قتيل فلسطيني ومواجهات عنيفة في مخيم طولكرم.. “بروفا” المواجهة بين الأجهزة الأمنية ومجموعات المقاومة
عربي تريند _ ينظر مراقبون إلى ما جرى صباح الأربعاء في مخيم مدينة طولكرم على أنه “بروفا” مؤلمة لما يمكن أن يحدث بين الأجهزة الأمنية ومجموعات المقاومة الفلسطينية فيما لو ظل خيار المواجهة قائما بين الطرفين.
وقُتل شاب متأثراً بإصابته خلال مواجهات مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مخيم طولكرم الذي يعد ثاني أكبر مخيم للاجئين في الضفة الغربية حيث يبلغ عدد سكانه 11 ألف نسمة.
ويقع المخيم الذي تأسس عام 1950 ضمن حدود بلدية طولكرم على الحافة الغربية للضفة، حيث شهد منذ قرابة عام، تأسيس مجموعات مقاومة فلسطينية من ضمنها مجموعات الرد السريع وكتيبة مخيم طولكرم.
وقالت مصادر محلية، إن المواجهات اندلعت بعد محاولة شبان منع عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية من إزالة متاريس وضعها مقاومون في وقت سابق، لإعاقة تقدم قوات الاحتلال خلال الاقتحامات المتكررة للمخيم.
وذكرت أن شاباً قُتل متأثراً بإصابته بجروح خطيرة جراء إصابته بالرصاص الحي خلال المواجهات مع الأجهزة الأمنية.
وأعنلت وزارة الصحة عن مقتل الشاب عبد القادر زقدح، فيما أصيب الحاج فخري العارضة، والد الشهيد رمزي العارضة، بالاختناق جراء إطلاق عناصر الأجهزة الأمنية قنابلَ الغاز المسيل للدموع بكثافة.
وأضافت المصادر أن اشتباكات مسلحة اندلعت في المخيم مع عناصر الأجهزة الأمنية بعد قمع محاولة منع إزالة المتاريس.
وقالت كتائب مخيم طولكرم، في مؤتمر صحفي، إن “الأجهزة الأمنية أطلقت النار تجاه عناصرها والأهالي، مما أدى لإصابة شاب بجروح خطيرة جداً”.
وأضافت في توثيق مصور ظهر فيه مجموعة من المسلحين غير الملثمين أن “الأجهزة الأمنية أزالت المتاريس التي وُضعت لإعاقة تقدم قوات الاحتلال”.
وقالت: “لن نسكت عن هذا الفعل الذي يساعد الاحتلال، ولن نتهاون بكل من قام بهذا الانتهاك الدموي”.
وختمت أنها “لن نسمح للأجهزة الأمنية بدخول المخيم بعد اليوم”، وطالبت الحكماء بالتدخل لدى الأجهزة الأمنية.
وبعد انتشار خبر موت الشاب المصاب، أشعل شبان غاضبون إطارات أمام مدخل المخيم، فيما سادت حالة من التوتر الشديد في المنطقة.
وتظهر الفيديوهات التي التقطها نشطاء عمليات تبادل إطلاق نار بين مسلحين وعناصر مقنعة من أجهزة الأمن الفلسطينية، فيما قام مواطنون بالتوسط بينهم لمنع إطلاق النار.
وذكرت مصادر محلية أن مقاتلين في كتيبة طولكرم، أبلغوا قائد الأمن الوطني في مكالمة هاتفية أن العبوات الموجودة على الحواجز في محيط المخيم فارغة من أي مواد متفجرة، والوضع اشتعل بعدما أطلق عنصر أمن قنابل غاز، رغم أن الأمور كانت في طريقها للحل والمسلحون كانوا قد بدأوا بالانسحاب.
وعلى مدى ساعات، سادت حالة من الخوف والذعر بين المواطنين أمام كثافة إطلاق النار.
وأعلن الأمن الفلسطيني في المدينة، أنه وبعد أن تلقى عدة شكاوى تقدم بها مواطنون، وهيئات تدريسية بسبب إغلاق الطرقات ووضع عبوات ناسفة على جانبها وهو يشكل خطرا على طلبة المدارس والمواطنين، قامت عناصر الأمن بالتدخل لإزالتها.
وقال المفوض السياسي العام، والناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية اللواء طلال دويكات، إن الأجهزة الأمنية أزالت مواد خطرة وحواجز من داخل مخيم طولكرم.
وأضاف في حديث صحافي مع الإعلام الرسمي الفلسطيني “وكالة وفا” أن قوى الأمن الفلسطيني تلقت عدة شكاوى من مؤسسات وأفراد في محافظة طولكرم، حول وجود مواد خطرة وحواجز أمام مدارس الأطفال وفي الطرقات داخل مخيم طولكرم، وبناء على ذلك تحركت الأجهزة الأمنية وأزالتها، منعاً لأي مخاطر قد تنجم عن وجودها.
وأشار إلى أنه بعد أن أنهت القوة الأمنية مهمتها، قام بعض الشبان المسلحين بإطلاق النار أمام مبنى المحافظة، الأمر الذي استدعى تدخل قوى الأمن لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لضبط الحالة الأمنية، ومنع أي مظاهر تهدد السلم الأهلي في محافظة طولكرم.
وفي ذات السياق، استنكر النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة الأحداث المؤسفة في طولكرم، والتي افتعلتها أجهزة السلطة بإزالة الحواجز التي وضعتها المقاومة للتصدّي لقوات الاحتلالِ.
وشدد خريشة أنه كان بالإمكان لأجهزة السلطة تفادي الأحداث في المخيم منذ بدايتها، إلا أن سوء إدارتها أدى لتطوّر الأحداث إلى اشتباكات وسقوط العديد من الجرحى.
واعتبر أن تلك الأحداث تنخرُ النسيج المجتمعي الفلسطيني وستتطور إلى فتنة داخلية في حال عدم معالجتها سريعا. معتبرا أنها مسيئة للشعب الفلسطيني.
وفي ذات السياق، حمل الأسبوع الماضي مواجهات بين مقاومين وقوى أمنية فلسطينية في محافظة طوباس، حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية عدي الشحروري المطارد المطلوب للاحتلال الإسرائيلي، والذي ينتمي لكتيبة طوباس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، بعد حصاره لساعات في منطقة الفارعة بمدينة طوباس.
وأظهرت مقاطع فيديو لحظات حصار قوات أمنية فلسطينية الشحروري الذي رفض تسليم نفسه، قبل أن يتمكن أفراد الأمن من اعتقاله الجمعة الماضية.
وكان مواطنون غاضبون قد أغلقوا عدة شوارع في طوباس احتجاجا على محاصرة الشحروري، كما اندلعت مواجهات بين الشبان الغاضبين وأجهزة الأمن التابعة للسلطة التي عززت قواتها في مكان الحدث.
وأثناء حصاره، قال الشحروري في سؤال استنكاري موجها حديثه لأجهزة السلطة: “لماذا تحاصرونني.. أنا أقاوم الاحتلال؟ أنا مطارد للاحتلال فما مشكلتكم معي؟ أنا لم أقترف أي شيء ضدكم”.
وشهدت مدينة نابلس اشتباكات مسلحة في الرابع من أغسطس الحالي بين مقاومين وأجهزة السلطة أثناء محاولتها إزالة حواجز صخرية وحديدية عند مدخل مخيم بلاطة. حيث استعانت أجهزة السلطة بجرافات في عملية إزالة هذه العوائق، حيث ردّ الشباب والأهالي بإلقاء الحجارة صوبها.
وفي مخيم جنين، ذكرت مصادر محلية أن الجهات الرسمية تقايض مقاومين بتسليم أسلحتهم مقابل إعمار ما دمرته جرافات الاحتلال في البنية التحية في المخيم قبل نحو شهر ونصف.
كما أدان أسرى بلدة يعبد قضاء جنين، في رسالة من داخل سجون الاحتلال، اعتقالَ الأجهزة الأمنية الفلسطينية لأسرى محررين ونشطاء من البلدة، خلال الفترة الماضية.
وقال الأسرى في رسالتهم: “في الوقت الذي نغيب به بقوة الاحتلال في غياهب السجون، تلاحق فئة ضالة أخوتنا وأبنائنا ونحن نعتصر ألماً وشوقًا لرؤيتهم”.
وشدد الأسرى على “حرمة ملاحقة المحررين والمناضلين”.
وتواصل أجهزة السلطة الفلسطينية استهداف المقاومين والأسرى المحررين والنشطاء على خلفية سياسية، بحسب مجموعة “محامون من أجل العدالة” التي قالت إنها رصدت 727 حالة اعتقال منذ بداية العام الجاري، ضمت عشرات الناشطين السياسيين والمواطنين على خلفية انتماءاتهم السياسية وحرية الرأي والتعبير، وأخرى استهدفت طلبة جامعيين على خلفية نشاطاتهم الطلابية.
وأكدت هذه المنظمة الحقوقية، أنها وثّقت عشرات حالات التعذيب، منها 14 حالة عبّر أصحابها بوضوح عن تعرضهم للتعذيب في محاضر التحقيق أمام النيابة أو المحكمة.
وتنفي جهات أمنية فلسطينية ملاحقتها لمقاومين، حيث تؤكد أن “الأمن الفلسطيني لا يلاحق المطاردين، بل الخارجين عن القانون والذين يهددون السلم الأهلي”.