لبيد: صفقة مخطوفين أهم من رفح.. وتصرفنا مع مصر عمل هواة
عربي تريند
يتجدّد الجدل داخل إسرائيل اليوم، غداة انتهائها من إحياء طقوس الذكرى و”الاستقلال”، حول عملية رفح ومستقبل الحرب على غزة، “مخاطر وأثمان وقفها مقابل استمرارها”، بيد أن تصدّع الإسرائيليين حيالها لا يخرج أوساطاً واسعة منهم للاحتجاج والضغط عليها، حتى من أجل استعادة المحتجزين.
وقد عكس موقف حكومة الاحتلال وزير التربية والتعليم يوآف كيش، الذي قال للإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم الأربعاء، إنه يحظر وقف الحرب الآن، داعياً لـ “إنهاء حكم حماس، وعلينا استعادة المخطوفين بالضغط العسكري”.
لبيد: لولا دخول غانتس وآيزنكوت الحكومة لكنّا خلصنا منها.. وفيها هما لا يؤثران على ما يجري، وعليهما مغادرتها فوراً
ورداً على سؤال الإذاعة، زعم كيش أنه لا تناقض بين هدفي الحرب: الانتصار على “حماس” واستعادة المخطوفين”. ورداً على سؤال آخر، كرّر كيش، كوزراء كثر، توجيه إصبع الاتهام للمستوى العسكري بقوله: “أخطأت الحكومة بتبنّي توصية الجيش بتخفيف الضغط العسكري في الشهور الأربعة الأخيرة”. في المقابل، اعتبر رئيس المعارضة يائير لبيد، في حديث للإذاعة ذاتها، أن إبرام صفقة تعيد المخطوفين أهم من عملية في رفح، التي تحتاج لإخلاء مئات الآلاف من المدنيين الغزيين.
وتابع: “حتى لو كان الضغط العسكري مفيداً، كما يزعم كيش، فلماذا لم يفعلوا ذلك بشكل صحيح؟”.
ويعلل لبيد تحفظه من عملية عسكرية في رفح الآن بالقول إن كتائب “حماس” الأربع في رفح ضعيفة، وربما لم تعد موجودة، وانتقلت لمواقع أخرى، ويمكن العودة لها لاحقاً.
وشدّد لبيد على أن “الصفقة أهم من رفح، خاصة أنها لن تؤدي للنتيجة المشتهاة، وتؤجّج أزمة إسرائيل في العالم، وتنتج أزمة في مع مصر. قلنا منذ البداية إنه لا يمكن الخروج لعملية في رفح دون تنسيق كاف مع مصر. ما فعلناه كان عمل هواة”.
وحَمَلَ لبيد على حكومة الاحتلال لتهرّبها من إنجاز صفقة، ويرى بعملية رفح محاولة جديدة للتهرب منها. وأوضح: “يشرحون لنا كل مرة من جديد لماذا لا ينجزون صفقة، وهذا أمر مريع. لم نشهد يوم استقلال حزين كما شهدنا أمس.. وهذا بسبب هذه الحكومة. 7 شهور حرب، والمخطوفون هناك يموتون.. وهذه كارثة ليست إنسانية فحسب. سبق أن قالوا في السابق لن نقوم بصفقة قبل احتلال غزة، ثم قالوا خان يونس، والآن رفح، وهكذا دواليك. لم نعمل الأمر الأساس حتى الآن، لأن نتنياهو يخشى ذكر كلمة سلطة فلسطينية على سمع بن غفير وسموتريتش”.
وصعّد لبيد حملته على الوزيرين غانتس وآيزنكوت، وقال إنه “لولا دخولهما الحكومة لكنّا خلصنا من هذه الحكومة.. وفيها هما لا يؤثران على ما يجري، وعليهما مغادرتها فوراً”.
وتنقل وسائل إعلام عبرية عن ضباط إسرائيليين عادوا للقطاع قولهم إنهم محبطون لاستدعائهم لخدمة دون موعد إنهاء محدد، وهم يدخلون الآن جباليا مجدداً، بعد سبعة شهور. وتنقل “هآرتس” عن بعض هؤلاء قولهم إنه “بعد أربعة شهور من إعلان تفكيك كتائب “حماس” في جباليا يعود الجيش مجرباً أكثر، ولكن “حماس” مجربة أكثر، كما يتجلى في تفخيخ البيوت”.
الانقياد خلف السراب
وحَمَلَ محاضرٌ بارز في جامعة تل أبيب، جنرال في الاحتياط، على ما وصفه بالمفاهيم المغلوطة والوهمية التي ما زالت تنتجها إسرائيل، خاصة مواصلة الحرب والبحث عن حلول عسكرية فحسب. ويقول ميخائيل ميليشتاين، محاضر في الشؤون الفلسطينية في جامعة تل أبيب، إن الرهان على استسلام أو سقوط “حماس” من خلال المرحلة الثالثة من الحرب (ضربات، وهجمات جراحية تؤدي بالتدريج لانهيار “حماس”) يعكس أن إسرائيل ما زالت تخطئ في فهم “حماس”، وأنها عالقة في مفاهيم مغلوطة.
ويؤكد ميليشتاين، في مقال تنشره “يديعوت أحرونوت” اليوم، أنه حتى بعد احتلال كل رفح، وتفكيك كتائب “حماس” الأربع، ستواصل الحركة السيطرة والقتال من مناطق أخرى داخل القطاع”.
ويرى ميليشتاين، الذي شغل إدارة وحدة الدراسات في الاستخبارات العسكرية سابقاً أن إسرائيل، منذ شهور، تقف مقابل مفرق “تي”، لكنها ترفض حسم أمرها، وبدلاً من ذلك تختار طريقاً وسطاً مشبعاً بالأوهام. في ظل عدم وجود قدرة أو رغبة باحتلال كل القطاع على إسرائيل اعتبار صفقة المخطوفين هدفاً مركزياً للحرب”.
إنهاء الحرب
ويدعو ميليشتاين بشكل شبه مباشر لإنهاء الحرب على غزة، كي تقوم إسرائيل باستغلال التهدئة لعملية استشفاء عميق، وإنعاش المنظومتين العسكرية والسياسية اللتين تقودهما ذات القيادة المسؤولة عن السابع من أكتوبر وعن المفاهيم التي سقطت.
ويضيف: “في وقت التهدئة علينا صياغة إستراتيجية للقضية الفلسطينية المفقودة منذ سنوات.. المبادرة بدلاً من رد الفعل وإدارة الصراع والسلام الاقتصادي والتسويات، وغيرها من المفاهيم التي احتلت وعي صنّاع القرار وتبيّن أنها كارثية”.
وفي حديث للإذاعة العامة، اليوم، يشكّك ميليشتاين بقدرة إسرائيل على احتلال كل القطاع، ويتهمها بعدم حيازة إستراتيجية، ولذا يوصي بالمبادرة لإنهاء الحرب والذهاب لصفقة ورسم إستراتيجيات مستقبلية، عسكرياً وسياسياً، وهذا أفضل من المراوحة في المكان، والتشبّث بشعارات فارغة. لا يوجد خيارات بين الأفضل والأسوأ، بل بين سيئ وأسوأ، والبحث عن خطة حقيقية لتغيير واقع الفلسطينيين وواقعنا معهم”.
وتبعه بهذه الروح محررُ الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة “هآرتس” تسفي بار إيل، الذي يحمل على قائد الجيش هليفي، بالسؤال: “هليفي.. هل تنام جيداً في الليالي وأنت ترسل المزيد من الجنود للموت في غزة؟”.
ميليشتاين: الرهان على استسلام أو سقوط “حماس” من خلال المرحلة الثالثة من الحرب يعكس أن إسرائيل ما زالت تخطئ في فهم “حماس”، وأنها عالقة في مفاهيم مغلوطة
وكان عددٌ من الجنرالات في الاحتياط، أبرزهم عاموس يادلين، غيورا أيلاند، يسرائيل زيف، ويتسحاق بريك، قد دعوا، في نهاية الأسبوع، لوقف الحرب، والذهاب لصفقة كبرى.
وتوقَّفَ زيف عند الأضرار الخطيرة اللاحقة بصورة ومكانة إسرائيل في العالم، التي باتت تبدو بنظره “بلطجياً وسكّيراً فقدت السيطرة عليه”.
أزمة مع مصر؟
وتنشغل أوساطٌ إسرائيلية في موضوع الضرر المحتمل بالعلاقات مع مصر التي تهدّد بالانضمام لدعوى جنوب إفريقيا في لاهاي، في ظل عملية واسعة في رفح، بعد احتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح، قبل عشرة أيام، والذي يؤدي لتبادل تهم بين وزيري الخارجية المصري والإسرائيلي حول توقّف دخول المساعدات الإنسانية للقطاع.
وتنقل “هآرتس”، اليوم، عن مسؤولين إسرائيليين كبار تحذيرهم من أن مصر من شأنها التراجع عن وساطتها بين إسرائيل و”حماس”.
وتنقل عنهم “خوفهم من تعمّق الأزمة، ومن ضرر يلحق بالتعاون الأمني والاستخباراتي مع القاهرة”. وقال مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية سابقاً ألون ليئيل إن “عملية واسعة في رفح مع مساس بمدنيين يمكن أن تلحق أذى بالعلاقات مع مصر، وهي واحدة من أهم الدول بالنسبة لنا”.
يشار إلى أنه، رداً على سؤال صحفي حول المخاوف من تدهور العلاقات مع مصر، في ظل انتقادات علنية يطلقها مسؤولون مصريون، قال نتنياهو، بابتسامة خبيثة، خلال مؤتمر صحفي، قبل شهور، إنه يتفهّم وجود احتياجات مختلفة لدى أطراف أخرى منها مصر.