أوبزيرفر: أكثر من 200 فلسطيني منهم 50 طفلا قتلهم الاحتلال في الضفة منذ 7 أكتوبر
عربي تريند_ نشرت صحيفة ” أوبزيرفر” تقريرا أعده مراسلها جيسون بيرك وسفيان طه من مدينتي نابلس وجنين في الضفة الغربية حول الجيل الغاضب من الشباب الفلسطيني المسلح والذي يشعر بالخيبة والإحباط، ولكن التحدي.
قال الكاتبان إن عالم محمد الموسمي (15 عاما)، والذي يعيش مع عمته وجدته في غرفة معتمة بدون شباك بمدينة نابلس ليس واسعا، ومنذ أن ترك الفتى البالغ من العمر 15 عاما المدرسة يقضي وقته معه شقيقه الأكبر في مخيم بلاطة، أحيانا يلعبون كرة القدم ويسبحون، ويلعبون في الأوقات الأخرى لعبة “بي ي بي جي” على هواتفهم النقالة، وهي لعبة قتال يتنافس فيها اللاعبون ضد بعضهم البعض.
ويضيف الكاتبان “كان هذا هو القتال الذي مارسه كما تقول عائلته، مع أنه تأثر بالنزاع في محيطه، فعلى كل حائط في الأزقة التي تنتشر فيها حاويات النفايات في بمركز مخيم بلاطة ملصقات لشباب قتلوا في السنوات الأخيرة أثناء مداهمات الجيش الإسرائيلي، ولو مزقت واحدا منها لوجدت صورة اخرى، فهي ملصقات وضعت فوق بعضها البعض لشباب قتلهم الجيش الإسرائيلي في المخيم الذي يعتبر مركز النشاط. وقد قتل الموسمي في غارة جوية على مكتب فتح، الفصيل الذي يحكم الضفة الغربية، وعلى بعد أمتار من بيته. ولهذا أصبح واحدا من أكثر من 200 فلسطيني، منهم 50 طفلا، في المداهمات والهجمات التي شنتها إسرائيل على مدن الضفة الغربية منذ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر”.
ويقول الكاتبان إنه “مع أن عائلته تقول إنه كان يسير باتجاه البيت وقت الغارة على مكتب فتح في بلاطة، هناك أدلة أنه كان على علاقة بـ”شهداء الأقصى”، الفصيل المسلح في فتح. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قضى بالغارة التي نفذت صباحا على “خلية إرهابية” يديرها مسؤول بارز في فتح بالاربعينات من عمره وله تاريخ في تجنيد الفتيان مثل الموسمي للقيام بهجمات ضد إسرائيل. وجاء في بيان كتائب شهداء الأقصى أن الخمسة الذين قتلوا في الغارة هم من عناصرها”.
وينقل التقرير عن محللين قولهم إن الجماعات المسلحة الجديدة في الضفة الغربية تختلف عن الجماعات السابقة، وكذا عن حماس التي أقامت في غزة شبه جيش بتسلسل قيادي. وكان رجال هذا الجيش هم من دمروا السياج الأمني مع إسرائيل ودخلوا إلى جنوب إسرائيل.
ويقول الكاتبان إنهما التقيا مع 10 مسلحين في مدينتي نابلس وجنين بداية هذا الشهر. ومع أن اللقاءات كانت قصيرة إلا أنها كافية لتعطي صورة عن التشكيلات المسلحة التي ظهرت في مدن كنابلس وجنين. وينتمي الموسمي إلى عائلة متدينة، حيث حمل بعض المقاتلون مصاحف صغيرة في صرر مربوطة بأحزمة بنادقهم. وكلهم تحدثوا عن تحرير الأقصى، ثالث المساجد المقدسة في الإسلام، كهدف نهائي لكفاحهم. وعندما سئلوا إن كانوا يقاتلون من أجل فلسطين أم الإسلام، قال مقاتل من جنين أنه لا يوجد فرق بين الإثينن. وقال ثان أنه يحب الأناشيد الدينية، إلا أن عددا منهم قالوا إنهم يحبون أغاني المقاومة، ويدخن الكثيرون منهم ويتابعون كرة القدم ومبارياتها ورسم عدد منهم أوشمة كبيرة على أجزاء من أجسادهم. واعتبروا مقاتلي حزب الله والشيعة، مقاتلي حرية.
ويقول أتش إي هيلير من وقفية كارنيغي أن الأيديولوجية لعبت دورا محدودا في قرار الشباب في الضفة الغربية لحمل السلاح “فهويتهم الدينية هي ببساطة هوية الشباب بالضفة الغربية، ولا يوجد ما يفرقهم أيديولوجيا عن أي شخص آخر”. و “ربما تغير هذا، ولكن لا يوجد هناك الكثير من الظروف التي يجدون أنفسهم فيها ويرون أنفسهم كمدافعين عن بيوتهم من الإحتلال والتي لا يريد أحد على ما يبدو توفير الحماية لها”.
ويقول مايكل ميلستين، الضابط الإستخباراتي السابق والخبير بالشؤون الفلسطينية بجامعة تل أبيب “لا توجد في الحقيقة أيديولوجية عميقة، ولا أقول إرهاب أو عنف أنه بسبب المشاكل الإجتماعية، وهناك الكثير من التحريض، وهو انعكاس للمشاكل العميقة في الساحة الفلسطينية”.
ويشير التقرير إلى أنه في الغرفة الكبيرة من بيت الموسمي هناك صورتان كبيرتان لعميه التي تقول العائلة إنهما شهيدان ضد الإحتلال الإسرائيلي. وقال حامد، 19 عاما من جنين إنه يبحث عن النصر والشهادة وكلاهما حلو. وعبر الجميع عن نفس المشاعر، وكلهم لم يوافق على العمليات الإنتحارية التي استخدمتها جماعات المقاومة في التسعينات وأثناء الإنتفاضة الثانية ما بين 2000- 2005.
وقال مقاتل عمره 26 عاما “لن أنهي حياتي مبكرا وسأظل أقاتلهم قدر ما أستطيع”. وما يفرق الجماعات المسلحة الجديدة عن السابقة هي استخدامهم منصات التواصل الإجتماعي، فجماعات مثل “عرين الأسود” في نابلس بنت على منصة تيلغرام حضور ومتابعة كبيرة. وتقول نور عودة، المحللة السياسية والمعلقة في رام الله عن المقاتلين الجدد بأنهم “يتحدثون لغة لا يتحدث بها القادة القدامى، وهم يستخدمون السخرية والمزاح، ويعبئون على الإنترنت”، مضيفة
أنهم ليسوا أيديولوجيين، بل جيل قرف من الجميع ولديهم خيبة أمل وإحباط بتخلي الآخرين عنهم”.
وبحسب الصحيفة يقول المحللون “إن الذين يجندون من الشباب للحركات المسلحة لا يتذكرون الإنتفاضة الثانية التي قتل فيها 3.000 فلسطينيا و1.000 فلسطيني. إلا أن العنف المتزايد منذ بداية العام زاد أكثر منذ هجمات حماس في الشهر الماضي. وتنقل محطات التلفزة صورا حقيقية عما تسببت به إسرائيل من دمار وقتل في غزة، حيث يشاهد الناس في الضفة الغربية تغطية حية من على شاشات كبيرة في المقاهي والمحلات والأماكن العامة”.
ويقول هيلير إن “الصدمة لما يحدث على هذا الجيل لن تكون فقط في غزة، ولكن بين الفلسطينيين وبشكل عام على العرب والمجتمع الدولي”.
ووفق التقرير أشار الكثير من المحللين لـ”حالة الخيبة بالجيل الجديد من القيادة السياسية الفلسطينية، الذي ينظر إليها كمتعاونة مع إسرائيل، مما ترك فراغا ملأته الجماعات المسلحة. ولا تتحدى هذه الجماعات السلطة الوطنية أو الإحتلال، بل وجماعات مثل حماس والجهاد الإسلامي، فالطابع الرئيسي للحركات المسلحة أنها محلية، مثل عرين الأسود في نابلس. وفي المقابلات مع المسلحين الشباب رددوا نفس شعارات فصائل المقاومة المعروفة، لكن بعضهم عبر عن رغبته بالسفر، لكنهم لا يستطيعون الحركة سوى عدة أميال قبل مواجهة حواجز الجيش الإسرائيلي. وبعضهم تحدثوا عن أحلامهم بالتدريس او تكون لهم مهن لكن لا عمل متوفرا. وقال أحدهم أنه يحلم بأن يصبح كابتن محيطات ويقود السفن”.