إيكونوميست: هل تعزز وفاة زعيم فاغنر من صورة دولة المافيا في روسيا؟
عربي تريند_ علقت مجلة “إيكونوميست” على مقتل زعيم مرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوجين، بأنه صورة عن الانتقام البارد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فهو وإن أدى لتقوية سيطرة الرئيس على الدولة، إلا أنه يعزز حس “دولة مافيا”.
وأشارت المجلة إلى ما قاله مدير وكالة “سي آي إيه” ويليام بيرنز، من أن بوتين “هو بشكل عام شخص يعتقد أن الانتقام هو طبق من الأفضل تقديمه باردا. من تجربتي، بوتين يمثل ذروة التعطش للانتقام، لذا سأفاجأ إذا أفلت بريغوجين من المزيد من الانتقام”. وفي 23 آب/ أغسطس، أي بعد شهرين بالضبط من ذلك التمرد، هوت طائرة بريغوجين من الجو.
فبعدما ارتفعت طائرة رجال الأعمال التابعة لبريغوجين من طراز “إمبراير” إلى ما يقرب من 30 ألف قدم، سقطت فجأة في منطقة بالقرب من موسكو بعد أقل من 30 دقيقة من الطيران، وفقا لبيانات التتبع العامة.
وقتل جميع الأشخاص العشرة الذين كانوا على متن الطائرة، وكان بريغوجين على قائمة الركاب، وفقا لوكالة الطيران الروسية ووسائل الإعلام الحكومية. كما تم إدراج ديمتري أوتكين، وهو شخصية بارزة في فاغنر، ضمن قائمة الركاب.
ولم يُعرف بعد سبب الحادث. وقال مصدر كبير في المخابرات الأوكرانية إن العديد من الشخصيات في روسيا كانت غاضبة بما يكفي لتكون راغبة في قتل بريغوجين، بمن فيهم سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي، الذي ظل هدفا دائما لرسائل الفيديو الغاضبة التي أرسلها بريغوجين خلال الصيف.
ومع ذلك تقول المجلة، لم يكن من الممكن أن تتم عملية من هذا النوع دون الحصول على إذن من فلاديمير بوتين نفسه. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن: “لا أعرف على وجه اليقين ما حدث، لكنني لست مندهشا. ليس هناك الكثير مما يحدث في روسيا لم يكن بوتين يقف خلفه”.
وتعلق المجلة أن وفاة بريغوجين لن تترك إلا تأثيرا ضئيلا على الخطوط الأمامية في أوكرانيا. فقد جلب الجنرال فاليري غيراسيموف، رئيس الأركان العامة الروسية، الذي كان بريغوجين يهاجمه بشكل روتيني، بعض النظام إلى الفوضى العسكرية التي حدثت العام الماضي، كما يقول جون فورمان، الملحق العسكري البريطاني في موسكو حتى العام الماضي. وقد تم دفع قوات فاغنر جانبا بعد أن قادت غزو مدينة باخموت في أيار/ مايو.
أما التأثير على البلدان الأفريقية، حيث كانت فاغنر نشطة، فهو أمر غير مؤكد. وبحسب تقارير كان بريغوجين في أفريقيا، محاولا منع وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، من إخراج قواته من القارة.
وفاغنر ليست شركة المرتزقة الوحيدة في القارة، والقادة الأفارقة الذين يحتاجون إلى العضلات لن يهتموا كثيرا بما إذا كانت القوات الروسية تابعة لبريغوجين أو لموظف آخر في الكرملين.
وبحسب المجلة فالتداعيات الأكبر هي تلك التي ستحدث داخل روسيا. فإذا قُتل بريغوجين بناء على أوامر بوتين، فإن ذلك سيعزز صورة الرئيس كرجل قوي انتقامي مستعد للاستغناء عن الإجراءات والقانون.
لقد استحوذ بوتين على خيال الجمهور الروسي لأول مرة كرئيس لروسيا بتعهد لا ينسى، “القبض على المتمردين الشيشان في المرحاض” و”القضاء عليهم في المبنى الخارجي”، كما قال.
على مدى السنوات التالية، عانى أعداؤه من مجموعة من أساليب الهجوم والاغتيال الغريبة بشكل متزايد، بدءا من النظائر المشعة التي تنزلق في الشاي، إلى غاز الأعصاب الملطخ على مقابض الأبواب والملابس الداخلية. وهي أساليب مصممة لإخافة المعارضين المحتملين.
ومع ذلك، فقد قوضت هذه الأساليب أيضا فكرة أن روسيا دولة نظامية، مما كشف عن نظام بوتين باعتباره مؤسسة أشبه بالمافيا، تحركها أهواء شخصية وثأر دموي. إن مجرد وجود فاغنر كان علامة على عدم ثقة بوتين بالمؤسسات النظامية للدولة، واعتماده على علاقات غير رسمية.
ومن الممكن أن تساعد وفاة بريغوجين على تعزيز سلطة بوتين. ولكنها قد تعزز أيضا أسطورة زعيم فاغنر باعتباره وطنيا يقول الحقيقة، وتزعزع استقرار الناخبين المؤيدين للحرب من خلال تنفير أتباعه وأبطاله.
ومع تكشف الأحداث الدرامية، كان بوتين يلقي كلمة أمام تجمع في كورسك، مشيدا بانتصار القوات السوفياتية على الغزاة الألمان قبل 80 عاما. وسارع المدعون العامون الروس، الذين أغلقوا على الفور التحقيق في تمرد بريغوجين بعد أن قبل صفقة الذهاب إلى المنفى في بيلاروسيا، إلى فتح تحقيق في انتهاك “قواعد الحركة الجوية والسلامة”. وربما يتم إخبار الجمهور الروسي أن خطأ الطيار أو خطأ في الطائرة هو الذي أوصل بريغوجين إلى نهايته.
وتختم المجلة بالقول: “في روسيا، لا أحد يتوقع أن يُخبر بالحقيقة”.