بن غفير يدفع نحو تشريع يسمح بإطلاق الرصاص الحّي على المتظاهرين.. وفلسطينيو الداخل يطالبون بحماية دولية
عربي تريند_ كشفت القناة الإسرائيلية الرسمية، اليوم الأربعاء، عن أن شرطة الاحتلال ووزارة الأمن الوطني برئاسة إيتمار بن غفير تدرسان السماح لعناصر الأمن بإطلاق النار الحيّ على المتظاهرين في حالات الطوارئ، باعتبارهم مخلّين بالنظام العام ويقومون بسدّ طرق، وهذا ما يعتبره فلسطينيو الداخل استباحة لدمهم مجدداً من قبل وزير مدان بالإرهاب.
وأضافت القناة العبرية أن هذه الخطوة تأتي استخلاصاً للعبر من عملية التحقيق في “هبة الكرامة”، التي اندلعت خلال عملية “حامي الأسوار” (سيف القدس) في قطاع غزة في مايو/أيار 2021، وتصديًا لاحتمال قيام مواطنين عرب بسدّ محاور لمنع مركبات تابعة للجيش من المرور عليها في حال اندلاع مواجهة عسكرية. وأكد إيتمار بن غفير أنه يعمل منذ تبوّئه منصبه الحالي على تغيير أوامر إطلاق النار في الشرطة والجيش لأنها تقيد الشرطيين والجنود وتعرض حياتهم للخطر”. في حديث للإذاعة العبرية، هذا الصباح، تفاخَرَ بن غفير بأنه يقف خلف هذه المبادرة، مبرراً ذلك بالقول إن هذه خلاصة هامة من “أحداث الشغب” في مايو /أيار 2021.
ويحذّر مركز “عدالة” داخل أراضي 48 من هذه الإجراءات المقترحة، ويعتبرها استباحة لدماء المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، ويؤكد ضرورة طلب الحماية من جهات دولية.
استباحة دماء المواطنين العرب
وتعقيبًا على ذلك، قال مدير مركز “عدالة” المحامي حسن جبارين لـ “القدس العربي” إن وضع الشرطة الإسرائيلية تحت إمرة بن غفير العنصري يعرض حياة المواطنين العرب للخطر. واستذكرَ جبارين تعرّض المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل لموجة جرائم قتل لم يسبق لها مثيل تقف وراءها عصابات إجرامية، فيما تطلب الشرطة الإسرائيلية الآن السماح لها بقتل المزيد من المواطنين العرب.
جبارين: مركز عدالة ولجنة المتابعة يرون أن هناك حاجة ضرورية وملحّة للتدخل الدولي الفوري
وتابع جبارين: “نحذّر من أن إخضاع جهاز الشرطة الإسرائيلية لوزير عنصريّ كبن غفير سيشكّل خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين الفلسطينيين. هذا بالتزامن مع استشراء ظاهرة العنف والجريمة المنظمة بشكل غير معهود في المجتمع العربي داخل الخطّ الأخضر من قبل، الآن ينضمّ رجال الشرطة إلى لائحة من يستطيعون إعدام الفلسطيني بترخيص، أو بلا رقابة”.
وقال إن هبّة القدس والأقصى، في أكتوبر 2000، لم تسفر عن ارتقاء ثلاثة عشر شهيدًا فحسب، إنما جرحت المئات، وهذا النوع من التدهور الخطير يستدعي تدخلاً دولياً، حيث ثبت بشكل قاطع أن الشرطة لا تستخفّ بحياة المواطنين الفلسطينيين فحسب، إنما تحثّ أيضًا على قتلهم بشكل مباشر. وخلص جبارين للقول: “عليه، فإن مركز عدالة ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد يرون أن هناك حاجة ضرورية وملحة للتدخل الدولي الفوري، وسيقدمان طلبًا إلى الأمم المتحدة بحماية الجماهير الفلسطينية في الداخل”.
من جهته حذّرَ رئيس “القائمة العربية المشتركة” النائب منصور عباس من أن السماح للشرطيين بإطلاق النار الحيّ في حالات الطوارئ على متظاهرين ومحتجين يقومون بسد طرق قد يؤدي الى الغليان وزيادة الشعور بالإحباط في المجتمع العربي.
وفي حديث مع الإذاعة العبرية، صباح اليوم، وصف عباس هذه الفكرة بالفاشلة متهماً بن غفير بالتحضير لاعتداء جديد على المواطنين العرب، تزامناً مع الذكرى السنوية لهبة القدس والأقصى، في مطلع الانتفاضة الثانية، في مثل هذه الأيام عام 2000. واستذكر منصور عباس أن لجنة التحقيق الرسمية الإسرائيلية في “أحداث أكتوبر 2000” قد أكدت في استنتاجاتها أن إطلاق الرصاص على المتظاهرين العرب انتهاكٌ للقانون، ومحظور، وتساءل لماذا تتم العودة لتلك المأساة!
كما أفيد بأن بن غفير يطالب بدفع إجراءات تشريع القانون الذي يسمح له بتنفيذ اعتقالات إدارية، حتى على خلفية جنائية، علاوة على نصب كاميرات في الأمكنة العامة تشخّص وجوه المارة.
انتهاك الخصوصية
في سياق متصّل حذر “حملة- المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي”، من قبول مشروع قانون يسمح للشرطة الإسرائيلية بتثبيت كاميرات التعرف على الوجوه في الحيز العام، معتبراً ذلك انتهاكاً جسيماً للحقوق الرقمية والحق في الخصوصية والتجمع السلمي، وخلق حالة تذكر برقابة “الأخ الكبير” التي تعمل على مدار الساعة، وتمنع أي نوع من الخصوصية للمواطنين، وخصوصاً الفلسطينيين في الداخل، إذ يركز مقترح القانون على البلدات والمدن الفلسطينية في الداخل، بحسب تصريحات الوزراء بين غفير وليفين المبادرين له.
وينص مشروع القانون، الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريعات، في الأسبوع الماضي، بالسماح للشرطة الإسرائيلية بتركيب كاميرات تشمل على تكنولوجيا التعرف على الوجوه، وجمع المعلومات البيومترية للأفراد، في بلدات ومدن الداخل. ويأتي مشروع القرار بموافقة “ضابط شرطة” يُفعّل تشغيل الكاميرات البيومترية، ويُبرَّر القانون، وتتم محاولة شرعنته تحت سياق مكافحة الجريمة المنظمة في المجتمع الفلسطيني في الداخل.
من جهته، يؤكد مركز “حملة” أن هذا القانون يشرعن التجسّس على الحيّز العام، و يسهّل تحويل هذه الكاميرات إلى وسيلة لتخويف المواطنين، ومنعهم من ممارسة حقوقهم بشكل طبيعي، كما يتيح استغلال المعلومات الشخصية كوسيلة لابتزاز المواطنين وانتهاك خصوصيتهم. إضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه المعلومات في قمع المظاهرات والأنشطة الاجتماعية والسياسية، خصوصاً في المجتمع الفلسطيني.
منصور عباس: السماح للشرطيين بإطلاق النار الحيّ على متظاهرين قد يؤدي الى الغليان وزيادة الشعور بالإحباط في المجتمع العربي
ويرى مركز “حملة” أن خطورة هذا القانون تكمن كذلك بتغييب أي جهة إشراف رقابية، ومنح الشرطة الإسرائيلية صلاحيات واسعة في استخدام الكاميرات البيومترية دون رقابة، و دون الحاجة لإصدار مذكرة قضائية، حيث يمكّن الشرطة، ومن دون تحديد رتبة العنصر، من تشغيل هذه الكاميرات، ما يفتح الباب أمام انتهاكات واسعة تمس المواطنين، وتُعرضهم لخطر الاعتقال والاستجواب والاحتجاز التعسفي.
منظومة التعقّب
وطبقاً لـ “حملة”، يأتي مشروع القانون الجديد استكمالاً لمنظومة المراقبة الشاملة، التي تمكّن تداول المعلومات بطرق لا تلتزم بمعايير الخصوصية، بحسب مواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان الدولية بين السلطات الإسرائيلية، مثل الجيش والشرطة وأجهزة المخابرات، وتشمل أيضاً منظومة “عين النسر” التي تراقب حركة الأفراد والسيارات في الداخل وتخزن معلومات تنقلها، ومنظومة “الأداة” التي تراقب الهواتف النقالة وتخزن معلوماتها ومناطق تنقلها.
كما يؤكد مركز حملة على أن هذا القانون يشكل تهديدًا كبيرًا على الحقوق الأساسية للأفراد، بما في ذلك حقوقهم الرقمية، والحق في الخصوصية، وفي التجمعات السلمية والتعبير والتنقل، وقد يستخدم هذا القانون لاستهداف المجتمع الفلسطيني في الداخل وقمع الحريات الأساسية وزيادة التقييدات على الفلسطينيين ونشاطاتهم الاجتماعية والسياسية بسبب المراقبة الدائمة. كذلك يؤكد مركز حملة على ضرورة تحرك منظمات الحقوق الرقمية وحقوق الإنسان في المنطقة ضد الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الرقمية الفلسطينية.