بعد لقائه مع المنقوش.. كوهين يخرج عن صمته ويرد على “ليبيا غيت”
عربي تريند_ بعد الضجة الواسعة وحملة الانتقادات الداخلية والخارجية، خرج وزير الخارجية في حكومة الاحتلال إيلي كوهين عن صمته، وقال إن “خصوما سياسين” يهاجمونه على فضح “اللقاء التاريخي السرّي” مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، دون الاطلاع على التفاصيل”.
وفي تغريدة له صباح اليوم الثلاثاء، زعم كوهين أن خصوما سياسيين في إسرائيل ليس بحوزتهم أي منجزات حقيقية، يسارعون لتوجيه انتقادات له بدون معرفة حقيقة ما جرى بالتفصيل، وتوجيه التهمة له بـ”تسريب غير موجود”.
جهات إسرائيلية وجهت انتقادات لاذعة لكوهين، واتهمته بالصبيانية والمراهقة السياسية، بعدما سارع للكشف عن لقائه مع نجلاء المنقوش
كما زعم كوهين أن وزارة الخارجية التي يرأسها، تعمل بشكل دائم في آفاق علنية وسرية، وضمن تشكيلة طرق تبقى طي الكتمان، بغية تعزيز علاقات إسرائيل الخارجية. واستعرض كوهين “عضلاته” بالإشارة لـ”منجزاته الدبلوماسية” منذ مطلع العام، ومنها فتح سماء سلطنة عمان أمام حركة الطيران الإسرائيلي، واتفاق تجاري مع الإمارات، وفتح سفارتين إسرائيليتين في دولتين إسلاميتين، وثلاث سفارات أجنبية في تل أبيب في طريقها للانتقال إلى القدس، وغيرها من المكاسب التي لم تكن لتتحقق لولا عمليات تمهيد سرية، وقيادة خطوات ومبادرات في قنوات كثيرة ما زالت طي الكتمان”، بحسب قوله.
ورغم مشاركة موظفين كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية، في توجيه الانتقادات لكوهين، قال الأخير إن الانتقادات والحملات على وزارته وعلى “موظفيها الممتازين” لن تردعه وإياهم من مواصلة العمل دون كلل من أجل إسرائيل، ومن أجل إنتاج وتعزيز علاقات مع أصدقائنا الكثر في العالم، وبشكل خاص في العالم العربي”.
مراهقة سياسية
وتواصل جهات إسرائيلية توجيه الانتقادات اللاذعة لكوهين، وتتهمه بالصبيانية والمراهقة السياسية، بعدما سارع للكشف عن لقاء مهم كان ينبغي أن يبقى سريا ريثما تنضج الاتصالات مع الحكومة الليبية. وقال عدد من نواب المعارضة اليوم في تصريحات إعلامية، إن كوهين سارع ليروي ماذا بحوزته من معلومات كان يفترض أن تبقى سرا، لكنه فضّل البحث عن عنوان في صحيفة، ومحاولة التباهي بجولاته ولقاءاته على مصلحة الدولة، ملحقا بها ضررا دبلوماسيا فادحا.
ونقلت تسريبات صحافية عبرية عن جهات في مكتب رئاسة الوزراء، عدم رضاها عن هذا الكشف المتسّرع. وبرزت انتقادات من جهة “الموساد” حيث اعتبرت أن ما قام به الوزير “عمل صبياني غير مسؤول”.
ويرى المعلق السياسي في صحيفة “هآرتس” روغل ألفير، في مقاله المنشور اليوم، أن بقاء كوهين في منصبه كوزير للخارجية، هو عارض من عوارض الفساد الذي استبد بهذه الحكومة. وقال إنه لو كان مديرا لشركة كبرى لتمّ وقفه عن العمل فورا بل طرده. واعتبر ألفير أن ما جرى يعكس قلة فهم لأسس وظيفة وزير الخارجية، وفقدانا خطيرا لرجاحة الرأي. وأضاف: “هذا الكشف أدى لضرردبلوماسي فادح في إسرائيل. وفي ليبيا، أدى لحالة فوضى عارمة كادت تودي بحياة نجلاء المنقوش”.
الأضرار الدبلوماسية
ويمكن فهم هذه الحملات والانتقادات الموجهة ضد كوهين، فهي تنمّ عن عدة اعتبارات وحسابات منها داخلية سياسية وحزبية، كون تصريحاته تنطوي على ذخيرة سياسية- إعلامية قاتلة ضد الووزير وضد حكومة نتنياهو الذي يضع مصالح إسرائيل العليا بيد ثلة من الوزراء عديمي التجربة، والمفرطين في نشر أخبارهم على منتديات التواصل الاجتماعي.
تخشى أوساط إسرائيلية معارضة وحكومية، أن يؤدي هذا الكشف لقطع اتصالات سرية تجري منذ سنوات مع ليبيا، طمعا في ضمّها لنادي “المطبعّين العرب”
كذلك تخشى أوساط إسرائيلية معارضة وحكومية على حد سواء، أن يؤدي هذا الكشف عن لقاء سري لقطع اتصالات سرية تجري منذ سنوات مع ليبيا، طمعا في ضمّها لنادي “المطبعّين العرب” مثلما تخشى أن تزعزع ثقة أنظمة عربية وإسلامية بإسرائيل، وتردعها ربما عن إجراء اتصالات سرية خوفا من فضح مَن يشارك فيها. ولذلك، يصف بعض المراقبين الإسرائيليين ما جرى بـ”ليبيا غيت”.
وهي فعلا فضيحة ثقيلة من فصيلة “ووتر غيت” بالنسبة لإسرائيل، خاصة أنها تجهز( أو تؤجل طويلا على الأقل) لمساعي خفية لصفقة بين إسرائيل وحكومة ليبيا، في صلبها تطبيع مقابل “شق الطريق أمام الشرعية للنظام الليبي الحالي في الغرب. لكن الفضيحة الأكبر هي في الجانب الليبي، فاللقاء “السري التاريخي” في روما لم يحدث عرضا أو صدفة، ولم يأت على عاتق نجلاء المنقوش التي أقدمت على هذا اللقاء مع وزير خارجية الاحتلال بخلاف رغبة الشعب الليبي، بل بتوجيه من الحكومة ورئيسها عبد الحميد الدبيبة.
زيارات حفتر
والحديث عن لقاءات سرية بين مسؤولين ليبيين ومسؤولين في حكومات الاحتلال ليس جديدا منذ 2011. فقد قالت تسريبات صحافية عبرية قبل نحو عام، إن الجنرال خليفة حفتر، زار تل أبيب أكثر من مرة، وشوهدت طائرته في مطار بن غوريون.
قبل ذلك، في قمة عمان عام 2001، نُقل عن قائد عربي قوله إنه سمع القذافي داخل جلسة مغلقة، يقول إنه لا مانع لديه من دخول إسرائيل الجامعة العربية في حال استجابت لشروط حددها. وحسب المصدر، قال القذافي إن شروطه لقبول اسرائيل في الجامعة العربية هي ثلاثة: “عودة الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة، ونزع أسلحة الدمار الشامل، وحلّ مسألة القدس”.
بين هذا وذاك تبقى الحقائق على الأرض واضحة، وأهمها أن الشعب الليبي يرفض التطبيع مع إسرائيل، كما هو الحال مع شعوب عربية أخرى كجيرانه الجزائريين مثلا.
بين طرابلس وسرت
في نيسان/ أبريل 2010، زار وفد من فلسطينيي الداخل، الجماهيرية الليبية، ضمّ 40 رجلا وامرأة (النائب السابق حنين زعبي) واستقبلهم مطولا الرئيس المناوب للقمة العربية الراحل معمر القذافي، ودعاهم للمساهمة في القضاء على إسرائيل بالإنجاب وبالديموغرافيا حتى يصبح اليهود أقلية في فلسطين بين البحر والنهر.
في اليوم الأول، حاول أعضاء الوفد الفلسطيني المتلهّف لرؤية ولقاء الليبيين والتعرف على بلد عربي شقيق، أن يتجولوا في شوارع طرابلس الغرب، لكن السلطات الليبية حالت دون ذلك بدعوى “الحفاظ على الأمن”. وهكذا في اليوم التالي بمدينة سرت الساحلية، مُنع الوفد من التجول، ورفض القذافي بأدب طلب الوفد زيارة مدينة بن غازي (مدينة نجلاء المنقوش) لتلاوة الفاتحة على ضريح المجاهد الشهيد عمر المختار.
ربما هو الخوف من “وصمة التطبيع” والخوف من الاطلاع على حقيقة موقف الليبيين من النظام الليبي قد دفعا النظام الحاكم وقتها لإبقاء الزيارة داخل الفنادق وبين المؤسسات دون بعد شعبي.
لكن كاتب هذه السطور المشحون بلهفة إضافية وبرغبة صحافية للتعرف على واقع الحياة في ليبيا، وتحسس نبض الشارع، تمكّن من التسلل لزمن قليل إلى داخل البلدة القديمة (العثمانية) لطرابلس، وكانت هذه الزيارة الخاطفة كافية ليستشعر دفء الرابطة الوجدانية بين الشعب الليبي وفلسطين، مما يجعل الهبّة الشعبية في الشارع الليبي احتجاجا على اللقاء السرّي في روما مفهومة وطبيعية.