موقع بريطاني: تحالف اليمين المتطرف مع الجماعات الصهيونية في أوروبا لاستهداف مؤيدي فلسطين
عربي تريند
نشر موقع “ميدل إيست أي” في لندن تقريراً أعدّته كاثرين هيرست، قالت فيه إن اليمين البريطاني المتطرف تَحالفَ مع الناشطين المؤيدين لإسرائيل من أجل استهداف الحركة المويدة للقضية الفلسطينية.
وقالت هيرست إن حركة التضامن مع فلسطين البريطانية، والطلاب الذين أقاموا مخيمات اعتصام تعرّضوا للتحرش العنصري والاستفزاز والتخويف من جماعات تلوّح بالعلم البريطاني “يونيون جاكس”، والعلم الإسرائيلي.
ففي 23 أيار/مايو، تجمّعَ المئات من أنصار اليمين القومي البريطاني المتطرف، وأنصار إسرائيل، خارج دار سينما في شمال لندن. وكانوا يحملون الأعلام البريطانية وعلم إسرائيل وراية الجيش الإسرائيلي، حيث أحاطوا بحوالي 80 من أنصار فلسطين والناشطين المؤيدين لها، والذين حملوا الأعلام، واعتصموا على الجانب الآخر من الطريق. وكان الاعتصام جزءاً من حملة ضد دار السينما، التي وافقت على استقبال مهرجان “سيرت” للفيلم المموّل من الحكومة الإسرائيلية، وعرض خاص لفيلم عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقد حضّرَ منظمو الاعتصام أنفسهم لردة فعل.
حركة التضامن مع فلسطين البريطانية، والطلاب الذين أقاموا مخيمات اعتصام، تعرّضوا للتحرش العنصري والاستفزاز والتخويف من جماعات تلوّح بالعلم البريطاني والعلم الإسرائيلي
وبعد أسبوع من مظاهرة أخرى أمام سينما إيفريمان في هامستيد، شمال لندن، والتي جذبت مجموعة صغيرة مضادة. تطوَّرَ عدد المعتصمين خارج سينما فونيكس في إيست فينتشلي وكبر حتى أصبح حوالي 1,000 شخص، حسب المجموعة التي تحقق في النشاطات المعادية للفاشية “ريد فلير”.
وبحسب أحد منظمي الاعتصام، الذي أخبر الموقع، بشرط عدم الكشف عن هويته، فإن التظاهرة المضادة كانت الأكبر والأكثر عدوانية من التظاهرات التي مرت عليه. وقال: “كانوا يصرخون قريباً من وجوهنا، ويحاولون الإمساك باليافطات والأعلام، وشتمونا بعبارات عنصرية، وبصقوا علينا، ورمى آخرون البيض علينا”. وقال المنظم إن المشاركين في التظاهرة المضادة استخدموا شتائم، توجه عادةً للبريطانيين من أصول آسيوية. وقال المنظم: “كانوا يحاولون دفعنا نحو الرد”.
وفي شريط فيديو تم تداوله بشكل واسع على الإنترنت، سُمع المتظاهرون المؤيدون لإسرائيل مع اليمين المتطرف وهم يصرخون: “اذهبوا إلى أوطانكم”. وحاول صف من رجال الشرطة الفصل بينهم، ولكنه فشل في وقف التظاهرة المضادة التي اخترق أفرادها حاجز الشرطة للتحرش بالمشاركين في الاعتصام الصامت. ويقول المنظم: “كان عددهم أكبر، وشعروا أن باستطاعتهم الإفلات من الكثير. ووجدت الشرطة صعوبةً في التحكم بهم، ولم يتم اعتقالهم بسبب شتائمهم العنصرية”. وقال: “نتوقع المزيد من هذا”.
وبحسب “ريد فلير”، فإن احتجاج سينما فونيكس، كان على ما يبدو نتاج تنظيم وتعاون بين عدد من الجماعات الصهيونية، والتي برزت بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. وتضم، بناءً على نشاطها عبر منصات التواصل الاجتماعي “طفح الكيل” و “7/10 هيومان تشين بروجيكت”.
وبحسب ناشط مؤيد لفلسطين، فإن الناشط على الإنترنت سام ويستليك، المتحالف مع جماعة “باتريوت بريتين” المعارضة للهجرة، وبريان ستوفيل، المرتبط بمجموعة “بريكست بريتين”، والذي كان عضواً سابقاً في الحزب القومي البريطاني، شاركا في التظاهرة. وتم التعرف على ويستليك في تظاهرة مضادة لمخيم نصبه مؤيدو فلسطين في كلية لندن الجامعية أو يو سي أل في 27 أيار/مايو. وقال موظف في سينما فونيكس إن عدداً من العاملين رفضوا العمل بالمناسبة، وحذروا مجلس الأمناء من الطبيعة المسيسة لها، وقبل عرض الفيلم.
وتم رسم شعارات على واجهة السينما، قبل أيام من عرض الفيلم: “لا للتبييض الفني”، كما تم توزيع عريضة “جينج دوت أورغ” “نيابة عن المجتمع اليهودي لوقف الاعتصام الصامت”. ورد مجلس الأمناء بالقول إنها ستمضي في العرض، إلا في حالة تلقيه تحذيراً من الشرطة. وجاء في البيان: “يجب ألا يكون هدف فونيكس هو الرقابة أو الفيتو على محتويات العرض لأي مستأجر خاص، طالما كانت عروضهم قانونية، وفي هذه الحالة، حتى نحصل على نصيحة من الشرطة بوجوب عدم المضي نظراً للمخاوف الأمنية”. وأضاف مجلس الأمناء: “لم نحصل على نصيحة كهذه، ولهذا سنمضي في العرض”.
وبعد أيام، في 25 أيار/مايو، واجه الطلاب المؤيدون لفلسطين في يو سي آل حوالي 100 من المتظاهرين المعارضين. وقال روب، الذي كان يقود الاحتجاج: “بعد احتجاج سينما فونيكس، أعلن المتظاهرون المعارضون: هذا السبت سنتجه نحو يو سي آل”.
وبحسب ريد فلير، فقد نظمت التظاهرة المضادة في يو سي أل مجموعة “طفح الكيل” و جماعة “قتالنا، يو كي” الصهيونية، والتي اشتمل موقعها على الإنترنت على عبارات مثل “وقف إطلاق النار هو استسلام”، في إشارة لحرب غزة. وشارك عددٌ من الناشطين المنتمين لتيريننغ بوينت يو كي وباتريوت أوف بريتين في التظاهرة المضادة. وتعرّضَ المخيم لتظاهرات مضادة متفرقة وصغيرة.
ففي منتصف ليلة 12 أيار/مايو، اجتمع ناشطون لفوا أنفسهم بالعلم الإسرائيلي أمام بوابة الجامعة، وأطلقوا الموسيقى الصاخبة باللغة العبرية. ومن ثم تحركوا إلى مخيم جامعة سواس في الساعة الثانية صباحاً.
وقال طالب، شاركَ في مخيم سواس: “ظنّوا أن لدينا مخيماً، ولدينا مساحة مفتوحة، ولأن أيَّ شخص يمكنه دخول الجامعة، ولديك منفذ من الشارع”. وبحسب طالب، فقد هدد أحد من المتظاهرين المعارضين بصفع فتاة محجبة. ووضع آخر فيلماً على أنستغرام يظهر فيه وهو يهدد بـ “تدمير المعتصمين مثل الصراصير”.
وبحسب طالبة، فقد قام رجل بتهديد المعتصمين بأنه سيطلق عليهم الكلاب، و”لم يكن مخيماً آمناً بوجود الأمن أو بغيابه”. وأضافت: “عندما أذهب للنوم في خيمتي لم أشعر بالأمن”.
وبحسب ريد فلير، فإن التظاهرات المضادة، بعد احتجاج سينما فونيكس، باتت أكثر شراسة وعدوانية وتعطيلاً. وقالت إن منظمة “طفح الكيل” تقف، على ما يبدو، وراء زيادة النشاطات.
وبحسب متحدث باسم ريد فلير، فإن المجموعة زادت وتوسّعت، منذ نيسان/أبريل، وأوجدت لها موطئ قدم. وقالت إن جماعات، مثل تيرنيننغ بوينت، هي جماعات قومية مدنية، وليست قومية إثنية.
أحد منظمي الاحتجاجات: كانوا يصرخون قريباً من وجوهنا، ويحاولون الإمساك باليافطات والأعلام، وشتمونا بعبارات عنصرية، وبصقوا علينا، ورمى آخرون البيض علينا
وعلى خلاف باتريوتيك أولترانتيف (البديل الوطني) المعادية للسامية، فإن هذه الجماعات القومية المدنية ميالة للتحالف مع الجماعات الصهيونية، نظراً لمعتقداتها المعادية للإسلام. وقال المتحدث باسم ريد فلير: “يركّزون على الملامح الثقافية للعنصرية، وليس الملامح البيولوجية”. وقامت رابطة الدفاع الإنكليزية، بزعامة تومي روبنسون، في تشرين الثاني/نوفمبر، بإصدار بيان من أجل تعبئة ألفي متظاهر ضد مسيرة لمناصري فلسطين، في ذلك الشهر. ونشرت صحيفة “أي نيوز” أن مجموعة على واتساب آب، مكونة من 1,000 عضو، دعت، في رسائل، إلى “القتال ضد” المحتجين المؤيدين لفلسطين، و”لا تنازل لهؤلاء ( كلمة بذيئة) في وطننا”. وقال رضا ضيا إبراهيمي، المؤرخ للجماعات البريطانية المتطرفة في كلية كينغز كوليج بلندن: “لا يخفي تومي روبنسون ورابطة الدفاع الإنكليزي مشاعرهم الصهيونية، ولديهم هذا المقت للفلسطينيين والمتجذر في [فكرة] المستوطن الأبيض والأصلي البني الواجب ضبطه”.
ويرى إبراهيمي أن دعم اليمين المتطرف للصهيونية نابع من محاولة تكتيكية لزيادة شعبيته، ولكنه مرتبط بالأيديولوجية المشتركة. و”حقيقة أن الصهيونية تجعل حياة الناس الملونين صعبة، وخاصة العرب المسلمين، وانتشاره وسط جماعات اليمين المتطرف ليس مصادفة تاريخية، وليس مشروطاً، بل هو بنيوي”.
وفي أوروبا، فإن معظم جماعات اليمين معادية للسامية، مثل الديمقراطيين السويديين، وفليمس فلامز بيلانغ في بلجيكا، والتجمع الوطني الفرنسي، وحزب الحرية النمساوي، وفيدز الهنغاري، إلا أنها تبنت الصهيونية كمعلم في مشاريعها.
وقال إبراهيمي: “من الناحية السياسية، وبدون استثناء، أحزاب اليمين المتطرف في القارة الأوروبية هي صهيونية، بما فيها تلك التي لها أصول في معاداة السامية، ولا تزال تحتوي على عناصر معادية للسامية”. و”كلها مسحورة بفكرة الدولة الإثنية التي تقوم عليها إسرائيل، ولأنهم ينظرون إليها بهذه الطريقة، فهي دولة استيطان استعماري أبيض”.