مجزرة دوار النابلسي.. ردود فعل غاضبة في مصر.. دعوات لوقفة احتجاجية.. والأزهر يصفها بـ”الجبن والنذالة”
تواصلت في مصر ردود الفعل على المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الإنسانية في شمال قطاع غزة.
ودعت صحافيات مصريات لتنظيم وقفة احتجاجية على سلالم نقابة الصحافيين المصريين غداً السبت، احتجاجاً على استمرار حرب التجويع والإبادة التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني، وحداداً على أرواح الأبرياء والأحرار في فلسطين وخارجها، ومنها روح الجندي الأمريكي آرون بوشنل، الذي أشعل النار في جسده على أبواب السفارة الإسرائيلية في واشنطن، احتجاجاً على دور بلاده في عمليات الإبادة المستمرة لسكان قطاع غزة المحاصر.
الجوع على باب بلادنا
وقالت الصحافيات في بيان: الجوع على باب بلادنا، يضرب أهلنا في غزة، في الشهر الخامس من حرب الإبادة الصهيونية، بينما تتكدس المئات من سيارات الإغاثة، يحول بينها وبين أهلنا الجوعى، معبر تحوّلَ إلى سدّ.
وزادت: أمام الأهوال الواقعة على مدار الساعة في غزة، يستمر أحرار العالم في الانتفاض، للمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي، ودخول قوافل الإغاثة الإنسانية والفرق الطبية والصحافية، ومئات الشاحنات الراكدة في انتظار التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني.
حمدين صباحي للحكومات العربية: التاريخ لن يرحم.. وكل صامت أو متخاذل سيكتبه التاريخ شريكاً للكيان الصهيوني
وفي هذا الإطار دعا شرفاء العالم لتظاهرات مليونية عالمية يوم السبت، من أجل رفح، ومن أجل غزة.
سجل أسود
وأدان الأزهر الشريف مجزرة النابلسي في غزة واستهداف النازحين، واعتبرها عملاً من أعمال الجبن والنذالة غير مسبوق.
وأكد الأزهر أن استهداف النازحين المتعطشين للطعام والشراب بعد تلك المجاعات التي فرضها هذا الكيان المجرم، هو وصمة عار على جبين الإنسانية الصامتة تجاه ما يحدث في غزة، وجبن ونذالة غير مسبوقة في تاريخ التعامل مع النازحين، وجرائم حرب جديدة تضاف إلى السجل الأسود للصهاينة ومذابحهم الوحشية.
وطالب الأزهر العالم أجمع بأن يفيق من غيبوبته غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية، وأن يهب لوقف هذا الحصار غير الإنساني، وأن يجبر هذا الكيان على التراجع، وعلى وقف مذابحه في حق الأبرياء، وأن يسارع المسؤولون بتسيير قوافل الإغاثة إلى غزة بشكل عاجل.
حرب التجويع
إلى ذلك، قال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (مستقلة) إن الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت الفلسطينيين أثناء تلقيهم المساعدات الغذائية الملحة، المنقذ الأخير لهم من خطر المجاعة، لا تعكس فقط فظاعة وبشاعة هذا العدوان الإسرائيلي المستمر، وإنما تؤكد حجم استخفاف إسرائيل بالالتزامات الدولية والقانون الدولي وقرارات محكمة العدل، وحياة المدنيين.
وأضاف المركز أن استخدام التجويع كأداة حرب لا يعدّ فقط جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني، وإنما دليل إضافي على مساعي جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، والعصف المتعمد بأي تعهدات دولية بشأن ضمان حصول المدنيين على المساعدات.
وأكد المركز أن هناك حاجة ماسة لوقف إطلاق النار بشكل فوري وعاجل، وضمان حصول المدنيين في غزة على المساعدات الغذائية الكافية لإنقاذ حياتهم، ووقف إراقة المزيد من الدماء.
وبحسب الأمم المتحدة، سجلت غزة أعلى نسبة من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم.
وأدان حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، وأمين عام المؤتمر القومي العربي، المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني، وقال، في بيان، إن الاحتلال ارتكب مجزرة بحق المواطنين الفلسطينيين الأبرياء، المحاصرين، العزل، الذين يعانون الجوع والعطش، الباحثين عن لقمة عيش أو شربة ماء يسدّون بها رمقهم، جراء العدوان الصهيوني المجرم، الذي يلاحقهم بآلة حربه، تدميراً وقتلاً وتشريداً على مرأى ومسمع العالم.
وأضاف: هذه الجريمة النكراء، وغيرها من الجرائم التي مارسها العدو ويمارسها على أهلنا في قطاع غزة، كشفت زيف وكذب دعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي خدعنا بها منذ عقود، وأظهرت الوجه الحقيقي البشع لدول وقوى الاستكبار والرجعية والإمبريالية، التي تقتل بسلاحها أو تآمرها أو صمتها الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة.
موقف تاريخي
وأكد أن هذه المجزرة تستدعي بشكل طارئ وفوري العمل لاتخاذ موقف تاريخي لوقف الإبادة الجماعية التي يصر العدو الصهيوني على استكمالها بحق أهلنا في غزة، مستفرداً بهذا الشعب البريء، الذي يدافع عن حقه في الوجود، ويجهد لتحرير ارضه المحتلة.
وطالب صباحي جميع الدول العربية بالخروج عن صمتها، واتخاذ موقف عربي موحد وشجاع، لوقف الإبادة الجماعية.
ووجه رسالة إلى الحكومات العربية: التاريخ لن يرحم، فكل صامت أو متخاذل منّا سيكتبه التاريخ شريكاً للكيان الصهيوني، في هذا القتل والإبادة لإخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة، وأنهم لقوا حتفهم أمام مرأى أعيننا، فيما إن هذه الأمة هي أمة قادرة ومقتدرة تستطيع أن ترفع يد الإجرام عنهم إن أرادت، إن الوقت لم يفت بعد، ونحن وكل شرفاء الأمة سنكون معكم، وإلى جانبكم بأي قرار صائب تتخذونه لوقف هذه الإبادة الجماعية، وحماية هذا الشعب، وحفظ حقه بمقاومته لتحرير أرضه ومقدساته.
ولم تكد تمر ساعات على جريمة استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، حتى هاتَفَ الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره المصري عبدالفتاح السيسي.
وبحسب بيان للسفارة الأمريكية في القاهرة، تناول الاتصال الحرب في غزة وجهودهما لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم “حماس”.
وقالت السفارة في بيان: ناقش بايدن والسيسي الحادث المأساوي والمثير للقلق، الذي وقع في وقت سابق اليوم في شمال غزة، واتفقا على أن هذا الحادث يؤكد الحاجة الملحة إلى إنهاء المفاوضات في أقرب وقت ممكن، وتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. واتفق الزعيمان وفريقاهما على البقاء على اتصال منتظم خلال الأيام المقبلة.
وزاد البيان: وجّه بايدن الشكر للسيسي على قيادة مصر في توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة. وشدد الزعيمان على أن إطلاق سراح الرهائن سيؤدي إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة على مدى ستة أسابيع على الأقل، وتبادل الجانبان كيفية تحويل هذه الفترة الطويلة من الهدوء إلى شيء أكثر استمرارية. وناقشا أيضًا التخطيط لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، وكيف أن وقف إطلاق النار بموجب صفقة الرهائن سيساعد بشكل أكبر في تمكين تلك الجهود وضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المحتاجين في جميع أنحاء غزة.
تصرف همجي
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بدوار النابلسي في شارع الرشيد شمال قطاع غزة، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 100 مواطن، واصفاً إياها بأنها “تصرف همجي وممعن في الوحشية والاستهانة بأرواح البشر”.
وأعرب أبو الغيط عن استهجانه الشديد لاستمرار قوات الاحتلال في استهداف المدنيين على نحو يمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وذلك بعد حرب التجويع التي تفرضها على 2.3 مليون فلسطيني من أبناء القطاع، وكأنها تحاصر الفلسطينيين بالجوع والرصاص.
وأكد أبو الغيط أن “وقف إطلاق النار صار ضرورة حتمية من أجل إنقاذ مئات الآلاف من الموت جوعاً أو قصفاً”، مناشداً القوى الدولية كافة بتكثيف الضغوط على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لوقف هذه المذبحة اليومية، والانصياع للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني الذي لا ينبغي أن تكون أي دولة فوقه أو فوق المحاسبة.
صحافيات مصر: الجوع على باب بلادنا يضرب أهلنا في غزة، بينما تتكدس المئات من سيارات الإغاثة، يحول بينها وبين أهلنا الجوعى، معبر تحوّلَ إلى سدّ
من جانبه، قال المتحدث باسم الأمين العام جمال رشدي إن الأسابيع الأخيرة شهدت تنفيذ خطة ممنهجة للحيلولة دون وصول المساعدات لأبناء القطاع، بما أنتج المشهد البائس في دوار النابلسي، حيث تم استهداف الفلسطينيين الساعين للحصول على نصيبهم من المساعدات الغذائية، بعد أسابيع من التجويع.
تكدس المساعدات
إلى ذلك تتكدس شاحنات المساعدات في الطريق إلى معبر رفح، وأمام مطار العريش الدولي، ونشرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان مقطعاً مصوراً يظهر استمرار تكدس مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية متوقفة على جانبي الطريق في محيط مطار.
واستقبل مطار العريش الدولي 5 طائرات مساعدات لصالح الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة.
وقال مصدر في الهلال الأحمر المصري إن الطائرة الأولى من دولة الإمارات، وحملت على متنها 26 طنًا من المساعدات المتنوعة لصالح المستشفى الميداني الإماراتي في قطاع غزة، والثانية من بلجيكا، وحملت على متنها 45 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية، والثالثة من الأردن، وحملت على متنها 18 طناً من المستلزمات الطبية، والرابعة من الإمارات، وحملت على متنها 9 أطنان من الأدوية، والخامسة من الأردن، وحملت على متنها 24 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية.
وأكد المصدر تفريغ شحنة الطائرات ونقلها بشاحنات إلى المخازن اللوجستية في مدينة العريش، تمهيداً لإدخالها إلى قطاع غزة، عن طريق معبر رفح البري بالتنسيق بين الهلال الأحمر المصري ونظيره الفلسطيني ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا.
ويبلغ عدد الطائرات التي وصلت إلى مطار العريش، منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 631 طائرة تحمل مساعدات من عدة دول عربية وأجنبية ومنظمات إقليمية ودولية، من بينها 517 طائرة حملت أكثر من 15 ألف طن من المساعدات المتنوعة ومواد الإغاثة إلى قطاع غزة مقدمة من 50 دولة عربية وأجنبية ومنظمة إقليمية ودولية، بجانب 114 طائرة حملت وفوداً رسمية وتضامنية زارت معبر رفح ومخازن المساعدات بالعريش والجرحى الفلسطينيين في مستشفيات شمال سيناء.
إلى ذلك استقبل معبر رفح البري 500 مسافر فلسطيني ومصري وأجنبي من الجرحى والمرضى والمرافقين الفلسطينيين وأصحاب الجوازات المصرية والأجنبية وأصحاب الإقامات الخارجية والوفود التضامنية.
وقال مصدر مسؤول في شمال سيناء إنه يجري استقبال 43 جريحاً ومصاباً فلسطينياً من مستشفيات كمال عدوان والأقصى والأوروبي والمقاصد الخيرية وناصر والرنتيسي والنجار في قطاع غزة للعلاج في المستشفيات المصرية في محافظات شمال سيناء والإسماعيلية والسويس وبورسعيد والقاهرة والجيزة والشرقية، بجانب 20 مرافقًا لهم.
وأكد المصدر استقبال 300 فلسطيني ممن يحملون إقامات في مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية، بجانب استقبال 57 من أصحاب الجوازات الأجنبية، و80 شخصًا من أصحاب الجوازات المصرية.
يذكر أن مصر استقبلت، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أكثر من 3850 مصابًا ومريضاً من غزة لعلاجهم في المستشفيات المصرية وبعض الدول الشقيقة والصديقة، ومعهم نحو 4500 مرافق، إضافة إلى عبور 28 ألف شخص من الفلسطينيين والرعايا الأجانب ومزدوجي الجنسية، ونحو 4500 مصري من العالقين في القطاع.