فرنسا تبحث عن “أجندة مشتركة مع الجزائر” في مجلس الأمن
عربي تريند_ أثارت التصريحات الأخيرة للسفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتي الانتباه، بعد إعلانه أن بلاده مستعدة للتعاون مع الجزائر في مجلس الأمن وفق أجندة مشتركة، وهو ما يوحي بإمكانية تجاوز نقاط الخلاف الرئيسية وعلى رأسها أزمة الساحل، بعد التطورات الأخيرة خاصة في النيجر.
وعقب مراسم تسليم أوراق اعتماده، قال روماتي في تصريح له نقلته صفحة الرئاسة الجزائرية، إنه نقل رسالة خاصة للرئيس الجزائري من قبل نظيره الفرنسي، ملمحا إلى أن مضمونها يتعلق بأهداف مشتركة تريد بلاده تحقيقها مع الجزائر.
وفي ما يبدو أنها عودة تدريجية للعلاقات الطبيعية بين البلدين بعد فترة التوتر الأخيرة، أبرز السفير الجديد أن فرنسا “ستعتمد علاقة بينية أساسها التقارب لضبط أجندة مشتركة مع الاستفادة من دخول الجزائر مجلس الأمن، لغرض تقوية الحوار حول أكبر القضايا السياسية”.
وشدد روماتي على أن خصوصية العلاقة بين الجزائر وباريس تشكل دافعا للتقدم، وهي علاقة لم تشهدها فرنسا مع باقي الدول. وتابع يقول: “ما يجعل العلاقة بين البلدين وطيدة هو التاريخ المشترك، وبحكم المستقبل أيضا الذي يفرض العمل علينا العمل سويا كفرنسيين وجزائريين”.
وأكد أن هذه الخصوصية تشكل دافعا لـ”التقدم سويا ودفع علاقتنا الثنائية نحو مستقبل أفضل وتحقيق مشاريع مشتركة كبرى تحت إطار الجزائر الجديدة”، مبديا أمله في إرساء حوار صريح وصادق بين الجزائر وفرنسا حول تحديات الكبرى التي تؤثر في المحيط الذي يجمعنا”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تستعد الجزائر لدخول مجلس الأمن كعضو غير دائم بداية شهر كانون الثاني/ يناير المقبل، وهو ما سيجعلها في احتكاك مباشر مع فرنسا التي تملك مقعدا دائما. وكانت الجزائر على لسان رئيسها في خطابه الأخير بالأمم المتحدة، قد تعهدت بالدفاع عن القارة الإفريقية خلال عهدتها في مجلس الأمن، والمرافعة لصالح الحلول السياسية للأزمات بعيدا عن التدخل الأجنبي.
وفي الفترة الأخيرة، كانت الجزائر متوجسة بشدة من سعي فرنسا للدفع بخيار الحل العسكري في النيجر بعد الانقلاب على الرئيس محمد بازوم، وهو ما حاولت الدبلوماسية الجزائرية منعه عبر القيام بحملة واسعة لدى دول “الإيكواس”، ثم اقتراح مبادرة الحل السياسي التي تقترح على الانقلابيين نقل السلطة للمدنيين في ظرف 6 أشهر.
ومع مرور الوقت وتضاؤل احتمالات عودة بازوم، وتراجع دول “إيكواس” عن نبرة التهديد بالتدخل العسكري، بدا أن باريس غيرت من استراتيجيتها، حيث أعلن رئيسها عن سحب قوات بلاده في النيجر وإعادة السفير لباريس، وهو ما قد يفتح مجالا للتقارب مع الجزائر.
وما يدعم هذه القراءة، أن البلدين استعادا مؤخرا التواصل الرسمي بعد شبه قطيعة بين مسؤولي البلدين منذ عدة أشهر، حيث تم عقد أشغال الدورة العاشرة للمشاورات السياسية الجزائرية الفرنسية، في باريس، برئاسة لقاء لوناس مقرمان، الأمين العام لوزارة الخارجية، مناصفة مع نظيرته الفرنسية آن ماري ديكوت، الأمينة العامة لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية.
وسمحت هذه الدورة للطرفين وفق الخارجية الجزائرية، بإجراء تقييم مرحلي استعدادا للاستحقاقات الثنائية المرتقبة، مع التركيز على الملفات ذات الأولوية في مجال التعاون الثنائي. كما تركّزت المحادثات حول القضايا الإقليمية والدولية الراهنة ذات الاهتمام المشترك.
ومع انقضاء دورة الأزمة الأخيرة بين البلدين، يتوقع البعض إمكانية إحياء زيارة الرئيس الجزائري لفرنسا التي تم تأجيلها على مرتين، بعد أن كانت الزيارة مقررة شهر أيار/ مايو، ثم أجلت إلى ما بعد منتصف حزيران/ يونيو.
وكان تبون في حديثه الأخير لوسائل إعلام جزائرية، قد أكد أن زيارته المبرمجة لفرنسا ما زالت قائمة، معتبرا أن سبب تأجيلها يعود لعدم الاتفاق على الأجندة، إذ لا جدوى من أن تكون الزيارة رمزية فقط دون أن تتضمن تجسيد اتفاقيات بين الجانبين، وفق قوله.
ومعلوم أن العلاقة بين البلدين اتسمت في الأشهر الأخيرة بالبرود، خاصة بعد الأزمة التي خلفتها قضية الناشطة أميرة بوراوي الذي غادرت بشكل قانوني الجزائر باتجاه فرنسا مرورا بتونس، ثم ما تلا ذلك من جدل في فرنسا حول إلغاء اتفاقية التنقل والهجرة لسنة 1968 التي تتيح امتيازات خاصة للمهاجرين الجزائريين، والضجيج الفرنسي الذي أثير بمناسبة اعتماد الجزائر مرسوما خاصا بالنشيد الوطني “قسما”، يتضمن تلاوة كامل المقاطع بما فيها ذلك الذي يتوعد فرنسا بالحساب، وهو ما أثار امتعاضا جزائريا عبّر عنه وزير الخارجية أحمد عطاف.