العالم تريند

مخاوف في إسرائيل من عودة العمليات الاستشهادية بعد انفجار تل أبيب

تبرز في إسرائيل مخاوف من عودة العمليات الاستشهادية، بعد تهديد حركة «حماس» باللجوء إليها ردا على استمرار «مجازر الاحتلال» في غزة. وصباح الإثنين، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن انفجار العبوة الناسفة في مدينة تل أبيب مساء الأحد، والذي أسفر عن قتيل، كان نتيجة «محاولة تنفيذ عملية هجومية».
وقالت السلطات في دولة الاحتلال إن شخصاً لقي حتفه وأصيب آخر في انفجار شاحنة وسط تل أبيب، مضيفة أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشاباك» يجري تحقيقات في دوافع الانفجار.
ولاحقا، قالت كتائب «القسّام» الجناح العسكري لـ «حماس»، في بيان، «تعلن كتائب القسام، بالاشتراك مع سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي)، تنفيذ العملية الاستشهادية التي وقعت مساء الأحد في تل أبيب».

ستعود للواجهة

وأكدت في بيان عبر حسابها على «تليغرام»، أن «العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل ستعود للواجهة طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين واستمرار سياسة الاغتيالات».
وعقّب القيادي في حركة» حماس»، أسامة حمدان على عمليّة تل أبيب في حديث صحافي، بالقول إنّ المقاومة ما زال لديها من الأوراق ما تقدمه في المواجهة، وقال إن التطور في نوعية العمليات سينعكس إيجابًا على طاولة المفاوضات.
وأضاف أنّ المقاومة الفلسطينية أطلقت نموذجًا جديدًا من خلال عملية تل أبيب، وأن نمط المواجهة على مدى الأشهر الماضية قابل للتغير والتطور، والتعنّت الإسرائيلي سيدفع المقاومة للمزيد من التصعيد في شكل أدائها.
ووفق القناة «12» العبرية (خاصة)، نقلا عن أجهزة الأمن، فإن تفجير تل أبيب الأحد نجم عن «عبوة ناسفة قوية تصل زنتها 8 كيلوغرامات من المتفجرات». وتابعت: «في نهاية تقييم الوضع، تقرر رفع درجة التأهب وإجراء عمليات مسح واسعة النطاق في كل كتلة غوش دان»، أي منطقة تل أبيب الكبرى.
فيما قال قائد منطقة أيالون في شرطة لواء تل أبيب حاييم بوبليل، لهيئة البث (رسمية): «لحسن الحظ لم يؤد الانفجار إلى كارثة». وأضاف أنه «كان من الممكن أن ينتهي الحادث بشكل مختلف تماما لو انفجرت العبوة في أحد الأماكن المزدحمة القريبة، فهي عبوة قوية كان من الممكن أن تسبب أضرارا كبيرة».
ونقل مراسل القناة 14 عن مصدر أمني قوله إنه «تم العثور على حزام ناسف حول جثة القتيل في انفجار الشاحنة بتل أبيب».
وأضاف: «هناك تفاصيل مقلقة بشأن موقع الانفجار. الحديث يدور عن شخص مشتبه به حمل حقيبة تحتوي على متفجرات، ونتيجة لفشل تقني انفجرت بالقرب من شاحنة. ولا يمكن تحديد هويته».
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو توثق الأضرار الكبيرة التي أحدثها الانفجار يوم أول أمس، فيما ظهرت صور تظهر من يفترض أن يكون منفذ الهجوم.
وقال أحد كبار قادة جهاز «الشاباك» سابقًا عادي كرمي معلّقًا على عملية تل أبيب: «إننا نشهد قدرًا كبيرًا من العمليات لم يسبق لها مثيل على الإطلاق، أكثر من 1000 هجوم تم إحباطها منذ بداية الحرب، في المتوسط هناك 4 هجمات محبطة يوميًا».
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية بأن المؤسسة الأمنية تخشى من وجود أشخاص سيسعون إلى تقليد الهجوم وتفجير عبوات ناسفة.
وقال موقع «واينت» الإخباري العبري: «الجيش والمستوطنون واجهوا تحدي العبوات الناسفة في الضفة الغربية، ولكن إدخالها إلى إسرائيل أخطر ويعيد إلى الأذهان مشاهد الانتفاضة الثانية». وأردف أن «موضوع المتفجرات اكتسب زخما في السنوات الأخيرة، ويشمل بشكل رئيسي تحضيرها في مختبرات تصنيع في الضفة الغربية». و»في أغلب الأحيان، لا تواجه قوات الأمن عبوات ناسفة يتم إلقاؤها عليها فحسب، بل تواجه أيضا عبوات ناسفة مدفونة في الأرض على طول الطرق»، وفق الموقع. وتابع: «قبل خمسة أيام فقط، انفجرت سيارة مفخخة في منطقة الخليل (جنوبي الضفة)، ويشتبه في أنها كانت معدة لتنفيذ هجوم» . واعتبر أن «الخوف الأكبر لدى الأجهزة الأمنية هو العودة إلى أيام الانتفاضة الثانية، عبر إدخال عبوات ناسفة إلى قلب المدن الكبرى في إسرائيل؛ ما يسبب أضرارا كثيرة ويخلق خوفا وذعرا».
وتأتي هذه العملية في سياق معركة «طوفان الأقصى»، وضمن تصعيدٍ عسكري إسرائيلي تشهده الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية منذ فترة طويلة نسبياً، وهو ما يجعلها نوعا من الرد على ممارسات الاحتلال في ظل توقف العمليات الاستشهادية منذ أكثر من عشر سنوات.
وأشارت تصريحات الاحتلال إلى أن المنفذ من سكان الضفة المحتلة، حيث توفرت مؤشرات أنه من محافظة نابلس، وهو ما يجعل العملية تعبيرا عن اختراق أمني تعرض له الاحتلال، الذي يفرض إجراءات مشددة على الضفة وسكانها ويلاحق محاولات دخولهم إلى داخل فلسطين المحتلة.
فالعملية تشير إلى أن الشاب المنفذ مجهول الهوية حتى اللحظة بفعل تشويه الجثمان بفعل التفجير، استطاع الدخول والتجول في قلب تل أبيب قبل أن تنفجر العبوة التي يحملها، في تحدٍ للإجراءات الأمنية التي يتخذها الاحتلال.
وهناك أسئلة كثيرة تدور على السطح، مثل متى وصل المنفذ مدينة تل أبيب؟ ومن ساعده على ذلك الوصول؟ وما هي الطريقة التي تمكن من خلالها من الوصول الى المدينة التي وقعت فيها الانفجار؟ وأين تجول المنفذ؟
وتأتي الحادثة كأول عملية تفجيرية تشهدها تل أبيب منذ 11 عاماً، عندما انفجرت عبوة ناسفة في حافلة إسرائيلية في منطقة «بات يام» في شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2013، وقد اتهم الاحتلال 4 شبان من حركة «الجهاد الإسلامي» بالعملية، لتنقطع بعدها العمليات التفجيرية في تل أبيب، بينما نُفذت عدة عمليات إطلاق نار ودهس أوقعت قتلى في صفوف المستوطنين هناك.
وخلال العامين المنصرمين يمكن استحضار عمليتين اكتنفهما الغموض ضد الاحتلال: الأولى وقعت في آذار/ مارس الماضي بالقرب من مجدو شمال الضفة الغربية، حيث اعتقدت أجهزة الأمن الإسرائيلية أن العملية جنائية، ليتبين لاحقا أنها أمنية، إذ أظهرت التحقيقات أن شابا فلسطينيا تسلل من لبنان ووضع العبوة الناسفة وعاد إلى الحدود حيث تمت تصفيته هناك، وفي تلك الفترة حملت اسرائيل «حزب الله» المسؤولية عن العملية.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي انفجرت قنبلة في تل أبيب، تم التعاطي معها بداية على أنها جريمة جنائية لكن التحقيقات تاليا أشارت إلى أنها عملية «ذات طابع أمني قومي».
عملية ثالثة حملت مؤشرات العمليات في قلب المدن الإسرائيلية وقعت في مطلع عام 2023 الماضي، حيث استطاع الأسير المهندس إسلام فروخ من مدينة رام الله، زراعة عبوات ناسفة في موقف حافلات في مدينة القدس، وفجرها بتقنية التفجير عن بعد، وقد أوقعت العملية 3 قتلى من المستوطنين، و10 إصابات.
وشهدت السنوات الماضية محاولات عسكرية من قبل خلايا للمقاومة في الضفة، لتطوير سلاح المتفجرات، وتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية داخل فلسطين المحتلة، كان أبرزها مجموعة الشهيد محمد عاصي من بيت لقيا، التي نجحت بتفجير حافلة إسرائيلية في تل أبيب ونتجت عن العملية إصابة 20 مستوطناً، وكان ذلك عام 2012 بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما نفذ الأسير حمدي التعمري ومجموعته عملية مشابهة في تل أبيب، نجم عنها تفجير حافلة بالكامل بعد زرع عبوة ناسفة فيها.

عمليات بعد الانتفاضة

سبقت ذلك عمليات تفجيرية مشابهة وقعت بعد انتهاء انتفاضة الأقصى، كعملية ديمونا الاستشهادية عام 2008، والتي نفذها الاستشهاديان محمد حرباوي وشادي زغير من مدينة الخليل، وعملية الاستشهادي عبد الحميد أبو سرور عام 2016، الذي فجر نفسه في حافلة إسرائيلية في مدينة القدس وأصاب بها 20 مستوطناً.
وخلال عام 2019 نفذت مجموعة من الجبهة الشعبية عملية تفجير عبوة ناسفة استهدفت قطعان المستوطنين قرب قرية دير بزيغ قتل فيها مستوطنة وأصيب آخرون.
وتعيش الضفة المحتلة حالة نضالية متصاعدة منذ عام 2021 طورت فيها مجموعات المقاومة العبوات الناسفة، التي باتت كابوساً يواجه جيش الاحتلال عند اقتحامه مناطق شمال الضفة، وأوقعت هذه العبوات العديد من الخسائر في صفوف جنود الاحتلال ودمرت عدداً من آلياته كان آخرها في طوباس قبل أيام.
واتّبعت فصائل المقاومة الفلسطينية أسلوب العمليّات الفدائية التي ينفذها «استشهاديون» خلال سنوات التسعينيّات وسنوات انتفاضة الأقصى وما أعقبها، غير أنّ الفصائل غيّرت أساليبها في المقاومة، وغاب هذا الشكل من العمليّات منذ نحو عقد ونصف، وحلّت محله عمليّات دهس وطعن وإطلاق نار منفردة غالبًا، أو تفجير عبوات ناسفة مثلما يحدث في مخيمّات شمال الضفة في جنين وطولكرم وطوباس.
وتساءل المحلل الـــسياسي محمد علان دراغمة بعد تفجيـر تل أبيب حول عودة «حماس» لسياسية العمليات الاستشهادية بعد تبينها لعملية تل أبيب، قائلا: «هل يمكن ربط الأمر بالرئيس الجديد للمكتب السياسي لـ»حماس» يحيى السنوار؟».
وجاءت عملية التفــــجير بعد عملية حملت اسم «عملية الشاكوش» أعلن الاحتلال عنها قبل ساعات من عملية تل أبـــــيب، ونتج عنها مقتل جندي إسرائيلي بعد إصابته بجراح حرجة في عملية في مستوطنة «كدوميم» المقامة على أراضي الفلسطينيين في قلقيلية.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى