لوفيغارو: الجزائر قلقة من الأزمة في النيجر لهذه الأسباب
تحت عنوان: “أزمة النيجر تُقلق الجزائر المجاورة”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن الجزائر التي عبّرت رسميا عن “القلق العميق” حيال الوضع في النيجر، ودانت بشدة “محاولة الانقلاب” ضد الرئيس محمد بازوم، تخشى كثيرا من زيادة ضغط الهجرة.
وقالت الصحيفة: “مع أن مالي التي شهدت انقلابين ودخول مرتزقة فاغنر الروس، وانسحاب قوة برخان الفرنسية، كانت دائماً في مركز الاهتمام الجزائري، إلا أن النيجر، بحوالي ألف كيلومتر من حدودها المشتركة مع الجزائر، تثير منذ بعض الوقت الكثير من القلق بالنسبة للجزائر”.
وتنقل “لوفيغارو” عن ديبلوماسي جزائري اشترط عدم الكشف عن هويته، قوله: “عندما تمر دولة مجاورة بعاصفة. سواء كانت سياسية أو اقتصادية، فهذا يعني دائما أن الجزائر ستتأثر بطريقة أو بأخرى.. المغرب ومالي وليبيا وتونس والنيجر حاليا”.
ديبلوماسي جزائري: عندما تمر دولة مجاورة بعاصفة. سواء كانت سياسية أو اقتصادية، فهذا يعني دائما أن الجزائر ستتأثر بطريقة أو بأخرى
المكاسب السياسية
وتابعت “لوفيغارو” مذكِّرة أن الجزائر، التي تعتبر أن السلام والاستقرار في منطقة الساحل يمران بالضرورة من خلال التنمية الاقتصادية، أعلنت في شهر فبراير الماضي أنها تعتزم تخصيص مليار دولار لعدد من المشاريع التنموية “التكاملية” في دول المنطقة. أي أن النيجر يفترض أن تكون أحد المستفيدين الرئيسيين من هذه الأموال التي يتعين استخدامها بشكل خاص لبناء طريق سريع عبر الصحراء، وهو أمر أساسي ومُقترن بمشروع البنية التحتية للإنترنت بالألياف الضوئية لعبور تونس ومالي والنيجر وتشاد للوصول إلى نيجيريا.
في نهاية شهر يوليو عام 2022، وبعد أشهر من المشاورات، وقّعت الجزائر والنيجر ونيجيريا أيضا مذكرة تفاهم لإعادة إطلاق مشروع خط أنابيب الغاز عبر الصحراء (TSGP)، الذي يزيد طوله عن أربعة آلاف كيلومتر، والذي من شأنه أن يسمح بنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.
“لوفيغارو” أوضحت أن النيجر ليست شريكا اقتصاديا رئيسيا للجزائر -لم تصل التجارة بين البلدين حتى إلى 600 مليون دولار في عام 2022، على الرغم من التفاهم الجيد بين نيامي والجزائر- لكنها تحتل المرتبة الثالثة في إفريقيا بعد تونس وساحل العاج، للصادرات غير الهيدروكربونية الجزائرية.
ومن خلال تمويل مثل هذه المشاريع التنموية، تعتزم الجزائر أيضا جني بعض المكاسب السياسية، لا سيما استعادة بعض نفوذها في القارة كما في السبعينات، في ذروة حركات التحرر، ومواجهة دور المغرب المتنامي، وتعزيز تعاونها مع النيجر ضد الإرهاب والهجرة غير النظامية.
وفي مواجهة الفوضى الناشئة في ليبيا، أتاح اجتماع بين رؤساء أركان الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا في باماكو عام 2011، إعادة تنشيط هذا التعاون في إطار Cemoc، وهو هيكل عسكري يجمع بين القوات المسلحة لعدد من دول الساحل تحت رعاية الجزائر. على المستوى الثنائي، وقّعت الجزائر ونيامي في عام 2021 اتفاقية أمنية أخرى تضمنت توأمة بين أكاديميات الشرطة في تمنراست ونيامي، وتوأمة بين ولاية إن قزام (الحدود الجنوبية للجزائر) ومنطقة أغاديز (شمال النيجر) وشكلت مجموعة عمل “لبحث سبل ووسائل تكثيف الجهود والتنسيق لتأمين المناطق الحدودية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والجريمة بجميع أشكالها.
تسعى الجزائر من خلال مشاريعها التنموية في أفريقيا، إلى استعادة بعض نفوذها في القارة كما في السبعينات، في ذروة حركات التحرر، ومواجهة دور المغرب المتنامي
ممرات الهجرة
مضت “لوفيغارو” موضّحة أن مناطق النيجر المتاخمة لليبيا والجزائر، هي مساحات شاسعة من الصحراء، ولا تُستهدف بشكل عام من قبل الجهاديين. لكنّها ممرات لتهريب المهاجرين والأسلحة والمخدرات. ففي شهر يونيو الماضي، أعلن جيش النيجر أنه قتل ثلاثة مهاجمين خلال هجوم شنه رجال “مدججون بالسلاح” بالقرب من منجم ذهب في منطقة أرليت الصحراوية قرب الجزائر. وأصبحت عمليات السطو وغيرها من الهجمات على عمال المناجم متكررة في منطقة أغاديز، حيث استمرت أعمال اللصوصية منذ نهاية ثورتي الطوارق (1991-1995) و(2007-2009) ، التي أججها انهيار الدولة في ليبيا.
أخيرا، تختتم “لوفيغارو” بالقول إنه بالنسبة للجزائر، تعتبر النيجر البوابة الرئيسية للهجرة غير النظامية من إفريقيا جنوب الصحراء، مشيرةً إلى اتفاق البلدين منذ عشر سنوات على كبح جماح ذلك، من خلال عمليات إعادة المهاجرين إلى شمال النيجر، الذين يدخلون أحيانا إلى الجزائر.
فقد كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة، نُشر في نهاية شهر يونيو الماضي، أنه منذ بداية العام، وصل أكثر من 9 آلاف مهاجر من حوالي 10 دول أفريقية إلى شمال النيجر، بعد ترحيلهم من الجزائر. وتحدث التقرير عن أن “الوضع الإنساني حرج، وهو وضع من المرجّح أن يتفاقم بسبب حالة الارتباك الحاصلة في نيامي، كما تقول “لوفيغارو”.