صفقة الأدوية إلى غزة تعمق أزمة الكابينت الإسرائيلي
تتواصل الخلافات داخل المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، وتظهر كل مرة على وقع قضية مختلفة تعمّق أزمته، انعكست هذه المرة من خلال صفقة إدخال شحنة الأدوية والمساعدات إلى قطاع غزة بوساطة قطرية فرنسية.
وتبيّن أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يبلغ المستوى الأمني ولا حتى وزير الأمن يوآف غالانت بتفاصيل الشحنة وعدم تفتيشها، وخاصة أن الأخير علم بها من خلال تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق لوسائل الإعلام، ما يشكّل فضيحة جديدة على المستوى الإسرائيلي الداخلي وعلى مستوى العلاقات بين من يديرون الحرب.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت”، اليوم الخميس، إن قرار نتنياهو بالموافقة على اتفاقية إدخال الأدوية إلى قطاع غزة دون تفتيش، تمت دون معرفة وزير الأمن، مشيرة إلى أن نتنياهو سارع إلى إلقاء المسؤولية على المستوى الأمني بعدما أدرك أنه تورط في قضية عدم تفتيشها.
وحاول نتنياهو من خلال هذه الخطوة نسب الفضل لنفسه بالاتفاقية بحسب ما يرى مراقبون، فيما لفتت الصحيفة إلى أن اتفاقية الأدوية التي عمل عليها نتنياهو “سراً” مع رئيس جهاز الاستخبارات (الموساد)، “لها دلالاتها على العلاقات بين قيادات الكابينت”.
وبحسب الصحيفة، فإن نتنياهو لم يكن قد أطلع غالانت على صفقة الأدوية، إلا أنه “بعد تعقّد الأمور في أعقاب التقارير التي تحدثت عن عدم خضوع الشاحنات التي تحمل الأدوية إلى غزة لفحص أمني، سارع نتنياهو لتحميل المسؤولية للمستوى الأمني”.
وقال مصدر أمني للصحيفة لم تسمه إن “وزير الأمن (يوآف غالانت) وكبار المسؤولين في الجيش علموا من خلال التلفاز والقيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق بشأن عدم خضوع الشحنات إلى فحص أمني”.
من جانبها، ذكرت صحيفة “هآرتس” أن رئيس “الموساد” ديفيد برنيع قاد الاتصالات التي تمت بوساطة قطر، كما كان الجنرال نيتسون ألون، المسؤول عن ملف المحتجزين الإسرائيليين، شريكاً في هذه الخطوة.
وبحسب مصدر الصحيفة العبرية، فإن برنيع أرسل أول مستند مكتوب شرح فيه بعض تفاصيل الاتفاقية فقط بعد أن كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد أصدر بياناً تحدث فيه عن التوصل لاتفاق.
وتابعت الصحيفة أنه على الرغم من الانتقادات التي يوجهها عدد من المسؤولين الإسرائيليين إلى قطر، فإن إسرائيل تعتقد أنه يمكن الاعتماد عليها بأن لا تسمح بإدخال مواد ممنوعة إلى القطاع وانتهاك الاتفاقيات. وطلبت إسرائيل الحصول على توثيق مصوّر لوصول الأدوية إلى المحتجزين وقيام ممثل عن قطر أو الصليب الأحمر بزيارة لتأكيد ذلك.
مع هذا، قال مصدر مطلّع على تفاصيل الاتفاقية للصحيفة: “إذا أرادت حماس أن تخدعنا في هذه القضية، فهي قادرة على ذلك. طالما لا توجد وسيلة لضمان حصول المختطفين على الأدوية مع مرور الوقت، وليس لمرة واحدة فقط، فإننا نعتمد على حسن نية الخاطفين واستعداد قطر لضمان نجاح هذه الخطوة”.
وعقّب مكتب نتنياهو قائلا إن “رئيس الحكومة أوعز بنقل أدوية للمخطوفين لكنه لم يتعامل مطلقاً مع ترتيبات فحصها قبل إدخالها، والتي يتم تحديدها من قبل الجيش الإسرائيلي والجهات الأمنية”.
من جهته، سارع رئيس “همحانيه همملختي” (المعسكر الرسمي) بيني غانتس، لدعم موقف المستوى الأمني، وقال إن المسؤولية تقع فقط على المستوى السياسي، مضيفًا “إدخال الأدوية إلى المخطوفين يمثل خطوة مهمة عملنا كثيراً لإدراكها. المسؤولية عن القرار وأيضاً عن تنفيذه تقع على عاتق المستوى السياسي، وفقط علينا”.
إسرائيل وجيشها يراوحان مكانهما في غزة
في سياق متصل بالخلافات داخل المجلس الوزراي، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول في “الكابينت”، لم تسمّه، قوله إن إسرائيل دخلت في مرحلة تراوح فيها مكانها بسبب عدم قدرة نتنياهو على اتخاذ القرارات المتعلقة باستمرارية الحرب.
وقال المسؤول: “نتنياهو وصل إلى وضع لا يستطيع فيه اتخاذ قرارات تتعلق بمصير الدولة، بسبب السياسة الداخلية.. عندما يرفض مناقشة اليوم التالي وإشراك السلطة الفلسطينية فيه أم لا، وإدخال العمال الفلسطينيين أم لا، فإنه يدفع الجيش الإسرائيلي إلى مراوحة مكانه”.
وتابع “نتنياهو لم يعد قادراً على المراوغة بسبب ضغط الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش عليه. لا يريد أن يفقدهما بعد الحرب ولا يستطيع اتخاذ القرارات لأنه مغلق سياسياً”. وأضاف أن “نتنياهو يمتنع باستمرار من مناقشة القضايا الاستراتيجية التي لها تأثير على الحرب في غزة وكذلك على الوضع الأمني في الضفة الغربية”.
واستطرد قائلا “لا يمكن تجاهل الضفة الغربية. في وقت ما سينفجرون.. ولا يوجد تباحث بشأن إعادة سكان المناطق الشمالية أو الجنوبية ولا حول ما يجب القيام به مع لبنان. يجب اتخاذ قرارات ونتنياهو غير قادر على ذلك”.
وبحسب ما نقلت “يديعوت أحرونوت” عن المسؤول، فإن “وزير الأمن والجيش الإسرائيلي والمستوى الأمني جميعهم على قناعة بأنه يجب اتخاذ قرارات في هذه القضايا لكن نتنياهو يرفض مناقشتها”.