الغارديان: بايدن شكّكَ بأرقام وزارة الصحة الفلسطينية وخارجيّتُه اعتمدتْها في تقاريرها.. دعوات للاعتذار
عربي تريند_ دَعَا رئيس مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية نهاد عواد الرئيسَ الأمريكي جو بايدن للاعتذار عن شيطنته للفلسطينيين، عندما قال إنه لا يثق بأرقامهم عن الضحايا الذي سقطوا جراء القصف الإسرائيلي المستمر منذ ثلاثة أسابيع على غزة.
وفي تقرير أعده كريس ماغريل لصحيفة “الغارديان” قال إن إسرائيل وبايدن أظهروا تشكّكاً بشأن دقة الأرقام المتعلقة بتزايد حصيلة القتل، لكن آخرين يشيرون إلى مصداقية البيانات الصادرة عنها ومن الناحية التاريخية.
وقال الكاتب إن بايدن حذر وزارة الصحة في غزة من الأرقام التي تقدمها بشأن الضحايا في الحرب الأخيرة، وذلك لأن الوزارة تابعة للحكومة التي تديرها “حماس” في القطاع. وقال: “ليس لدي فكرة أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة عن عدد الأشخاص الذين قتلوا، أنا متأكد من وجود أبرياء قتلوا وهو ثمن شن الحرب”، و”لكن لا ثقة لدي بالأرقام التي يستخدمها الفلسطينيون”.
وفي يوم الخميس، نشرت وزارة الصحة تقريراً من 212 صفحة، أوردت فيه أسماء الضحايا، بالعمر وأرقام الهويات، وأحصت فيه عدد قتلى وصل إلى 7.028 فلسطينياً، من بينهم 2.913 طفلاً.
شاكر: المنطقة الرمادية هي التفريق بين المدنيين والمقاتلين، إلا أن العدد الأكبر من الأطفال والنساء يعطي فكرة عن عدد الضحايا المدنيين
ولم يشمل تقرير وزارة الصحة المفقودين ولا الذين دفنوا بدون عرضهم على المستشفيات، أو الذين لم تستكمل إجراءاتهم في المراكز الصحية. وقدمت الوزارة الأسماء والفئات العمرية والتفاصيل الشخصية حتى لا تتهم بالفبركة، وهو ما دعا مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية الطلب من بايدن الاعتذار عن تعليقاته “الصادمة والخالية من الإنسانية”.
وقال عواد: “أكد الصحافيون العدد الكبير من الضحايا، وهناك أعداد لا تحصى من أشرطة الفيديو القادمة من غزة كل يوم تظهر الجثث المشوهة للنساء والأطفال وعمارات سكنية بالكامل سويت بالتراب”، و”على الرئيس بايدن مشاهدة بعض هذه اللقطات، ويسأل نفسه إن كان الأطفال المسحوقون الذين جرتهم عائلاتهم من بيوتها هي فبركة أو ثمن مقبول للحرب، ولكن، لا هذا أو ذاك”.
وقال لوك بيكر، مدير مكتب رويترز السابق في القدس، إنه يشكك في الأرقام، ودعا منظمات الصحافة للتعامل بشك معها، وقال: “على كل منظمة إخبارية تحترم نفسها التأكيد أن وزارة الصحة في غزة تديرها “حماس”، ولها مصلحة دعائية لتضخيم أعداد الضحايا قدر الإمكان، ولا أنكر أن مدنيين قتلوا”.
ويشير آخرون إلى أن الوزارة لديها سجل موثوق لإحصائيات الضحايا، وأنها أصبحت ضحية في الدعاية الحربية التي تحاول فيها إسرائيل تقليل التداعيات لقصفها المتواصل على غزة. وفي الماضي، اعتمد تقرير حقوق الإنسان السنوي لوزارة الخارجية على أرقام الوزارة نفسها، وإن بشكل غير مباشر، حيث كان يستشهد بأرقام الأمم المتحدة المأخوذة من الأرقام الفلسطينية.
وقال عمر شاكر، مدير ملف إسرائيل وفلسطين في منظمة “هيومان رايتس ووتش”، إنه لم ير أي دليل عن تلاعب بالأرقام. وقال: “نقوم برصد انتهاكات حقوق الإنسان في قطاع غزة منذ ثلاثة عقود، بما فيها عدة جولات من الأعمال العدائية، وبشكل عام نرى أن البيانات التي تأتي من وزارة الصحة موثوقة”. وأضاف: “عندما نقوم بتحقيقاتنا الخاصة بشأن غارات محددة، ونقارنها مع تلك الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة لم نجد أي تباين كبير”. وقال إن “أرقامهم منسجمة مع ما نراه على الأرض في الأيام الماضية، وهناك مئات من الغارات اليومية في منطقة تعتبر الأكثر كثافة من الناحية السكانية في العالم”، و”اطلعنا على صور الأقمار الاصطناعية، وشاهدنا عدد البنايات والأرقام القادمة، ووجدنا أنها منسجمة مع ما نتوقع رؤيته على الأرض. ولو جمعت كل هذا معاً، فنحن واثقون من العدد الإجمالي للضحايا”.
وقال شاكر إن المنطقة الرمادية هي التفريق بين المدنيين والمقاتلين، إلا أن العدد الأكبر من الأطفال والنساء يعطي فكرة عن عدد الضحايا المدنيين.
شاكر: عندما لا يمكن استساغة الواقع، تفضّل إسرائيل الإنكار أو دفن الرؤوس في الرمل. طالما استطاعوا خلق ضباب الحرب والتضليل الإعلامي.. هذا يقدم ستاراً لمواصلة القتل
وقال إن هناك حاجة للتفريق بين الأرقام التي تخرج مباشرة في يوم ما، وتلك التي تجمع مع مرور الوقت، حيث تكون الصورة أوضح. وتقول الصحيفة إن الشك في أرقام الوزارة جاء بعد تفجير مستشفى الأهلي العربي، حيث قالت إن 500 قتيل سقطوا فيه، مع أن إسرائيل والولايات المتحدة قللت من الرقم وقدّرته ما بين 100- 300، ولكن الرقم الحقيقي لم يحدد بعد، ولا حتى الجهة المسؤولة عنه، فـ “حماس” حمّلت إسرائيل المسؤولية، ولكن هذه حملت حركة “الجهاد” على أساس أنها أطلقت صاروخاً حادَ عن مساره، ولكن الحقيقة لم تعرف بعد.
ويقول شاكر وغيره إنه يجب التفريق بين حصيلة القتلى المقدرة مباشرة بعد الهجوم وتلك المسجلة بعد مرور القوت. وعادة ما تكون أرقام وزارة الصحة موثوقة بسبب العناية في توثيق أسماء القتلى، ولأن الموت يعرف في داخل المنطقة المترابطة عائلياً. وقال شاكر إن “البيانات تنظم بشكل عام بطريقة مفصلة، وتحتوي على معلومات شخصية عن كل شخص، وهو ما يدفعنا للثقة بها”.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة، رفض الكشف عن هويته إن وكالته استخدمت أرقام وزارة الصحة، ولسنوات، و”لم أر شيئاً يقترح لي أنهم يفبركون الأرقام، ونظرنا إلى بعض القصف الإسرائيلي وأعداد القتلى،.. ما تزعمه الوزارة بشأن هجوم محدد متناسق مع ما شاهدناه في حروب سابقة”. وقال إن السبب وراء العدد الكبير من الضحايا أن الهجمات “أكبر وأضخم مما شاهدنا في الحروب السابقة، وليس أنهم يضخمون الأرقام”.
وقال شاكر إن وزارة الصحة الفلسطينية وجدت نفسها وسط المعركة الواسعة على الرأي العام التي حاولت فيها إسرائيل مواجهة الاتهامات الموجهة إليها بأنها تتلاعب بالأرقام من أجل التقليل من الموت بين المدنيين، والزعم كذباً أن فلسطينياً أعزل قتله الجيش الأمريكي في الضفة الغربية هو مقاتل. و”لسوء الحظ، عندما لا يمكن استساغة الواقع، تفضّل إسرائيل، وعددٌ من حلفائها، إنكارها أو دفن الرؤوس في الرمل”. و”طالما استطاعوا خلق ضباب الحرب والتضليل الإعلامي حول ما يجري، فإن هذا يقدم ستاراً للمواصلة، ومواصلة قتل 100 طفل فلسطيني أو أكثر كل يوم”.
وأشارت مجلة “تايم” إلى أن الرئيس بايدن لم يقدم دليلاً عن سبب تشككه في أرقام وزارة الصحة التي استخدمتها وزارة الخارجية في تقاريرها الداخلية والعامة، وكان آخرها في آذار/مارس.
عودة: أنكر الصرب كل القتلى في البوسنة والهرسك، وكذا رواندا، ويفعلها الروس في أوكرانيا، ونظام الأسد في سوريا
وعندما طلبت المجلة من البيت الأبيض التعليق، أحيلت إلى ما قاله المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، يوم الخميس، حيث قال إنه لا يمكن التعامل مع حصيلة الموت “على حقيقتها”، لأن “وزارة الصحة هي واجهة لحماس”، لكن الوزارة هذه ردت بتفصيل، حيث أشارت لمقتل 6.747 شخصاً منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، مع أن الوثيقة لم تشمل 281 مفقوداً. وتقول المجلة إن نشر الوثيقة كان، على ما يبدو، تحدياً مباشراً لبايدن وتعليقاته المتشككة بأرقام الوزارة في غزة، والتي تخضع، مثل بقية الوزارات في القطاع المحاصر، لسيطرة “حماس”، منذ عام 2007.
وقالت المجلة إن غزة تخضع لـ “حماس” منذ تلك الفترة، إلا أن التشكيك في مصداقية وزارة الصحة فيها يأتي للمرة الأولى بهذه الطريقة البارزة، وطالما اعتمدت المؤسسات الإخبارية على الأرقام الفلسطينية والإسرائيلية بشأن عدد الضحايا، وفعلت هذا لأنها لم تكن قادرة على التأكد منها، ولأنها كانت موثوقة في الماضي.
وقال عمر شاكر: “لديهم منفذ منهجي لمصادر المعلومات، لا أحد قادر على الوصول إليها، مثل المشارح والمستشفيات، وهذه في النهاية أدق طريقة لحساب الضحايا”.
وقالت نور عودة، المحللة في رام الله، إنه وبعد كل حرب يتم إعداد قائمة بالقتلى وتفاصيلهم العمرية وأرقام هوياتهم لأنك بحاجة لإصدار شهادات وفاة، مضيفة أن من يقوم بإعداد هذه البيانات هم عاملون في الصحة، وليسوا قادة سياسيين، “وهناك جهود متماسكة، وللأسف خبرة طويلة”. وتقول إن
التشكيك في عدد القتلى الفلسطينيين ليس جديداً، ولا يختلف من الناحية التاريخية عن إنكار التطهير العرقي سابقاً: “فقد أنكر الصرب كل القتلى في البوسنة والهرسك، وكذا رواندا”، و”يفعلها الروس في أوكرانيا، ونظام الأسد في سوريا. وهذا هو الدليل لمن يرتكبون جرائم”.