الصين تستغل فرصة التراجع الروسي والقيود الأمريكية وتبرز كمورد كبير للأسلحة في الشرق الأوسط
عربي تريند_ قال موقع “ديفينس أند سكيورتي مونيتورز” في تقرير بعنوان “الصين تستغل فرصة تصدير الأسلحة في الشرق الأوسط”، إن الصين استغلت عزلة روسيا الاقتصادية التي فرضها عليها الغرب وتورطها في حرب أوكرانيا، والقيود الأمريكية على واردات الأسلحة (المتعلقة بحقوق الإنسان ومسائل السياسة الخارجية الأخرى)، وزادت من مبيعاتها للأسلحة لدول منطقة الشرق الأوسط، حتى بين تلك التي بينها تنافس إقليمي شرس كإيران والسعودية على سبيل المثال.
وأكد الموقع المعني بالشؤون العسكرية والأمنية أن بكين تقدم نفسها لدول المنطقة كشريك اقتصادي وسياسي ودفاعي بديل، حيث تعرض مبيعات الأسلحة بدون طرح أسئلة، وبقيود أقل، على عكس النهج الأمريكي في هذا الصدد.
وشدد التقرير على أن الصين نجحت في استغلال مختلف الفرص التي أتيحت أمامها، لتظهر مؤخرا كمورد مهم للأسلحة لدول الشرق الأوسط، وأن بكين تعتبر أن كل عملية بيع أسلحة لدولة تتوافق عادة مع واشنطن مكسبا إستراتيجيا، بغض النظر إذا كانت تلك الدولة تبتعد عن نفوذ واشنطن أم لا.
إعادة تسليح إيران
وجاء في التقرير أن شركات الأسلحة الصينية (المملوكة) وسّعت من عروض مبيعات لإيران لتوفير التقنيات العسكرية بعد رفع القيود الأممية على طهران في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وأشار إلى أن تلك القيود التي استمرت لعقود على إيران وقواتها العسكرية ولاسيما فيلق القدس بمخزون أسلحة عفا عليها الزمن ومعدات ضعيفة ومعاد تصميمها.
في عام 2019، أفادت إيران أن لديها قائمة بشراء أسلحة بقيمة 8 مليارات دولار، يجب تنفيذها لاستئناف عمليات عسكرية جديدة، وسارعت الصين بتقديم عدد كبير من الطائرات بدون طيار، والتي وزعها بعد ذلك الحرس الثوري الإيراني على وكلاء إيران في جميع أنحاء العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وأكد أنه جرى الكشف عن استخدام العديد من الطائرات بدون طيران صينية الصنع في تنفيذ ضربات ضد منشآت نفطية سعودية ومواقع عسكرية أمريكية في جنوب شرق سوريا.
وذكر أنه في مارس 2021، أبرمت بكين وطهران اتفاقًا إستراتيجيًا يدعو إلى توثيق العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وفي المقابل، بينما تستطيع روسيا تلبية بعض حاجات إيران من التسلح، فإنها غير قادرة على تلبية متطلبات إيران على نطاق واسع في الوقت الحالي.
وعلى سبيل المثال، يُعتقد أنّ شراء إيران لطائرات سو-35 الروسية المقاتلة يشمل على الأرجح فقط نحو 24 طائرة، في حين يُعتقد أنّ سلاح الجو الإيراني يمتلك أكثر من 150 طائرة قتالية تعمل بشكل فاعل، وجميعها قديمة وتحتاج في النهاية إلى الاستبدال.
وهنا يؤكد التقرير أنه في غياب روسيا، تصبح الصناعة الصينية هي الوحيدة القادرة تقنيًا وسياسيًا على تلبية متطلبات التسلح الإيرانية.
وهناك تقارير متداولة تفيد بأن الصين مستعدة لتقديم مقاتلة ( J-10C) بالإضافة إلى مقاتلة (FC-1 Xiaolong) الأقل تقدمًا، إلى إيران.
تلبية متطلبات السعودية
وينوه التقرير أنه على عكس إيران، فإن السعودية تتمتع بعلاقات إيجابية مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بتصدير الأسلحة، وهذا بدوره يجعل الرياض مكسبًا سياسيًا أكثر جاذبية للصين حال تلبية متطلباتها العسكرية التي تترد واشنطن في توريدها للرياض.
وذكر الموقع أن الولايات المتحدة كانت تاريخياً مترددة في بيع مركباتها الجوية القتالية غير المأهولة (UCAVs) إلى دول أخرى غير حلفائها المقربين، والتي لم تشمل في البداية دول الخليج.
واستغلت الصين تلك الفرصة، وقامت بسد الفجوة الموجودة في قدرات الرياض في هذا الصدد، من خلال تقديم الطائرات بدون طيار وأنظمة الصواريخ الباليستية الخاصة بها، بما في ذلك Wing Loong وCH-4.
بعد الحصول على الطائرات بدون طيار، بدأت السعودية على الفور في استخدامها في حملتها الجوية على اليمن، علاوة على ذلك، تعتمد السعودية على صواريخها الباليستية التي توفرها الصين كرادع ضد إيران.
ويؤكد التقرير أن الصين صممت عروضها للمملكة العربية السعودية لتتماشى مع أهداف التصنيع السعودية. وركز التعاون الصاروخي الأخير على نقل التكنولوجيا والإنتاج المحلي. وذكر أن الطائرة المسيرة “صقر” المنتجة محليًا في المملكة العربية السعودية تطلق صواريخ بتصميم صيني. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك اهتمام بالطائرة JF-17، وهي طائرة مقاتلة باكستانية صينية مشتركة، مع خطط محتملة لتصنيعها في المملكة العربية السعودية.
ومع ذلك، يلفت التقرير إلى أن الحاجات الدفاعية الأوسع للمملكة العربية السعودية، قد جرى الوفاء بها بشكل عام من قبل شركائها الغربيين. وأنه على الرغم من التوترات السياسية المتزايدة، أظهرت الولايات المتحدة التزامها بالبقاء المصدر الرئيسي للأسلحة في المنطقة.
وخلال الإدارة السابقة، بقيادة دونالد ترامب، اقترحت الولايات المتحدة صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار مع المملكة العربية السعودية، بما في ذلك استثمارات كبيرة في أنظمة “ثاد”. وفي أغسطس/آب 2022، وافقت إدارة بايدن على صفقات منفصلة لبيع محتمل لصواريخ :ثاد” الاعتراضية إلى الإمارات العربية المتحدة وصواريخ باتريوت الاعتراضية إلى المملكة العربية السعودية، بقيمة 5.3 مليار دولار.
بديل مفضل
وخلص تقرير الموقع، الذي أعده دان دارلينغ وديريك بيساشيو وأجا ميلفيل، إلى أنه من خلال تقديم أسعار معقولة وخيارات دفع مرنة وضمان التسليم للمستخدم النهائي، طورت الصين بثبات قاعدة عملاء في جميع أنحاء العالم النامي.
وأنه مع استمرار الصين في الصعود كقوة عالمية، فإنها تتولى تدريجياً الدور الذي كانت تحتله روسيا في السابق باعتبارها البديل المفضل للصناعة الغربية كمورد للأسلحة.
وغالبًا ما تؤدي مبيعات الأسلحة إلى علاقات طويلة الأمد، إذ لا يكتسب المشترون معدات جديدة فحسب، بل يحتاجون أيضًا إلى الصيانة والتحديثات في المستقبل.
ويختم بأن روسيا سلمت الشعلة إلى الصين عن غير قصد، وهو ما مهد الطريق لها لتصبح القوة الرئيسية التالية القادرة على منافسة الولايات المتحدة على النفوذ العالمي.