هامات جميلات فلسطين العالية.. أين اليونسكو من تدمير إسرائيل لمعالم غزة؟!
الفلسطينيات حاملات الحرية والحياة، لسن فقط جميلات، لأنهن يحملن اسم «جميلة»، مثل جميلات الجزائر، ولسن جميلات، فقط، لأنهن قاومن أبشع أنواع الاحتلال على وجه الأرض، جميلات لأنهن لم يجدن محاميا كـ»فرجيس» للدفاع عنهن، ولم يجدن رساما كـ»بيكاسو» لرسم وجوههن، ولم يجدن جيزال حليمي لتعبأ كتابة ودفاعا عنهن.
ومن يجرؤ على مواجهة «بني صهيون»؟ جميلات، رغم كل الأنوف، وجميلات لأنهن اختطفن من طفولتهن ومراهقتهن، اختطفن من أجواء اللعب في صحن الديار، وسلب منهن طعم الأمومة ولذة الاستماع لقلوب أطفالهن الرضع، نساء قاومن جنود الاحتلال دون سلاح، بل بالشجاعة وحب الشهادة.
لمثل هؤلاء، لا بد للتاريخ أن يتغير، كما كتبت كلثوم علي على صفحتها على فيسبوك: «يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي في 8 مارس/آذار، وهذا بسبب مؤتمر نسائي في كوبنهاغن أو بسبب احتجاجات العاملات في مصانع الملابس في نيويورك. وأحرى بهم الآن، وبالعرب خصوصا أن يحتفلوا به يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني، لأنه يصادف يوم تحرير الأسيرات الفلسطينيات المناضلات اللواتي يناضلن بأنفسهن تارة وبتربية أسياد الكون تارة أخرى.»
هو قدر الفلسطينيين أن يعيشوا الحياة لحظة بلحظة، لذلك هم يغتنمون «حياة مؤقتة» وفرحا «مؤقتا» و»حرية مؤقتة» من السجون الصهيونية، والفضل كله في نهاية المطاف، يرجع للمقاومة. بفضل المقاومة والكفاح وصبر الفلسطينيين، أسيرات فلسطينيات على قائمة الحرية، بعد سنوات من الاعتقال والقمع في سجون الاحتلال. صفقة التبادل ستشمل إطلاق 150 أسيرا فلسطينيا، من بينهم 13 امرأة على رأس القائمة. مرح بكير، من مدينة القدس، العمر 24 عاما معتقلة منذ 8 سنوات (يعني كان عمرها 16 سنة عند اعتقالها بتهمة محاولة الاعتداء بسكين وأصيبت بـ 14 طلقة في يدها). إسراء جعابيص، من مدينة القدس، العمر 38 عاما متزوجة وأم لطفل، معتقلة منذ 8 سنوات ومحكومة بـ11 عاما (محاولة دهس بسيارة في القدس المحتلة وإصابتها بحروق خلفت لها عاهات وتشوهات).
أما عن المحررة مرح جودة باكير، فكتب فوزي فوزي بغالي على حسابه على فيسبوك: «الأسيرة مرح جودة باكير (22) عاما من بيت حنينا، شمالي القدس اعتقلت وهي طفلة كان قد مضى من عمرها 16 سنة ونصف السنة، واليوم ممثلة الأسيرات في سجن الدامون. الآن هي في طريقها إلى البيت العائلي». وعن أماني الحشيم، وقبيل الافراج عنها، كتب رضوان العيادي على صفحته على فيسبوك: «الاحتلال يقتحم بيت الأسيرة، التي سيفرج عنها أماني الحشيم، ويطرد أقاربها لمنعهم من الفرح بتحريرها. يذكر أنه قد تم الحكم عليها بعشر سنوات، بتهمة محاولة دهسها لجندي محتل، عند عودتها من رام الله إلى بيت المقدس، وهي أم لطفلين وحاصلة على شهادة ماجستير، وقد استطاعت أن تكون أول أسيرة تنتج عملا أدبيا في السجن، عبر إصدارها كتاب «العزيمة تربي الأمل». يبدو أن بضعة أيام هدنة هشة، وغير آمنة بالمرة، هدنة استهلكت فيها وساطات الحكام، وهانت فيها الدماء، التي أريقت والأرواح التي زهقت، والمنشآت التي دمرت عن بكرة أبيها، والصهاينة يصرون على خرقها برعونتهم الأبدية.
هند صبري تكشف برنامج «تجويع الفلسطينيين»
على خطى الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق وتنازله عن لقب «سفير النوايا الحسنة» لتعري النوايا الحقيقية للمنظمات والحكومات، تنازلت الممثلة التونسية هند صبري عن دورها كسفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. الخبر الذي لاقى انتشارا واسعا على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي والمؤيد من طرف الشعوب العربية عامة. فكتبت على صفحتها الرسمية على فيسبوك: «أكتب هذا بقلب مثقل وحزن عميق، حيث قررت التخلي عن دوري كسفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وهو الدور الذي أعتز به وألعبه منذ سنوات».
وتواصل منشورها بالقول: «لأنني كنت على يقين من أن برنامج الأغذية العالمي، الذي حصل على جائزة نوبل للسلام قبل 3 أعوام فقط، بعد أن كان مشاركا نشطا في قرار الأمم المتحدة رقم 2517 الذي أدان استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، سوف يستخدم صوته بقوة كما فعل في حالة الطوارئ والأزمات الإنسانية». لكن هيهات: «ومع ذلك فقد تم استخدام التجويع والحصار كأسلحة حرب على مدى الأيام الستة والأربعين الماضية ضد أكثر من مليوني مدني في غزة. وهو السلاح الذي قتل حتى الآن أكثر من 14 ألف شخص، وأصبح أكثر من 1.6 مليون شخص بلا مأوى، ودمرت نصف المباني، وقصفت المستشفيات والمدارس، التي من المفترض أن تكون ملاجئ آمنة. لأجل ذلك، أعلن استقالتي وأتمنى لجميع زملائي في برنامج الأغذية العالمي السلامة والسلام».
وأكدت هند أنها «لن تتخلى عن دورها الإنساني والمجتمعي، لكنها ستقوم به بصيغ أخرى ومختلفة. يمكن أن نصدق «النوايا الحسنة» لبرنامج الغذاء العالمي، في حالات السلم والمجاعات والكوارث الطبيعية، لكن في حالات الحرب وعندما يكون الطرف فيها إسرائيل تختلف الحسابات ويمسك بالأيادي الممدودة بالطعام للأطفال والمحتاجين، وتنكشف سوء النوايا و»تفصيل البرامج»، حسب مقاسات معينة، ويبقى الضعفاء يتطلعون للمنظمات الدولية، وتبقى هي تتمدد بشروطها ومساوماتها. والموقف هذا، يجرنا إلى سؤال: ما الذي فعلته المنظمات التابعة للأمم المتحدة الأخرى المتعلقة بالثقافة كـ»اليونيسكو» للمعالم التي تدمرها الحروب والنزاعات؟ وماذا ستفعله للتراث الثقافي غير المادي وحملته يبادون كل لحظة، كيف ستحافظ على معالم غزة ورواياتها ومهارات سكانها، وعلى أثواب الغزاويات اللائي أرهقتهن الحرب ومحاولات الإبادة اليومية، وكيف سترجع للأطفال حكايات الأمهات والجدات وأجيالا بكاملها تربت على أصوت المدافع والقنابل وضرب الأبواب بـ»الكلاشينكوف» والأحذية العسكرية المرعبة؟
هنا سينبري الخبراء المحليون للقول إن التراث سيستمر ويطيلون في شرح مصطلحات «يونيسكاوية» فارغة من المعنى والروح، تطبق على الشعوب والجماعات «عنوة».
هل تم استرجاع تراث الشعوب المنهوب من متاحف ومؤسسات الأمبراطوريات الكبرى؟ لم يحدث ولن يحدث، إلا بعض الفتات من تراث نهب عبر قرون من الزمن. فكيف السبيل لصون التراث الهش، في سياق الأوضاع الهشة، التي تعصف بالإنسان وأحلامه وحقه في الحياة؟
أرجو أن يفعلها من لهم باع طويل في «اليونيسكو» من العرب والشرفاء في العالم أمام الدمار، الذي حل بـ»غزة» أم تبقى «نواياكم» و»نواياهم» مهما كانت سيئة؟
٭ كاتبة من الجزائر