“نكبة مبيعات” و”صدمة تجارية” في الأردن: تقشف رمضاني تلقائي تضامنا مع جوعى غزة
دخل الوضع المعيشي في الأردن والاقتصادي والاجتماعي في حالة من التعقيدات تعكس انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، فيما عبّرت فعاليات القطاع التجاري خصوصا المختصة بالمواد الغذائية، عن صدمتها كما قالت تقارير إعلامية، بسبب انخفاض المبيعات في الأسبوع الأول لشهر رمضان المبارك بنسبة تزيد عن 50% في بنود المواد الغذائية.
وهي نسبة ركود عالية جدا حسب بعض التجار، لا بل غير مسبوقة في مواسم شهر رمضان المبارك.
ويربط الخبراء بين انخفاض المبيعات للمواد الغذائية رغم عدم ارتفاع أسعار معظمها، وبين عدة عناصر من بينها انخفاض القدرة الشرائية، ومظاهر القلق الاجتماعي الناتجة عن التعاطف مع أحداث قطاع غزة وفلسطين، حيث بدأ فكر التقشف والتفاعل مع الجوع يتوسع أفقيا وسط العائلات.
ويأمل التجار بقدر من التعويض عن مبيعاتهم المفقودة في النصف الثاني من شهر رمضان.
لكن تأثيرات ما يجري في غزة واضحة على خوف الأردنيين من المستقبل، ورغبتهم في اختصار الكثير من ممارسات الإنفاق المعتادة خلال شهر رمضان بسبب حالة التعاطف الكبيرة مع نتائج معركة التجويع والأشلاء في قطاع غزة كما وصفها الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة.
ونقلت صحيفة عمون المحلية الإلكترونية الأحد، عن رئيس غرفة تجارة الأردن، ونقيب المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، القول إن مبيعات القطاع التجاري تعكس انخفاض القدرة الشرائية بحجم كبير، معتبرا أن ما حصل في الأسواق بخصوص المواد الغذائية مفاجأة حقيقية للتجار.
ومال بعض التجار لوصف ما يحصل معهم بأنه “نكبة” تجارية، لكن الحاج توفيق يتجنب بدوره المبالغات.
وتشير بعض الدراسات الأولية إلى أن حجم الاستهلاك والإنفاق عند الأردنيين، متأثر بصورة كبيرة بما يحصل غربي النهر، خصوصا بعد الإعلان عن استشهاد عشرات الأشخاص والأطفال جوعا، ما دفع باتجاه مبادرات سياسية اجتماعية بعنوان تناول وجبة لا تزيد عن عبوة مياه وحبة تمر على الأرصفة من باب التقشف تضامنا مع أهل غزة، فيما تقدمت غرفة تجارة العاصمة بدورها بمبادرة تقاسم “إفطارك مع أهل غزة”.
عمليا، مظاهر التقشف توسعت بين المواطنين الأردنيين. وهو ما يعاني منه أيضا قطاع المطاعم، حيث تقلصت تلك الموائد الرمضانية العائلية بشكل كبير. وثمة خبراء يعتقدون بأن ضعف القدرة والرغبة الشرائية عند الأردنيين، قدم مساهمة فعالة لحماية الاحتياط الإستراتيجي في الأمن الغذائي، كما مكّن جمعيات أممية ودولا من تأمين وشراء كميات كبيرة من الحبوب الجافة والمواد الغذائية من السوق المحلية وإرسالها إلى قطاع غزة عبر الإغاثة الأردنية، بدون حصول عجز أو نقص في المواد الغذائية محليا.
ورغم أن المسألة قد تكون اقتصادية، إلا أن مؤشرات التقشف التي صدمت التجار ودفعتهم للحديث عن مفاجآت حقيقية لتراجع مبيعاتهم هي تعبير مباشر عن موقف سياسي وطني حكومي خارج نطاق التنظيم، بمعنى أن الأردني اندفع تلقائيا وعشوائيا نحو اختصار الموائد والإنفاق الأقل تفاعلا وتضامنا مع المشاهد التي تبثها قناة الجزيرة وغيرها من الشبكات خصوصا خلال شهر رمضان.