زلزال المغرب: ما دلالات امتناع الرباط عن قبول المساعدات الفرنسية؟
عربي تريند_ أثار إعلان السلطات في المغرب، ليل الأحد، موافقتها على تلقي مساعدات لمنكوبي الزلزال من أربع دول فقط، هي إسبانيا وقطر وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة، أكثر من علامة استفهام حول عدم ردها على عروض دول أخرى، لا سيما فرنسا، التي تعيش علاقاتها مع الرباط فصلا من التوتر يستمر منذ سنتين.
وقبل صدور الإعلان المغربي، بدا لافتا حجم الغضب الذي اجتاح وسائل الإعلام الفرنسية خلال الساعات الماضية إزاء عدم موافقة السلطات المغربية، في حين اشتكى رئيس منظمة “منقذون بلا حدود” غير الحكومية أرنو فريس، أمس الأحد، مما سماه منع المغرب فرق الإغاثة المستعدة لتقديم المساعدة لضحايا الزلزال.
وأثار الجدل الذي فجره الإعلام الفرنسي وتصريح رئيس المنظمة غير الحكومية الفرنسية أسئلة حول ما إذا كان عدم موافقة الرباط على المساعدات الفرنسية مؤشرا آخر إلى استمرار الأزمة الصامتة التي تخيم على العلاقات بين البلدين.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن، الأحد، أن بلاده مستعدة لدعم المغرب عندما توافق السلطات المغربية، وقال خلال تصريحات صحافية في ختام قمة دول مجموعة العشرين في نيودلهي: “لقد حشدنا كافة الفرق الفنية والأمنية لتتمكن من التدخل عندما ترى السلطات المغربية ذلك مفيدا”.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر، أمس الأحد، إن “فرنسا تنتظر من المغرب طلبا رسميا لتقديم المساعدة عقب الزلزال القوي الذي وقع فيه في وقت متأخر من يوم الجمعة، وأودى بحياة أكثر من ألفي شخص”.
واضافت، في مقابلة مع قناة (BFM) التلفزية: “سفارتنا بالمغرب في حالة تأهب قصوى، والأمور تحت سيطرة السلطات المغربية اليوم”.
وتعليقا على الجدل المثار حول عدم موافقة السلطات المغربية على المساعدات الفرنسية، قال الباحث في تاريخ العلاقات الدولية بوبكر أونغير، في تصريح لـ”العربي الجديد”: “ما أثاره الجانب الفرنسي غير دقيق، وما كان من الملائم إثارته في مثل هذه الأوضاع الصعبة التي يمر بها المغرب، والتي من المفروض أن يتم فيها البحث عن كل ما يهم إنقاذ الضحايا والعالقين إثر الزلزال المدمر الذي عرفه المغرب”.
وتابع: “كان على الإعلام الفرنسي الذي أثار الموضوع أن لا يبحث عن مبررات لتأزيم العلاقات بين البلدين، إذ إنه في أوقات المحن والكوارث لا بد من استحضار لغة العقل ولغة التضامن لا البحث عن نقاشات سياسية وإعلامية تنبش في الجراح وتوسع الهوة بين الشعبين المغربي والفرنسي”.
قضايا وناس
زلزال المغرب: هكذا يتواصل التضامن الدولي
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية، ليل الأحد، أن السلطات المغربية أجرت تقييما دقيقا للاحتياجات في الميدان، آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية، وأنه “على أساس ذلك، استجابت السلطات المغربية، في هذه المرحلة بالذات، لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والتي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ”.
وأوضحت، في بيان لها، أنه “باعتماد نهج التنسيق وتقييم الاحتياجات المرتبطة بهذه الفترة الحرجة، فقد دخلت هذه الفرق، الأحد، في اتصالات ميدانية مع نظيراتها المغربية”.
ولفتت إلى أنه “يمكن مع تقدم عمليات التدخل أن يتطور تقييم الاحتياجات المحتملة، مما قد يؤدي إلى اللجوء لعروض الدعم المقدمة من دول أخرى صديقة، حسب احتياجات كل مرحلة على حدة”.
وقالت إنه “من هذا المنطلق تؤكد المملكة المغربية ترحيبها بكل المبادرات التضامنية من مختلف مناطق العالم، والتي تؤكد مدى احترام هذه الدول واعترافها بالالتزام الراسخ للمغرب ومساهماته العديدة في أعمال الدعم الإنساني الدولي، والتي تتم وفقا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس”.
وعلى امتداد الأشهر الماضية، بدا لافتاً للانتباه أن العلاقات المغربية الفرنسية هي في أدنى مستوياتها، رغم الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى العاصمة المغربية الرباط في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهي الزيارة التي كان عنوانها البارز السعي لتجاوز القضايا الخلافية التي عكرت صفو العلاقات بين البلدين.