جيش الاحتلال يوسع العمليات العسكرية ويجبر أحياء كاملة وسط غزة على النزوح الفوري
وسع جيش الاحتلال الإسرائيلي من نطاق عملياته العسكرية داخل قطاع غزة، وطلب من سكان أحياء جديدة في مخيم النصيرات الإخلاء الفوري من مناطق سكنهم، والتوجه جنوبا نحو مدينة دير البلح وسط القطاع، في الوقت الذي تزداد فيه مأساة النازحين الذين يفوق عددهم بسبب الحرب الإسرائيلية المليون و900 ألف مواطن.
نزوح جديد
وألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات فوق مناطق جديدة في مخيم النصيرات، وطلب جيش الاحتلال من سكان أحياء عين جالوت والشهداء والفاروق، والبلوكين رقمي 2347 و2348، والمصنفين حسب الخارطة التي سبق وأن نشرها قبل أكثر من شهر كبلوكات سكنية، الإخلاء الفوري.
وأعلن جيش الاحتلال في بيانه الذي ألقته الطائرات الحربية، أن قواته تعمل بكثافة في هذه المناطق، وطالب سكانها بالإخلاء الفوري إلى مدينة دير البلح، باعتبار أن هذه المناطق أصبحت “منطقة قتال خطيرة”.
واحتوى البيان الجديد على خارطة توضح المناطق المطالب سكانها بالنزوح الفوري.
وجاء أمر الإخلاء الجديد بعد أسبوع من بدء عمليات برية ضد مخيم البريج الملاصق لمخيم النصيرات، وبعد 12 يوما من إبلاغ سكان ذلك المخيم وأحياء أخرى قريبة منه بالإخلاء القسري.
وأجبرت تلك التحذيرات الجديدة الكثير من العوائل على مغادرة أماكن سكنها بشكل عاجل، ولوحظت حركة نزوح أخرى كبيرة من وسط القطاع، باتجاه مناطق دير البلح ومدينة رفح جنوب القطاع.
وخرج السكان على عجل بعوائلهم التي تضم أطفالا ونساء ومسنين على متن شاحنات وعربات تجرها الحيوانات، يحملون القليل من الأمتعة، ومتجهين إلى أماكن نزوح جديدة.
وقال أبو المهند وهو الذي اضطر للنزوح مع أسرته من منطقة عين جالوت “لا أعرف أين أتجه”، وأضاف لـ”القدس العربي” وهو على متن حافلة صغيرة تقل أسرته وبعض أقاربه الذين كانوا يتواجدون برفقته في منزله، بعد نزوحهم الأول من منطقة البريج، أنه ربما يذهب إلى مدينة دير البلح، أو يضطر للذهاب إلى مدينة رفح، لافتا إلى أنه سيسكن في المنطقة الأقل اكتظاظا، وأنه سيبحث أولا عن “مركز إيواء”.
وأضاف “في حال لم أجد مكانا في مركز الإيواء، سأقيم مضطرا في خيمة”.
ولوحظ خروج عوائل أخرى تحمل بين يديها بعض الأمتعة، كما شوهدت، بعد إلقاء المنشورات الجديدة، نساء يحملن أطفالا صغارا وجميعهم يبحثون عن منطقة نزوح جديدة.
وصرخت إحدى السيدات اللواتي خرجن من المناطق المهددة “وين نروح (أين نذهب) وين ما نروح في قتل وقصف وموت”.
ارتفاع الأعداد
وقبل التهديد الإسرائيلي الجديد لهذه المناطق، كان هناك نحو 1.9 مليون فلسطيني من قطاع غزة، نزحوا من منازلهم في مدينة غزة والشمال، ومن مناطق كثيرة في مدينة خان يونس، وعدة مناطق وسط قطاع غزة، علاوة عن سكان المناطق الشرقية الحدودية. ولجأ هؤلاء إلى “مراكز إيواء”، أقيمت في المدارس والجامعات والعديد من المؤسسات، وفي ساحات عامة وفي الشوارع وفي باحات المستشفيات، هربا من الحرب البرية، وهؤلاء تركوا منازلهم بناء على أوامر عسكرية لجيش الاحتلال.
وتقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” إن مراكزها المخصصة للإيواء، يتواجد فيها 1.4 مليون نازح، يقيمون في 155 “مركز إيواء”، مع وجود أكثر من 400 ألف آخرين مسجلين كنازحين، ويحصلون على الخدمات التي تقدمها.
وتشير “الأونروا” إلى أن متوسط عدد النازحين المتواجدين في مراكز إيوائها يبلغ أكثر 12 ألف نازح في المركز الواحد، أي أنه يمثل أكثر من أربعة أضعاف طاقتها الاستيعابية.
ومن شأن عمليات الترحيل الجديدة أن تزيد من أعداد النازحين، وتضاعف من مأساتهم خاصة في ظل هطول الأمطار وتدني درجات الحرارة.
وسبق وأن قال توماس وايت مدير عمليات “الأونروا” في قطاع غزة، إن إصدار السلطات الإسرائيلية المزيد من أوامر الإخلاء للسكان في المنطقة الوسطى من غزة للانتقال إلى دير البلح لتوسيع العملية العسكرية المستمرة، أثر على أكثر من 150 ألف شخص، لافتا إلى أن المنطقة بالأصل مكتظة بالنازحين بما في ذلك ملاجئ “الأونروا”.
ويشتكي النازحون من ندرة خيام السكن، والأغطية والملابس الشتوية، كما يشتكون من تسرب مياه المطر إلى داخل الخيام.
وإلى جانب ذلك يشتكي النازحون من أن الأماكن التي يضطرون للإقامة بها تعد غير آمنة، رغم طلب جيش الاحتلال منهم التوجه إليها، وهو أمر أكدته مرارا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”.
وكثيرا ما تعرضت “مراكز الإيواء” أو مناطق النزوح الجديدة لعمليات قصف واستهداف جوي ومدفعي من قبل جيش الاحتلال، أسفرت عن استشهاد الكثير من النازحين، بما فيها منطقتا دير البلح ورفح التي يطلب جيش الاحتلال من السكان التوجه إليهما.
مجازر جديدة
وجاءت التهديدات الإسرائيلية للسكان بالإخلاء الجديد، في ظل استمرار مسلسل المجازر التي تقترفها قوات الاحتلال، ضد قطاع غزة، والتي أوقعت عشرات الضحايا الجدد بينهم أطفال صغار، وذلك في اليوم الـ 88 للحرب الدامية.
وشنت الطائرات الحربية العديد من الغارات على العديد من المناطق في وسط القطاع، ومدينة خان يونس جنوبا، كما تواصل القصف المدفعي العنيف لمناطق وسط القطاع.
وجاء ذلك على وقع استمرار عمليات التوغل البري في عدة مناطق، والتي صاحبها اشتباكات ضارية مع نشطاء المقاومة، الذين استهدفوا الآليات العسكرية بالعبوات الناسفة وقذائف مضادة للدروع.
الرئاسة تندد
وفي السياق، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة “إن الشعب الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة مستمرة في قطاع غزة”.
وأضاف في تصريح صحافي “إن استمرار العدوان الهمجي على شعبنا ومقدساتنا، ومحاولات التهجير التي تنفذها سلطات الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، وانعدام الأفق السياسي القائم على الشرعية الدولية، ستدمر المنطقة بأسرها”.
وأشار إلى أن المؤامرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية هي محاولة لـ “تصفية المشروع الوطني الفلسطيني”.
وأضاف “لكن الشعب الفلسطيني الذي أفشل وسيفشل جميع المؤامرات المحاكة ضد حقوقه ومقدساته وثوابته الوطنية التي لن يحيد عنها مهما كان الثمن، ولأن المؤامرة الآن في ذروتها، فإن الشعب الفلسطيني وقيادته قادران على مواجهة التحديات وإفشال جميع المحاولات، سواء أكانت إقليمية أم دولية للمس بالقرار الوطني المستقل”.