“ميدل إيست مونيتور”: السلطات المصرية تعزز قدراتها التجسسية ببرنامج إسرائيلي لملاحقة معارضيها
عربي تريند_ قالت صحيفة “ميدل إيست مونيتور” إنه لم يكن مفاجئا حصول السلطات المصرية على منصة استخباراتية مفتوحة المصدر من شركة إسرائيلية؛ مما يعزز قدرتها على مراقبة المواقع الإلكترونية ووسائل الاتصال وملاحقة معارضيها.
هذه المراقبة الأمنية والاستخباراتية يعززها نظام تشريعي محكم يوفر للسلطات الوسائل القانونية لملاحقة الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومطاردة المعارضين، وإدارة بوصلة الرأي العام.
وبحسب الصحيفة، على مدى السنوات الماضية، وتحديداً بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، كثفت السلطات المصرية إجراءاتها لمراقبة العالم الافتراضي، بعد أن أشعلت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.
على مدى السنوات الماضية، وتحديداً بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، كثفت السلطات المصرية إجراءاتها لمراقبة العالم الافتراضي
ووفق تقرير لموقع “ميدل إيست مونيتور”، فإن منصة (Webint Center) الإسرائيلية الجديدة، التي تصدرها شركة (Bler)، والتي حصلت عليها المخابرات العامة المصرية مؤخرا، تعزز قدرات النظام النوعية لتتجاوز مجرد مراقبة الشبكات الاجتماعية.
وتتيح المنصة الإسرائيلية للجانب المصري تحديد الموقع الجغرافي للهدف باستخدام بيانات من شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى نظام إدارة “الأفاتار”، فضلا عن كونه امتدادا لرصد مواقع الويب المظلمة، وهي وجهة للمعارضين السياسيين الذين يواجهون قيودًا على تطبيقات الإنترنت العادية.
ويشبه الإنترنت المظلم شبكة العنكبوت السرية التي لا يمكن اكتشافها باستخدام محركات البحث والمتصفحات التقليدية، والتي تتم من خلالها العديد من المعاملات السرية.
ويمكن للمرء أن يتنقل إليه ويتصفح مواقعه دون أن يترك أي أثر، بمعنى أن هوياته مخفية وأن أنشطته غير مسجلة في محركات البحث.
وتقوم منصة (Open-Source Intelligence OSINT) بجمع وتصنيف وتحليل المحتوى الهائل المتاح للجمهور من المصادر العامة، مثل الصور ومقاطع الفيديو ومنشورات الوسائط الاجتماعية والندوات عبر الإنترنت والمؤتمرات وصور الأقمار الصناعية والكتب والمقالات والبيانات والدراسات والمدونات والمواقع.
ويوفر هذا بنية تحتية معلوماتية ضخمة للخدمات الأمنية، ويعزز أنظمة التحكم الخاصة بهم على الشبكات الاجتماعية والتطبيقات والأجهزة المحمولة.
وتشمل تقنيات (OSINT) استخدام محركات البحث والوسائط الاجتماعية للعثور على معلومات حساسة، وجمع المعلومات الشخصية، وإجراء استخبارات مفتوحة المصدر وتحليل جنائي، وجمع عناوين البريد الإلكتروني، وعناوين (IP)، وسجلات (DNS)، والويب العميق، واكتشاف الأجهزة والشبكات المتصلة واستكشاف الويب.
وتجمع منصة الاستخبارات المفتوحة بين مواقع الويب العامة ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المصادر عبر الإنترنت، وتحلل البيانات، وتحدد الأنماط والاتجاهات، وتقدم النتائج والاستنتاجات، وتمكن البلدان والحكومات من تحديد التهديدات المحتملة بشكل استباقي، ومراقبة الآراء والاهتمامات العامة، وإجراء تقييمات شاملة للمخاطر.
ووفق التقرير، فإن هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها لأجهزة المخابرات المصرية التي سبق لها أن حصلت على تقنيات متقدمة لزيادة قدرتها في المراقبة والتعقب الإلكترونيين.
هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها لأجهزة المخابرات المصرية التي سبق لها أن حصلت على تقنيات متقدمة لزيادة قدرتها في المراقبة والتعقب الإلكترونيين
ففي عام 2013، حصلت مصر على برنامج (ProxySG) الذي تنتجه الشركة الأمريكية (Blue Coat Systems)، ويسمح بتحديد الموقع الجغرافي للمستخدمين وتتبع ومراقبة واختراق (WhatsApp) و(Viber) و(Skype) والعديد من البرامج الأخرى.
وفي منتصف عام 2014، تم الكشف عن المناقصات التي دعت إليها وزارة الداخلية المصرية، وفازت بها شركة مصر للهندسة النظم (SEE)، وكيل شركة (Blue Coat)، من أجل توفير أنظمة جديدة للمراقبة الجماعية غير القانونية لمواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
وفي العام نفسه، حصلت مصر على برنامج إعلامي من إنتاج شركة (Nexa Technology) الفرنسية، يُدعى (Cerebro)، وهو جزء من نظام مراقبة إلكتروني ضخم، تم استخدامه لتعقب معارضي نظام السيسي.
يوفر البرنامج القدرة على تحليل البيانات والمعلومات ذات الصلة في مليارات المحادثات المسجلة، وحفظ بيانات اتصالات الشبكة، بما في ذلك عناوين (IP) والحصول على محتويات صناديق البريد الإلكتروني، والرسائل الفورية، ورسائل الشبكات الاجتماعية، والعمليات في محرك البحث.
يشار إلى أن الشركة خضعت لاحقا لتحقيق فرنسي، بعد استخدام البرنامج في أعمال قمع وانتهاكات في دول عربية منها مصر، حسب وثائق سرية نشرها موقع الاستقصاء الفرنسي “ديسكلوز”، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووجهت لها اتهامات بالتواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري في مصر بين عامي 2014 و2021.
وبعد ذلك، زودت شركة (Ercom-Suneris) الفرنسية، السلطات المصرية، ببرنامج تجسس الهاتف (Cortex vortex)، والذي يحدد الموقع الجغرافي لأي شخص عن طريق تثليث موقع المحطات الأساسية التي يتصل بها هاتفهم، حتى دون إجراء أي مكالمات.
كما حصلت مصر على محرك بحث فائق القوة يسمى (EXALEAD) من إنتاج شركة (Dassault Systems) وهو الفرع التكنولوجي لشركة صناعة الأسلحة والطائرات الفرنسية “رافال”، وفق وثائق الإفصاح.
وبفضل إمكانيات (EXALEAD)، تم ربط قواعد بيانات مختلفة، بما في ذلك بطاقات الهوية المصرية وجوازات السفر وغيرها من الوثائق، ما ساعد النظام المصري على اعتقال الآلاف، وإخفاء المعارضين قسريًا، حسب منظمات حقوقية.
وينقل تقرير “ميدل إيست مونيتور”، عن ناشط مصري أطلق سراحه مؤخرًا، القول إن صورة نشرها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تظهره مع أصدقائه القدامى، تسببت في اعتقاله لأكثر من عام بسبب أن أحد أصدقائه كان معارضا.
ويضيف، شريطة عدم الكشف عن هويته: “هذا على الرغم من حقيقة أن صداقته تعود إلى ما قبل 10 سنوات من سيطرة السيسي على البلاد”.
لم تعتمد مصر فقط على التكنولوجيا الفرنسية في مجال التنصت والمراقبة، ولكن في عام 2015، وفقًا لوثائق مسربة من شركة (Hacking Team) الإيطالية، فقد قامت بشراء برنامج للتجسس على التطبيقات والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني، باستخدام الكاميرا والميكروفون المدمجين في الأجهزة وتطبيقات الدردشة، والتجسس على الملفات المخزنة على الأجهزة.
وفي عام 2018، زادت السلطات المصرية من قدراتها التجسسية باستخدام برنامج التجسس (Pegasus) الذي تنتجه شركة (NSO) الإسرائيلية، والذي يخدع الشخص المستهدف للنقر على رابط ضار ويستخدم سلسلة من نقاط الضعف غير المعروفة لاختراق ميزات الحماية الرقمية.
وفي سبتمبر/أيلول 2020، كشفت منظمة “العفو الدولية” أن السلطات المصرية استخدم برمجيات المراقبة والتجسس التي أنتجتها شركة (GAMMA) الألمانية لبرامج التجسس، بهدف استهداف منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان.
كما تم الكشف في نفس العام عن استخدام الحكومة المصرية لتكنولوجيا أنتجتها شركة (Sandvine) الأمريكية لحجب المواقع الإلكترونية.
وينقل التقرير عن مصدر حقوقي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، القول إن اللجان الإلكترونية التابعة للسلطات الأمنية والسيادية تراقب بشكل دوري المعارضين، وتتابع من يتفاعلون مع أي وسوم مسيئة للسيسي وأجهزته الأمنية، والإبلاغ عنها، وكذلك مراقبة من ينشر منشورات تنتقد الوضع في البلاد، مع تعقب الجماعات المناهضة للنظام واختراقها.
يأتي ذلك في وقت تعزز مصر جهاز التجسس الرقمي بنظام قانوني وتشريعي يقوده، على سبيل المثال، قانون تنظيم الصحافة والإعلام الصادر عام 2018، حيث يسمح بمراقبة جميع المواقع والحسابات على مواقع الاتصال التي تضم أكثر من 5000 متابع وحجب هذه الحسابات، دون إذن قضائي، بحجة نشر أو بث أخبار “كاذبة” أو التحريض على انتهاك القانون.
وتجاوز عدد المواقع المحجوبة 600 موقع، بما في ذلك أكثر من 100 موقع إخباري وإعلامي، حسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
كما تقنن المادة (2) من قانون جرائم تقنية المعلومات المراقبة الشاملة للاتصالات في مصر، وتُلزم شركات الاتصالات بحفظ وتخزين بيانات استخدام العملاء لمدة 180 يومًا، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والرسائل النصية والمواقع الإلكترونية التي تمت زيارتها والتطبيقات المستخدمة على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر.
يقول محلل سياسي رفض الكشف عن هويته: “من المدهش والمخيف أن جهاز التجسس المصري ليس معنيًا بالتنصت على الشعب المصري فحسب، بل بالتجسس على مؤسسات الدولة أيضًا”.
ويشير إلى أن 4 جهات مصرية اشترت أجهزة تجسس، وهي المخابرات العامة ونظيرتها العسكرية (المخابرات العسكرية)، والأمن الوطني (المخابرات الداخلية)، والرقابة الإدارية (هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية).