تعيين وزير أول جديد وانتخاب أمين عام لجبهة التحرير.. تغييرات سياسية كبيرة في الجزائر تغطيها الأحداث في فلسطين
عربي تريند_ غطّت الأحداث في فلسطين على أحداث وطنية كبيرة في الجزائر، أبرزها قرار الرئيس عبد المجيد تبون، تعيين وزير أول جديد، وإعلان الأمين العام لأكبر حزب في البلاد، جبهة التحرير الوطني، عدم الاستمرار في قيادة الحزب، وهي التغييرات التي تسبق دخول العام الرئاسي في الجزائر.
وظهر بوضوح التعاطي المحدود مع هذه الأحداث الوطنية سواء في الصحف التي ما تزال تفرد صفحاتها الأولى لفلسطين، أو لدى الطبقة السياسية التي لم تتفاعل مع هذه الأخبار بالبيانات كالمعتاد، أو في مواقع التواصل، حيث تستمر فلسطين في اعتلاء سلم الأولويات للمتابع الجزائري.
ولا تعني قلة التفاعل، وفق مراقبين، أن هذه التغييرات بدون رهانات سياسية، فهي في توقيتها تأتي قبل عام من الرئاسيات التي يمكن أن يترشح فيها الرئيس عبد المجيد تبون لعهدة رئاسية ثانية، وهو عامل لا يمكن أن يكون بعيدا عن اختيار شخصية مثل الدبلوماسي نذير العرباوي لقيادة الحكومة، فهو من رجال ثقة الرئيس الذي كان يشغل قبل ذلك مدير ديوان للرئاسة وهو أهم منصب في مؤسسة الرئاسة.
ويعد الوزير الأول الجديد نذير العرباوي من أبرز الشخصيات الدبلوماسية في الجزائر، حيث سبق له تولي منصب سفير ممثل الجزائر في الأمم المتحدة، قبل أن يتم تعيينه مؤخرا مديرا لديوان الرئاسة خلفا لعبد العزيز خلف. ولا يعرف حاليا إن كان العرباوي سيقوم بتشكيل حكومة جديدة أم سيكمل مع الطاقم الوزاري الحالي، علما أن آخر تعديل حكومي كان في آذار/ مارس الماضي.
وما يدعم فكرة أن العرباوي قد اختير لتسيير مرحلة، وفق بعض الآراء، أن الرئاسة في الجزائر ليس من عادتها تعيين دبلوماسيين على رأس الوزارة الأولى التي تعنى بمهمة التنسيق بين الوزارات، وهي غارقة أكثر في مهام التسيير التي ليست في العادة من اختصاصات الدبلوماسيين. وفي المرات القليلة التي سيّر فيها دبلوماسيون الحكومة، كان ذلك لفترات محددة وبالنيابة، مثلما حدث مع صبري بوقادوم الذي عينه الرئيس عبد المجيد تبون مؤقتا لتصريف الأعمال في أيام حكمه الأولى قبل تشكيل حكومة عبد العزيز جراد، وكذلك رمطان لعمامرة الذي تم الاستعانة به كنائب وزير أول في الأيام الأخيرة لحكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وسيخلف العرباوي الرجل القوي في منظومة الحكم حاليا، الوزير الأول أيمن عبد الرحمن الذي قدّم قبل نحو شهر بيان السياسة العامة أمام البرلمان الجزائري التي كشف فيها حصيلة عمل حكومته. وتولى بن عبد الرحمن، وهو رجل تكنوقراطي ظل بعيدا عن الخوض في السياسة، قيادة الوزارة الأولى منذ 30 تموز/ يوليو 2021، حيث تم تكليفه بتشكيل أول حكومة بعد تشريعيات 12 حزيران/ يونيو 2021، خلفا لعبد العزيز جراد، وكان قبل ذلك يشغل منصب وزير المالية. وما أعيب عليه شخصيا وعلى حكومته، قلة حضوره الميداني وهو ما اشتكى منه الرئيس تبون شخصيا عندما طالب الحكومة بالنزول للولايات وتقليص الاجتماعات في العاصمة.
ومن اللافت أيضا تعيين بوعلام بوعلام، المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون القانونية والشؤون القضائية والعلاقات مع المؤسسات والتحقيقات والتأهيلات، مديرا لديوان رئاسة الجمهورية بالنيابة. ويعد بوعلام من أبرز مستشاري الرئيس تبون الذين يرافقونه منذ بدء عهدته الرئاسية نهاية 2019.
ومن التغييرات الأخرى المهمة، ترقب انتخاب أمين عام جديد لحزب جبهة التحرير الوطني، وهو أكبر حزب موالاة في البلاد، وجهاز دعم قوي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويبرز وفق ما يتداوله محيط الحزب، اسم القيادي عبد الكريم بن مبارك ليكون الأمين العام المقبل للحزب، وهو نائب سابق في البرلمان.
وبدا مفاجئا إعلان أبو الفضل بعجي، الأمين العام، عدم ترشحه في المؤتمر الحادي عشر للحزب، بعد أن كانت الكثير من التوقعات تشير لاستمراره. وقال بعجي إن عدم ترشحه يأتي اقتناعا منه بضرورة التداول بعد 3 سنوات ونصف ترأس فيها أمانة الحزب والتي عرفت فيها الجبهة الريادة في مختلف الاستحقاقات التي شارك فيها، وفق قوله.
لكن هذا التبرير قد لا يكون الوحيد وراء انسحاب بعجي بالنظر لأهمية هذا الحزب في منظومة الحكم، وارتباطه بالاستحقاقات الانتخابية التي يلعب فيها دورا بارزا. وعلى الرغم من أن بعجي حاول في السنوات الأخيرة الابتعاد بالحزب عن فترة بوتفليقة التي كانت فيها الجبهة عنوانا للفساد الانتخابي، إلا أنه يظل من الوجوه المرتبطة بتلك الحقبة، ناهيك عن الاضطرابات التي عرفها الحزب خلال قيادته، في وقت يحتاج هذا “الجهاز السياسي” كما كان يسمى إلى الاستقرار استعدادا للرئاسيات المقبلة.
ومع اقتراب سنة 2024 التي يكمل فيها 5 سنوات على رأس البلاد، يعود بقوة سؤال العهدة الثانية الذي سبق أن طُرح على الرئيس تبون من قبل جريدة لوبينيون الفرنسية في تموز 2020، ولم تكن إجابته مستثنية تماما لذلك، حيث قال: “من حيث المبدأ، تم انتخابي لفترة واحدة. وبحلول نهاية هذه العهدة، يعتريني أمل في أن تكون المشاكل الاجتماعية والاقتصادية قد تم معالجتها ولو جزئيا، ويجب أن تكون هناك شروط أخرى بالنسبة لي للتفكير في ترشيح جديد”.