القصف الدامي يتواصل على غزة.. سقوط شهداء ومصابين جدد وجيش الاحتلال يبدأ تدريبات لشن الهجوم على رفح
عربي تريند
شنت قوات الاحتلال سلسلة هجمات دامية جديدة ضد قطاع غزة، أوقعت عشرات الضحايا، في الوقت الذي تواصلت فيه عملية اكتشاف جثث الضحايا الذين سقطوا في هجمات سابقة لجيش الاحتلال، خاصة في مدينة خان يونس، ودفنوا في مقابر جماعية، وذلك على وقع ارتفاع التهديدات العسكرية لشن عملية عسكرية برية كبيرة ضد مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة.
هجمات على غزة والشمال
وميدانيا استمرت عملية النزوح القسري لمواطنين من مناطق عدة تقع شمال قطاع غزة، هربا من عمليات القصف العنيف التي ينفذها جيش الاحتلال على بلدات بيت لاهيا وبيت حانون، بعد أن قام مجددا الجيش بالتوغل على أطراف تلك المناطق.
وقال سكان من شمال القطاع، إن عمليات نزوح جديدة سجلت الخميس، قام بموجبها السكان بالتوجه جنوبا إلى مناطق في منطقة جباليا ومدينة غزة، هربا من النيران الإسرائيلية.
وهؤلاء السكان رغم عمليات القصف والتدمير الكبيرة لجيش الاحتلال، التي طالت مناطق سكنهم منذ بدء الحرب على غزة، وما شهدته من عمليات توغل برية كثيرة، لم ينزحوا كالغالبية من سكان غزة والشمال إلى مناطق وسط وجنب القطاع، رغم تهديدات جيش الاحتلال.
ويخشى هؤلاء أن لا يسمح لهم الاحتلال بالعودة إلى مناطق سكنهم، على غرار ما حدث مع أقارب وجيران لهم نزحوا إلى تلك المناطق، تحت وطأة القصف الإسرائيلي، حتى في حال جرى التوصل إلى تهدئة مستقبلا، ويستدلون على ذلك من موقف الاحتلال الرافض لعملية العودة وفرضه شروط تشمل السماح لفئات محددة وأعداد قليلة من السكان.
إلى ذلك فقد استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة بغار جوية، دمرت أحد المنازل هناك، وجاء ذلك بعد أن انتشلت طواقم الإنقاذ 3 شهداء نتيجة استهداف طائرات الاحتلال منزلاً بالقرب من دوار حميد في المخيم.
والجدير ذكره أن جيش الاحتلال دمر خلال العملية البرية التي نفذها في بدايات الحرب أكثر من 50% من مباني هذا المخيم.
كما استهدفت قوات الاحتلال أحد المنازل في حي الزيتون شرق مدينة غزة بغارة أخرى، وذلك بالتزامن مع قصف حي الشيخ عجلين جنوب غرب المدينة.
غارات دامية على الوسط
إلى ذلك فقد شنت قوات الاحتلال عدة غارات استهدفت المنطقة الوسطى، وقصفت بالمدفعية مناطق الزهراء والمغراقة، التي شهدت قبل أسبوعين عملية برية، وهي مناطق قريبة من الطريق الفاصل الذي أقامه جيش الاحتلال ويفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه.
وقالت مصادر طبية إن أربعة مواطنين استشهدوا وأصيب آخرين، في قصف طائرة مسيرة “بدون طيار” لمجموعة من المواطنين عند جسر وادي غزة، وسط القطاع، كما استشهد اثنان آخران في قصف مدفعي استهدف أطراف مخيمي البريج والنصيرات.
وتمكنت طواقم الدفاع المدني من انتشال جثمان شهيدة، من تحت أنقاض منزلها الذي تعرض لقصف صاروخي في مخيم النصيرات، كما استهدفت قوات الاحتلال بغارة جوية أرضا ومنزلا، يقعان في شارع الدعوة شمال شرق المخيم، فيما أصيب ثلاثة مواطنين في قصف طائرة مسيرة محيط مسجد البلد القديم في مدينة دير البلح.
وفي خان يونس أيضا، استمرت عملية الكشف عن جثث الضحايا الذين دفنوا في مقابر جماعية، أو الذين يتواجدون تحت ركام المنازل، وفي مقابر جماعية اكتشفت في مستشفى ناصر، وفي مناطق مجهولة، وجميعهم سقطوا خلال الهجوم البري الكبير لجش الاحتلال، والذي انتهى قبل أسبوعين، بعد أربعة أشهر متتالية.
وقد دفع الكشف عن هذه المقابر إلى توجيه العديد من دول العالم والاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية انتقادات إلى الكيان الإسرائيلي، حيث عقب سابقا الناطق باسم الخارجية الأمريكية على الأمر بالقول “التقارير مثيرة للقلق، ونحن نأخذها على محمل الجد وندفع إسرائيل إلى التحقيق في هذه الادعاءات بشكل تام”.
من جهته قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، في تصريح صحافي، “إن الأنباء عن وجود مقابر جماعية في غزة مثيرة للقلق”، وأضاف “الأنباء المعنية تعطي انطباعا بأن حقوق الإنسان ربما تكون قد انتهكت”، وطالب بإجراء تحقيق شامل ومستقل، كما طالب باسم الاتحاد الأوروبي إلى وقف فوري لإطلاق النار.
رفح تحت تهديد الاجتياح
وفي مدينة رفح، استمرت الغارات الدامية التي تنفذها قوات الاحتلال ضد المدينة، والتي تشهد تصاعدا منذ عدة أيام، حيث سقط خمسة شهداء في قصف طائرات الاحتلال منزلا مأهولا يعود لعائلة الجمل شرقي المدينة، بينهم الصحافي محمد بسام الجمل، حيث نقلوا إلى مستشفى أبو يوسف النجار في المدينة، في وقت قصفت قوات الاحتلال موقعا في محيط المستشفى.
كذلك أصيب ثلاثة مواطنين في استهداف صاروخي لمنزل عائلة أبو عرار في منطقة المصبح شمال المدينة، في وقت قصفت فيه الطائرات الحربية أراضي زراعية في منطقة خربة العدس ومخيم الشابورة، ما أدى إلى سقوط عدد من المصابين.
وكان مواطن استشهد وأصيب آخرون جراء قصف قوات الاحتلال لمنزلين مأهولين شرق مدينة رفح، كما استشهد مواطنا في قصف منزل لعائلة حسنين بمخيم يبنا جنوبي مدينة رفح ليل الأربعاء.
أعلنت وزارة الصحة في غزة، ارتفاع حصيلة الشهداء في القطاع إلى 34305، غالبيتهم من الأطفال، والنساء، منذ بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي.
وذكرت أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 77293 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأشارت أيضا إلى أن الاحتلال ارتكب 5 مجازر في القطاع راح ضحيتها 43 شهيدا و64 مصابا خلال الـ24 ساعة.
وأعلن جيش الاحتلال، أن الطائرات الحربية قامت خلال الـ24 ساعة الماضية، بمهاجمة أكثر من 30 هدفًا في جميع أنحاء قطاع غزة، لافتا إلى مواصلة مهام الفريق القتالي التابع للواء “ناحال” في ممر وسط قطاع غزة، الذي يفصل مناطق الشمال عن الجنوب.
وفي السياق، استمرت عمليات التصدي من قبل المقاومة الفلسطينية، حيث أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أن ناشطيها تمكنوا من استدراج قوتين إسرائيليتين وأوقعتهما في كمائن ألغام منفصلين، كما بثت مشاهد من قنص ضابط إسرائيلي شمالي بيت حانون.
هذا وقد توالت الغارات الدامية ضد قطاع غزة، على وقع تصاعد لغة التهديد الإسرائيلية بقرب شن العملية البرية ضد المدينة، التي تعد أكبر مأوى لنازحي الحرب، حيث يقطنها حاليا نحو 1.5 مليون نسمة.
وقد ذكرت قناة “i24NEWS”، الإسرائيلية أن جيش الاحتلال يستعد لعملية عسكرية “طال انتظارها” في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث ذكرت أن قضية شن الهجوم البري على رفح، شهدت تسارعا كبيرا خلال الأسابيع الأخيرة، وأنه في بداية الأسبوع الجاري وافق الجيش على خطة رفح للمرة الرابعة، بعد معالجة التحفظات الأمريكية المتعلقة بسلامة المدنيين.
الحديث عن الهجوم البري على رفح شهد تسارعا كبيرا والاحتلال وافق على الخطة للمرة الرابعة
وأوضحت في تقرير لها إنه “بعد مناقشات مكثفة وضغوط دولية، تم اتخاذ القرار في صيغته النهائية، ويستعد الجيش الإسرائيلي للعمل في المستقبل القريب”.
وذكرت أنه في هذا الوقت تتكثف الاستعدادات للتوغل البري، وزعمت وجود خطط لإجلاء السكان المدنيين في رفح، الذين يقدر عددهم بنحو 1.4 مليون من سكان غزة، خلال فترة أربعة أسابيع.
ووفقا لخطة جيش الاحتلال الإسرائيلي، سيُطلب من الفلسطينيين الموجودين في رفح إخلاء مواقعهم إلى مجمعات الخيام التي أقيمت في الأشهر الأخيرة، والتي بنتها وكالات الإغاثة الدولية بالتعاون مع دول أخرى.
وتقضي الخطة التي قدمت إلى الأمريكيين والوكالات الأخرى في المنطقة، بأن يتقدم الجيش في رفح على مراحل حسب التقسيم إلى مناطق محددة، وزعمت أنه سيتم خلالها إبلاغ السكان مسبقًا قبل تحرك قوات الجيش الإسرائيلي، بحيث يتمكن السكان من إخلاء المنطقة على مراحل.
ونقلت القناة عن مصدر أمني قوله “إنهم (الأمريكيين) يدركون اليوم الحاجة إلى العملية، ولم يعودوا يعارضونها”، وأضاف “نحن نستعد لإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة، ونحن نتفهم القلق، ولكننا لن نتمكن من استكمال العملية دون الدخول إلى رفح، وهو أمر يمكن أن يسهم في الضغط حيث يؤمل أن يؤدي إلى تحول في المفاوضات المتعلقة بالمخطوفين”.
وأكدت أن القرارات الأمريكية بالدعم العسكري والمالي، إلى جانب اللجوء لاستخدام “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي، يجعل أمريكا شريكا في حرب الإبادة، وهو موقف معادٍ للشعب الفلسطيني والأمة العربية، ولجميع الدول التي وقفت معنا في مجلس الأمن الدولي.
وأشارت إلى إعلان الجيش الإسرائيلي عن استدعاء كتيبتين من الاحتياط للقتال في غزة قبل توسيع منطقة نزوح السكان القسري في جنوب القطاع، وأنه في إطار التحضير للهجوم البري، زادت تدريبات الفرقة “كارمل 2″، وفرقة “بتاح 679″، التي تتبع عادة إلى المنطقة الشمالية، في القطاع الجنوبي. والتي ضاعفت جهوزيتها بعد سلسلة من التدريبات.
وقد سبق الكشف عن تدريبات هذه الفرق العسكرية في جيش الاحتلال، أن أعلن الجيش عن سحب لواءين من الحدود الشمالية استعدادا لتنفيذ مهام في غزة.
تحذيرات فلسطينية ودولية
وكانت الرئاسة الفلسطينية حذرت على لسان الناطق الرسمي نبيل أبو ردينة، من هذه العملية وحملت الإدارة الأمريكية مسؤولية التهديد والتصعيد الإسرائيليين في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، خاصة الحديث الخطير عن قرب موعد القيام بعملية عسكرية في رفح، ما سيؤدي إلى مجازر وكوارث، وتهجير المواطنين، ما يشكل بداية لمرحلة صراع طويلة.
وأشار أبو ردينة، إلى أن المظاهرات الحاشدة التي تجوب عواصم العالم، وآخرها ما شهدته الجامعات الأمريكية من مظاهرات واعتصامات داعية لوقف العدوان، وإنهاء الاحتلال وجرائمه في الأراضي الفلسطينية، “تشكل دعوة للإدارة الأمريكية لمراجعة مواقفها، والتخلي عن الدعم الأعمى للاحتلال الإسرائيلي، والوقوف إلى جانب القانون الدولي، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية”.
وهناك تحذيرات محلية ودولية من أن العملية البرية في رفح، ستوقع مجازر أكثر دموية من تلك التي نفذت خلال الفترة الماضية من الحرب، بسبب الاكتظاظ السكاني في المدينة التي تأوي عدد كبير من النازحين.
كما أن من شأن أي عملية برية على مدينة رفح، أن تزيد من حجم المأساة الإنسانية، وفي مقدمتها نقص الدواء والغذاء، خاصة وأن البضائع والأدوية التي تصل القطاع تمر إما من معبر رفح الفاصل عن مصر، أو معبر كرم أبو سالم المرتبط بدولة الاحتلال.
وفي هذا الوقت الذي لم تدخل فيه قوات جيش الاحتلال إلى رفح، يواجه القطاع نقصا حادا في الأطعمة والأدوية، وفي حال تمت العملية فإن هذه المعابر سوف تتوقف عن العمل، باعتبارها ستكون ضمن مناطق عمليات حربية، كما ستعيق العملية البرية، إجلاء مرضى ومصابي غزة من معبر رفح، للعلاج في الخارج.
وفي تأكيد على ذلك، كان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس غيبرييسوس أكد على الحاجة إلى مرور آمن ومستدام وسلس للمساعدات والبعثات الإنسانية عبر قطاع غزة لخدمة الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الرعاية المنقذة للحياة.
وفي السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، أن أكثر من ثلث المهام الإنسانية إلى شمال غزة خلال أبريل الجاري “قوبلت بالرفض أو العراقيل من السلطات الإسرائيلية”، وقال إن “المهام الإنسانية لم تصل اليوم إلى شمال غزة، بعد أن أغلق الجيش الإسرائيلي نقاط التفتيش على طريقين بسبب تحركات قواته”، لافتا إلى أن أكثر من ثلث المهام الإنسانية إلى شمال غزة خلال أبريل الجاري، قوبلت بالرفض أو العراقيل من سلطات الاحتلال.