منسق أممي: مصدوم إزاء الحجم الهائل للموت والدمار والمعاناة الإنسانية التي أحدثتها الحرب في غزة
أعرب المنسق الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، في إحاطته الفصلية أمام مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء، عن صدمته إزاء الحجم الهائل للموت والدمار والمعاناة الإنسانية الذي أحدثته الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث قُتِل المدنيون بمعدل غير مسبوق. وقال: “أدين مقتل آلاف المدنيين في غزة، وأغلبهم من النساء والأطفال والأفراد المحميين. لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
وعبر عن القلق إزاء ما قد يكون انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك احتمال عدم الامتثال لمبادئ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، والتناسب (في الرد) والاحتياط في الهجوم، مشددا على أن النزوح الجماعي للسكان في غزة دون ضمان إمكانية تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية يثير مخاوف جدية بشأن الامتثال للمتطلبات القانونية المعمول بها.
وجدد وينسلاند إدانته “للهجوم المسلح المروع الذي شنته حماس والجماعات الأخرى في 7 تشرين الأول/أكتوبر”، قائلا: “لا شيء يمكن أن يبرر هذه الأعمال الإرهابية. ويجب إطلاق سراح الرهائن المتبقين فورا ودون قيد أو شرط. وأثناء احتجازهم، يجب معاملة الرهائن معاملة إنسانية والسماح لهم بتلقي الزيارات والمساعدة من الصليب الأحمر”.
ودعا منسق عملية السلام إلى معالجة الظروف التي تهدد الحياة في قطاع غزة والتي يواجهها أكثر من 1.7 مليون نازح داخليا في مساحة تتضاءل باستمرار في غزة، مضيفا: أشعر بقلق بالغ إزاء الكابوس المحتمل المتمثل في تشريد أكثر من مليون شخص مرة أخرى إذا نفذت إسرائيل عمليتها البرية المخطط لها في رفح”.
ودعا وينسلاند إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك السماح وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق إلى غزة وفي جميع أنحائها، وأن تكون الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني قادرين على تقديم المساعدة بأمان. كما رحب بفتح ممر بحري لتقديم المساعدة الإنسانية الإضافية التي تشتد الحاجة إليها عن طريق البحر، لكنه كرر التأكيد على أنه بالنسبة لتوصيل المساعدات على نطاق واسع، لا يوجد بديل حقيقي عن التوصيل عن طريق البر.
وجدد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وحث جميع الأطراف على مضاعفة الجهود للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار الإنساني المطلوب وإطلاق سراح جميع الرهائن.
ونبه وينسلاند إلى أن ضخامة التحديات الإنسانية والأمنية والسياسية التي نواجهها تتطلب استجابة جماعية وخلاقة وفورية، “علينا أن نعالج الوضع الإنساني الكارثي في غزة على وجه السرعة”. وأعرب عن أسفه من أنه على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة “لم نشهد اتفاقا على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن”.
وأكد وينسلاند ألا غنى عن الخدمات التي تقدمها الأونروا ولا يمكن استبدالها “وستظل العمود الفقري للاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في غزة، وهي بمثابة شريان حياة للملايين من لاجئي فلسطين، وضرورية للاستقرار الإقليمي”. ورحب باستئناف التمويل من قبل بعض المانحين، داعيا بقية المانحين إلى استئناف تمويلهم للوكالة، حيث يجب ضمان استمرارية عمليات الأونروا. وحول الادعاءات بالتورط المزعوم لموظفين في الأونروا في الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أكد أنه يتم التحقيق في تلك الادعاءات بشكل شامل ومستقل.
ولم يتطرق المنسق الأممي إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2728 (2024) الذي اعتمد صباح الإثنين بغالبية أربعة عشر صوتا إيجابيا وامتناع الولايات المتحدة.
ورداً على سؤال لـ”القدس العربي” لنائب المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، حول أسباب تجاهل وينسلاند لقرار مهم اعتمد مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار فورا، قال: “كان هذا التقرير الذي قدمه السيد وينسلاند هو تقريره الدوري إلى مجلس الأمن حول التطورات التي حدثت في الأراضي المحتلة خلال الأشهر الماضية. إذن هذا ما كان يشير إليه، وليس فيما يتعلق بالحادث الذي وقع بعد ذلك مباشرة. وأشار السيد وينسلاند لاحقاً إلى أن القرار جاء بعد ملاحظاته المعدة مسبقًا”.
وردا على سؤال متابعة لـ”القدس العربي” حول تصريح بعض الدول بأن القرار غير ملزم “فهل من حق دولة، مهما بلغت من قوة، أن تفسر قرارات مجلس الأمن على هواها؟”، قال حق: “بالنسبة للأسئلة القانونية، عادةً ما أحيل مثل هذه الأسئلة على المحامين. ولكن لهذا السبب، أود فقط أن أحيلك إلى ميثاق الأمم المتحدة، وهو وثيقة سهلة الاستخدام يمكنك دائمًا حملها في جيبك، حيث يجب أن يوافق كل أعضاء الأمم المتحدة على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفقا للميثاق كما تنص ذلك المادة 25، من المثياق “وهذا هو موقفنا”.
عنف المستوطنين في الضفة الغربية
وأعرب وينسلاند عن القلق العميق إزاء استمرار ارتفاع مستويات العنف والإصابات في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي إسرائيل. وقال إن العمليات الأمنية الإسرائيلية المكثفة والاشتباكات الكثيفة مع فلسطينيين مسلحين تفضي إلى ارتفاع مستويات الضحايا وتدمير العديد من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، داعيا قوات الأمن إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم استخدام القوة المميتة إلا عندما يكون ذلك أمرا لا مفر منه لحماية الأرواح. وقال إن عدد الذين قتلوا في الضفة الغربية والقدس في فترة التقرير قد بلغ 161 بمن فيهم 43 طفلا، وعدد الجرحى وصل إلى 110 بينما قتل عشرة إسرائيليين بمن فيهم إمرأتان وطفل وجرح 74 شخصا.
ودعا وينسلاند إسرائيل إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك ما يتعلق بالاستخدام المتناسب للقوة، وضمان إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة وسريعة في جميع حالات الاستخدام المفرط المحتمل للقوة، ومحاسبة المسؤولين عنها. وأعرب كذلك عن القلق إزاء الهجمات التي نفذها مستوطنون إسرائيليون ضد فلسطينيين، بما في ذلك على مقربة من قوات الأمن الإسرائيلية، داعيا إسرائيل، باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال، إلى اتخاذ خطوات فورية للامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية السكان الفلسطينيين من جميع أعمال العنف أو التهديد بها.
وأعرب وينسلاند عن القلق البالغ إزاء التوسع المتواصل للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، موضحا “أن الرقعة الاستيطانية الآخذة في التوسع، تـزيد من ترسيخ الاحتلال، وتعيق بشدة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير”. وأكد مجدداً “أن جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ليس لها أي شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي”. وقال وينسلاند إن هدم ومصادرة المباني الفلسطينية، بما في ذلك المشاريع الإنسانية الممولة دوليا، ينطوي على انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان ويثير المخاوف بشأن خطر الترحيل القسري، داعيا حكومة إسرائيل إلى إنهاء هذه الممارسة، بما يتماشى مع التزاماتها الدولية، والسماح للمجتمعات الفلسطينية ببناء وتلبية احتياجاتها التنموية.