إحباط في إسرائيل من تهاوي مزاعم قادتها بشأن مجمع الشفاء الطبي
تسود حالة إحباط كبير لدى الكثير من المعلقين في تل أبيب، بخصوص فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في تقديم، ولو دليلا واحدا مقنعا على صحة مزاعم قادة الاحتلال بأن مجمع الشفاء الطبي يضم مراكز قيادة لحركة حماس، ويوجد فيه الأسرى الإسرائيليون.
وفجر أمس الأربعاء، اقتحم جيش الاحتلال مجمع الشفاء في عملية عسكرية عدوانية وصفها شهود عيان بأنها كانت بمثابة “كابوس”، بينما كان المجمع الطبي الأكبر في قطاع غزة لا يزال يحتضن مرضى ومصابين ونازحين، إضافة إلى ازدحام ساحته الخارجية بعشرات جثث شهداء الغارات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وزعم جيش الاحتلال، في بيان، أنه اقتحم مجمعاً محدداً “توجد حوله معلومات استخبارية تشير إلى وجود أعمال لحماس، وبناء على ضرورة عملياتية”.
وفي تغريدات على منصة “إكس”، أشار المعلقون الإسرائيليون إلى أن جيش الاحتلال لم يقدم أية أدلة منطقية تؤكد صدق روايته التي ظل يرددها حتى قبل وقت طويل من شن الحرب على غزة.
وكتب معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة “هآرتس” يوسي ميلمان، أن جيش الاحتلال لم ينجح في تقديم دليل على وجود مقاتلين لحركة حماس أو أسرى إسرائيليين في المستشفى بعد أن سيطر عليه.
وتساءل ميلمان: “هل هذا كان يستحق رفع سقف توقعات الجمهور والضرر الذي تعرضت له إسرائيل أمام العالم؟”.
وسخرت الكاتبة رشيل بيتاري من الفيديوهات التي نشرها الناطق بلسان جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، بعد اقتحام المستشفى، قائلة إنه بدل أن يثبت الاقتحام وجود مقار قيادية لحركة حماس داخل الشفاء، فإذا بالناطق العسكري يعرض فيديو لأدوات تستخدم في جهاز التصوير المغناطيسي.
وأضافت: “هل يمكن أن يقنع هذا الفيديو أحدا؟ وفي كل الأحوال فإن من يقتنع بذلك فتلك مشكلته”.
أما الباحث في “مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات”، أوري غولدبرغ، فكتب أن ما عرضه الناطق باسم جيش الاحتلال “مثّل اللحظة الأكثر إحراجا لإسرائيل منذ بداية الحرب، فالإسرائيليون توقعوا أن يعرض الجيش صورة النصر بعد اقتحام المستشفى”.
واستهجنت الصحافية ميراف زنشاين “كيفية” تسويق إسرائيل ما عرضه الناطق العسكري باسم جيش الاحتلال للعالم.
من ناحيته، لفت الكاتب يوسي غولد إلى أن إسرائيل فشلت في تقديم دليل على مزاعمها بشأن مستشفى الشفاء بعد أن حاولت توظيف اقتحامه في الحصول على “ألبوم من صور النصر”، لكي يستخدمها الساسة في الخطابات، مشيرا إلى أن القيادة الإسرائيلية حولت الحرب على غزة من “حرب استراتيجية إلى حرب سياسية”.
أما الكاتب ليتو آي، فطالب الجيش بإطاحة القيادات والضباط المسؤولين عن جلب المعلومات الاستخبارية بشأن مستشفى الشفاء، مشددا على أن الفشل في التدليل على صدقية المزاعم بشأن المستشفى “تسبب في ضرر هائل للشرعية التي منحت للجيش للعمل في داخل المستشفيات”.
ووصف الكاتب يوسي شاؤول أداء الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، كما عكس ذلك معلوماتها بشأن مستشفى الشفاء، بأنه “فضائحي”.
وقارن أوفير، في منشور على منصة “إكس” بين ما ذكرته إسرائيل بشأن مستشفى الشفاء، وبين دعاية إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، بشأن وجود سلاح للإبادة الجماعية لدى نظام صدام حسين بهدف تسويغ احتلال العراق.
انتقادات لإفشال نتنياهو صفقة الأسرى
من جهة أخرى، كشفت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أن حكومة الاحتلال بزعامة بنيامين نتنياهو أحبطت صفقة لتبادل الأسرى مع حركة حماس.
وفي تقرير أعده كبير معلقيها، ناحوم برنيع، لفتت الصحيفة اليوم إلى أن مجلس الوزراء المصغر كان من المفترض أن يلتئم لإقرار مسار الصفقة إلا أن نتنياهو حال دون ذلك.
وأشار برنيع إلى أن المجلس الوزاري ناقش مشروع صفقة التبادل ليلة أول أمس الثلاثاء، والذي كان يتضمن الإفراج عن 50 من الأسرى المدنيين الإسرائيليين لدى حماس ووقف إطلاق نار لمدة خمسة أيام مقابل الإفراج عن عدد مماثل من الأسرى من الفلسطينيين من نساء وأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت برنيع إلى أن الحكومة كان يفترض أن تعقد أمس الأربعاء، جلسة أخرى لإقرار مشروع الصفقة، لافتا إلى أن الجلسة لم تعقد بسبب إصرار إسرائيل على أن يمتد وقف إطلاق النار إلى ثلاثة أيام فقط، ومطالبتها بأن تتم زيادة عدد الأسرى الإسرائيليين الذين سيتم إطلاق سراحهم في إطارها.
وحمل برنيع نتنياهو المسؤولية عن إحباط فرص التوصل للصفقة في آخر لحظة، مشيرا إلى أن “التردد” يميز أداء نتنياهو كمن يقف على رأس دائرة صنع القرار في إسرائيل، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء كرس حالة انعدام اليقين لدى ممثلي إسرائيل الذين يتولون مهمة التفاوض بخصوص صفقة الأسرى، ولدى الوسطاء الذين تجندوا لمهمة المساعدة في التوصل إليها.
واتهم المعلق الإسرائيلي حكومة نتنياهو بـ “تضليل” عوائل الأسرى لدى حركة حماس من خلال المواقف التي تعبر عنها من مسألة التوصل لصفقة بشأن أبنائها، مشيرا إلى أن الإفراج عن الأسرى يمثل الهدف الثاني للحرب على غزة.
من ناحيته انتقد وزير الأمن ورئيس أركان جيش الاحتلال السابق موشي يعلون بشدة نتنياهو بسبب “إحباطه” التوصل لصفقة تبادل أسرى.
وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة “أف أم 103″، قال يعلون: “من الواضح أن نتنياهو يفضل بقاءه السياسي على حياة المخطوفين وأمن إسرائيل، نتنياهو غير مؤهل بشكل جوهري وأخلاقي لإدارة الحرب ويجب استبداله”.
وفي مقابلة مع نفس الإذاعة، حذر نائب رئيس أركان الجيش السابق، يئير غولان، من أنه في حال لم يتم التوصل لصفقة تبادل أسرى مع حماس “الآن وبسرعة فإن هذا سيمثل ضربة قوية للمجتمع الإسرائيلي، لا يمكننا شن الحرب والانتصار فيها عندما يسود انعدام الثقة بين الشعب وحكومته”.