“إيكونوميست”: لا بدّ من اتفاق مع إيران.. فالتهديد قد يفضي إلى غارات جوية أمريكية ضد منشآتها النووية
عربي تريند_ علقت مجلة “إيكونوميست”، في افتتاحية لها، على أن محاولات أمريكا خفض التوترات مع إيران هو أمر جيد، فقد حان الوقت لشراء بعض الوقت.
وعلقت بأن إيران لا يمكنها التنافس مع أوكرانيا وتايوان على عناوين الأخبار، ولكنها ستثبت لاحقاً أنها خطيرة مثل أيّ منهما. فقد وضع برنامجها النووي النظام بوضع يحثّه على السير نحو القنبلة النووية.
التهديد قد يجرّ الشرق الأوسط نحو الحرب، بما في ذلك غارات جوية أمريكية ضد المنشآت النووية الإيرانية. ولهذا السبب فمن الجيد أن تبحث إدارة بايدن عن طرق لخفض التوترات.
ونظراً لاستحالة المفاوضات الكاملة، فإن التهديد قد يجرّ الشرق الأوسط نحو الحرب، بما في ذلك غارات جوية أمريكية ضد المنشآت النووية الإيرانية. ولهذا السبب فمن الجيد أن تبحث إدارة بايدن عن طرق لخفض التوترات.
ومنذ عام 2018، عندما غادر دونالد ترامب، وبطريقة متهورة الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة من القوى العالمية، والمعروف باسم “خطة العمل المشتركة الشاملة”، لم تواجه إيران قيوداً كثيرة على برامجها النووية. وتم رفع بعض العقوبات على إيران، بموجب الاتفاقية الأصلية، مقابل تعهدها بتنفيذ مجموعة من الالتزامات حتى عام 2030، بما في ذلك تلك التي تحدّ من مستوى تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67%، والقبول بنظام تفتيش صارم لمنشآتها النووية. وكان الهدف تجميد عملية التخصيبب لدرجة تحتاج فيها إيران عاماً كاملاً لتخصيب الكمية الكاملة للقنبلة.
وتعامَلَ ترامب مع الاتفاقية على أنها “أسوأ صفقة في التاريخ”، ولكنه رفض الخيار العسكري (وربما كانت الخطة موجودة في واحدة من الوثائق السرية التي أخذها معه بعد مغادرته البيت الأبيض). ورداً على هذا قامت إيران بتسريع معدلات التخصيب، وواصلت التصرف كتهديد، كما هو معهود عنها. فقد زوّدت روسيا بأساطيل من المسيّرات القتالية لروسيا. وسحَقَ النظام، منذ أيلول/ سبتمبر، التظاهرات التي خرجت احتجاجاً على وفاة فتاة أثناء احتجاز شرطة الأخلاق لها.
ووجد المفتشون الدوليون، في شباط/ فبراير، جزيئات من اليورانيوم مخصبة بمستوى 88.7%، أي أقل من نسبة 90% المطلوبة لإنتاج القنبلة، مما دفع إسرائيل للتهديد مجدداً بضرب إيران.
وتعلّق المجلة بأن الترتيبات الجديدة محل نقاش بين أمريكا وإيران، ولا أحد يطلق عليها “صفقة”، وتهدف إلى تخفيض الحرارة. وبموجبها ستتوقف إيران عند نسبة 60% لتخصيب اليورانيوم، وتقبل مزيداً من جولات التفتيش. وبالمقابل ستخفف أمريكا العقوبات بعض الشيء، من خلال السماح للعراق وكوريا الجنوبية بدفع 10 مليارات دولار، عبارة عن دين لإيران. وتحتاج الإدارة للحصول على موافقة من الكونغرس.
وتقول المجلة إن الاتفاق سيكافئ إيران، لكونها أقل خطراً، رغم المغازلة التي تقوم بها، وإنها تريد التحول إلى قوة نووية. وتبدو هذه نتيجة رهيبة، إلا عندما فكرت بالبدائل.
أولاً، فشلت محاولات ترامب إسقاط النظام من خلال إستراتيجية “أقصى ضغط” ومزيد من العقوبات. صحيح أن الناتج المحلي العام انخفض بحسابات الدولار بنسبة 44% منذ عام 2012، إلا أن ملالي إيران احتفظوا بالسلطة عبر سفك الدم، وأُعدم في إيران، هذا العام، 349 شخصاً، وتضاعفَ تصدير النفط الإيراني للصين، في العام الماضي، لثلاثة أضعاف، بنسبة 1.5 مليون برميل في اليوم. كما رَعَت بكين صفقة بين السعودية وإيران، أخرجت الأخيرة من عزلتها.
ثانياً، أصبحت اتفاقية العمل المشتركة الشاملة ميّتة، وبات تقدير الوقت لاقتراب إيران من القنبلة النووية بالأيام، لا بالسنوات، وفَقَدَ داعِمو الاتفاقية بطهران التأثير، إلى جانب أن احتمال عودة ترامب إلى الحكم يعني أن الولايات المتحدة لا يمكنها تقديم التزامات طويلة الأمد وموثوقة.
فشلت محاولات ترامب إسقاط النظام من خلال إستراتيجية “أقصى ضغط” ومزيد من العقوبات.
وأخيراً، يتعلق الأمر بالجانب العسكري، وهو ليس أحسن، فالغارات التي ستقودها أمريكا لن تدمّر الجهد الإيراني النووي بشكل كامل، بل ستعيده سنوات للوراء. وربما قادت إلى حرب في المنطقة. ولدى أمريكا أولويات أخرى، مساعدة أوكرانيا وردع الصين في آسيا، وآخر شيء تريده هو نزاع جديد في الشرق الأوسط.
كما أن الظروف للمقايضة الكبرى مع إيران ليست موجودة، وربما تغير هذا، فعندما يموت المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، البالغ من العمر 84 عاماً، فلربما أدت وفاته لنزاع على السلطة.
يضاف إلى هذا أن صفقةً تطبيع بين إسرائيل والسعودية قد تهزّ الدبلوماسية في المنطقة. وفي هذه الأجواء ربما ضغطت الصين، التي لا تريد توقفاً في إمدادات النفط، على إيران للتصرف بمسؤولية. وحتى لو غابت شروط المقايضة الكبرى مع إيران في الوقت الحالي، فإن كثافة الحرب في أوكرانيا قد تختفي يوماً ما، مما يحرر الكثير من المصادر والالتزامات العسكرية الأمريكية، فشراء الوقت والاحتفاظ بخيار القوة ضد إيران هو، على الأقل، الخيار الأسوأ.