“وضع متفجر محتمل” في إسرائيل.. وشعبية نتنياهو عند أدنى مستوياتها أكثر من أي وقت مضى
بعد تعرّضه لانتقادات بسبب مشروعه “الإصلاحي” القضائي، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة في إسرائيل، شهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انخفاضًا في شعبيته في البلاد منذ هجمات “حماس” في إسرائيل، والتي وقعت قبل ثلاثة أشهر.
أصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي وصل إلى السلطة لأول مرة قبل ما يقرب من 30 عاماً، موضع تساؤل، أكثر من أي وقت مضى، منذ الهجمات التي نفّذتها “حماس” في إسرائيل، قبل ثلاثة أشهر بالضبط من هذا العام. والتي خلّفت 1140 قتيلاً، معظمهم من المدنيين.
يرى مراقبون أن نتنياهو يعوّل على استمرارية الحرب للحفاظ على مكانه، وأن هناك فرصة ضئيلة لاستقالته
في أكتوبر الماضي، بعد وقت قصير من الهجمات، قال 20.5 في المئة فقط من اليهود الإسرائيليين، و7,5 في المئة من عرب إسرائيل، إنهم يثقون برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفقًا لاستطلاع أجراه المعهد الديمقراطي الإسرائيلي. وبلغت هذه النسبة 28 في المئة، و18 في المئة على التوالي في يونيو/حزيران عام 2023. وبهذا الانخفاض الكبير، وصلت الحكومة الإسرائيلية إلى أدنى معدل شعبية لها منذ 20 عامًا.
ومنذ ذلك الحين، لم يتحسن الوضع بالنسبة للرجل الذي يلقبه أنصاره بـ “بيبي”.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه المعهد الديمقراطي الإسرائيلي، ونشر يوم الثلاثاء، فإن 15 في المئة فقط من الإسرائيليين يقولون إنهم يؤيدون إبقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في السلطة بعد الحرب. يكفي التشكيك في المستقبل السياسي على المدى القصير والطويل للرجل الذي أثبت نفسه على مدى عقود كشخصية سياسية لا تنضب تقريباً للدولة العبرية.
نرى نهاية نتنياهو
وقال الباحث توبي غرين، الأستاذ الزائر في كلية لندن للاقتصاد، والمحاضر في جامعة بار إيلان في تل أبيب، لموقع BFMTV.com الفرنسية: “هذه بلا شك أصعب لحظة في مسيرة نتنياهو السياسية”.
كما نقل الموقع الفرنسي عن الباحثة في علم الاجتماع السياسي نيتزان بيرلمان قولها: “إنه أمر غير مسبوق.. لأنه حتى لو تم انتقاد رئيس الوزراء من قبل، فإن الاحتجاج اتخذ بعدًا مختلفًا تمامًا مع هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول. فللمرة الأولى، نرى نهاية بنيامين نتنياهو.. حتى ناخبي الليكود (حزبه، أصبحوا ضده”.
فرئيس الوزراء الإسرائيلي يمر بفترة حرجة فعلاً، لا سيّما أن الصراع لا يظهر أي علامة على التراجع بعد ثلاثة أشهر من القتال، في ظل مواصلة إسرائيل قصف قطاع غزة، حيث قُتل أكثر من 22 ألف شخص وفقًا لـ “حماس”، وتزايدت المخاوف من اندلاع حريق إقليمي منذ مقتل الرجل الثاني في “حماس”، يوم الثلاثاء، في لبنان، في غارة نسبت إلى إسرائيل، كما يقول موقع BFMTV.com.
إذا كانت شعبية بنيامين نتنياهو قد انخفضت منذ السابع أكتوبر /تشرين الأول، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان قد أضعفه بالفعل أكثرُ من عام من المظاهرات في البلاد، على خلفية “إصلاحه” القضائي المثير للجدل الذي كسر المجتمع الإسرائيلي، وأدى إلى انخفاض نسبة تأييد نتنياهو وائتلافه بشكل ملحوظ.
في الواقع، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، في يناير/كانون الثاني عام 2023، عن مشروع إصلاح قضائي أثار انتقادات كبيرة، وكان نقطة انطلاق لسلسلة من المظاهرات في البلاد. وفي يوم الإثنين الماضي، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية أحد البنود الرئيسية لهذا المشروع، ما شكل ضربة جديدة لبنيامين نتنياهو.
فشل أمني
وينقل موقع BFMTV.com عن إليزابيث شيبار، المحاضرة في العلاقات الدولية بجامعة مدينة تُورْ الفرنسية، قولها إن “السابع من أكتوبر/تشرين الأول يمثّل فشلاً ذريعاً للاستخبارات والإستراتيجية السياسية والعسكرية الإسرائيلية). وهذا الفشل هو الأكثر ضرراً بالنسبة لبنيامين نتنياهو، حيث إن رئيسَ الوزراء الإسرائيلي جعل دائماً من الدفاع عن إسرائيل حجة انتخابية لصالحه”.
فبعد وقت قصير من هجوم “حماس” المباغت وغير المسبوق، يوم السابع أكتوبر/تشرين الأول، أعرب العديد من السياسيين الإسرائيليين علناً عن خطأهم، وتحمّلوا المسؤولية حيال هذا الفشل الأمني.
وكان “الجميع ينتظرون أن يفعل بنيامين نتنياهو الشيء نفسه”. وبعد بضعة أسابيع، أقرّ بنيامين نتنياهو أخيراً بأنه هو أيضاً سيتعيّن عليه “المساءلة”، ولكن فقط في نهاية الحرب، عن “الإخفاقات” الأمنية التي سمحت بهجمات “حماس”. لكن اعترافه هذا كان متأخراً وبسيطاً ولم يرضِ الشعب الإسرائيلي، وساهم في خفض شعبيته المتدنية أصلاً بسبب “إصلاح” حكومته القضائي المثير للجدل، وفق مراقبين.
أقرّ بنيامين نتنياهو أخيراً بأنه هو أيضاً سيتعيّن عليه “المساءلة”، ولكن فقط في نهاية الحرب، عن “الإخفاقات” الأمنية التي سمحت بهجمات “حماس”
وتعد القضية الأمنية ذات أهمية قصوى بشكل خاص في إسرائيل، بسبب سياقها الجيوسياسي.. في جميع الحملات الانتخابية، فإن الأولوية الأولى هي الأمن، منذ تأسيس إسرائيل، توضح الباحثة نيتزان بيرلمان، مضيفة أن إدارة بنيامين نتنياهو شابتها منذ بداية الصراع، قبل ثلاثة أشهر، “الكثير من الأخطاء”، وأثار مقتل ثلاثة رهائن إسرائيليين “عن طريق الخطأ” على يد الجيش الإسرائيلي، عندما رفعوا العلم الأبيض وتحدثوا باللغة العبرية، انتقادات خاصة في البلاد.
وتتابع الباحثة القول إن “ التوازن السياسي غير مستقر للغاية” الآن بالنسبة لرئيس الوزراء. قد يؤدي قرار المحكمة العليا، هذا الأسبوع، إلى إحياء الانتقادات الموجهة إليه إلى حدّ خلق وضع “متفجر” محتمل، أو حتى “أزمة مؤسسية” في البلاد، إذا قرر بنيامين نتنياهو الرد.
ويرى محللون أن نتنياهو “يعتمد” على الحرب من أجل البقاء. فمن المفارقة، بحسب الخبراء، أن الصراع يحافظ على المستقبل السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية، ولا يشكّك في مستقبله على المدى القصير، أو حتى المتوسط، في حين أن الانتخابات المقبلة من المقرر إجراؤها عادة في عام 2026 فقط.
ويرى بعض المراقبين أن بنيامين نتنياهو يعوّل على استمرارية الصراع للحفاظ على مكانه. وهناك فرصة ضئيلة، بحسب رأيهم، لاستقالته، رغم الصعوبات.