خبراء أميركيون: لهذه الأسباب خسرت إسرائيل وانتصرت حماس
بينما كانت نقاشات كثيرة في العاصمة الأميركية بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تنتهي إلى أن الكيان الصهيوني سينتصر في النهاية، ويتبارى الخبراء في تأكيد وتكرار حقيقة تفوق الكيان الساحق على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ماديا وعسكريا، يشير عدد متزايد من المعلقين إلى إمكانية انتصار حركة حماس أو هزيمة إسرائيل، بل يذهب البعض إلى تأكيد أن حماس قد انتصرت بالفعل.
وفي حديث سابق، أكد ضابط الاستخبارات العسكرية الأميركي السابق سكوت رايتر أن حركة حماس أصبحت أكثر من منظمة أو جماعة في صورتها المادية التقليدية.
وقال رايتر إن “حماس أصبحت مفهوما أوسع لمعنى المقاومة، وعلينا أن نتذكر أنها قامت بعمل لم يقم به من قبل إلا الجيش المصري الذي استطاع هزيمة الجانب الإسرائيلي في ساحة القتال، حماس انتصرت بالفعل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولا يمكن تغيير ذلك”.
وأشار إلى أنه “عندما عبرت القوات المصرية قناة السويس يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 انتصرت مصر، بعد ذلك قامت إسرائيل بهجمات مضادة وقوية، لكن ذلك لم يغير أن القاهرة انتصرت، والشيء نفسه مع حماس اليوم، لقد انتصرت في 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى لو قامت إسرائيل بالعمل على تدمير الحركة”.
بدوره، يرى البروفيسور أفراهام شاما من جامعة نورث ويسترن أنه بغض النظر عن الكيفية التي تتكشف بها حرب غزة وما جرى وما يجري الآن فقد خسرت إسرائيل بالفعل وانتصرت حماس.
واستشهد شاما بمغادرة مئات آلاف الإسرائيليين منازلهم في الشمال والجنوب، وانتقالهم إلى ملاجئ أو مراكز آمنة نسبيا في وسط البلاد، وإغلاق مدارس وجامعات كثيرة أبوابها، وتدهور الوضع الاقتصادي بصفة عامة.
وقال شاما إن “الإسرائيليين عانوا من نوع آخر من الخسارة، وهو شعور بخسارة عميقة وطويلة الأمد، وهذه الخسارة مست نفسياتهم بالأساس وإحساسهم بالذات الجماعية والرفاهية، ويمكنك سماع ذلك في أصواتهم وتدويناتهم واختيارهم للكلمات، ويمكن رؤيتها على وجوههم”.
كما أشار إلى أنه قبل هجوم حماس كان الإسرائيليون يتمتعون بالثقة، واعتقدوا أن حربا مفاجئة مثل حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 لا يمكن أن تحدث مرة أخرى، وأنه إذا حدث ذلك فإن جيشهم سيقضي عليها في مهدها، ثم جاء هجوم حماس بعد 50 عاما تقريبا، وهو ما مثل لهم صدمة عميقة.
واعتبر الأكاديمي أنه رغم “خسارة أكثر من 13 ألف فلسطيني فإن حركة حماس تمكنت من غزو بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 9 ملايين نسمة ولديه جيش قوي، وهو ما نجح في تحطيم النفسية الإسرائيلية ودفع تجديد الكفاح الفلسطيني من أجل إقامة دولة مستقلة إلى الواجهة العالمية”.
من جانبه، قال البروفيسور ستيفن والت من جامعة هارفارد إنه “وكما هو متوقع يلوم كل جانب الآخر، تصور إسرائيل ومؤيدوها حماس على أنها مجموعة مدعومة من إيران وهاجمت المدنيين عمدا. بينما يلوم الفلسطينيون ومؤيدوهم إسرائيل على فرض نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين وتعريضهم للعنف المنهجي وغير المتناسب على مدى عقود عديدة، كما يشيرون إلى أن القانون الدولي يسمح للشعوب المضطهدة بمقاومة الاحتلال غير القانوني حتى لو كانت الأساليب التي اختارتها حماس غير نظامية”.
واعتبر والت أن السمة الجديدة لهذه الجولة الأخيرة من القتال هي أن حماس حققت مفاجأة شبه كاملة مثلما فعلت مصر وسوريا قبل 50 عاما خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 وأظهرت قدرات قتالية غير متوقعة، وقد ألحق الهجوم أضرارا بإسرائيل أكثر من أي من حروبها السابقة.
وأضاف أنه من الواضح أن الهجوم صدم المجتمع الإسرائيلي، وأن الحرب الجارية قد تكشف أيضا عن حدود القوة “والحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، والدول القوية تفوز أحيانا في ساحة المعركة وما زالت تخسر سياسيا، انتصرت الولايات المتحدة في جميع المعارك الكبيرة في فيتنام وأفغانستان، لكنها خسرت في النهاية كلتا الحربين”.
وبرأيه، فإن حماس لن تتمكن أبدا من هزيمة إسرائيل في اختبار مباشر للقوة، لكن هجومها هو تذكير مأساوي بأن إسرائيل ليست محصنة ولا يمكن تجاهل الرغبة الفلسطينية في تقرير المصير.
ويتابع “كما أنه يبين أن اتفاقيات أبراهام والجهود الأخيرة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية ليست ضمانا للسلام، في الواقع ربما جعلوا هذا الصراع الأخير أكثر احتمالا”.
من جهته، اعتبر جون ألترمان رئيس وحدة الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن أن تجنب الجيش الإسرائيلي الأخطاء الأميركية قد انتهى.
وقال ألترمان في تقرير نشره المركز إن “الجيش الإسرائيلي تجنب إلى حد كبير التاريخ المتقلب الذي ابتليت به الولايات المتحدة عسكريا منذ بدء حرب فيتنام، فقد أنهى الجيش الأميركي الاشتباكات في لبنان والصومال وهاييتي دون انتصارات واضحة”.
وأضاف “كما انتهت حروب ما بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول في العراق وأفغانستان ومنطقة الحدود السورية العراقية رغم الموارد الضخمة وسنوات من القتال ومليارات الدولارات وآلاف القتلى الأميركيين بالفشل في تأمين النصر”.
وأشار ألترمان إلى أن مفهوم حماس للنصر العسكري يدور حول “تحقيق نتائج سياسية طويلة الأجل، لا ترى حماس النصر في عام واحد أو 5، ولكن من خلال الانخراط في عقود من النضال الذي يزيد التضامن الفلسطيني ويزيد عزلة إسرائيل”.
ويضيف “في هذا السيناريو تحشد حماس السكان المحاصرين في غزة حولها بغضب وتساعد على انهيار حكومة السلطة الفلسطينية عبر ضمان أن ينظر إليها الفلسطينيون أكثر على أنها مساعد عاجز للسلطة العسكرية الإسرائيلية”.
ويتابع ألترمان “وفي الوقت نفسه تبتعد الدول العربية بقوة عن التطبيع، وينحاز الجنوب العالمي بقوة إلى القضية الفلسطينية، وتتراجع أوروبا عن تجاهل تجاوزات الجيش الإسرائيلي، ويندلع نقاش أميركي بشأن إسرائيل، مما يدمر الدعم من الحزبين، والذي تتمتع به إسرائيل في واشنطن منذ أوائل سبعينيات القرن الـ20”.
وقال إن حماس “وبدلا من الاعتماد على القوة الكافية لهزيمة تل أبيب فإنها تسعى عوضا عن ذلك إلى استخدام قوة إسرائيل الأكبر بكثير لهزيمتها، إن قوة إسرائيل تسمح للبلاد بقتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية الفلسطينية وتحدي الدعوات العالمية لضبط النفس، كل هذه الأمور تعزز أهداف حماس الحربية”.
واعتبر أن “النجاحات غير المتوقعة التي حققتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول ستلهم الأجيال القادمة من الفلسطينيين الذين يعتزون حتى بالانتصارات الصغيرة رغم الصعاب المستحيلة”.
(الجزيرة نت)