موقع إسرائيلي يفسّر العلاقات السرية بين تل أبيب وإريتريا.. وتحذيرات من التحريض على الأجانب
عربي تريند_ تحذر صحيفة “هآرتس” العبرية، في افتتاحيتها اليوم، من إطلاق حملة تحريض و”تهويش” على الأغيار والأجانب في البلاد، بعد الأحداث الدامية في تل أبيب بين معسكرين متصارعين من المهاجرين المتسللين الأفارقة، قبل يومين، فيما تكشف تقارير صحفية عن عمق العلاقات السرية بين إسرائيل وبين إريتريا.
تحت عنوان “فرصة لمهاجمة الأجانب” قالت “هآرتس” إن الحكومة الكاهانية– الشعبوية تقفز على الأحداث العنيفة الأخيرة في جنوب تل أبيب بين أنصار النظام الحاكم في إريتريا ومناهضيه، وكأنها عثرت على غنائم كثيرة. واستذكرت الصحيفة العبرية كيف سارع ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لإصدار بيان، بعد ساعات قليلة من الأحداث، أشار فيه لاجتماع فوري للجنة وزارية لاتخاذ إجراءات بحق “المشاغبين“، بما فيها الطرد.
وتابعت: “في اليوم التالي، قال بنيامين نتنياهو إن الهدف هو صياغة خطة متكاملة ومحدّثة لإخراج كل المتسللّين غير الشرعيين من البلاد”.
ولاحقاً، قال نتنياهو إن الحل الوحيد لقضية المهاجرين هو ترحيلهم من البلاد، إما طوعًا، أو بوسائل أخرى، مشيرًا إلى أن الجهاز القضائي وضع عراقيل أمام ذلك. وأكد، في تصريحات للصحافيين في مطار بن غوريون الدولي، قبل توجهه إلى قبرص، أن اقتراح الأمم المتحدة منح المواطنة لستة عشر ألف متسلل يعيشون في إسرائيل لن يحل المشكلة، لكونه يشجّع ملايين آخرين من إفريقيا إلى دخول البلاد، الأمر الذي سيؤدي الى زعزعتها.
ويبدو أن نتنياهو يراهن على ذاكرة قصيرة للإسرائيليين، حيث كان قد وقّع، عام 2018، اتفاقاً مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة يقضي بترحيل 16 ألفاً من المتسللين الإرتريين لدول غربية، مقابل تأهيل عدد مماثل منهم، وإبقائهم للعمل في البلاد بصفتهم مقيمين مؤقتين، وما لبث أن أعلن تراجعه عنه بضغط من أوساط اليمين احتجت على إبقاء آلاف من الأفارقة في البلاد حتى كمقيمين مؤقتين.
وإلى جانب افتتاحيتها، اليوم، تنشر “هآرتس” رسم كاريكاتير ساخراً يبدو فيه شرطي إسرائيلي يحقّق مع مهاجر من إريتريا حول مشاركته في أعمال الشغب في تل أبيب، سائلاً: أنت مع النظام المستبد؟ ويرد المهاجر: أي منهما؟ ديكتاتورنا أم ديكتاتوركم؟
وطبقاً لتقارير صحفية عبرية هناك، اليوم، نحو 17 ألف متسلل من إريتريا في البلاد، تقيم أغلبيتهم في جنوب تل أبيب، ويعملون في أعمال سوداء ويحولون قسماً من مداخيلهم لأقارب في وطنهم، ويسددون ضرائب للحكومة الإيرترية.
قاعدة استخباراتية على ساحل البحر الأحمر
وينقل موقع “واينت” العبري عن “مصادر أجنبية” قولها إن إسرائيل تملك قاعدة استخباراتية في إريتريا، وإن هناك توتّراً في العلاقات بينهما في المدة الأخيرة. ويوضح أن إريتريا، التي تعتبر “كوريا الشمالية” الخاصة بالقارة الإفريقية، تعيش أزمة في العلاقات مع دولة الاحتلال، وأن السفارة الإسرائيلية في أسمرة مهجورة منذ 2020، فيما يعارض النظام الحاكم فيها عودة إسرائيل للاتحاد الإفريقي بصفتها عضواً مراقباً.
وتتجلى الأزمة في العلاقات الثنائية بتصويت مندوبي إريتريا ضد إسرائيل في محافل ومؤسسات دولية أيضاً.
ويمضي موقع “واينت” في رسم ملامح هذه العلاقات المركّبة، ويتساءل كيف إذن لا تنقطع العلاقات الدبلوماسية رغم الأزمة الحاصلة؟ ويوضح أن أحد التفسيرات لذلك وجود سلة مصالح أمنية لإسرائيل في القرن الإفريقي، صاحب الموقع الجغرافي الإستراتيجي، منوها للقاعدة الاستخباراتية الإسرائيلية، ولوجود غواصات تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي في تلك القاعدة على ساحل البحر الأحمر.
ويستذكر “واينت” أن الدبلوماسيين الإسرائيليين هجروا السفارة في أسمرة، في أبريل/نيسان 2020، وفي نوفمبر/تشرين ثاني من ذات العام، انضم الجيش الإريتري للجيش الإثيوبي في الحرب ضد “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”، وتم توجيه تهمة للجيشين بارتكاب فظائع ضد السكان المحليين، وسارعت الولايات المتحدة لفرض عقوبات على شخصيات في إريتريا، وعلى رأسها قائد الجيش.
ويوضح أيضاً أن الجيشين الإريتري والإثيوبي أدارا حرب عصابات مسلحة طيلة 32 عاماً، وفقط في 1991 نالت إرتيريا استقلالها وتحولت لدولة استبداد. منوها أن معظم المتسللين وطالبي اللجوء من إرتيريا في إسرائيل، في الفترة بين 2006 و 2011 كانوا من الرجال (80%)، وباتوا يتحدثون اللغة العبرية. وفي الذروة بلغ تعداد المتسللين من إريتريا في إسرائيل نحو 50 ألف شخص تبقى منهم اليوم نحو 17 ألف نسمة، معظمهم معارضون للنظام الديكتاتوري في أسمرة، وهربوا منه.
ويقول “واينت” إن نحو 2000 متسلل من إريتريا غادروا إسرائيل، في العام الأخير، قسم منهم عاد لوطنه، وقسم آخر التحق بعائلته في كندا والولايات المتحدة ودول إضافية، وفي كل شهر يغادر بين 300 و 500 من الإريتريين طواعية.
السفارة الإريترية في تل أبيب
أما سفارة إريتريا في تل أبيب فهي قائمة منذ 2004 وتدار من قبل موظف معين بدلاً من السفير الغائب، وكانت قد قدمت طلباً للسلطات الإسرائيلية لتنظيم مهرجان ثقافي في المدينة، وتجنيد دعم مالي للنظام الحاكم في أسمرة. غير أن معارضي النظام من المهاجرين الإريتريين في البلاد طلبوا التظاهر ضد إقامة المهرجان، ومع انطلاق أعماله اندلعت مواجهات دامية بين مؤيد ومعارض، طيلة يوم السبت، أصيب فيها عدد من عناصر الشرطة الإسرائيلية، وهذا ما اعتبرته جهات سياسية وإعلامية إسرائيلية إخفاقاً استخباراتياً تنظيمياً للشرطة، التي كان عليها التفريق بين “الصقور”، ومنع الاشتباكات والصدامات العنيفة داخل شوارع تل أبيب التي خرجت عن السيطرة.
ويقول معارضو النظام الإريتري الحاكم إن أنصاره يعملون جواسيس لصالحه، ويزوّدونه بكل التفاصيل الخاصة بالمعارضين، وقالوا إن النظام الديكتاتوري في أسمرة يلاحق عائلات المعارضين، وينتقم منهم، بل يأخذهم رهائن، ويدفعهم للعيش في رعب دائم.