نائبان يمثلان زمور يصوتان ضد لائحة البرلمان الأوروبي حول الجزائر.. والوكالة الرسمية تتهم حزب ماكرون وشبكات مغربية
عربي تريند_ كشف البرلمان الأوربي عن تصويت نائبين ينتميان لحزب السياسي الفرنسي المتطرف إيريك زمور ضد اللائحة المثيرة للجدل حول حرية الصحافة في الجزائر، في وقت اتهمت وكالة الأنباء الجزائرية صراحة حزب الرئيس إيمانويل ماكرون بالوقوف وراء هذا القرار، في تصعيد ينذر بانتكاسة العلاقة بين البلدين من جديد.
وتشير الوثائق المرفقة التي نشرها البرلمان الأوربي المتعلقة بقائمة المصوتين، إلى وجود 4 نواب صوتوا ضد اللائحة بينهما اثنان من فرنسا يمثلان اليمين المتطرف بقيادة إيريك زمور زعيم حزب “استرداد” الذي خاض الرئاسيات الأخيرة وخرج من الدور الأول بعد أن احتل المركز الرابع، واشتهر بخطابه المصمم بالكامل على معاداة المهاجرين والمسلمين منهم تحديدا.
ومن هؤلاء النواب، نيكولا باي الذي يشغل حاليا نائب الرئيس التنفيذي في حزب “استرداد”. وقد أمضى هذا السياسي جل مساره في حزب التجمع الوطني الذي أسسته مارين لوبان ثم قرر خلال الرئاسيات الأخيرة في فرنسا مساندة إيريك زمور. كما تبرز أيضا ضمن القائمة النائبة ماكسيت بيرباكاس المنحدرة من مقاطعة غوادلوب الفرنسية في منطقة الكاريبي، وهي بالمثل كانت تتبع حزب مارين لوبان قبل أن تنتقل لمساندة زمور الذي يقال إنها غادرت حزبه بعد هزيمته في الرئاسيات.
وما قد يفسر هذا التصويت على الرغم من العداء الذي يميز هذا التيار لمواطني دول المغرب العربي، هو أن اليمين المتطرف عموما في فرنسا وأوروبا يتبنى مقاربة تقوم على رفض فكرة أن تخوض دولهم في قضايا الحريات وحقوق الإنسان في باقي البلدان. وهذا ما يظهر داخل أوروبا نفسها، من رفض اليمين المتطرف كل مسعى أوروبي لمعاقبة رئيس المجر فيكتور أوربان على مواقفه وقراراته التي تعتبرها باقي حكومة الاتحاد الأوربي مخالفة للقيم التي بني عليها كيانهم.
وفي الواقع، كان أبرز من دعم اللائحة أحزاب اليسار والوسط واليمين المعتدل في البرلمان الأوربي. ويظهر من هؤلاء نواب محسوبون على حزب الرئيس الفرنسي، وهو ما دفع وكالة الأنباء الجزائرية في رد هجومي حاد لاتهام هذا الحزب باعتماد خطاب مزدوج، في تطور يأتي على مقربة من الزيارة المنتظرة للرئيس عبد المجيد تبون لفرنسا الشهر المقبل.
وذكرت الوكالة التي تمثل التوجه الرسمي في برقية لها أن “هذه اللائحة الصادرة على ما يبدو من برلمانيي حزب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون تدعو للتساؤل حول المغزى من هذا المسعى والعلاقات التي يرغب هذا التوجه السياسي في بنائها مع الجزائر”. وتابعت تقول: “فهذا الحزب الذي يرغب ظاهريا في تعزيز علاقاته مع الجزائر، يضاعف من جهة أخرى الضربات الدنيئة لمسار بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة. والواضح أنه لا يمكن بناء علاقة على أساس خطاب مزدوج”.
وأبرزت أن “هذه المؤسسة الأوروبية التي سقطت من عليائها بقضايا الفساد تثبت مجددا أنها لم تنجح بعد في الانعتاق من قبضة الأفاكين والمفسدين الذي يملون أوامرهم على منتخبين أوروبيين من مريدي المنتجعات على حساب أسيادهم”.
وتساءلت في سياق اتهاماتها: هل يجد هذا البرلمان الذي رأيناه يضعف أمام فكرة إصدار لائحة تدين انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب (لائحة واحدة خلال 25 سنة)، نفسه اليوم ملزما بمهاجمة الجزائر لطمأنة الشبكات الداخلية للمخزن في البرلمان الأوروبي؟ هل يجب أن نذكر بأن البرلمان الأوروبي وأد مشروع لائحة حول وضع الصحافيين في المغرب، لاسيما عمر راضي، متحججا بطريقة خبيثة بعيب في الإجراءات ابتدعه.
ردود الفعل على اللائحة استمرت وطنيا ودوليا، ومن أبرزها بيان البرلمان العربي الذي أعرب عن رفضه القاطع واستنكاره الشديد للبيان الذي أصدره البرلمان الأوروبي بشأن حرية التعبير في الجزائر، مشيرا إلى أنه “يمثل تدخلاً سافراً وغير مقبول في الشؤون الداخلية للجزائر، واستمراراً لنهج غير مقبول من البيانات المشابهة التي يصدرها البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في الدول العربية”.
وجدد البرلمان العربي مطالبته لنظيره الأوروبي بالتوقف الفوري والتام عن تنصيب نفسه وصياً على الدول العربية، كما طالبه بعدم تسييس قضايا حقوق الإنسان واستخدامها كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للجمهورية الجزائرية، لاسيما في ظل وجود مؤسسات دستورية وقضائية كفيلة بتوفير وتطبيق كافة الضمانات اللازمة لحرية الرأي وحماية حقوق الإنسان في المجتمع الجزائري.
وكان البرلمان الأوربي قد صوّت الخميس الماضية بأغلبية ساحقة على لائحة تطالب بالإفراج عن الصحافيين الجزائريين المعتقلين إحسان القاضي ومصطفى بن جامع، وذلك بتأييد 536 نائباً ورفض 4 وامتناع 18.
ونصت اللائحة على المطالبة بالإفراج الفوري عن إحسان القاضي (مصطفى بن جامع ذكر في ديباجة اللائحة) وجميع المعتقلين تعسفياً واحترام حرية التعبير وحرية الإعلام؛ ودعوة السلطات الجزائرية إلى إعادة فتح وسائل الإعلام المغلقة، ووقف اعتقال واحتجاز النشطاء السياسيين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان أو أي شخص يعبر عن رأي مخالف أو ينتقد الحكومة.
ومنذ الحراك الشعبي، أصدر البرلمان الأوربي عدة لوائح تدين الوضع الحقوقي في الجزائر، أبرزها ما صدر سنتي 2019 و2020 تزامنا مع المظاهرات الحاشدة المطالبة بالتغيير، وهو ما أثار عاصفة في البلاد ومسيرات رافضة للتدخل الأوربي في الشأن الجزائري. وكانت تلك اللوائح شديدة الانتقاد فيما يتعلق بتعرض المتظاهرين والناشطين للملاحقة والاعتقال واستصدار قوانين مناقضة لحرية التعبير.
وبعد أسبوع، ستتم برمجة استئناف محاكمة الصحافي إحسان القاضي وذلك في قضية التمويل الأجنبي التي أدين فيها قبل شهرين بـ5 سنوات سجنا منها 3 نافذة. أما الصحافي بن جامع وهو رئيس تحرير جريدة لوبروفنسيال بعنابة شرق البلاد، فهو موجود رهن الحبس الاحتياطي منذ 9 شباط/ فبراير الماضي، للاشتباه في ارتباطه بقضية مغادرة الناشطة السياسية أميرة بوراوي بطريقة غير قانونية التراب الجزائري إلى تونس وعبورها من هناك لفرنسا.