سمعت صوتًا يقول: “الشيخ أبو العلا هنا”.
لم يكن الأمر سهلًا؛ فبالنظر إلى السياق الزمني الذي عاشت فيه أم كلثوم، لم يكن من السهل أن تغني امرأة وخلفها أوركسترا من الرجال، رغم أن بصمة النساء في المسرح ثم السينما كانت واضحة ولا تقل عن بصمة الرجال، بل ربما تفوقها.
في عام 1924، صدرت أول أسطوانة لأم كلثوم، وكانت بقصيدة “وحقك أنت المنى والطلب” من تلحين الشيخ أبو العلا محمد، وبيع منها ثمانية عشر ألف أسطوانة.
لكن، وبحسب الباحثة الموسيقية فيروز كراوية، فقد تعرّضت أم كلثوم لهجوم شديد من الصحافة آنذاك، إذ كان محرمًا على النساء المصريات المسلمات الغناء أو التمثيل أو الظهور على المسرح بشكل عام، حيث كان ذلك حكرًا على الأقليات أو المهاجرات من الشام وغيرها.
أهم أعمال أم كلثوم
منذ بداية مشوارها وحتى عام 1975، قدّمت أم كلثوم العديد من الأغنيات، متعاونة مع أهم شعراء وملحني عصرها. ومن بين أشهر أغنياتها:
“أراك عصي الدمع” (1926).
“افرح يا قلبي” (1937).
“حأقابله بكرة” (1946).
“مصر تتحدث عن نفسها” (1951).
“هو صحيح الهوى غلاب” (1960).
“فات الميعاد” (1967).
“اسأل روحك” (1970).
“ليلة حب” (1973).
وفي عام 1973، غنّت أم كلثوم آخر أغنياتها “حكم علينا الهوى”، من تلحين بليغ حمدي، لكنها نُشرت بعد وفاتها، وهي من مقام الراست.
مرض ووفاة أم كلثوم
في عام 1954، خفّضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي كانت تعاني منها.
يُذكر أن النظارة السوداء التي كانت ترتديها باستمرار كانت بسبب إصابتها بمرض “جريفز” (فرط نشاط الغدة الدرقية)، الذي أدى إلى جحوظ عينيها. وكان هذا أيضًا سببًا لإيقاف نشاطها التمثيلي، الذي اقتصر على ستة أفلام فقط.
في 3 فبراير/شباط 1975، توفيت أم كلثوم في القاهرة بعد معاناة مع المرض.