الغارديان: حكم الأقوياء لا يوفر الاستقرار ومدنيو السودان يستحقون الأمن
عربي تريند_ نشرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية حول الوضع الإنساني في السودان، مشيرة إلى أن مستقبل البلاد لا يمكن تركه بيد الرجال الأقوياء. وقالت فيها “عندما فر الدبلوماسيون من القتال الذي أغرق الخرطوم، حرم بعضهم المدنيين السودانيين من الفرار إلى بر الأمان. فقد قام الموظفون الأمريكيون والفرنسيون بخرط جوازات السفر التي تسلموها لطبع تأشيرات عليها خوفا من وقوعها في الأيدي الخطأ. فيما تركها البعض في خزانات مؤمنة بالسفارات المهجورة”. وقالت إن هذا يظهر قلة الاحترام لمن وجدوا أنفسهم عالقين وسط الصراع على السلطة بين الجنرالين: قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان والجنرال محمد حمدان دقلو، حميدتي قائد قوات الدعم السريع.
لم يدمر القتال المستشفيات والأسواق والبيوت فحسب، بل و”محى الحياة السياسية والاجتماعية السودانية” حسب المحللة السياسية في الخرطوم خلود خير.
وحذر الخبير في الأمم المتحدة رادون نوسير يوم الثلاثاء قائلا “هذا دمار للبلد بطريقة نزعت الإنسانية عن الشعب”. فقد قتل أكثر من 850 مدنيا وجرح المئات وشرد الآلاف منذ اندلاع العنف في منتصف نيسان/إبريل. وبدأ آخر اتفاق هش لوقف إطلاق النار يوم الإثنين بعد توسط من الولايات المتحدة والسعودية. ولكن توقعات استمراره متدنية. ولا يزال كل طرف عدوانيا، ولم يحقق أي منهما انتصارا حاسما، ولم يُلتزم باتفاقيات إطلاق النار السابقة.
وفي الوقت الذي جرى فيه التركيز على الوضع في الخرطوم، فإن هناك قلقا من توسع العنف في دار فور، الإقليم الذي شهد اضطرابات وعمليات إبادة بداية القرن الحالي. وكلما طال أمد الحرب عظُمت المخاطر من دخول أطراف أخرى في النزاع، فهناك جماعات محلية مسلحة لم تجد أي طريق آخر للدفاع عن مجتمعاتها، فضلا عن لاعبين إقليميين يبحثون عن مصالحهم. وربما انتشر القتال المكثف وتحول إلى حرب أهلية رسمية بدعم من القوى الخارجية، بطريقة يصعب حلها.
لا يعاني المدنيون فقط من القتل الذي لا يميز، بل من استهداف الطرفين لمنظمات المجتمع المدني. وعندما اتحد الجنرالان سابقا لمنع التحول الديمقراطي وإنشاء حكومة مدنية، واعتُقل الناس الذين يحتاجهم البلد بل وقتلوا أو أجبروا على الفرار من البلد، كشف كل ذلك أن التعويل على الرجال العسكريين الأقوياء من أجل توفير الاستقرار هو خطأ فظيع.
وحاولت السعودية التي تعتبر نفسها محايدة رغم علاقتها مع الطرفين جلبهما إلى طاولة المفاوضات والتوافق على وقف إطلاق النار. ولا أحد يتوقع عودة الديمقراطية كهدف مهم.
مع أن مسؤولين في البيت الأبيض والمبعوث الخاص المعين يمكنهم تحقيق استقرار للوضع ويجب عليهم الضغط على دور للمدنيين على المدى البعيد. وأدى الاتحاد الإفريقي حتى الآن دورا محدودا، لأن الجنرالين لم يرحبا بمشاركته. ومحاولة الاتحاد عقد عملية سياسية خطوة مرحب بها وضرورية مع أن دمج هذا في المحادثات مع العسكريين أمر صعب وهناك مخاطر في تراجعهم لدور ثانوي.
وفي الوقت الحالي يعتبر وقف إطلاق النار تحديا كبيرا. ويحتاج نصف سكان السودان إلى المساعدات الإنسانية، وفر أكثر من 300.000 سوداني من القتال إلى دول الجوار حيث يتعرض الكثيرون منهم للخطر. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن حملة لجمع 3 مليارات دولار، قامت بريطانيا بقطع التمويل لشرق إفريقيا. وكما خاف الكثيرون، فقد انحرف الاهتمام عن العنف مع إكمال عملية نقل الأجانب إلى خارج السودان. ولكن يجب عدم معاملة السودانيين على أنهم مسألة يفكر فيها لاحقا.