صحيفة أمريكية: القوة الناعمة.. التوسع اللغوي “الإمبريالي” للصين الشيوعية يجتاح الشرق الأوسط
عربي تريند_ تحت عنوان “القوة الناعمة: التوسع اللغوي للصين الشيوعية يجتاح الشرق الأوسط”، نشرت صحيفة “ذي هيل” الأمريكية مقالا للباحث أحمد هاشمي تناول فيه ما اعتبره توسعا لغويا للصين الشيوعية في الشرق الأوسط بالتوسع في تعلم وتدريس اللغة الصينية في العديد من دول المنطقة، وحذر واشنطن مما “أن هذا الاتجاه والذي يمثل قوة ناعمة صينية لا يمكن للولايات المتحدة التغاضي عنه”.
إيران تحظر اللغات القومية وتشجع الصينية
وأشار الباحث في بداية مقاله إلى إيران، حيث قام رئيسها إبراهيم رئيسي الشهر الماضي بالمصادقة على قانون يسمح بإضافة اللغة الصينية إلى قائمة إلى قائمة اللغات الأجنبية التي يمكن تدريسها في المدارس الإعدادية والثانوية الإيرانية.
وأكد الكاتب أن هذه الخطوة تأتي في وقت تسود في حساسية كبيرة في الدولة الفارسية تجاه تدريس اللغات الغربية.
ففي إيران يتم وصم اللغة الإنكليزية بشكل خاص باعتبارها قناة لـ “الغزو الثقافي” للغرب. فبعد أن انتقد المرشد الأعلى علي خامنئي تدريس اللغة الإنكليزية في عام 2016، فرضت إيران حظراً على تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية، بينما تم اعتماد اللغة الصينية كبديل.
وفي المقابل، يشدد الكاتب، أنه بالإضافة إلى حظر تعليم اللغة الإنكليزية في المدارس الابتدائية وإضافة اللغة الصينية إلى المناهج الدراسية، حافظت طهران أيضًا على حظر طويل الأمد فيما يتعلق بتعليم لغات المجموعات العرقية غير الفارسية في البلاد.
ويذكر في هذا الصدد، أن السلطات الإيرانية حظرت التعليم باللغة الآذرية، وهي لغة يتحدث بها أكثر من ثلث سكانها، بل إنها كثفت حملتها القمعية.
ومع ذلك، يقول الباحث، فإن النظام الإيراني غير معني بنشر لغة الماندرين وتمويل دورات اللغة الصينية، فالاستثمار في اللغة الصينية في إيران لا علاقة له بالتبادل اللغوي أو الثقافي وكل شيء له علاقة بالجغرافيا السياسية.
وبحسب الكاتب “يذهب بعض رجال الدين الإيرانيين رفيعي المستوى إلى حد الادعاء أن العلاقات بين الصين وإيران تستند إلى وصايا الله في القرآن، بل حتى أن الجمهورية الإسلامية تدعم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الشيوعيون الصينيون ضد المسلمين في شينجيانج، بحجة أن الصين تخدم الإسلام من خلال قمع المتطرفين المسلمين الأويغور”.
وبحسبه فإن “المنفذ الإخباري الإيراني التابع للحرس الثوري الإسلامي ينفي حدوث إبادة جماعية للأويغور على الإطلاق – إنها مجرد دعاية أمريكية تهدف إلى إضعاف وحدة أراضي الصين، والتحريض على الانقسام العرقي وإبطاء النمو الاقتصادي الصيني”.
توسع بأهداف إمبريالية
وأكد الكاتب أن “التوسع في تدريس لغة الماندرين الصينية وإدراجها في المناهج الدراسية لعدد من دول الشرق الأوسط، لا يأتي كإجراء ثقافي بحت أو حتى اقتصادي، بل جزء من توجه حضاري وثقافي وجيوسياسي جديد بقيادة الصين”.
وذكر “أن عملية الاكراه الثقافي ليست جديدة على الصين، إذ دأبت بكين منذ سنوات على استيعاب المجتمعات أو المجموعات غير الصينية في اللغة والثقافة والأعراف الاجتماعية للصينيين الهان، أكبر مجموعة عرقية في الصين”.
ومع ذلك، فبحسبه، فإن “التحول إلى الصين على نطاق واسع كسياسة توسعية هو الاختراع الحديث للرئيس شي جين بينج”.
ولفت إلى أنه في ظل حكم الرئيس الصيني، كثف الحزب الشيوعي الصيني إجراءاته لنشر لغة الماندرين القياسية في الداخل والخارج كأداة للقوة الناعمة والتأثير السياسي.
واعتبر أنه “مدفوعًا بالقومية الصينية، يسعى نظام شي إلى استيعاب الأقليات العرقية داخل الصين ودمجها في الصين من خلال السعي بنشاط لاستئصال لغة وثقافة الأويغور الأتراك في تركستان الشرقية، والمغول المقيمين في منغوليا الداخلية، والتبتيين”.
واكد “أن هذا جزء من خطة أوسع لتوطيد السلطة التي تشمل إخضاع هونغ كونغ بالكامل، وغزو تايوان.. لكن الإمبريالية اللغوية لجمهورية الصين الشعبية لا تقتصر على حدود الصين الحالية”.
في السعودية.. الصينية لغة ثالثة
وأشار الكاتب إلى أنه عقب ثلاث سنوات من جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في آسيا 2019، طورت الحكومة السعودية شراكة استراتيجية واقتصادية مع الصين.
ورفعت السعودية مكانة اللغة الصينية كلغة تعليمية ثالثة في البلاد بعد اللغتين العربية والإنكليزية.
كما وقعت جامعة الملك سعود اتفاقية مع معهد كونفوشيوس لإنشاء قسم للغة الصينية.
وألزمت جامعة جدة الطلاب الجدد بدراسة لغة الماندرين بغض النظر عن تخصصهم.
وأشار الكاتب إلى أنه في ديسمبر/ كانون أول 2021، ارتفع عدد المدارس الثانوية التي تدرس اللغة الصينية إلى أكثر من 700 في المجموع.
ويذكر أن وسائل الإعلام المملوكة للدولة في السعودية تشير إلى اللغة الصينية على أنها “لغة المستقبل”.
وقال الكاتب انه “لا شك أن الاستثمار الكبير للحكومة السعودية في تدريس اللغة الصينية متجذر في الجغرافيا السياسية، مدفوعًا بالرغبة في تحقيق برنامج رؤية السعودية 2030”. وأن “هذا البرنامج هو إطار عمل استراتيجي لتقليل الاعتماد السعودي على النفط وتنويع الشركاء الاقتصاديين والأمنيين للمملكة”
تزايد شعبية الصينية في تركيا
وأشار الكاتب إلى نموذج تركيا، ولفت إلى أن علاقات تركيا المتنامية مع الصين تلقى اهتمامًا أكبر من أي وقت مضى بين الأتراك في تعلم اللغة والثقافة الصينية.
أنه كما هو الحال في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، تزداد شعبية اللغة الصينية في تركيا كلغة ثانية.
ولفت إلى أن معاهد “كونفوشيوس” الصينية تعمل على تشكيل التصورات الإيجابية للصين في العالم الإسلامي، وتعمل داخل تركيا في جامعة يدي تبه، إحدى الجامعات الخاصة الرائدة في إسطنبول.
وذهب الكاتب للقول إنه “حتى أن الصين تمكنت من تنمية قاعدة الحزب الشيوعي الموالية للصين في تركيا”، وأشار إلى زعيم الحزب الوطني الماوي التركي دوغو بيرنشيك لدعمه المباشر لسياسات جمهورية الصين الشعبية التوسعية في بحر الصين الجنوبي وإنكاره للإبادة الجماعية للأقلية الأويغورية (التركية عرقا) التي قام بها الحزب الشيوعي الصيني هنا والتي وصفها بأنها خدعة من قبل وكالة المخابرات المركزية”.
وختم الكاتب بالقول إن “هذا اتجاه لا تستطيع الولايات المتحدة التغاضي عنه”.