بايدن يخرج لأول مرة عن سياسة الدعم غير المشروط لإسرائيل وسط ضغط متزايد
خرج الرئيس الأميركي جو بايدن لأول مرة، أمس الخميس، عن سياسة الدعم غير المشروط لإسرائيل، تحت وطأة ضغط سياسي متزايد بما في ذلك داخل حزبه الديمقراطي في وقت يخوض حملة للفوز بولاية جديدة.
ورغم أن صياغته حذرة، إلا أنّ البيان الذي نشره البيت الأبيض بعد محادثة هاتفية بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يربط بشكل غير مسبوق بين دعم واشنطن والتحرك “الفوري” للاستجابة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة.
بعد ساعات قليلة من المكالمة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن “إجراءات فورية لزيادة المساعدات الإنسانية” لغزة، عبر ميناء أسدود ومعبر إيريز. وعلقت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسون، في بيان أنّ “هذه الإجراءات يجب الآن تنفيذها بسرعة وبشكل كامل”.
خلال الاتصال الذي استمر ثلاثين دقيقة مع نتنياهو، قال جو بايدن “بكل وضوح إنه يجب على إسرائيل إعلان وتنفيذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة والقابلة للقياس لمعالجة الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة عمال الإغاثة”، وفق بيان موجز للبيت الأبيض. وحذّر الرئيس الأميركي بعد ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن “السياسة الأميركية في ما يتعلق بغزة ستتحدد من خلال التقييم (الذي سيجريه) للقرارات الفورية التي ستتخذها إسرائيل”، بحسب المصدر نفسه.
“غير مقبولة”
وافقت الولايات المتحدة على مبيعات أسلحة لإسرائيل بقيمة عشرات الملايين من الدولارات منذ بدء حربها على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، في استمرار للمساعدات العسكرية الثابتة منذ عقود.
ووصف جو بايدن، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد العاملين في المجال الإنساني والوضع الإنساني العام في غزة بأنها “غير مقبولة”، وحث نتنياهو على “التوصل إلى اتفاق دون تأخير” من أجل “وقف فوري لإطلاق النار”، وفق بيان البيت الأبيض.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، صباح اليوم الجمعة، إن إسرائيل “يجب أن تكون أكثر دقة وأكثر حذراً” في عملياتها في غزة للاحتفاظ بدعم الولايات المتحدة، مضيفاً أن الطريقة التي يستخدم بها حليفها الأسلحة الأميركية “مهمة للغاية”.
وقال كيربي، وفقاً لما نقلته شبكة “أن بي سي نيوز” الأميركية، “إذا لم نشهد تغييرات ذات معنى في سياستهم (الإسرائيليين)، فسيتعين علينا إجراء تغييرات ذات معنى في سياستنا”، مؤكداً أنّ واشنطن ستواصل دعم إسرائيل بشكل عام، خاصة في ضوء التهديد الذي تمثله إيران.
وتابع أنه سيتعين على الإدارة “الاحتفاظ بالحكم” حتى تتمكن من إلقاء نظرة على النتائج التي توصل إليها تحقيق الجيش الإسرائيلي في غارات قافلة المساعدات والتفكير فيما إذا كان هناك ما يبرر إجراء تحقيق مستقل، مشيراً إلى أن “مفاوضات الرهائن ستستأنف نهاية هذا الأسبوع في القاهرة، وأن بايدن حثّ نتنياهو على إرسال وفد للانضمام إلى تلك المحادثات في العاصمة المصرية”.
وكان كيربي، قد أوضح خلال مؤتمر صحافي أنّ واشنطن تطالب بزيادة “هائلة” في المساعدات التي تدخل قطاع غزة “في الأيام والساعات المقبلة”، مؤكداً أنّ بايدن “صدم” لمقتل سبعة من العاملين في المجال الإنساني في غزة، من بينهم ستة أجانب، في غارة إسرائيلية، وأشار إلى “الاستياء المتزايد” للأميركيين من إدارة نتنياهو للحرب.
وبين كيربي لشبكة “سي أن أن” أنّ مقتل العاملين الإنسانيين شكّل “حافزاً” لهذه المكالمة الهاتفية مع نتنياهو، مشيراً إلى أن إحباط الرئيس “تزايد في الأسابيع الأخيرة بشأن المخاطر التي يواجهها السكان المدنيون في غزة والعاملون في المجال الإنساني”. واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب سلسلة “أخطاء جسيمة” أدت إلى مقتل العاملين الإنسانيين، ووصف نتنياهو قصف موكب عمال الإغاثة بأنه “غير مقصود” و”مأسوي”.
رصد
“نيويورك تايمز”: نتنياهو تلقى أقوى توبيخ أميركي منذ بدء الحرب في غزة
“شأن شخصي”
واعتبر السيناتور كريس كونز، أحد أقرب أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين للرئيس، الخميس، في تصريح لشبكة “سي أن أن” أنّ الولايات المتحدة “وصلت إلى مرحلة قد تضطر فيها إلى فرض شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل”. وحذر بن رودس، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، عبر منصة إكس بأنه “إذا لم تكن هناك عواقب حقيقية، فلن يؤدي الاستنكار إلى أي نتيجة”.
ويعتبر بايدن الداعم الرئيسي لإسرائيل منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر على جنوب الدولة العبرية، وجعل من المسألة شأناً “شخصياً”، على حد تعبير مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان. ولم يحمله أي شيء حتى الآن على التراجع عن خطه، لا العدد المتزايد من الضحايا المدنيين في غزة، ولا التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي تصاحب كل زياراته.
ويبدي الأميركيون المسلمون من أصل عربي، وجزء من الناخبين التقدميين، غضبهم حيال الرئيس المتهم بالمساهمة في معاناة الفلسطينيين. ويثير ذلك قلق أنصار جو بايدن، قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية التي قد تُحسم بفارق بسيط للغاية في الأصوات، فيما يتنافس الديمقراطي في استطلاعات الرأي مع الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.
ومن بين الولايات التي ستلعب دوراً حاسماً في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل ميشيغين، حيث يعيش عدد كبير من الأميركيين العرب.
(فرانس برس، العربي الجديد)