الكشف عن وثيقة في أرشيف الفاتيكان: البابا بيوس 12 عَلِمَ بمعسكرات الإبادة النازية وآثرَ الصمت
عربي تريند_ كشفت وسائل إعلام إيطالية وإسرائيلية عن وثيقة أرشيفية تفيد بأن الحبر الأعظم الراحل بيوس 12 عَلِمَ بفظائع النازية، لكنه فضّل الصمت.
وطبقاً للتقرير، فقد بعث مندوب الكنيسة في ألمانيا رسالةً للحبر الأعظم بيوس 12، في 1942، قال فيها إن 6000 شخص، على الأقل، يُقتلون كل يوم، معظمهم يهود وبولنديون، داخل المحارق في بولندا.
ويستند التقرير لرسالة وجدت داخل أرشيف الفاتيكان، قبل عام، ونشرت أمس الأول في الصحيفة الإيطالية “كورييرا دي لا سيرا”، يستدل منها بشكل قاطع أن البابا بيوس الثاني عشر كان يعلم بما يدور داخل معسكرات التركيز والإبادة النازية، لكنه آثر الصمت.
قال البابا السابق بيندكتوس 16 إن البابا بيوس 12 أنقذ يهوداً خلال الكارثة أكثر من أي جهة أخرى.
وفي الرسالة المرسلة من قبل الكاهن الألماني، المدعو لوثر كينغ، هناك تفاصيل حول ما يدور في معسكر الإبادة “بلزيتش” في بولندا. يشار إلى أن البابا في فترة الحرب العالمية الثانية بيوس الثاني عشر كان قد اتُّهم، في السابق، من قبل يهود كثر أنه فضّل السكوت على جرائم المحرقة، أو على الأقل لم يفعل ما يكفي لوقفها.
وتشمل هذه الرسالة، التي نشرتْها صحفٌ عبرية اليوم، ملحقاً بأسماء الكهنة المعتقلين داخل معسكر التركيز” ديخاو”، قريباً من ميونيخ، وهي تذكر أيضاً معسكر التركيز والإبادة النازي في “أوشفيتس” على الأراضي البولندية، وإشارة لأعداد اليهود والبولنديين ممن يقتلون كل يوم.
وحسب موقع “واينت” العبري، اليوم، فإن الغرض من الرسالة المذكورة، المرسلة في 14.12.1942، كان إطلاع الفاتيكان على الملاحقة التي يتعرّض لها أيضاً رجال الدين المسيحيون في ألمانيا وبولندا.
وجاء أيضاً، في التقرير، أن الكشف عن هذه الرسالة التاريخية الآن فقط تمّ بعدما نجح الباحثون في التعرّف على كاتبها، الذي وقّعها بـ “المخلص لك لوثر”.
ويؤكد التقرير الصحفي أنه رغم بلوغ أنباء الفظائع النازية بقيادة هتلر آذان الحبر الأعظم بيوس الثاني عشر، قبل هذه الرسالة، فإن هذه تنطوي على قيمة استثنائية، بسبب حقيقة كون مصدرها الكنيسة ذاتها، ومن مصدر موثوق.
ويرى باحث أرشيف الفاتيكان جوفاني كوكو أن الرسالة مهمة جداً لأنه لم “يكن للبابا مصدر موثوق أكثر من كاهن ألماني في الكنيسة يكتب ما رآه وسمعه”. وتنقل الصحيفة الإيطالية عن كوكو قوله إنه لا يمكن التثبّت بشكل مؤكد هل تسلّمَ البابا بيوس 12 الرسالة هذه، لأنها وصلت في البداية لسكرتيره الشخصي، الذي تولى مهمة إطلاع الحبر الأعظم على المعلومات، أو يطلعه على مستندات مباشرة”.
ويرى موقع “واينت” الإسرائيلي أن هذه الرسالة الأرشيفية هي بمثابة “مسدّس مدخن”، أي أنها دليل قاطع على مزاعم مؤرخين سبق أن أكدوا أن البابا بيوس 12 علمَ بأمر المحرقة خلال تحقّقها، ولكنه لم يفعل ما من شأنه أن يوقفها. موضحاً أن بعض المؤرخين رجّحوا أن البابا بسلوكه هذا اختار عدم المواجهة مع أدولف هتلر، فصمتَ لأنه خشي من الشيوعية أكثر من النازية، وآمن أن الغلبة في الحرب العالمية الثانية ستكون للنازيين، ورغبَ بالتالي تحاشي ابتعاد ملايين المؤمنين الكاثوليك الألمان عن الدين.
بعض المؤرخين رجّحوا أن البابا اختار بصمته عدم المواجهة مع أدولف هتلر.
في المقابل كان هناك مؤرّخون ادعوا أن البابا بيوس الثاني عشر قد صمتَ علانيةً، لكنه في السر سمح للكاثوليك بإنقاذ يهود من الموت وحمايتهم من النازيين، بل خشي في قرارة نفسه أن المسيحيين الكاثوليك هم من يقفون بالدور بعد اليهود بالنسبة للنازية.
ويأتي الكشف عن هذه الرسالة التاريخية واحداً من أهم الكشوفات الأرشيفية، بعدما أتاح البابا الحالي فرنسيس فتح أرشيف البابا بيوس 12، عام 2019، مدعياً أن الكنيسة لا تخاف من التاريخ.
يذكر أن البابا السابق بيندكتوس السادس عشر قد زعم، عام 2010، أن البابا بيوس 12 قد أنقذ يهوداً خلال الكارثة أكثر من أي جهة أخرى. وقتها قال بيندكتوس ذلك في تصريحات صحفية، عشية صدور كتابه “نور العالم”، زاعماً أن الفاتيكان قد أجرى تحقيقاً داخلياً للمستندات التاريخية الخاصة بالبابا بيوس 12، وبموجبها تم نفي الاتهامات الموجهة له.
يشار إلى أن الكاتب البريطاني جوردون توماس قال، في 2013، إن مستندات الفاتيكان التي بلغتْه تفيد بأن البابا بيوس 12 عملَ في إنقاذ يهود، لافتاً إلى أن هذا ما أكده أيضاً ناجون تمّ استجوابهم في هذا الخصوص. وقال إنه فيما صمت رجال دين مسيحيون على المحرقة عمّمَ بيوس 12 مباركته لمن أخفى يهوداً داخل أديرة في أوروبا، وأشرفَ على مساعي كهنة خاطروا بحياتهم، وهم يسعون في عملية سرية إنقاذ يهود.
وفي هذا السياق، قال جوردون توماس إن مئات اليهود في إيطاليا، ومئات اليهود في هنغاريا، قد حازوا على أوراق ثبوتية مزوّرة عرّفتهم ككاثوليك، وبذلك نجوا من ملاحقات النازيين، فيما وجد 4000 يهودي الملجأ والغذاء والملبس داخل أديرة إيطالية.