بسبب العطش والحرارة.. وفاة 40 من المهاجرين السودانيين غير النظاميين إلى مصر وعشرات المفقودين في الصحراء
عربي تريند
لقي 40 من المهاجرين غير النظاميين من السودان إلى مصر مصرعهم، فيما استقبلت مستشفيات محافظة أسوان عشرات المصابين، بسبب العطش والحروق جراء التعرض لحرارة الشمس العالية لوقت طويل، بحسب منصة اللاجئين في مصر.
وقالت المنصة في بيان، إن الموجة الحارة التي شهدتها محافظة أسوان تسببت في كارثة جديدة على المهاجرين غير النظاميين، الذين يعبرون الصحراء إلى مصر بحثا عن ملاذ آمن، وإنه بين 7 و9 يونيو/ حزيران الجاري، لقي 40 شخصا مصرعهم بينهم أطفال ونساء وأسر كاملة، بينما أبلغت عشرات العائلات عن فقدان ذويهم في أثناء رحلتهم إلى مصر.
وأفاد شهود عيان في أسوان، بأنهم عند خروجهم في المناطق المحيطة بالمحافظة عثر الأهالي على سيارات مهاجرين سقط حولها سودانيون، بينما تم الإبلاغ عن حوادث وفاة بسبب العطش والحروق جراء التعرض لحرارة الشمس العالية لوقت طويل، وأنه تم الإبلاغ عن حالات أخرى ماتوا أو أصيبوا جراء حوادث للسيارات التي تقلهم، وأن الحالات التي وصلت إلى المستشفيات تم العثور عليهم صدفة في الطرق حول أسوان وفي الدروب الصحراوية.
ونقلت منصة اللاجئيين عن ناجون شهادتهم، التي قالوا فيها إن عدد المفقودين في الصحراء أكبر من العدد الذي وصل إلى المستشفيات حتى الآن.
وأكدت منصة اللاجئيين، أن السلطات المصرية تحتجز الناجين من المصابين تحت حراسة في المستشفيات، بينما يتماثلون للشفاء ليتم ترحيلهم قسرا، وأن أحد أفراد عائلة منهم، قال إن السلطات أبلغت ذويهم في المستشفيات أنهم تحت حراسة الشرطة لحين ترحيلهم قسرا إلى السودان.
وبحسب توثيق “منصة اللاجئين في مصر”، قامت النيابة العامة بتحرير عدة محاضر إدارية في أسوان في الأيام الماضية حول الجثث التي وصلت إلى المستشفيات، بينما لم يتم إجراء تحقيقات في وضع القتلى والمصابين في حوادث السير، وهو الأمر الذي وثقته منصة اللاجئين في تحقيق لها حول حالات مشابهة على مدار العام الماضي، لتصدر قرارات النيابة في النهاية بالتحفظ على الجثامين، وإحالة الناجين للجهة الإدارية -تكون في الغالب جهاز الأمن الوطني وإدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية- وهو الأمر الذي يزيد المخاوف حول ترحيل الناجين.
بلغت الحرارة في محافظة أسوان جنوب مصر يوم الجمعة الماضي 49.8 في الظل، مسجلة أعلى درجة حرارة في العالم ذلك اليوم، وتسببت الموجة الحارة في وفاة 40 شخصا على مدار أربعة أيام، وهي حالة نادرة، إذ حدث ذلك قبل نحو عقدين من الزمن في عام 2002 حينما سجلت مدينتا دراو والخارجة المجاورتين لأسوان درجات الحرارة نفسها.
وتسبب الصراع على السلطة في السودان في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فاقترب عدد النازحين من الوصول إلى 10 ملايين فرد، فضلا عن آلاف القتلى والخسائر المادية، واصطدم النازحون بحدود قاتلة تتوافق مع نظام سياسي قمعي، فاختار السودانيون مسار الهجرة غير النظامية، مع ما يصاحبه من مخاطر عالية تصل إلى حد الوفاة، ويتعرض كثير من الناجين من أهوال النزاع المسلح إلى عمليات اعتقال غير آدمية على الحدود، ويُزج بهم في سجون سرية يتبع أغلبها للجيش المصري، ولا سلطة للجهات القضائية المدنية عليها.
لا يمكن فصل السلوك المصري على الحدود عن التمويلات الأوروبية السخية للنظام المصري، في إطار مكافحة الهجرة غير النظامية، وقد قدم الاتحاد الأوروبي لمصر 5 ملايين يورو عام 2023 من أجل استقبال النازحين السودانيين، وفي دفعة أخرى خصص مبلغ 20 مليون يورو للوافدين السودانيين الجدد، لتغطية احتياجاتهم من الغذاء والمياه والصرف الصحي ومواد النظافة، فضلا عما سمي بـ”الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر” بقيمة 8 مليارات دولار، التي تعد “الحد من الهجرة” أحد العوامل الأساسية لتلك الشراكة.
وقد رصدت المنصة تصاعدا في عمليات الاعتقال الموجهة إلى السودانيين عقب توقيع اتفاقية الشراكة، وعمليات ترحيل شملت لاجئين مسجلين، ولا تزال تلك الحملة مستمرة.
وطالبت منصة اللاجئين، السلطات المصرية، بتوفير فرق بحث وإنقاذ من قوات حرس الحدود، وإتاحة المشاركة للمنظمات المحلية والدولية التي لديها استعداد للانخراط في تلك العمليات، والالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي وقعت وصدقت عليها مصر، والتي تلزمها باستقبال وتمكين اللاجئين من تقديم طلبات اللجوء وحظر الطرد والترحيل القسري إلى بلد يواجهون فيه مخاطر، والسماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وأفراد عائلات المصابين من الوصول إلى المصابين والمحتجزين، وتمكينهم من التسجيل لدى مفوضية اللاجئين كملتمسي لجوء، والتحقيق في وقائع الوفيات في المناطق الصحراوية، بما يشمل تبيان الحقائق وعرضها للعامة، ومحاسبة المتقاعسين عن تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ، والتحقيق في إمكانية الإنقاذ وعدم حدوثه.
كما طالبت المنصة، بوضع تدابير خاصة للنساء السودانيات الحوامل، تضمن سلامتهن الجسدية وخصوصيتهن وأماكن مناسبة للراحة والحصول على الرعاية الطبية الطارئة، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في مدينة أسوان، ووضع آلية فورية تضمن وصولهن الكامل والتام إلى الخدمات الطبية وفترات النقاهة الشاملة، بما في ذلك تسهيل عمليات الدخول والتسجيل بسبب ظروفهن الهشة، وإجراء تعديل تشريعي على القانون المصري، ينص على إلزام الدولة ومؤسساتها بتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ المستمر على الحدود البرية والبحرية، تنفيذا لالتزامات مصر الدولية، وأن يتضمن التعديل أيضا نصوصا واضحة تفرض المحاسبة القانونية على الجهات المسؤولة في حالة التقاعس.
ودعت المنصة، المجتمع الدولي، إلى ربط المساعدات الدولية بمدى الالتزام بقواعد حقوق الإنسان، ونصوص الاتفاقيات التي وقّعت عليها مصر، وتوفير مقارّ دولية للمنظمات على الحدود لتسجيل النازحين، ورصد مدى التزام قوات حرس الحدود بالاتفاقيات الدولية في التعامل مع النازحين.
وكانت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية نيفين القباج قالت السبت خلال استقبالها، وزير التنمية الاجتماعية بدولة السودان، إن بلادها استقبلت أكثر من 500 ألف ضيف سوداني على أرض مصر فى الفترة الأخيرة عقب اندلاع الأزمة السودانية، فضلا عن السودانيين المتواجدين داخل مصر من قبل والذين يزيد عددهم على 4.5 ملايين سوداني، موزعين على كافة أنحاء البلاد.
والشهر الماضي، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إن عدد اللاجئين في مصر يبلغ حوالي 9 ملايين شخص، وإن العبء المالي التي تتحمله مصر في قضية اللاجئيين يصل إلى 10 مليارات دولار.