بطريرك الموارنة: صار أسهل على الساسة اللبنانيين الاتفاق مع إسرائيل من الاتفاق على حكومة

عربي تريند_ لم يوفّر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من انتقاده كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره من جهة والرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جهة أخرى بسبب عدم الاتفاق على تأليف حكومة، معلناً “أن الشعب يرفض تسليم مصيره إلى حكومة تصريف أعمال، كما يرفض عرقلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
وفي موقف عالي النبرة، سخر الراعي في عظة الأحد من “انقسام السلطة السياسية في لبنان وانشطار الأحزاب عمودياً وافقياً”، متوقفاً عند الحملات المتبادلة بين التيار الوطني الحر والرئيس ميقاتي، واصفاً إياها بالحملات “القبيحة” التي من شأنها “أن تخلق أجواء متوترة تؤثر سلباً على نفسية المواطنين الصامدين رغم الصعوبات، وعلى الاستقرار والاقتصاد والمال والإصلاحات، وعلى الاستحقاقين الدستوريين: تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية”.
وقال: “لو كانت النيات سليمة وصادقة لكان بالإمكان معالجة أي خلاف سياسي بالحوار الأخلاقي وبالحكمة وبروح بنّاءة بعيداً من التجريح والإساءات الشخصية. لكن ما نلمسه هو أن الهدف من هذه الحملات هو طي مشروع تشكيل حكومة والالتفاف على إجراء الانتخابات الرئاسية بفذلكات دستورية وقانونية لا تُحمد عقباها”، مشيراً إلى أنه “مع إدراكنا كل الصعوبات المحيطة بعملية تشكيل حكومة جديدة، فهذه الصعوبات يجب أن تكون حافزاً يدفع بالرئيس المكلف إلى تجديد مساعيه لتأليف حكومة ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية شرط أن تكون التشكيلة الجديدة وطنية وجامعة ومتوازنة. لا يجوز التذرع بالصعوبات لكي توضع ورقة التكليف في خزانة المحفوظات، وتطفأ محركات التشكيل وتترك البلاد أمام المجهول”.
وتابع: “عرفنا ماضياً في لبنان أزمات حكومية نتجت عن طول مرحلة التشكيل، لكننا لم نعرف أزمة حكومية نتجت عن وجود إرادة بعدم تشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية عهد رئاسي. هذا أمر خطير ومرفوض عشية الاستحقاق الرئاسي. إن وجود حكومة كاملة الصلاحيات لا يفرضه منطوق التوازن بين المؤسسات الدستورية فقط، بل منطق التوازن أيضاً بين أدوار المكونات الميثاقية في لبنان. من المعيب أن تبذل السلطة جهوداً للاتفاق مع إسرائيل على الحدود البحرية وتنكفئ في المقابل عن تشكيل حكومة؟ فهل صار أسهل عليها الاتفاق مع إسرائيل من الاتفاق على حكومة بين اللبنانيين؟ إن كرامة الشعب ترفض كل ذلك. فليعلم المسؤولون أن الشعب يرفض تسليم مصيره إلى حكومة تصريف أعمال، كما يرفض عرقلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولن يسكت عما يقومون به. ولن يقبل على الإطلاق بسقوط الدولة التي دافع عنها بالصمود وتقديمه ألوف وألوف من الشهداء والشهيدات”، مضيفاً “إن سلوك المسؤولين يهدّد كيان لبنان بكل مقوماته الوجودية. ونخشى أن يؤدي عدم تشكيل حكومة واحدة للبنان الواحد إلى تناسل سلطات أمر واقع هنا وهناك، وهذا ما تصدينا له منذ سنوات. الشعب ونحن لا نثق بحكم حكومة تصريف أعمال، ولا نرضى بتطبيق بدعة الضرورات تجيز المحظورات على استمرار حكومة تصريف الأعمال فقط، فيسعى آخرون إلى تطبيقها بشكل عشوائي. لا أحد يستطيع ضمان حدود هذه الفذلكة. فألّفوا، أيها المسؤولون، حكومة وانتخبوا رئيساً للجمهورية ضمن المهل الدستورية، وأريحوا الشعب ولبنان”.
وأثار الراعي مجدداً قضية توقيف راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة المطران موسى الحاج فقال “إن عدم تجاوب المسؤولين مع نداءاتنا المتكررة بشأن سيادة أخينا المطران موسى الحاج منذ عشرين يوماً، يكشف الخلفيات المعيبة وراء الاعتداء المخالف للمذكرة الصادرة عن مديرية الأمن العام بتاريخ 29/4/2006 تحت رقم 28/أ ع/ ص/ م د. والمؤسف جداً أن هذه الجهات التي يفترض فيها أن تكون الحريصة الأولى على كرامة الأسقف، وعلى ما ومن يمثل، تصرّفت ولا تزال من زاوية التشفي والمصالح الأنانية وكأن لديها ثأراً على البطريركية المارونية لأن هذا الصرح يقول كلمة الحق، ويدحض الخطأ، ولا يتدجن مع الباطل، ولا يساوم على الحقيقة والمقدسات والبديهيات مهما طال الوقت. والوقت كان دائماً حليف الحق وأصحاب الحق وحليف الكنيسة الجامعة منذ ألفي سنة ونيف، والكنيسة البطريركية المارونية منذ ألف وستمائة سنة. فليقرأوا التاريخ الحديث والقديم علهم يعتبرون ويرتدعون”.
رد المحرر
نعتدر عن النشر