رئيس حزب جزائري يدعو إلى البحث في أسباب عدم دخول بريكس.. وردات فعل مستغربة لمعايير الاختيار
عربي تريند_ خلّف عدم اختيار الجزائر لتكون عضوا في منظمة بريكس، ردات فعل كثيرة في البلاد، بعضها عبّرت عن خيبة أمل بعد الرهان الكبير على دخول هذا التكتل، وأخرى تساءلت عن المعايير المعتمدة في ظل أن بعض الدول التي قبلت لا تملك اقتصادا أقوى من الجزائر.
وفي أول تعليق سياسي على قرار بريكس، قال جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد إن اجتماع جوهانسبورغ سيبقى طعمه مرا، مشيرا إلى أن تطلع الجزائريين إلى أن يكونوا جزءا من الدول التي تبني عالما متعدد الأقطاب ترك مكانا لشعور بالخيبة لمشهد التراجع بطريقة حادة.
وأوضح أن الاستثمار الدبلوماسي والسياسي والإعلامي الذي قامت به الجزائر ورئيسها لدخول بريكس، لم يشفع في تعويض نقاط ضعفها الهيكلية، مشيرا إلى أنه أمام هذه العودة إلى الواقع، يجب البحث عن مسؤوليات الإخفاق لكن من دون العمل على جلد الذات.
جيلالي: “إن خيبة الأمل في دخول بريكس يجب أن تفتح أعيننا على الواقع ومراجعة أنفسنا بدل تحميل الآخرين أسباب مشكلاتنا”.
وأبرز رئيس حزب جيل جديد أن الجزائر لها عدة مقومات جيوسياسية كان يمكنها التأثير على دول البريكس الخمس، لكنها لم تكن الوحيدة من بين المرشحين التي تملك مزايا. وأكد أن الدول الأعضاء في معايير اختيارها ركزت على الأبعاد الاقتصادية ومصالحها الوطنية خاصة. وأضاف أن الغرب يتحكم في العالم عبر المال والقوة العسكرية والتكنولوجيا والمعلومات، وعلى هذا الميدان تبحث القوى البديلة عن التغيير وإحداث توازنات. وهنا، تساءل رئيس حزب جيل جديد “هل من المجدي أن نذكر بوضعنا في هذه المجالات؟”
ووفق تحليل جيلالي، فإن خيبة الأمل في دخول بريكس يجب أن تفتح أعيننا على الواقع ومراجعة أنفسنا بدل تحميل الآخرين أسباب مشكلاتنا. وأردف “ضعفنا الاقتصادي الدراماتيكي هو خطؤنا نحن، فالطبيعة منحت الجزائر كل الخيرات، لكننا عجزنا أن نثمنها”. وتابع “من بين النقائص التي تضرنا كثيرا، عدم فهم طريقة سير العالم الاقتصادي، اعتمادنا على الدعم المعمم وعلى المنطق الريعي والشعبوية بدون حدود، مع تفشي الفساد في الإدارة واستعمالها لأغراض شخصية فضلا عن الخيارات الكارثية للمسؤولين التنفيذيين”.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2022، تقدمت الجزائر بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، وذلك بعد إعلان الرئيس عبد المجيد تبون أشهرا قبل ذلك هذه الرغبة.
وتمثل مجموعة “بريكس” التي تأسست رسمياً في 2009-2010، أكثر من 40% من سكان العالم ويمثل اقتصادها أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وهي تسيطر على نحو 18% من التجارة العالمية.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف حسني عبيدي، أن عدم قبول الجزائر في البريكس كان منتظرا مشيرا إلى توقعه بانضمام تدريجي يساعد في تحسين الأداء الاقتصادي والمصرفي. وأوضح عبيدي في سلسلة تغريدات له أن ما حدث يعد فرصة للتفكير العلمي لبناء منظومة اقتصادية عصرية ومنفتحة على العالم، كما أن تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل تشكل أولويات بالنسبة إلى المواطن قبل البريكس.
واستطرد عبيدي للحديث عن غموض معايير العضوية في بريكس، وهو ما جعل عدم انضمام الجزائر مقابل دخول دول أخرى أقل اقتصاديا مستغربا. وقال في هذا الصدد “شروط العضوية لمجموعة البريكس غامضة لأن توسيعها لدول جديدة لم يكن محل اتفاق الجميع لضمان الفاعلية. من هنا جاءت فكرة البريكس+ التي لم تقنع الجميع. القمة الحالية وافقت على تحديد شروط موضوعية للانضمام مستقبلا”.
وأضاف “المعيار الاقتصادي لم يكن المعيار الوحيد بدليل أن دولا اقتصادها أقوى من إثيوبيا ومصر مثل اندونيسيا وحتى نيجيريا لم تلتحق بالمجموعة”، مشيرا إلى أن “عناصر معقدة ترتبط بخيارات الدول المؤسسة والتفاهمات والمساومات السياسية داخل المجموعة هي المحدد للقبول أو الرفض بالإجماع. يكفي تحفظ واحد لرفض قبول دولة معينة”.
وبغض النظر عن مقومات الجزائر الاقتصادية، انتقد كثيرون خطاب الدعاية الذي سوّق لدخول بريكس بطريقة شعبوية. وقال المحلل السياسي نجيب بلحيمر، إن طريقة تناول هذه القضية لأشهر طويلة ألحق ضررا كبيرة بمصداقية الخطاب الرسمي، وطال الضرر الجامعة بشكل مباشر، حيث انخرط متملقون يحملون الصفة الأكاديمية في الترويج لما أرادت السلطة أن تقدمه كإنجاز حتى قبل أن يتحقق.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد تحدث قبل أيام في حواره مع وسائل إعلام محلية عن وجود خلافات بين دول البريكس قد تعطل الانضمام، لكن هذه المسألة كانت تعني كل الدول المرشحة. لذلك، ساد تفاؤل بعد قرار بريكس الاتفاق على توسيع المجموعة، لكن الصدمة كانت قوية لعدم اختيار الجزائر التي كانت من أوائل المتقدمين بملف ترشحها.
وفي مساعيها للإقناع، قامت الجزائر وفق ما كشفه الرئيس تبون قبل أشهر من بيكين بشراء أسهم بمليار ونصف المليار دولار داخل بنك بريكس الذي يفوق رأسماله البنك العالمي. وعقد وزير الخارجية أحمد عطاف لقاءات مع سفراء دول بريكس، وذلك فيما يشبه الحملة الانتخابية لدعم حظوظ الجزائر قبل 22 أغسطس/ آب.