وزير العدل المغربي ينادي بـ”تجريم مطالبة نزلاء الفنادق بعقد الزواج” ويثير جدلا واسعا
عربي تريند_ زاد وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، من تأجيج نار الجدل حول قانون الحريات العامة وما جاوره من “علاقات رضائية”، حين صرح في لقاء رسمي، بأنه يرغب في تجريم مطالبة نزلاء الفنادق بعقد الزواج.
اللقاء المذكور الذي شهد التصريح المثير للوزير المغربي، كان من تنظيم المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان الأربعاء، من أجل استعراض حصيلة فحص التقارير الوطنية للمملكة المغربية المقدَّمة للآليات الأممية لحقوق الإنسان.
ومن جملة ما قاله الوزير المغربي: “كيف يمكن أن أسأل شخصين بالغين مسؤولين وأقول لهما إنه ليس من حقهما الدخول إلى الفندق لأنه ليس معهما عقد زواج”، وبالنسبة إليه فإن ذلك يعني، وفق تعبيره “أنني أقرر وأحكم مع نفسي أنهما جاءا إلى الفندق لارتكاب جريمة قبل حدوثها، وهنا أكون قد ارتكبت جريمة”.
وتابع الوزير تصريحه بالمرور على منع النساء من الإقامة في الفنادق التي توجد في مدن سكناهن، لأنه حسب قوله “ليس من المعقول سؤال مواطنة تملك البطاقة الوطنية، لماذا تريدين الإقامة في فندق وهي تسكن في نفس المدينة”، ليؤكد أن “هذه جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون”، كما أنه “يجب أن تعامل المرأة بالمثل، فالرجل يمكن أن يدخل إلى الفندق ويستأجر شقة في المدينة حيث يسكن”.
بالنسبة للحداثيين، فإن كلام الوزير وهبي “يثلج الصدر” وهو لا يدعو إلى “الاستغراب” أو “الاندهاش”، لأن ما قاله يوجد على رأس قائمة مطالبهم، لكن “المشكل” في تيار المحافظين الذين يجدون في الشريعة الإسلامية والسنة والحلال الحرام، سندهم لتبرير الهجوم على أي كان ينادي بالحريات الشخصية ويدفع في اتجاه رفع تجريم “العلاقات الرضائية”.
وتحضر هنا واقعة “المناوشة” بين وزير العدل وهبي، والأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، عبد الإله بنكيران، حين خاطب هذا الأخير الوزير محتجا على حديثه عن العلاقات الرضائية وفي رمضان، فرد عليه المسؤول الحكومي بأنه “أفضل من الشاطئ” في إشارة إلى واقعة ضبط داع وداعية ينتميان للتيار الإسلامي وهما في حالة تلبس بإقامة علاقة جنسية.
قد يكون الوزير وهبي محظوظا نوعا ما، فقد أذابت حرارة فرحة المغاربة بالإعلان عن اعتماد الملف المغربي الإسباني والبرتغالي لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030، كرة الثلج التي كانت ستصطدم بالوزير مرة أخرى خاصة في ظل واقعة الزلزال وما قبلها من امتحان المحاماة وغيرها.
الإعلاميون والمتخصصون في الشأن القانوني، فرحوا كما المغاربة أجمعين بمونديال 2030، لكن ذلك لم ينسهم الحجر الذي رماه عبد اللطيف وهبي في بحر النقاش العمومي، بل بعض الحداثيين أنفسهم لم يعجبهم كلام الوزير في هذا الظرف بالتحديد الذي يتسم بفتح نقاش عمومي حول إصلاح مدونة الأسرة (قانون الأسرة)، واعتبروه تشويشا.
الصحافي المغربي يونس دافقير كتب تدوينة بالعامية المغربية على صفحته في “الفيسبوك”، قال فيها ما معناه “أظن أن مسؤولية عبد اللطيف وهبي في قيادة تأهيل مدونة الأسرة تفرض عليه أن يعرف ما يقوله”، وأن “يتوقف عن خوض معارك أفكاره الشخصية لأنها ترفع من منسوب التشويش على النقاش العمومي حول الأسرة”.
وأضاف دافقير أنه “لا يمكن في الوقت الذي يخوض فيه الأصولي حربا أخلاقية على المدونة، أن تأتي أنت وتقول لنا يجب إلغاء عقد الزواج للرجل والمرأة كشرط للإقامة في الفنادق”، لأنه “ليس الوقت المناسب لهذا الكلام”، خاصة أن “الحرب المشتعلة على المدونة نصفها آت من أفكار وهبي في الحريات الفردية داخل القانون الجنائي”، بمعنى أن “السيد الوزير يوزع ضربات الجزاء مجانا”، وبالنسبة إليه فإن هذا يسمى “انتحارا معنويا”.
وختم الصحافي المغربي بقوله “إذا أردت أن تنتحر فذلك شغلك، ولكن ابتعد عن النقاش العمومي حول المدونة”، لأنه “لا يمكن بناء (مجد حقوقي) شخصي بقول ما يأتي على اللسان وعلى حساب البلاد والعباد”.
تدوينات عديدة كانت عبارة عن تهم ألصقت بالوزير وهبي، بينما البقية نقلت الخبر بكثير من الاندهاش لجرأة الرجل وأخرى بكثير من الامتعاض لتجرؤه على موضوع حساس مرة أخرى، ومنها من قال “حسبنا الله ونعم الوكيل”، وآخر وصف الأمر بأنه “نكسة بعدها أخرى” في إشارة إلى سوابق الوزير مع التصريحات المثيرة للجدل.
وتبرز تدوينات التيار المحافظ أو كما يحلو للحداثيين تسميته “الأصولي”، وتتوزع تعبيرات الاستياء بل حتى الغضب بين من كتب “عبد اللطيف وهبي ماض في مشروعه الانحلالي بخطى حثيثة”، وآخر كتب أن الوزير “مازال يطلق علينا جنونه”، وغيرها من نماذج لم تناقش عمق التصريح بل خاضت في قشوره.
وحسب الكثير من المحايدين الذين يتبنون مواقف رمادية، فإن المنطق يقول إنه على الجميع أن يدفع بأسبابه ومبرراته وحججه وليس لأحد الحق في الهجوم على الآخر دون تبيان أسباب ذلك.