وول ستريت جورنال: بلينكن يسارع لتطمين حلفاء أمريكا العرب الخائفين من توسع الحرب في غزة
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعدته فيفيان سلامة وسعيد شاه، قالا فيه إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حاول في رحلته المكوكية الثالثة، تطمين الحلفاء العرب القلقين، وقام بزيارة مفاجئة لرام الله حيث اجتمع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وأتبعها بزيارة إلى العراق، وتأتي جولته في الشرق الأوسط في لحظة معقدة وملتهبة.
وقالت الصحيفة إن بلينكن سارع من أجل دعم قادة الشرق الأوسط الذي يواجهون اضطرابات محلية بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث زار رام الله وبغداد بشكل مفاجئ، في وقت تتعرض فيه إدارة جو بايدن لضغوط من أجل تأمين فترة توقف للقتال وتخفيف التوترات الإقليمية.
وجاءت الزيارة المفاجئة للضفة الغربية والعراق بعد قمة مع قادة عرب في عمّان يوم السبت، حيث أكد بلينكن لحلفائه في الشرق الأوسط أن الولايات المتحدة ستحاول الحفاظ على النزاع منحصرا في غزة وعدم انتشاره بالمنطقة، وتقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين الذين وجدوا أنفسهم وسط النزاع. وغادر بلنيكن بغداد يوم الأحد متجها إلى أنقرة، حيث سيعقد اجتماعا مع نظيره التركي للتباحث بشأن المساعدات الإنسانية والمصالح المشتركة لمنع توسع النزاع.
وتتزامن رحلة بلينكن إلى المنطقة، مع محاولة إدارة بايدن الموازنة بين دعم إسرائيل والقادة العرب الذين يطالبون بوقف القتال. وتأتي الرحلة الأخيرة كمحاولة لإعادة الهدوء والاستقرار في غزة بعد الحرب، ومعالجة مخاطر الحرب الإقليمية التي ستعرّض حياة الأمريكيين للخطر.
وأظهرت سلسلة من الصواريخ التي أطلقتها جماعات وكيلة عن إيران في سوريا والعراق، كيفية حرف الميزان في غزة وانتشاره بالمنطقة. ومع أنه لم يقتل أي أمريكي في الهجمات، إلا أن المسيّرات التي أُطلقت نهاية الشهر الماضي من جماعات عراقية موالية لطهران، أصابت الجزء العلوي من ثكنة عسكرية أمريكية ولم تنفجر.
وقبل مغادرته بغداد، بعث بلينكن في حديثه مع الصحافيين، رسالة “لأي فاعل خبيث قد يحاول الاستفادة من التواترات الحالية” قائلا: “لا تفعلها”، و”نعمل بما لدينا من جهد للتأكد من عدم تصاعد العنف إلى أماكن أخرى، سواء هنا أو مكان آخر بالمنطقة”.
وفي رام الله، أخبر بلينكن عباس بأن السلطة قد تلعب دورا في مستقبل غزة بعد الحرب، وذلك بحسب مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية.
وفي بيان، أشار عباس إىل أن إدارته قد تفكر بتحمل مسؤولية غزة لو تم التوصل إلى تسوية شاملة مع إسرائيل. وتعيش السلطة الفلسطينية وضعا خطرا حتى قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر، وأضعف النزاع في غزة من دعمها في الضفة الغربية التي تواجه زيادة مستمرة في هجمات المستوطنين المتطرفين.
ودعا عباس إلى وقف فوري للنار. وقتلت الغارات الإسرائيلية أكثر من 4000 طفل في غزة منذ بداية الحملة الجوية، وفي يوم الأحد، قتلت غارات جوية على مخيم للاجئين عددا من الفلسطينيين بحسب وزارة الصحة في غزة.
وقال عباس بعد لقائه مع بلينكن، إنه لا توجد كلمات لوصف الإبادة والدمار التي تواجه شعبنا في غزة على يد آلة الحرب الإسرائيلية بدون احترام للقانون الدولي.
وفي بغداد، التقى بلينكن مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث شهد العراق في الشهر الماضي زيادة في الهجمات ضد المصالح الأمريكية. وقبل وصوله، هدد متحدث باسم حزب الله العراق في بيان، بأن بلينكن غير مرحب به، ولو جاء فسيواجه التصعيد.
ويواجه السوداني تحديا من الميليشيات الموالية لإيران ومن مقتدى الصدر، الزعيم الشعبوي الذي انتقد إسرائيل والولايات المتحدة. وتعكس المحطات التي توقف فيها بلينكن، اعترافا بأن بعض الدول العربية التي تعتمد على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ،هي حكومات هشّة ويمكن أن يتعرّض استقرارها للخطر لو استمرت أخبار إسرائيل في غارتها وغزوها البري لغزة في الصفحات الأولى للصحف وعلى شاشات التلفزة.
وتخشى أمريكا والدول العربية وغيرها من تداعيات الحرب الإقليمية، فالحملة الإسرائيلية المدمرة ضد غزة أدت إلى تظاهرات وردود في أنحاء العالم.
وتواجه إدارة بايدن معضلة، لأن الغضب الشعبي كله موجه ضدها، مع أنها تضغط من أجل وصول المساعدات الإنسانية لغزة. ووصل مدير الاستخبارات الأمريكية ويليام بيرنز إلى إسرائيل يوم الأحد، ويخطط للقاء نظرائه في المنطقة والتباحث بشأن الحرب في غزة.
وكانت الصحيفة قد أشارت في تقرير أعدته تاريني بارتي إلى الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة حول أهداف الحرب في غزة، مشيرة إلى أن هناك اختلافا بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول الهدف طويل الأمد ومستقبل المنطقة. وتتباين هذه الأهداف والمصالح في النزاع القائم بالشرق الأوسط. وفوق كل هذا، تنظر إسرائيل لحماس بأنها تهديد وجودي وتريد أن تقضي عليها، وأي شيء غير ذلك، سيكون بالنسبة لها فشلا.
وقد التزمت الولايات المتحدة بمساعدة إسرائيل على هزيمة حماس، إلا أن الرئيس بايدن يذهب بتهديداته أبعد من حماس. وتريد إدارته أن تجعل حلفاءها موحدين ضد إيران وروسيا والصين. وكلا البلدين يريدان تجنب حربا إقليمية، لكن إسرائيل مستعدة لاتخاذ مخاطر في سبيل هزيمة حماس.
ففي المرحلة التي تلت الهجمات، عبّر بايدن عن دعم واسع لإسرائيل، وتبنى نتنياهو في رحلة إلى تل أبيب، وهي زيارة نادرة لرئيس أمريكي وسط حالة الحرب.
ولكن في الأيام التي تلت الزيارة، دعا بايدن وتحت ضغط من النقاد في مكالمات متعددة مه نتنياهو، بضرورة إدارة إسرائيل حربها بناء على القانون الدولي الإنساني. وطالبت الولايات المتحدة وبشكل متزايد، وقف للقتال لأغراض إنسانية كي يتم إيصال المساعدات إلى غزة والإفراج عن الرهائن، ولكن إسرائيل رفضت بشكل متزايد دعوات وقف إطلاق النار.
وفي حفلة لجمع التبرعات يوم الأربعاء، صرخ أحد الحاضرين: “كحاخام، أعتقد أنك تحتاج للدعوة إلى وقف إطلاق النار”، فردّ بايدن: “أعتقد أننا نريد توقفا”.
وجاء بلينكن إلى إسرائيل يوم الجمعة، ودعا لمساعدات إنسانية إلى غزة والسماح للأجانب بالخروج منها، وقال إنه ناقش الموضوع اللوجيستي حول كيفية تنفيذ وقف لإطلاق النار في لقاء مع نتنياهو وحكومة الحرب في إسرائيل.
وفي رد على الضغوط، قال نتنياهو يوم الجمعة إنه يعارض وقفا مؤقتا لإطلاق النار لا يشمل الإفراج عن الأسرى لدى حماس. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن إسرائيل أوقفت القتال عندما أفرجت حماس عن أمريكيتين، حيث وافقت إسرائيل على وقف الغارات في المكان الذي أُفرج فيه عن الرهينتين، بحسب شخص على معرفة بالخطة. ولم تعترف إسرائيل بموافقتها على وقف الغارات.
وتزعم الصحيفة أن إدارة بايدن تدفع من أجل تقليل الخسائر بين المدنيين الفلسطينيين وتبني غارات جراحية دقيقة تستهدف قادة حماس، إلا أن إسرائيل واصلت غاراتها وقصفها لغزة مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين وتدهور الأوضاع الإنسانية.
ورفض البيت الأبيض تقييم إن كانت الغارات مناسبة، لكن مسؤولي الإدارة يشعرون بالإحباط من الحجم الكبير للضحايا. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي: “هذه هي عملياتهم، وهم وحدهم من يستطيع الحديث عن قرارات الاستهداف والطريقة التي يديرونها” و”ما سنقوم بعمله، هو التأكد من امتلاكهم الأساليب والقدرات وفق رؤيتنا والدروس التي تعلمناها من هذا النوع من الحروب، حيث يتخذون القرارات العملياتية”.
وقال نتنياهو يوم الجمعة، إن إسرائيل ستواصل حملتها العسكرية في غزة “بكل ما لديها من قوة”، وأكد أنه لن يسمح بدخول الوقود الذي قالت الولايات المتحدة وجماعات الإغاثة الإنسانية إنه ضروري لتشغيل مولدات المستشفيات ومحطات المياه في غزة.
وعلى المدى البعيد، تدعو إدارة بايدن لحل الدولتين، كما تباحث بلينكن مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن ما سيحدث في غزة بعد انتهاء الحرب.