فنون

أحمد سعد… رحلة النجومية مُعبّدة بالإفيهات والأغاني

قبل أعوام قليلة، احتل الفنان المصري أحمد سعد الشاشات ومواقع التواصل بسبب قصص زواجه وطلاقه من نجمات في الوسط الفني، وظل لفترة طويلة مثالاً للفنان الذي ابتعد عن مسيرته الفنية وأضاعها بسبب أزماته الشخصية. وحين يذكر اسم أحمد سعد، تُذكَر معه خلافاته العلنية مع زوجتيه السابقتين سمية الخشاب وريم البارودي، وكان الثلاثة ضيوفاً دائمين على برامج الإثارة الإعلامية، وكاد الجمهور أن ينسى الوظيفة الأصلية لأحمد سعد بسبب هذه الزوبعة، قبل أن تكون سبباً في كتابة شهاد ميلاد فنية جديدة له في العامين الأخيرين.

وقع أحمد سعد في السنوات الأخيرة في فخ لم ينج منه إلا القليل، وذلك بحصره في فئة المشاهير مثيري الجدل بقصصهم الزوجية. وأصبح ظهوره المتكرر في الفضائيات مرتبطاً بهذه السمعة، وابتعد تماماً عن المنافسة الغنائية رغم طرحه عدة أغان في تلك الفترة. ولكن مع استقراره الأسري بزواجه مجدداً وانتهاء خلافاته مع طليقاته، استطاع أحمد سعد أن يمحو الصورة السابقة عنه، ويعود بأعمال غنائية حققت نجاحًا جماهيريًا ملحوظاً في العامين الأخيرين، وأصبح صوته مسموعاً ومعتاداً طوال العام، وربما لم يشهد فترة انتعاش فني مثلها في مسيرته مثل هذه الفترة.

رجح أحمد سعد في لقاء له مع برنامج “صاحبة السعادة” سبب عودته ونجاحه مؤخراً إلى زوجته علياء بسيوني التي تتولى مهمة إدارة أعماله والتسويق لها واختيار أزيائه وغيرها. ولكن ليس بسببها فقط استطاع سعد تقديم صورة جديدة عنه للجمهور، وكانت أولى خطواته خلق شخصية جديدة ملائمة لما تطلبه وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الحالية. أو كما تقول القاعدة الشائعة في الوسط الفني المصري: “خليك كاركتر تشتغل أكتر”، فعزز أحمد سعد في لقاءاته الإعلامية الأخيرة صورة الفنان العفوي المثير للضحك والسخرية من خلال “إفيهاته” الساذجة التي يرددها بكثافة طوال الوقت.

صاحبت محاولة سعد في محو صورته القديمة كزوج مثير للأزمات، ظهورًا إعلاميًا مكثفاً في البرامج التلفزيونية ذات الصيت مع الإعلاميين منى الشاذلي وعمرو أديب وإسعاد يونس، طرح فيها نفسه كمادة ثرية لوسائل التواصل للسخرية منه كونه “صاحب قلشات”، حتى أن واحدة من أشهر أغانيه “عليكي عيون” لاقت انتشارًا كبيرًا بسبب سخرية الجمهور من رقصته على الأغنية على “تيك توك”. كذلك ظهر في برامج عربية بينها برنامج طرب مع مروان خوري عبر شاشة العربي 2.

استفاد سعد كثيراً من “تيك توك”، وبجانب تواجده بشخصيته الجديدة على منصة الفيديوهات، فهو صوت ملائم لمواصفات المنصة بامتياز، بصوت قد يبدو غريباً مقارنة بمنافسيه من الأصوات الرجالية، إذْ يميل إلى الأغاني الشعبية التي تعتمد على الاستعراضات الصوتية، ويعوض نقصاً في المنافسين في مجال الأغنية الشعبية الطربية، بعد اختفاء عدد من نجومها مثل محمود الليثي وبوسي وأحمد شيبة وغيرهم. لذلك، خلق أحمد سعد لنفسه مساحة فنية لا يوجد فيها منافسة حامية، وأصبح ممثلاً لمنطقة وسطى في الساحة الغنائية بين الراب والمهرجانات وأغاني البوب والشعبي.

ساهم هذا المزيج الذي يقدمه سعد في أعماله الغنائية في احتلاله أغاني المسلسلات والأفلام التي قُدمت في العامين الماضيين، مما ساعد في زيادة إنتاج سعد وتوفير دعاية إضافية له، ونجح في تحقيق نجاح تجاري من خلال عدة أغان مثل “اليوم الحلو ده” من فيلم “عمهم”، و”سايرينا يا دنيا” من فيلم “من أجل زيكو”، و”كل يوم” من مسلسل “ملوك الجدعنة”، وأخيراً أغاني مسلسل “البرنس” وغيرها.

اشتهر سعد طوال مسيرته الفنية بهذه التوليفة، فهي كافية في جعله متواجداً ومطلوباً في “تترات” المسلسلات والأفلام، على غرار أعماله القديمة مثل “سألت نفسي كتير” و”بحبك يا صاحبي” و”مش باقي مني” وغيرها، ولكن المختلف هذه المرة هو اتخاذه خطوات كبيرة إلى الأمام، وتجديد قاعدته الجماهيرية من الشباب ومن جمهور الراب والمهرجانات: وبدأ الاتجاه الجديد بتعاونات مع عدد من شباب ونجوم هذا المجال، وكانت أولها العام الماضي في أغنية “الملوك” مع “عنبة” و”الدوبل زوكش”، وحققت الأغنية نجاحًا كبيرًا وقتها، ووصلت نسب استماعها على “يوتيوب” إلى أكثر من 70 مليون مستمع.

عرف سعد الطريق الجديد في مسيرته بعد نجاح “الملوك”، واستعان بعدد من الشباب من صناع أغاني الراب والمهرجانات في عمل عدة أغان جديدة له على نفس النهج، وأبرزها أحدث أغانيه “وسع وسع”، والتي قدم بها نفسه كمنافس لأعمال نجوم الراب الصاعدين، بتعاونه مع الثنائي مصطفى حدوتة وإيهاب كلوبيكس في الكلمات والتوزيع الموسيقي. ولأول مرة يغني سعد كلمات تدور حول التفاخر بنفسه وبقدراته الخارقة على غرار: “شوف انت تبقى مين وانا ابقى مين.. ده اللي عملته في حياتك عملته انا في يومين..”، وهو المحتوى الرائج حالياً في أغاني الراب والمهرجانات وللجمهور الشاب.

عودة سعد القوية بثوب جديد، قد تكون درساً في التسويق واستخدام كافة الوسائل الجديدة في الترويج للأغاني ولصورة المطرب، أكثر من كونها تحولاً فنياً أو تميزاً بدرجة كبيرة، لذلك كان حاضراً طوال العام وصوتاً رائجاً في العديد من المناسبات، بداية من إتقانه لسياسة الأغاني المنفردة على مدار العامين، والتنويع في مضامينها بين الأغاني الرومانسية مثل “عليكي عيون” أو الدرامية مثل “سايرينا يا دنيا” أو الشعبية مثل “كل يوم” و”الملوك” وغيرها، وإلى أغاني الأفراح والحفلات مثل “اليوم الحلو ده” و”يا مدلع” وغيرها، إضافة إلى تقديم محتوى بصري مختلف في معظم الأغاني، واستعراضات ورقصات خاصة، تثير التفاعل مع الأغاني على “تيك توك”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى