المغرب العربي

المغرب: ردود فعل غاضبة على “مقتل شابين تاها وسط مياه السواحل الجزائرية”

عربي تريند_ ما زال مقتل شابين مغربيين يحملان الجنسية الفرنسية على يد حرس السواحل الجزائرية خلال اختراقهما عن طريق الخطأ المياه الإقليمية للجزائر، يثير ردود فعل كثيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، ولدى مختلف الهيئات المدنية والرسمية في المغرب. كما انتقدت مجموعة من التعليقات الجانب الجزائري كونه “لم يقدم المساعدة لأشخاص تاهت بهم السبل” وسط البحر بينما كانوا يمارسون رياضة الدراجات المائية “الجيتسكي”، ووجهت سهام النقد أيضا إلى الحكومة المغربية باعتبار أنها لم تدل بأي تصريح صريح في الموضوع.

وسجل الكاتب الصحافي بنسعيد الركيبي في تدوينة على “الفيسبوك” أن صمت الحكومة المغربية عن مقتل الشابين المغربيين على يد حرس الحدود الجزائريين “غير مفهوم”، مؤكدا أن أرواح المغاربة ليست رخيصة.

في السياق نفسه، عاب الإعلامي مصطفى الفن على الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، قوله إن “مقتل شابين مغربيين برصاص الحرس الجزائري على الحدود هو من اختصاص السلطة القضائية”، ووصف صاحب التدوينة التصريح بكونه “مسيئا للسياسة وللحكومة ومسيئا أيضا للمغاربة وللبلد”.

واللافت للانتباه أن بيان النيابة العامة في مدينة وجدة المغربية خلا من أي إشارة إلى مكان الحادث المأساوي، ولا إلى الجزائر باعتبارها طرفا في الموضوع؛ إذ اكتفى بالقول ـ وفق وكالة الأنباء المغربية ـ إن النيابة العامة في وجدة أمرت بفتح تحقيق بناء على تصريحات أحد الأشخاص الذي أكد أنه كان رفقة أربعة شباب آخرين ضحية حادث عنيف في عرض البحر.

وأضاف المصدر نفسه أنه يعتقد أن الأشخاص الخمسة، الذين كانوا على متن دراجات مائية (جيت سكي) ضلوا سبيلهم في البحر خلال جولة بحرية. وأوضح المصدر ذاته أن النيابة العامة أصدرت تعليماتها إلى عناصر الدرك الملكي في وجدة لجمع المعلومات الضرورية لتوضيح ملابسات هذا الحادث، مضيفا أنه تم في إطار التحقيق الاستماع للعديد من الأشخاص من أسر ومحيط هؤلاء الشباب.

الصحافي عبد الرحيم أريري، مدير موقع “أنفاس برس” وأسبوعية “الوطن الآن” نشر تدوينة، أوضح فيها أن “مقتل مدنيين مغاربة على يد الجيش الجزائري ليس جديدا”، موضحا أن هناك سوابق بإطلاق النار على كل مغربي تخطى الحدود ولو بالخطأ. وقال إن “ثمة تقديرات غير رسمية تشير إلى أن ما لا يقل عن 62 مواطنا مغربيا قتلوا على الحدود المغربية الجزائرية رميا برصاص عسكر الجزائر، منذ 1996، إلى يومنا هذا”.

وكتب الإعلامي عمر إسرى في صفحته الفيسبوكية ما يلي: “تصوروا لو كان المغرب يطلق الرصاص على عشرات أو مئات المهاجرين الذين يخترقون حدودنا كل يوم! تصوروا لو كانت إسبانيا وإيطاليا ترميان كل من يخترق مياههما البحرية بالرصاص الحي! هذا الأمر لا يمكن حتى تخيله، لأننا أمام دول تحترم القانون وتحترم نفسها! فما بالك إن كنا نتحدث عن شباب أعزل تاه وسط البحر!”.

العديد من الهيئات المدنية والرسمية دخلت على الخط، إذ جاء بيان “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” (مؤسسة رسمية) ليصف الحادثة بـ “فاجعة حدود المياه الإقليمية بالسعيدية”، مؤكدا أنه “انتهاك للحق في الحياة ومس صارخ وخطير بحقوق الإنسان على خط حدودي غير واضح ومنطقة غير متنازع عليها”.

وقال المجلس في بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه، إنه “اعتمادا على ما تم تجميعه من معطيات أولية وتقاطعات موضوعية”، فإنه “يدين استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، اتجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان”، كما تساءل المجلس “عن أسباب لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة”.

وبالنسبة للمجلس، فإن “ما تعرض له الضحايا يعد انتهاكاً جسيما لحقوق الإنسان وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة”، كما “أن الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية يعد انتهاكا خطيرا للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار لا سيما منها مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة فاتح نوفمبر سنة 1974، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المعتمدة في 27 أبريل 1979 كما تم تعديلها في 2004 وخاصة الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلا عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 دجنبر 1982”.

وشدد المجلس على الحق المشروع لأسرة شاب ما تزال جثته لدى السلطات الجزائرية، “في استلام جثمانه”، مسجلا قرار النيابة العامة ويدعوها إلى نشر نتائج التحقيقات التي ستتوصل إليها.

وأبرز المجلس في سياق التواصل المؤسساتي، أنه راسل “في سياق الفاجعة، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر، من أجل العمل على تمتيع إسماعيل الصنابي الموجود رهن الاعتقال بالجزائر بكافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية والسماح لملاحظين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية”.

في الإطار الحقوقي دائمًا، راسلت “جمعية الريف لحقوق الإنسان”، موريس تيدبول بينز، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا.

الجمعية الحقوقية في مراسلتها التي توصلت “القدس العربي” بنسخة منها، وصفت الواقعة الأليمة بـ”عمليات الإعدام” ودعت موريس تيدبول بينز، إلى فتح تحقيق عاجل فيها “وضمان تحقيق العدالة للضحايا وأسرهم”.

واستعرضت المراسلة التي وجهت إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان- مكتب الأمم المتحدة في جنيف، مسار الوقائع التي “تعود إلى يوم الثلاثاء 29 غشت (آب) 2023، وتتعلق بالمواطنين المغربيين بلال قيسي (29 سنة) وعبد العلي مشوار (33 سنة)، اللذين قُتلا بشكل مأساوي في البحر بالقرب من الحدود بين المغرب والجزائر”.

وبعد أن أشارت الجمعية إلى أن الحادث “مأساوي ومثير للقلق”، أكدت “أن هذه الأحداث تشكل انتهاكا صارخا للحق في الحياة، الذي يكفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان”.

وحثت الجمعية الحقوقية المقرر الأممي “على اتخاذ الخطوات اللازمة لبدء تحقيق مستقل في هذا الحادث، بهدف تسليط الضوء على الظروف المحيطة بعمليات الإعدام المزعومة”، مشددة على “ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال وتقديمهم إلى العدالة استنادا إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان”، الدعوة نفسها وجهها “المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان”، الذي طالب بفتح تحقيق دولي ترعاه الأمم المتحدة لمحاسبة “القادة العسكريين الجزائريين المسؤولين عن مقتل شابين مغربيين قرب الحدود البحرية الجزائرية”.

وبالنسبة للمنتدى، فإن إقدام قوات خفر السواحل الجزائري على قتل مواطنين مغربيين واعتقال ثالث، سلوك عنصري ولا قانوني، كما أن هذه الواقعة تمثل تطورات مقلقة تمس بالحق في الحياة والأمن الخاص.

المنتدى وصف الواقعة بـ “جريمة نكراء مقترفة ضد الإنسانية”، داعيا إلى “إرجاع الجثة الثانية التي قذفتها أمواج البحر إلى شاطئ بورساي في الجزائر، لعائلة الهالك التي تنتظر ومعها كل الضمائر الحية والإنسانية نقل جثة ابنهم إلى التراب المغربي قصد دفنه”.

التفاعل الحقوقي رافقه تفاعل قانوني، حيث قام “نادي المحامين بالمغرب” بزيارة مواساة وتضامن لأهالي الضحايا، وعبر المحامون عن الاستعداد لمواكبة عائلات الضحايا من الناحية القانونية من أجل ملاحقة ومعاقبة المتورطين، حيث يعد هذا الاعتداء خرقا سافرا “لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار” (UNCLOS) لعام 1982 و”الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ البحريين” (SAR) لعام 1979.

وفي الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط الذي شهدت ضفته الجنوبية واقعة القتل، يستعد أفراد الجالية المغربية المقيمة في أوروبا، للاحتجاج على السلطات الجزائرية، وفق ما أفادت به يومية “العلم”.

وتتوزع مظاهر هذا الاحتجاج عبر وقفات للتنديد أمام القنصليات الجزائرية بعدد من الدول الأوروبية، ونقلت الصحيفة نفسها عن عمر كعواشي، رئيس جمعية “مغاربة العالم” قوله إنه تم التنسيق مع عدد من مغاربة العالم لتنفيذ وقفات احتجاجية أمام القنصليات الجزائرية ببلجيكا، إيطاليا، فرنسا وإسبانيا للتنديد بهذه الجريمة المرتكبة في حق المهاجرين المغاربة من قبل عسكر الجزائر”.

سياسيا دخلت أحزاب مغربية على الخط، حيث استنكر حزب “الحركة الشعبية” المعارض “إقدام قوات عسكرية جزائرية على قتل شابين مغربين بدم بارد وجرح شبان آخرين”، و”شجب بشدة هذا الاعتداء السافر”، كما أدان “استعمال القوات الجزائرية للقوة المفرطة وإطلاق النار على أشخاص عزل، ذنبهم الوحيد أنهم ضلوا الطريق بسبب أحوال الطقس، وكان حريا بهذه القوات تقديم يد المساعدة لهم عوض استهداف أرواحهم”.

وختم الحزب نفسه بيانه بدعوة المجتمع الحقوقي الوطني والجزائري والدولي ومختلف المؤسسات المعنية، إلى التعبير عن “استنكار هذا العمل العدواني الذي يصنف ضمن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية”.

حزب معارض آخر عبر عن موقفه، من خلال سؤال مكتوب وجهته نائبته البرلمانية، ويتعلق الأمر بـ”فدرالية اليسار الديمقراطي”، التي ساءلت رئيس الحكومة عزيز أخنوش، حول مقتل شاب مغربي بنيران جزائرية.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى