العالم تريند

أربعة سيناريوهات تتناول مؤشرات التصعيد بين إسرائيل وإيران و”حزب الله” لا تسبتعد “ضربات استباقية”

عربي تريند_ تطرق مركز بحثي فلسطيني إلى تحليل مؤشرات حالة التصعيد القائمة حالياً بين كل من دولة الاحتلال الإسرائيلي من جهة، وإيران ومنظمة “حزب الله” اللبنانية، من جهة أخرى، ووضع عدة سيناريوهات للمستقبل، كان من بينها وضع فرضية اندلاع قتال بين تلك الأطراف، أو توجيه ضربات استباقية لكسر تعاظم القوة.

التلويح بالهجوم

ونشر مركز “عروبة” للأبحاث والتفكير الإستراتيجي، ورقة تقدير إستراتيجي حول تلك المؤشرات، والسيناريوهات القادمة، انطلقت من التصاعد الكبير في “خطاب التهديد والوعيد” المنطلِق من قادة الاحتلال في المستوى السياسي والمستويين الأمني والعسكري، والذي جاء بعد أيام معدودة على تنفيذ “حزب الله” مناورةً عسكريةً في جنوبي لبنان استعرَض فيها قوته، والتي تضمنت محاكاة سيناريوهات عملياتية كبرى، اشتملت على قيام مقاتلي الحزب بأسر جنود إسرائيليين، وتنفيذ اقتحام لمنطقة الجليل الأعلى شمالي فلسطين، وصد “غزو إسرائيلي” للجنوب اللبناني.

وبيّنت الورقة أن رسائل قادة الاحتلال حملت “تلويحاً” واضحاً بوضع كل الخيارات على الطاولة في التعامل مع إمكانية نشوب مواجَهة مع “حزب الله” أو إيران أو كليهما، فيما لم يتوانَ “حزب الله” عن الرد على هذه التهديدات، والأمر ذاته من الحرس الثوري الإيراني، تعليقًا على تصريحات حول جهوزية الاحتلال للتعامل مع الملف النووي الإيراني وتقدمه، فيما لم تتوقف الرسائل عند التهديدات، بل تضمنت مناورات مختلفةً ومتلاحقة، نظَّمتها المقاومة اللبنانية، وكذلك جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتطرقت الورقة إلى خلفية التوتر، وقالت إن حدود فلسطين المحتلة الشمالية شهدت توتراً لم يشهده منذ انتهاء عدوان تموز 2006 على لبنان، مشيرة إلى أن عملية التفاوض تحت التهديد على حقوق لبنان في الغاز الطبيعي وترسيم الحدود البحرية، وإطلاق الصواريخ من جنوبي لبنان تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة “كانت نقاط تصاعد مهمة في التوتر”.

ولفت المركز في ورقته إلى أن “عملية مجدو” شكلت منعطفًا هاماً في التعامل الإسرائيلي، مع ما عدّه تغييراً في “قواعد الاشتباك والمواجَهة”، إذ وجّهَت أجهزةُ أمن الاحتلال أصابعَ الاتهام لحزب الله” بالوقوف خلف العملية.

و”عملية مجدو” تمثلت في تسلل شخص من الجنوب اللبناني، إلى منطقة مجدو، وقالت دولة الاحتلال إنه كان يريد تنفيذ عملية كبيرة.

وأشارت الورقة إلى المعادَلات الجديدة والتقدُّم في ما وصفته بـ “جرأة المقاوَمة”، والتي تمثلت في مستويين، المستوى الأول تدشين “حزب الله” معادَلة “المعركة بين الحروب المضادة”، التي ثبَّت فيها معادلته في مواجَهة سياسة “المعركة بين الحروب” التي ينفِّذها الاحتلال لاستهداف عملية تطوير الحزب وقدراتِه، أما المستوى الثاني فتمثل في توسُّع النشاط المقاوم لفصائل المقاومة الفلسطينية في لبنان، وإعادة تنشيط خيارات الرد العسكري الفلسطيني من الأراضي اللبنانية.

المناورات العسكرية

ولفتت الورقة إلى مناورات “حزب الله”، والتي حملت اسم “سنعبر”، وجرى تنظيمها على غير المعتاد، فقد جاءت المناورة قبيل احتفالات “يوم التحرير”، الاحتفال السنوي بانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوبي لبنان في 25 مايو 2000، وفي أعقاب العدوان الأخير للاحتلال على قطاع غزة.

وحسب المركز البحثي، فإن هذه المناورة حملت عدداً كبيراً من رسائل التحذير والتعبيرات الضمنية عن استعراض الحزب لقدراته وخططه المستقبلية في أية مواجَهة مع الاحتلال، ولمحَت بوضوح إلى امتلاك الحزب صواريخ دقيقة سيستخدمها في أية معركة مستقبلية مع الاحتلال.

وذكرت الورقة أن قادة الاحتلال “لم يمرِروا مناورات حزب الله بهدوء، بل انطلقت عاصفة من التصريحات من مستويات مختلفة تَحمل تهديدات للحزب ولبنان وإيران وحتى لغزة”، تفيد بأن إسرائيل “قادرة على تنفيذ عدوان واسع يَستهدف أعداءها” .

وقد تلا ذلك، وفق تسلسل الأحداث، إعلان جيش الاحتلال بدء تنفيذ مناورة عسكرية واسعة النطاق على حدود فلسطين المحتلة الشمالية، تستمر نحو أسبوعين، تحاكي القتال متعدد الجبهات جواً وبحراً وبراً، عبر “السبكتروم” والفضاء الإلكتروني “السايبر”، والتعامل مع عدة ساحات من القتال بشكل متزامن، لاختبار مدى استعداد جيش الاحتلال لخوض معركة طويلة الأمد وكثيفة.

من جهة أخرى، بينت الورقة أن الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله، لم يتوان في الرد على التهديدات الإسرائيلية، خصوصًا تصريحات رئيس استخبارات جيش الاحتلال، مؤكداً أن “على إسرائيل أن تخاف، وألّا ترتكب أخطاءً حتى في التقييمات، لأن أي خطأ سيؤدي إلى حرب كبيرة”.

كما تطرقت الورقة إلى ما صرح به مسؤول إيراني، بأن أي اعتداء عسكري على المنشآت النووية “سيقابَل برد واسع وغير مسبوق”، مؤكدًا أن تخصيب اليورانيوم يجري عند عتبة 60%، وأن كلام إسرائيل مجرد تحريض ودعاية، مشدداً على استمرار طهران في تطوير قدراتها العسكرية في المجالات كافة.

وكان رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال هرتسي هليفي، قال إن “تطورات سلبية” قد تدفع لتسريع الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، فيما قال وزير الجيش يوآف غالانت إن إسرائيل “تستعد لاختبار صعب” .

وفي إطار الرسائل الساخنة، بث التلفزيون الرسمي الإيراني لقطاتٍ لإطلاق صاروخ، وُصف بأنه تحديث لصاروخ “خرمشهر 4″، القادر على حمل رأس حربي يزن ألفًا وخمسمِائة كيلوغرام، ويصل مداه إلى ألفَي كيلومتر، وأطلق عليه اسم “خيبر” .

وقد تناولت الورقة سناريوهات تطور المَشهَد، والتسخين المتسارع في المنطقة، والرأي السائد في إسرائيل، بتراجُع قدرات “الردع” للاحتلال، ما سمح بزيادة جرأة خصومه (في إشارة إلى فصائل المقاومة وإيران)، وتقدير الأوساط الأمنية الإسرائيلية، بأن أزمتهم الداخلية شجَّعَت قوى المقاوَمة في المنطقة على المزيد من المبادرة الهجومية واستثمار لحظة الانكشاف، ما يتطلب اتخاذ إجراءاتٍ عدوانية تَحمل في جوهرها أهدافًا “دفاعيةً- ردعيةً” تباغِت فيها إسرائيل خصومَها بضربات نوعية مضمونة النجاح، ترمّم بها قدرات الردع لديها، وتعيد تثبيت قواعد اشتباك تتناسب مع حاجتها الأمنية.

السيناريوهات المتوقعة

وحسب المركز، فإن كل ذلك يَفتح البابَ أمام مجموعة سيناريوهات، يتمثل الأول منها توجيه ضربة عسكرية متزامنة لإيران والفصائل المتحالفة معها في المنطقة.

أما السيناريو الثاني، فيتمثل في وجود معلومات استخباراتية دقيقة لدى الاحتلال حول نية “حزب الله” وقوى المقاوَمة في المحور تنفيذ هجوم كبير على دولة الاحتلال في الفترة القادمة، ما يدعمه حديث رئيس أركان جيش الاحتلال ورئيس استخباراته، وما قد يستدعي تنفيذ الاحتلال “ضربة استباقية” تَستَهدِف قدرات المهاجِمِين الهجومية.

وحسب الورقة، فإن السيناريو الثالث، يشمل توجيه ضربة لقيادة ومقدرات المقاوَمة الفلسطينية المتواجدة في لبنان، ولا سيَما الناشطِين في ملفَّي الضفة الغربية وتفعيل المقاوَمة من جنوب لبنان، أما السيناريو الرابع، فقد تحدث عن “تحقيق ردع” بالتهديدات لإيران و”حزب الله”، إذ يرفع الاحتلال من وتيرة تهديداته وتحركاته الميدانية وحديثه عن استعداده لتوجيه ضربة- حتى لو بشكل منفرد- إلى إيران وحلفائها في المنطقة.

وذكرت الورقة في خلاصتها، أن كل سيناريو من السيناريوهات المطروحة “يَحمل أوجه قوة وضعف، ويشترط لتحقيق أحدها توفر عدة عوامل، إلا أن الثابت الأساس أن إسرائيل مقتنعة في كل مستوياتها بأن صورة الردع قد تهشّمت تهشّماً غير مسبوق، وبأن أزمتها الداخلية والتغيرات في المنطقة والعالَم قد وفّرَت لحظةً تاريخيةً لخصومها لتغيير قواعد الاشتباك، وتدشين معادَلات جديدة في المواجَهة المستمرة معها” .

وذكّر التقرير بأن ذلك يتطلب تحركاً جدياً وخطوات فعليةً لترميم ما خسرته إسرائيل في السنوات الأخيرة، والذي تعاظَم في السنة الحالية مع اشتداد أزمة دولة الاحتلال الداخلية، ونجاح المقاوَمة في توجيه عدة ضربات وتحريك عدة ساحات كانت إلى وقت قريب “مُحيَّدة” وخارج معادَلة الاشتباك.

رجحت الورقةُ كلاً من السيناريو الرابع والسيناريو الثالث على التوالي، كونَهما “أقرب إلى التحقق من خلف التسخين المتصاعد في المنطقة”، وذكرت أن إسرائيل غير جاهزة لخوض معركة متعددة الجبهات تتضمن توجيه ضربة لإيران، إذ إن التحولات في المنطقة، وصعوبة حسم الاحتلال لإمكانية نجاح ضربته، وأن الولايات المتحدة لا ترغَب في اللجوء إلى الخيار العسكري، كلها أسباب تحُول دون تحوُّل السيناريو الأول إلى سيناريو واقعي.

وحسب التحليل الذي جاء في الورقة، فإن الاحتلال يعي أن معركةً مع “حزب الله”، لن تكون نزهة، وأن ثمنها سيكون كبيراً، حيث لا تُشير الأوضاع إلى أن “حزب الله”، يفضل أن يَفتح اشتباكًا مباشرًا مع الاحتلالِ، ما دام التزمَ الاحتلال بـ “قواعد الاشتباك”، بل يفضّل الاستمرار في تطوير قواعد جديدة يكون فيها الفعل المباشر للقوى والفصائل الفلسطينية الناشطة في لبنان بغطاء وموافقة ودعم من الحزب، لتوسيع معادَلات الاشتباك مع الاحتلال عبر الجبهة الشمالية، وتعزيز الدعم لتوسيع نشاط المقاوَمة في الضفة المحتلة، ما يعزِز احتمالية أن يلجأ الاحتلال إلى توجيه ضربة لقيادة المقاوَمة الفلسطينية في لبنان، ومحاولته تجنب رد واسعٍ من “حزب الله” على الضربة، عبر تصعيد التهديدات والاستعدادات لرفع تكلفة العدوان في حال دخول الحزب في المواجَهة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى