حملات تحريض الإسرائيليين على العرب ودعوتهم لحمل السلاح تدفع لاغتيال شاب من فلسطينيي الداخل
عربي تريند_ حمّل قادة فلسطينيي الداخل حكومةَ الاحتلال ووزيرَ الأمن القومي فيها إيتمار بن غفير مسؤولية تورّط مستوطن بقتل شاب من بلدة صندلة داخل أراضي 48، ليلة السبت، بالرصاص. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن حادثة القتل وقعت على خلفية خلاف حول حق المرور في الشارع، وإنها اعتقلت القاتل الذي سلمّها مسدسه فور وصول عناصرها لحلبة الجريمة، وتم اليوم الأحد تمديد اعتقاله.
ويزعم المستوطن المجرم أنه أطلق النار من مسدسه من باب “الدفاع عن النفس” بعدما خشي على حياته، لكن شريط فيديو تداولتْه منتديات التواصل الاجتماعي يظهِر أن المستوطن المجرم قد هاجم الشاب ديار عمري (قريب الزميل الصحفي وليد العمري مدير قناة “الجزيرة” في فلسطين) وهو داخل سيارته، وانتزعه منها فتعاركا، ونجح العمري بدفع المستوطن المعتدي إلى ما وراء الحاجز المعدني في حافة الطريق وغادر عائداً نحو مركبته. لكن المستوطن نهض من الأرض ثم أطلق عدة رصاصات من مسدسه على الشاب ديار العمري (19 عاماً) بعدما انتهى العراك بينهما، وقد بدأ بمغادرة المكان وهو يدير ظهره للجاني، ما يدحض مزاعمه بأنه أطلق النار دفاعاً عن النفس.
وقد زعم محامي الدفاع عن المستوطن المجرم أنه جندي في الاحتياط عاد للتو من تدريبات ضمن وحدة “غولاني”، وأنه يداوم على المشاركة في الدفاع عن الوطن”.
من جانبه يوضح أحمد العمري، والد الشاب المغدور، لـ “القدس العربي” أن نجله احتفل، أمس الأول، بعيد ميلاده التاسع عشر، وكان قد بنى له بيتاً. وقال إنه يعمل وإياه في توزيع الخضراوات. وتابع: “تناولنا طعام الظهر، وتحدثنا وضحكنا، وتركني كي يقوم بجولة في سيارته والصعود كعادته لجبل فقوعة المجاور، لكن المستوطن سدّ الطريق في وجهه فتعاركا على حافة الطريق”. ويدعو الوالد الثاكل للتنبّه لشريط الفيديو، كيف يبدو ولده قد غادر المكان حينما تعرّضَ للغدر بإطلاق ست رصاصات في ظهره، وهو على بعد خمسين متراً من بيته. واتهم حكومة الاحتلال بالتحريض على العرب وحمل السلاح. وتابع: “قام هذا المستوطن وطبّق تعليمات الحكومة بالضغط السريع على زناد النار، وهكذا هي تشعل الكراهية وتصب الزيت على النار”. وقال الأب الثاكل أيضاً إنه “طالما كانت علاقات أهالي قرية صندلة طبيعية مع سكان المستوطنة المجاورة غان نير، لكنه لا يعرف إذا ما ستقع عملية ثأر أم لا”. وأضاف: “فقدتُ ابني الوحيد فيما كنت أستعد للاحتفال بزفافه. أنتم تدخلون الكراهية لقلوب أبنائنا في مثل جرائم القتل هذه غير المبررة، وتوثيق الجريمة في فيديو يحول دون تزوير حقيقة ما حصل. لم يهدد ابني أحداً، ولم يحمل سلاحاً، ولا أعرف إذا ما ستكون هناك عملية ثأر”.
وكان أهالي قرية صندلة قد خرجوا فور تلقيهم نبأ جريمة القتل للشوارع للاحتجاج، فيما حالت الشرطة الإسرائيلية دون وصولهم للمستوطنة المجاورة غان نير. وخلال مواجهات معها، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عدداً من شباب قرية صندلة بعدما أطلقت نحوهم قنابل مسيلة للدموع وقنابل صوتية، فيما قالت لاحقاً إن شرطية قد أصيبت بجراح في رأسها جراء إلقاء حجر. كما دعت الشرطة الإسرائيلية سكان البلدة اليهودية المجاورة غان شاؤول للبقاء داخل منازلها وعدم مغادرتها بسبب حالة التوتر السائدة في المنطقة.
ذكرى مؤلمة
يشار إلى أن صندلة قرية وادعة تكاد تخلو من المشاكل، ولم ترتكب فيها من قبل أي جريمة قتل، ولم تشهد فاجعة موجعة كهذه منذ تعرّض أطفالها لحادثة مروعة في سبتمبر/ أيلول 1957، حيث عاد العشرات من تلاميذها من مدرسة ابتدائية مشتركة لصندلة وللقرية المجاورة المقيبلة في مرج بن عامر، وفي طريق العودة انفجر لغم بهم وقتل 15 طفلاً وأصاب مثلهم بجراح. وتبين لاحقاً أن مزارعاً يهودياً كان قد عثر على اللغم في الأرض، فأودعه على حافة الطريق، وعندما عبث أحد الأطفال من صندلة به انفجر، وقتل وأصاب العشرات وهم في طريق عودتهم من مدرستهم لبيوتهم، وكان من بين القتلى بعض الأشقاء. ورغم مرور الأيام لم تندمل الجراح بعد، وبعض أهالي الضحايا ينزفون بلا دموع، ويرفضون مجرد الحديث عن تلك الحادثة الصادمة التي كتب عنها الشاعر الفلسطيني الراحل راشد حسين قصيدة رثاء بعنوان “الغلة الحمراء” جاء في مطلعها:
مرج بن عامر هل لديك سنابل … أم فيك من زرع الحروب قنابل
يشار إلى أن قرية صندلة كانت قد أقيمت قبل نحو 150 سنة على يد أبناء عمري في قرية عرانة قضاء جنين، حيث حفروا فيها بئراً وأقاموا مزارع، ثم سكنوا فيها. وتعد اليوم نحو أربعة آلاف نسمة، ويعمل كثيرون منهم في زراعة الخضراوات. وهي على بعد كيلومترات قليلة من مدينة جنين. وكانت قوات “الهاغاناه” قد هاجمتها، وهدمت عشرة بيوت من منازلها في مارس/آذار 1948 لتواجد قوات من جيش الإنقاذ فيها، ومن أجل ترويع أهاليها وأهالي المنطقة من الفلسطينيين. وفي مطلع يونيو/حزيران 1948، احتل الجيش الإسرائيلي القرية، وبعد شهر بادر الجيش العراقي لتحريرها. وبقيت القرية تحت الحكم الأردني كسائر الضفة الغربية، لكنها سُلمت لإسرائيل، هي والقرية المجاورة المقيبلة، مع بلدات أخرى من منطقة المثلث الكبير، ضمن اتفاق الهدنة في رودوس، في مثل هذه الأيام عام 1949.