الجمعية العامة تسائل الولايات المتحدة عن أسباب استخدام الفيتو ضد طلب فلسطين العضوية الكاملة
عربي تريند
بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة صباح الأربعاء مناقشة استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي قدمته الجزائر يوم 18 نيسان/ أبريل الماضي، والذي يطالب بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية أسوة ببقية دول العالم.
وكانت قد صوتت 12 دولة لصالح مشروع القرار، وصوتت كل من سويسرا والمملكة المتحدة بـ”امتناع”، بينما استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضده لتنهي بذلك المحاولة الثانية، التي قامت بها فلسطين للعضوية الكاملة بعد أن فشلت عام 2011 في الحصول على تسعة أصوات إيجابية، وهو الحد الأدنى لاعتماد أي مشروع قرار دون استخدام الفيتو.
ويأتي اجتماع اليوم بناء على القرار 262 /76 الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيسان/أبريل عام 2022، والذي يمنح الجمعية العامة صلاحية الدعوة لمثل هذه المساءلة في اجتماع عام في غضون عشرة أيام بعد استخدام أي من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (الفيتو)، للاستماع إلى تبرير الدولة التي استخدمت الفيتو ويتسنى لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التدقيق والتعليق والمساءلة حول مبرر استخدام الفيتو.
افتتح الاجتماع نائب رئيس الجمعية العامة، دينيس فرانسيس، الذي طالب أن تكون العلاقة بين مجلس الأمن والجمعية العامة في جوهر النقاشات المثارة.
ممثل الولايات المتحدة: لن تقوم دولة فلسطينية هنا إلا عبر عملية السلام
السفير روبرت وود، نائب الممثلة الدائمة للولايات المتحدة، وقف أمام الجمعية ليبرر استخدام الفيتو، قائلا إن بلاده وضعت “جهدا كبيرا لرؤية دولة فلسطينية في إطار عملية سلام شاملة تحل كافة تفاصيل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني”. وقال إن الرئيس جو بايدن كرر مرارا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر ألاّ حل للنزاع خارج إطار حل الدولتين يضمن الأمن لإسرائيل والمستقبل للشعب الفلسطيني في دولتهم الحرة والديمقراطية، وهو نفس الطريق الذي سيؤدي إلى استيعاب إسرائيل كجزء من المنطقة العربية بما في ذلك العلاقات مع المملكة العربية السعودية. وأضاف “أي أجراءات استباقية هنا في نيويورك حتى ولو كانت النوايا سليمة، لن تحقق قيام الدولة الفلسطينية”. وقال إن بلاده كعضو دائم في مجلس الأمن تعمل على أن تكون خطواتها تؤدي إلى تعزيز السلم والأمن الدوليين”.
وقال إن اللجنة الفنية في مجلس الأمن لم تتوصل إلى إجماع وأكد أن السلطة الفلسطينية لم تقم بالإصلاحات اللازمة لتصبح مؤهلة للعضوية الكاملة خاصة وأن حركة حماس تملك تأثيرا كبير على قطاع غزة “ولهذا استخدمنا الفيتو” وأكد أن بلاده لا تعترض على قيام الدولة التي تفرزها المفاوضات بين الطرفين الأساسيين. وأكد أن بلاده ستستمر في جهودها ودعا الدول العربية أن تقف معا في وجه ما سماه الاعتداءات الإيرانية، “وكما قال وزير الخارجية لنظرائه في المنطقة: غزة يجب ألا تكون منصة للإرهاب، لا لاحتلال غزة مرة أخرى وحدود غزة يجب ألا تتغير أو ينتقص منها شيء”.
سفير فلسطين: الحق في تقرير المصير والدولة المستقلة لن يخضعا لفيتو إسرائيلي
ممثل دولة فلسطين السفير رياض منصور قال إن هذا الاجتماع ينعقد والمجازر في غزة متواصلة دون انقطاع، واكتشاف مقابر جماعية في باحات المستشفيات التي كانت محاصرة أصلا تمثل “فصلا أسود في هذه المأساة التي لا نهاية لها”. وقال إن إسرائيل ما زالت تحاول أن تخرج الفلسطينيين من التاريخ والجغرافبا، عبر القتل والتدمير والقصف وتشريد ثلثي السكان في غزة لغاية رفح مع الحدود المصرية وتهدد الآن باجتياح رفح، “هذا السيناريو المرعب يجب أن يوقف بأي ثمن وتحت كل الظروف”.
وقال منصور إن وقف إطلاق النار الفوري – الذي دعت إليه هذه الجمعية منذ فترة طويلة وطالب به مجلس الأمن – هو أمر واقع لا غنى عنه، ولا يمكن تأخيره أكثر، من ذلك القتل الجماعي العشوائي، الجرح والتشويه، الحصار، التجويع، العقاب الجماعي و”يجب وضع حد فوري للاعتقال التعسفي الجماعي والتعذيب، فهذا التدمير والتفكيك المنهجي – على نطاق غير مسبوق في التاريخ الحديث”. وأضاف أن متطلبات الحياة في غزة جزء لا يتجزأ من محاولات محو وطن بالتدمير والتهجير والموت. “هناك طريقان فقط أمامنا، أحدهما يؤدي إلى الحياة المشتركة والآخر يؤدي إلى الموت المشترك وكلما انتظرنا أكثر، كلما أصبح من الصعب الشروع في السير على الطريق الذي يؤدي إلى السلام العادل والدائم والأمن المشترك ولا يمكنك القول إنك تؤيد حل الدولتين وتقف مكتوف الأيدي بينما تحاول إسرائيل التدمير علناً للدولة الفلسطينية، كما اعترف بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي علناً نتنياهو ويتصرف كل يوم بناء على التزامه بعرقلة السلام منذ عقود”.
وقال ممثل فلسطين إن قبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة هو إشارة لا لبس فيها إلى أن تقرير المصير والدولة الفلسطينية لا يخضع لأهواء وإرادات المتطرفين في إسرائيل. “لقد طال انتظار انضمامنا إلى الأمم المتحدة، فقد استغرق إعداده 75 عاما فكيف بمن أيد قبول إسرائيل قبل 75 عاما وهي تنتهك الميثاق وقرارات الأمم المتحدة الأساسية، وبمعزل عن الحل العادل للصراع، تفسر قبول فلسطين وبعد مرور 75 عاماً، يجب أن يكون مشروطاً”.
وقال منصور: “إن عبارة المعايير المزدوجة لا تكفي لوصف مدى سخافة هذا المنطق اسمحوا لي أن أكون واضحا: لن نقبل أبدا أن يكون حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإقامة دولته، والانضمام إلى الأمم المتحدة، خاضعا بأي شكل من الأشكال للفيتو الإسرائيلي. هذه هي الحقوق الطبيعية التي يحق لشعبنا التمتع بها، وسنأخذ مكاننا الصحيح بين مجتمع الأمم ولن يثنينا سعينا من أجل الحرية. وأود أن أشكر الجزائر، بصفتها الممثل العربي في مجلس الأمن، على طرح مشروع القرار الخاص بقبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة والمجموعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز على دعمهم المبدئي لطلبنا للانضمام. وأود أن أشكر أعضاء المجلس الـ 12 الذين أيدوا هذا الطلب، مما يعكس الدعم الواسع والعالمي لانضمام فلسطين، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والاستقلال”.
السفير الإسرائيلي جلعاد إردان، كعادته قرّع الحضور جميعهم لأنهم يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطين “الإرهابية” قائلا: “إن منح الفلسطينيين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لن يؤدي إلا إلى نتيجتين مدمرتين: سوف يزيد من تحفيز الإرهاب. ثانيا، إنها رسالة واضحة للفلسطينيين بأنهم لن يضطروا أبدا إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، ناهيك عن تقديم أي تنازلات”.
وزعم أن الفلسطينيين رفضوا في الماضي كل خطة سلام تم طرحها على الإطلاق، “ويواصلون دعم الإرهاب ومقاطعة أي مفاوضات. والآن يعلمون أن رفضهم يؤتي ثماره. وأضاف السفير الإسرائيلي قائلا: “معظمكم يؤيد إنشاء دولة إرهابية بالقوة ومن جانب واحد. إن دولة الإرهاب الفلسطينية تشكل عقبة أمام السلام…. بدون دعمكم، كان سيتعين على الفلسطينيين أن يستوعبوا أن المفاوضات والتسويات المتبادلة هي السبيل الوحيد للمضي قدما”.
المجموعة العربية
ألقى سفير دولة الإمارات كلمة باسم المجموعة العربية مؤكدا أن “المجموعة العربية تعرب عن بالغ أسفها وخيبة أملها إزاء استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع القرار التاريخي الذي قدمته دولة الجزائر لمجلس الأمن في نيسان/ أبريل الماضي، نيابة عن مجموعتنا، والذي يوصي بحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.
وأضاف السفير الإماراتي أن المطلب الفلسطيني بنيل العضوية الكاملة هو حق لا جدال فيه، “فقد أثبتت دولة فلسطين التزامها بميثاق الأمم المتحدة وقدرتها على تحمل مسؤوليات العضوية”.
وأضاف أن استيفاء فلسطين لمعايير منح العضوية حق لا لبس فيه. ففي حين حصلت إسرائيل على عضويتها في الأمم المتحدة قبل 75 عاما،ً لا يزال الشعب الفلسطيني محروما من حقه في تقرير المصير ، ولا تزال دولة فلسطين محرومة من حقها المشروع في العضوية الكاملة.
واعتبر أن “هذه الازدواجية في المعايير تقوض مصداقية المنظمة وتتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة التي تقوم عليها الأمم المتحدة. إن طلب فلسطين يجسد الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي، فقد صوتت أغلبية ساحقة في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الذي يوصي بمنح فلسطين العضوية الكاملة. كما اعترفت 140 دولة – أي أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة – بدولة فلسطين، بينما أعلنت دو ل أخرى عزمها على القيام بذلك. وكل من يدعم هذه الخطوة سيسجل له التاريخ أنه قد وقف بجانب الحق والعدل”.
الجزائر: لن تتوقف جهودنا حتى نحقق الاعتراف بدولة فلسطين
مندوب الجزائر، أحمد صحراوي، شرح للجمعية الأسباب التي دعت الجزائر للتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن للاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية، فقد عانت الجزائر من سنوات الاستعمار الطويل وعرفت معن المعاناة التي تأتي مع الاحتلال والاستعمار “وليس غريبا أن يعلن المرحوم ياسر عرفات قيام دولة فلسطين في الجزائر في الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1988″. وقال إنه ليس من المنطق أن يبقى الفلسطينيون خاضعين لأهواء الاحتلال السائر إلى زوال لا محالة، ولا يعقل أن يبقى مصير الفلسطينيين معلقا على أمل مفاوضات لا يلوح أمل استئنافها في الفق ناهيك عن إمكانية نجاحها”.
وقال صحراوي: “إن فلسطين تستوفي كافة الشروط التي يتطلبها ميثاق الأمم المتحدة حسب البند الرابع في الميثاق لأن فلسطين دولة محبة للسلام وقادرة على توفير الالتزامات وراغبة في تنفيذ ذلك”.
وتابع أن مجلس الأمن وحسب المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة يعمل نيابة عن المجتمع الدولي، ولذلك لا يحق للمفوض أن يعمل مخالفة الغالبية من الدول الأعضاء وهم أصحاب الاختصاص الحصري في تنفيذ ميثاق الأمم المتحدة. وقال إن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة خطوة نحو السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.
وقال “إن دولة فلسطين تتعرض اليوم، أكثر من أي وقت مضى لخطر التصفية من سلطة الاحتلال التي تضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية وتنكر حقوق الشعب الفلسطيني وتمارس الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وصل مستويات غير مسبوقة والقدس الشريف يهجر أهله وتدنيس مقدساته وغزة الحال فيها أجلى من أن يوصف وأوضح من أن يخبر عنه وهناك خطر اجتياح رفح الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة”. وناشد المندوب الجزائري المجتمع الدولي بوقفة جادة وتحقق مطالب الفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين.