1600 مظاهرة مناصرة للفلسطينيين مقابل 280 داعمة لإسرائيل.. هل تؤدي الاحتجاجات إلى تحوّلات في السياسة الأمريكية؟
تساءل تقرير في صحيفة “واشنطن بوست” ترجمه للعربية المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” إن كانت الاحتجاجات المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة ستؤدي إلى تحولات في السياسة الأمريكية؟
وعن ذلك يقول التقرير، إنه في الأشهر الأربعة الأولى من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تم تنظيم نحو 280 مظاهرة مناصرة لإسرائيل في الولايات المتحدة، مقابل أكثر من 1600 مظاهرة مناصرة للفلسطينيين. ولا بد من القول على الفور إن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة خلال هذه الأشهر، تعتبر الأكبر والأوسع منذ بداية الاحتلال.
في الأشهر الأربعة الأولى من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تم تنظيم نحو 280 مظاهرة مناصرة لإسرائيل في الولايات المتحدة، مقابل أكثر من 1600 مظاهرة مناصرة للفلسطينيين
في ولايات معينة، بات الصوت السياسي للجالية الفلسطينية والعربية والمسلمة عاملاً مؤثراً في الحملات الانتخابية، وسبباً يدفع رئيس الولايات المتحدة إلى التفكير في تعديل بعض سياساته الخارجية بغية إرضاء هذه الأصوات. وحسب القرير، فإنه بشكل عام، شهدت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة مستوى كبيراً من المشاركة والنشاط رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
وقد شكلت المسيرة الوطنية في واشنطن، نهاية تشرين الثاني 2023، والتي رفعت شعار “فلسطين الحرة”، مشهداً جديداً في الولايات المتحدة، إذ جمعت ما بين 100000 إلى 300000 متظاهر، وهذا أكبر احتجاج تضامني مع فلسطين في تاريخ الولايات المتحدة.
وفي مدينة نيويورك، تم اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين حاولوا الاحتجاج أمام مقرات الشركات التي توفر المعدات العسكرية لإسرائيل. وفي بعض الأحيان، كانت هناك اشتباكات مع الشرطة مما أدى إلى اعتقالات.
وفي احتجاج آخر كان له صداه أيضاً في الولايات المتحدة، تم تعطيل موكب عيد الشكر بمدينة نيويورك من قبل المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، الذين ارتدوا ملابس بيضاء مغطاة بدماء مزيفة، ولفتوا الانتباه إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وفي مظاهر أخرى تشير لمدى انتشار الحركة، استهدف المتظاهرون متجر شركة بوما في سومرفيل، يوم “الجمعة السوداء” بسبب علاقات الشركة بالفرق الرياضية الإسرائيلية.
تسلط هذه الأمثلة، إلى جانب العديد من المسيرات والاحتجاجات الأخرى، الضوء على الزخم والتأثير المتزايدين للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة، حيث يجتمع الناس من خلفيات متنوعة للمطالبة بالعدالة لفلسطين. وخلال الاحتجاجات، كانت هناك حوادث قمع، حيث أبلغ بعض النشطاء عن مخاوفهم من فقدان فرص العمل المستقبلية بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات ضد الهجوم الإسرائيلي على غزة.
وحسب التقرير، كان للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة تأثير على الانتخابات المقبلة، لا سيما في ما يتعلق بدعم الرئيس جو بايدن. وقد أعرب بعض الأمريكيين العرب والمسلمين في ميشيغان أنهم لن يصوتوا لإعادة انتخاب بايدن في 2024 بسبب رده على الصراع بين إسرائيل وحماس.
وأفاد موظفو الكونغرس الديمقراطيون، أنهم تلقوا عددا كبيرا من المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني من الناخبين الذين يطالبون ممثليهم بدعم وقف إطلاق النار، مما يدل على تحول في الموقف بين ناخبي الحزب الديمقراطي، مع ارتفاع في الدعم المؤيد للفلسطينيين، وخاصة بين الناخبين الأصغر سنا. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك حملة بعنوان “التخلي عن بايدن” نظمها مسلمون وعرب أمريكيون للدعوة ضد التصويت لبايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقد أثارت هذه الاحتجاجات مناقشات وإجراءات داخل المجتمع السياسي في الولايات المتحدة ويُحتمل أن تؤثر على نتائج الانتخابات.
الاحتجاجات في الجامعات
طبقا للتقرير، فقد كانت الاحتجاجات في المؤسسات الأكاديمية والجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة في ما يتعلق بالحرب واسعة ومتنوعة. فمثلا، خرجت مسيرات ومظاهرات مؤيدة لفلسطين في العديد من الجامعات، بما في ذلك جامعة فلوريدا، وجامعة جنوب فلوريدا، ووزارة التعليم في لويزيانا، والجامعة الأمريكية، وجامعة هارفارد، وجامعة ماساتشوستس أمهيرست، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة كولومبيا، وجامعة برانديز، وجامعة روتجرز، وجامعة واشنطن في سياتل.
أهمية الحديث عن الاحتجاجات المناصرة للفلسطينيين، تكمن في أنها قادرة على الضغط على الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في سياساتها وإجراءاتها في ما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحماس
وشارك الطلاب في الاعتصامات والاحتجاجات داخل مباني الجامعة وفي الحرم الجامعي. وقد اتخذت الجامعات ردودا مختلفة على هذه الاحتجاجات، حيث حظر بعضها المجموعات الطلابية المتظاهرة، مثل “الطلاب الوطنيين من أجل العدالة في فلسطين”.
وقد واجه بعض رؤساء الجامعات وأعضاء هيئة التدريس انتقادات أو ردود فعل عنيفة بسبب تأييدهم للاحتجاجات المناصرة لفلسطين، أو على الأقل عدم إدانتها، بل إن بعضهم أُجبر على تقديم استقالته من منصبه، مثل رئيسة جامعة بنسلفانيا بعد تصريحات مثيرة للجدل بشأن دعوات للإبادة الجماعية.
في النهاية، لا بد من القول إن الصعود المتنامي للحركات والمجموعات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة لا يزال في طور الاحتجاجات العامة، كالمظاهرات والاعتصامات. في المقابل، فإن مجموعات الضغط اليهودية، مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، تقوم على تشابك في المصالح بين رأس المال، والسياسة، والإعلام، ولها صلات وثيقة مع مسؤولين في المؤسسات العامة والأجهزة الأمنية والمناصب الرفيعة.
ومع ذلك يخلص تقرير “واشنطن بوست” للقول إن أهمية الحديث عن الاحتجاجات المناصرة للفلسطينيين، تكمن في أنها قادرة على الضغط على الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في سياساتها وإجراءاتها في ما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحماس، وقد تكون من بين الأسباب التي دفعت الرئيس بايدن إلى الإعلان عن أنه بصدد وضع خطة لإقامة دولة فلسطينية مع نهاية الحرب.