الاحتلال يصعد الهجمات على غزة ورفح
عربي تريند
زادت إسرائيل من وتيرة هجماتها العسكرية على مدينة رفح، وحيّ الشجاعية شرق مدينة غزة، واستهدفت من جديد مناطق النزوح القسري للسكان في جنوب القطاع، وأكد شهود عيان لـ “القدس العربي” أن الأوضاع أصبحت أكثر خطورة في منطقة مواصي خان يونس، بسبب القصف العنيف، ونزوح آلاف المواطنين الجدد من غرب مدينة رفح.
الهجوم على الشجاعية
وميدانياً، مع استمرار التوغل البري لقوات الاحتلال في حي الشجاعية، شن الطيران الحربي سلسلة غارات جوية عنيفة، استهدفت العديد من مربعات الحي السكنية.
وقال مواطنون من مدينة غزة يقطنون في مناطق الوسط إن أعمدة الدخان كانت تتصاعد في آن واحد من عدة مناطق في الحي، بسبب تنفيذ غارات جوية على شكل أحزمة نارية.
وقد هزّ دوي الانفجارات أرجاء مدينة غزة، فيما لا يعرف مصير من بقي من سكان الحي، بعد أن قام الكثيرون بالنزوح القسري إلى مناطق أخرى في مدينة غزة، حيث تشير المعلومات التي وفرها الأهالي النازحون إلى وجود شهداء في مناطق الاستهداف الإسرائيلي.
وقد أعلن جهاز الدفاع المدني عن وصول الكثير من المناشدات من العائلات المحاصرة بحي الشجاعية منذ ثلاثة أيام، ومن ضمنها عائلة الميدنة في منطقة الجديدة، حيث تعرض منزلها للقصف الإسرائيلي، ويوجد فيه مصابون.
وقد ناشد اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الفلسطيني الاستجابة لإغاثة العائلة، والوصول للمنزل المستهدف قبل أن يفارق المصابون الحياة.
وأكدت مصادر محلية أن آليات الاحتلال تحاصر أيضاً عدداً من عوائل حي الشجاعية، متواجدة في محيط مسجد الشهداء في الحي، حيث يقوم الطيران المسير “كواد كابتر” بإطلاق النار بشكل مكثف على تلك المنطقة.
وقصفت المدفعية الإسرائيلية الكثير من المناطق في الحي، فيما يقوم الطيران الحربي المروحي بإطلاق النار من أسلحة رشاشة ثقيل.
كما نفذ جيش الاحتلال عمليات تجريف واسعة في محيط مسجد طارق بن زياد في منطقة المنطار بحي الشجاعية، كما قام بتنفيذ عمليات نسف لعدة مبانٍ في الحي، وأطلق العديد من القذائف المدفعية على شارع المنصورة.
وكانت قوات الاحتلال بدأت، نهاية الأسبوع الماضي، هجوماً برياً مفاجئاً على الحي، دون سابق إنذار، وبعد أن دخلت الدبابات والآليات العسكرية للحي، على وقع غارات جوية عنيفة، طلبت من السكان النزوح.
وطالت هجمات الجيش العديد من مناطق المدينة الأخرى، حيث استهدفت المدفعية الإسرائيلية شرق حي الزيتون ومناطق أخرى في جنوب مدينة غزة، وتحديداً تلك القريبة من القوات المتواجدة في منطقة “محور نتساريم”، الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
كما طال القصف المدفعي حي التفاح شرقي مدينة غزة، وكذلك شن الطيران الحربي غارة استهدفت محيط منتزه برشلونة في حي تل الهوا، وأخرى استهدفت حي الصبرة.
وذكرت مصادر طبية أن شهيداً وصل إلى المستشفى العربي الأهلي “المعمداني”، جراء قصف الاحتلال لشقة سكنية في حي الدرج وسط مدينة غزة.
وكان شهيد سقط جراء قصف قوات الاحتلال لمنطقة الشغف شرق مدينة غزة، كما أسفر القصف عن سقوط عدد من المصابين بجراح مختلفة.
الهجمات على الشمال والوسط
وقد تواصلت هجمات الاحتلال على مناطق شمالي القطاع، حيث استهدفت قوات الاحتلال المناطق الحدودية الشرقية والشمالية لبلدات جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا بالقصف المدفعي، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بجراح، بينها إصابات خطيرة، في استهداف طال، ليل السبت، عدداً من المواطنين في مخيم جباليا.
وفي وسط قطاع غزة، استمرت هجمات الاحتلال على المناطق الشرقية والشمالية، حيث شهدت بلدات المغراقة والزهراء قصفاً مدفعياً وجوياً طال الكثير من المناطق، وخلّف دماراً كبيراً في المناطق المستهدفة، وهي المناطق القريبة من جهة جنوب وادي غزة من “محور نتساريم”.
كما شنت قوات الاحتلال غارات أخرى على الحدود الشرقية لمخيم البريج، وعلى محيط منطقة الدعوة شمال مخيم النصيرات.
واستهدفت قوات الاحتلال أيضاً مدينة خان يونس جنوبي القطاع، حيث استهدفت قوات الاحتلال بغارتين جويتين بلدتي عبسان وخزاعة شرقي المدينة.
التوغل في رفح
وكانت أعنف الهجمات التي طالت قطاع غزة تلك التي نفذتها قوات الاحتلال ضد مدينة رفح، أقصى الحدود الجنوبية، والتي تشهد توغلاً برياً يقترب من إنهاء شهره الثاني.
وأبقت قوات الاحتلال على حصارها للعديد من النازحين القاطنين في مناطق غرب المدينة، حيث تتواجد آلاف الخيام، بعد أن قامت بتوغل بري مفاجئ في منطقة الشاكوش، وتوغلت أكثر في مناطق تقع ضمن حدود “مواصي” خان يونس، التي تصنف على أنها ضمن منطقة العمليات الإنسانية.
وذكرت مصادر محلية أن عدداً من الشهداء سقطوا في منطقة الشاكوش، جراء قصف إسرائيلي عنيف جديد استهدف المنطقة.
كما استشهد ستة مواطنين، بينهم أطفال، جراء قصف طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة زعرب غرب مدينة رفح، حيث أسفر القصف عن سقوط العديد من الجرحى.
وكانت قوات الاحتلال توغلت من جديد في تلك المنطقة التي تقع ما بين مواصي رفح وخان يونس، وفي مناطق قريبة جداً من خيام النازحين على حدود مدينة خان يونس، بعد انسحابها لوقت قصير.
وبذلك تكون قوات الاحتلال قد احتلت غالبية مناطق مدينة رفح، ولم تبق حتى المنطقة الغربية “الإنسانية”، وقد أسفر الهجوم المفاجئ على تلك المنطقة، عن نزوح آلاف المواطنين الجدد إلى مناطق أخرى في خان يونس، تاركين خلفهم خيامهم ومعداتهم وأمتعتهم.
ويقيم هؤلاء حالياً إما في العراء، أو عند بعض العوائل من الجيران والأقارب، بعد أن تقطعت بهم سبل الحياة، وضاقت بهم الأوضاع بشكل أكبر مما كانوا عليه.
مأساة النازحين
ويعاني المواطنون القاطنون على مقربة من منطقة التوغل من شحّ الطعام والماء، في ظل عدم وصول أي إمدادات لهم منذ ثلاثة أيام، بسبب التوغل البري.
وأكد إبراهيم أبو حسين لـ “القدس العربي” أن أعداداً كبيرة نزحت من تلك المناطق، وأن الأوضاع أصبحت أكثر خطورة، بعد تمدد التوغل البري إلى تلك المناطق، لافتاً إلى أن تدميراً كبيرا طال المناطق الغربية لرفح.
وأوضح، في حديثه لـ “القدس العربي”، أن أبناءه، في هذا الوقت، يصطفون في طابور طويل لمدة تزيد عن الأربع ساعات، لتعبئة جالون مياه بسعة 20 لتر فقط، لافتاً إلى أن هذه الكمية لا تكفي احتياجات أسرته الممتدة المكونة من 14 شخصاً.
وقال: “الوضع صعب جداً، وكل يوم بيزيد”. ويوضح أن ما يتوفر حالياً من طعام هو عبارة عن معلبات، فيما ترتفع بشكل كبير أسعار الخضار والمواد التموينية الأخرى.
وأوضح أنه لم يتلق، منذ نزوحه من مدينة رفح قبل 50 يوماً، سوى طرد غذائي عبارة عن معلبات والقليل من البقوليات، لافتاً إلى أن ترحيل ما تبقى من نازحي غرب مدينة رفح، يزيد الأوضاع الإنسانية صعوبة، في ظل عدم توفر ما يكفي من مياه في تلك المنطقة لمن كان يقطنها قبل النزوح الجديد.
وفي تلك المنطقة لا يوجد إلا بئر مياه زراعي، كان يستخدم في ري الأراضي الزراعية هناك، حيث أصبح بسبب الحرب يمدّ النازحين بكميات قليلة من المياه، بسبب عمله فقط لساعتين أو أقل يومياً.
ويجري توزيع ساعات وصل المياه على المناطق المتواجدة في مواصي خان يونس بحيث تصل مرة واحدة أسبوعياً لمخيمات النازحين.
وهذا البئر يحتاج إلى الوقود لتشغيل مولد الكهرباء، وهي مواد لا تسمح سلطات الاحتلال إلا بإدخال كميات قليلة منها.
وقال أبو نهاد، أحد المواطنين القاطنين في مواصي خان يونس لـ “القدس العربي” إنهم يسمعون أصوات هدير الدبابات التي تبعد عنهم فقط مئات الأمتار.
وأكد أبو نهاد، الذي يقيم مع أسرته وأخوته وأبنائهم في تلك المنطقة، أن هناك عمليات استهداف بالرصاص الحي من قبل قوات الاحتلال تطال مناطق قريبة، وأن أصوات أزير الرصاص يسمع وهو يطلق فوق الخيام، فيما لا تنقطع أصوات الانفجارات القريبة على مدار ساعات اليوم، لافتاً إلى أنه يخشى من تمدّد التوغل البري ليطال مكان سكنهم.
وأشار إلى أن تلك المنطقة تزدحم كثيراً بخيام النازحين، وفيها عشرات آلاف من المواطنين، وأضاف: “وين بدنا نروح، ما ظل مكان ما رحنا عليه”.
ويشير إلى أن أطفاله يفزعون مع كل صوت انفجار، وأن الأمر يكون أكثر خطورة وخوفاً في ساعات الليل.
وهذا الرجل كان قد نزح بعد خروجه في الأسبوع الثاني من الحرب من مدينة غزة، وتنقل ما بين مناطق الوسط وثم مدينة خان يونس التي نزح فيها ثلاث مرات، قبل أن يعود لوسط القطاع، ثم ينتقل إلى مواصي خان يونس.
وقالت سيدة نزحت وأسرتها من غرب مدينة رفح إلى منطقة مجاورة لمواصي خان يونس إنهم فوجئوا بوجود الدبابات الإسرائيلية بين خيامهم.
وذكرت، خلال حديثها لـ “القدس العربي”، أنها وأسرتها وأقارب زوجها وجيرانها خرجوا بما عليهم من ملابس، دون أن يتمكنوا من حمل أي من الأغطية أو الطعام.
وأوضحت أن زوجها عاد إلى مكان السكن برفقة عدد من الرجال، بعد انسحاب جيش الاحتلال منه، السبت، لساعات قليلة، فلم يجدوا أي معلم للخيام، إذ داسته الدبابات الإسرائيلية، ودمرته بالكامل، وأتلفت ما به من مواد غذائية.
وهذه السيدة تقيم حالياً عند بعض الأقارب، بعد أن استدلت وعائلتها عليهم بصعوبة في تلك المنطقة الضيقة المكتظة بالنازحين، ويبحث زوجها عن أي قطع أقمشة وألواح خشبية لعمل خيمة سكن جديدة.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر إخلاء مقرها الإداري المؤقت في مواصي خان يونس بشكل كامل، بسبب سقوط الشظايا على مبنى المقر، والقصف والاستهداف المباشرين، لافتة إلى أن هذا الأمر شكّل خطراً على حياة الطواقم العاملة داخله.
وواصلت قوات الاحتلال هجماتها على العديد من مناطق مدينة رفح، وسمع دوي انفجارات عنيفة من مناطق حي تل السلطان والحي السعودي، غرب المدينة.
وحسب المعلومات، فإن أصوات الانفجارات ناجمة عن عمليات نسف طالت العديد من المباني الجديدة في تلك الأحياء.
كما أطلقت مروحيات إسرائيلية النار من رشاشات ثقيلة تجاه المواصي، غربي مدينة رفح.
كذلك استمرت الهجمات العنيفة التي تنفذها قوات الاحتلال ضد مناطق وسط وشرق المدينة، وذكرت مصادر محلية أن حريقاً نشب في دفيئات زراعية، جراء استهدافها من قبل الاحتلال في منطقة عريبة، شمالي مدينة رفح.
وتتصاعد المجازر في الوقت الذي حذرت فيه وزارة الصحة في قطاع غزة، من نفاد الوقود في المشافي، ما يعني توقف ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين في عموم القطاع، خلال 48 ساعة.
وأوضحت الوزارة أن ذلك متوقعٌ بسبب نفاد الوقود اللازم لعمل المولدات الكهربائية، لافتة إلى أن سلطات الاحتلال تقيد إدخال الوقود إلى غزة، كغيره من المواد الأساسية، مثل الدواء والغذاء.
وذكرت أن مخزون الوقود يكاد ينفد بالرغم من الإجراءات القاسية والتقشفية التي اتخذتها الوزارة للحفاظ على ما تبقى من كميات الوقود لأطول فترة ممكنة، في ظل عدم توريد الكميات اللازمة للتشغيل.
وأعلنت أيضاً عن ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 43 شهيدًا، و111 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأعلنت “الصحة” ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 37877 شهيدًا، و86969 إصابة، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
هجمات المقاومة
وواصلت المقاومة الفلسطينية تنفيذ عمليات استهدفت فيها قوات الاحتلال المتوغلة، وأعلنت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، عن تمكّنها من استهداف جرافة عسكرية من نوع “D9” بعبوة “شواظ”، خلف مسجد عبد الله بن عمر، جنوب حي تل السلطان في مدينة رفح جنوب القطاع.
وذكرت أيضاً أنها استهدفت قوات الاحتلال المتوغلة في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، بعدة رمايات من قذائف الهاون عيار 120 ملم.
كما أعلنت، بالاشتراك مع “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، عن استهداف ناقلتي جند وجرافة عسكرية من نوع “D9” بقذائف “الياسين 105” و “RPG” قرب مفترق الشؤون، جنوب حي تل السلطان غرب مدينة رفح.
وقالت “سرايا القدس” إنها استهدفت آلية عسكرية إسرائيلية من نوع “نمير” بقذيفة (التاندوم) في أرض قنديل بحي الشجاعية، لافتة إلى أن الهجوم أوقع إصابات مباشرة في القوة العسكرية.
وذكرت أيضاً أنها فجّرت عبوتين أرضيتين في عدد من آليات العدو الصهيوني قرب موقع عيسى بتل الهوا جنوب غرب مدينة غزة.
وأعلنت كتائب المجاهدين أن ناشطيها خاضوا اشتباكات مع قوات العدو الاحتلال بالأسلحة المناسبة والمتنوعة في محور تقدم الشجاعية شرقي مدينة غزة، كما أعلنت عن قصف قوات الاحتلال المتمركزة في “محور نتساريم” برشقة صاروخية من نوع (107) وقذائف الهاون من العيار الثقيل.
وكان جيش الاحتلال أعلن، ليل السبت، مقتل اثنين من جنوده في المعارك المندلعة بحي الشجاعية.
وحسب تقارير عبرية، فإن أحد الجنديين قتل من مسافة قريبة، حيث كان يتواجد داخل أحد المنازل، أما الآخر فقد قتل برصاصة قنص.
وبذلك ترتفع حصيلة الجنود والضباط القتلى، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى 670 قتيلاً، كما تشير المعطيات ذاتها إلى إصابة 3 آلاف و966 ضابطاً وجندياً منذ بداية الحرب، بينهم ألفان و8 بالمعارك البرية.