الجيش السوداني يشن ضربات جوية على قواعد لقوات الدعم السريع.. وارتفاع حصيلة ضحايا الاشتباكات إلى 97 قتيلا
عربي تريند_ قال شهود إن الجيش السوداني أصبح له اليد العليا على ما يبدو الأحد في صراع دموي على السلطة مع قوات الدعم السريع بعد أن استهدف الجيش قواعدها بضربات جوية، فيما ارتفعت حصيلة ضحايا الاشتباكات إلى 97 قتيلا وعدد كبير من الجرحى على ما أعلنت نقابة أطباء السودان صباح الاثنين.
واندلعت الاشتباكات السبت بين وحدات في الجيش موالية لرئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
واندلعت هذه الاشتباكات، وهي الأولى منذ أن اشترك البرهان وحميدتي في الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، بسبب خلاف حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش في إطار مرحلة انتقالية نحو الحكم المدني.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في السودان إن البرهان وحميدتي وافقا على وقف القتال لمدة ثلاث ساعات بدءا من بعد ظهر الأحد بناء على اقتراح من الأمم المتحدة.
وقال الجيش وقوات الدعم السريع في بيانين إنهما وافقا على وقف القتال بدءا من الساعة الرابعة مساء حتى السابعة مساء بالتوقيت المحلي (14:00 إلى 17:00 بتوقيت غرينتش).
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن من الصعب على المسعفين والمرضى الوصول إلى المستشفيات ودعت الجيش وقوات الدعم السريع لتوفير ممرات آمنة.
وقال شاهدعيان إن إطلاق النار هدأ على ما يبدو في البداية في وسط الخرطوم ولكن سرعان ما استؤنف القصف العنيف.
ومع حلول الليل وبعد انتهاء سريان مفعول اتفاق وقف القتال، أفاد السكان بوقوع قصف مدفعي وضربات جوية في كافوري بالخرطوم بحري التي توجد بها قاعدة لقوات الدعم السريع.
وقال غازي الريح، وهو ناشط إغاثي يعمل على إجلاء الأشخاص العالقين في عدة مستشفيات ومبان أخرى بسبب القتال “الهُدنة التي أعلنتها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان (يونيتامس) على لسان رئيسها فولكر بيرتس وفتح مسارات آمنة لم تنفذ ولم تضطلع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولا الهلال الأحمر السوداني بأدوارهما في عمليات الإخلاء. نحن محتاجين كلنا نشتغل على موضوع الهدنة والمسارات الآمنة، كلنا”.
ودعت الولايات المتحدة والصين وروسيا ومصر والسعودية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إلى إنهاء فوري للأعمال القتالية التي تهدد بتفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة تشهد توترا بالفعل.
الجيش السوداني: سيطرنا على مطار مروي وقطاعات مهمة
وأعلن الجيش السوداني، مساء الأحد، السيطرة على مطار مروي (شمال) وقيادة قطاع كردفان (جنوب) ومعسكر الري المصري بضاحية الشجرة، جنوبي العاصمة الخرطوم.
وذكر الجيش في بيان أن “الموقف العام مستقر جدا وجرت اشتباكات محدودة مع المليشيا المتمردة (الدعم السريع) حول محيط القيادة العامة واستهداف بعض المباني التابعة للقيادة في محاولة لتشتيت الجهود وتغطية الهزائم المتلاحقة”.
وأضاف: “العدو لجأ إلى أسلوب استهداف الأفراد بالقناصة من أعلى بعض البنايات جاري رصدها والتعامل معها”.
وتابع: “قواتكم مستمرة في إدارة الموقف بثبات واتزان ومهنية عالية حيث تمكنت من استعادة السيطرة على مطار مروي، والسيطرة على قيادة قطاع كردفان، ومعسكر الري المصري بالشجرة.”
وزاد: “غنمت القوات المسلحة عددا كبيرا من الأسلحة والمعدات والمؤن من قطاعات مختلفة.”
ومضى قائلا: “نطمئن جماهير شعبنا أن قواته المسلحة متماسكة وفي أحسن حالاتها وتؤدي واجباتها بروح معنوية عالية وستحسم الموقف قريبا جدا بإذن الله.”
حمدوك: أدعو لوقف الحرب بالسودان “فورا” والوضع “كارثي”
ودعا حمدوك، الأحد، إلى الوقف الفوري للحرب ببلاده، لمرورها “بظرف عصيب ووضع كارثي”.
وخلال مؤتمر صحافي في أبو ظبي، قال حمدوك: “ندعو إلى الوقف الفوري للحرب في السودان، والسلام هو الخيار الوحيد المتاح للشعب السوداني لتفادي الانزلاق إلى الحرب الأهلية”.
وأوضح أن “السودان يمر بظرف عصيب ووضع كارثي جراء الحرب الراهنة التي تقضي على الأخضر واليابس”.
وأشار حمدوك إلى “الوضع الإنساني الكارثي في البلاد ومعاناة السودان المستمرة جراء الاقتصاد المتدني ونقص الغذاء والدواء وانقطاع الكهرباء والمياه مما يزيد من المعاناة الإنسانية للشعب السوداني”.
ودعا قيادة الجيش وقوات الدعم السريع إلى “الوقف الفوري لحرب المنتصر فيها خاسر”، كما دعا “الشعب إلى التماسك والمجتمع الدولي إلى مساعدة السودان والوقوف إلى جانبه في هذه المحنة العصيبة”.
وأردف: “أدعو جميع الأطراف السودانية إلى وقف هذه الحرب اليوم قبل الغد لإتاحة الفرصة للشعب السوداني والعودة إلى مسار الانتقال المتفق عليه والذي بدأ قبل 3 سنوات ليظل السلام هو الخيار الوحيد المتاح للشعب السوداني لتفادي الانزلاق للحرب الأهلية وتفادي مآلات هذه الحرب والوضع الكارثي”.
وأضاف: “لا يوجد بديل إلا الحوار بين السودانيين من خلال تفاوض يفضي إلى اتفاق بمشاركة جميع القوى”.
وطالب حمدوك بوقف أي تدخل أجنبي في الشأن السوداني، ودعا المجتمع الدولي لممارسة دور إيجابي، والدول العربية والإفريقية لمساندة الشعب السوداني “في هذه المحنة العصيبة:
ضربات جوية
قال شهود وسكان، إن الجيش شن ضربات جوية على ثكنات وقواعد تابعة لقوات الدعم السريع، بعضها في مدينة أم درمان، وتمكن من تدمير معظم منشآتها.
وأضافوا أن الجيش استعاد السيطرة على جزء كبير من القصر الرئاسي بالخرطوم من قوات الدعم السريع بعد أن أعلن كل جانب السيطرة عليه إلى جانب منشآت مهمة أخرى في المدينة التي ما زالت تشهد اشتباكات بالمدفعية الثقيلة والأسلحة النارية حتى اليوم الاثنين.
وقال شهود إن أفرادا من قوات الدعم السريع ما زالوا داخل مطار الخرطوم الدولي الذي يحاصره الجيش ويحجم عن توجيه ضربات تجنبا لوقوع أضرار جسيمة.
وقال الجيش في بيان الأحد “اقتربت ساعة النصر”.
وأضاف البيان “نترحم على الأرواح البريئة التي أزهقتها هذه المغامرة المتهورة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة ودعواتنا للمصابين، ونبشر شعبنا الصابر الأبي بأخبار سارة قريبا بإذن الله”.
وقال شهود وسكان إن هناك مشكلة عويصة تتمثل في وجود الآلاف من عناصر قوات الدعم السريع المدججين بالسلاح داخل أحياء الخرطوم ومدن أخرى، مع عدم وجود سلطة قادرة على السيطرة عليهم.
وقالت هدى وهي من سكان حي في جنوب الخرطوم لرويترز “نحن خائفون ولم نذق طعم النوم منذ 24 ساعة بسبب الأصوات المدوية واهتزاز المنازل. نحن قلقون من نفاد الماء والغذاء والأدوية من أجل أبي فهو مريض بالسكري”.
وأضافت “هناك الكثير من المعلومات المضللة والجميع يكذبون. لا نعلم متى ينتهي ذلك وكيف سينتهي”.
ومن شأن حدوث مواجهة طويلة الأمد بين الجانبين أن يؤدي إلى انزلاق السودان إلى صراع واسع النطاق في وقت يعاني فيه بالفعل من انهيار الاقتصاد واشتعال العنف القبلي ويمكن أيضا أن يعرقل الجهود المبذولة للمضي نحو إجراء انتخابات.
وبذلت السعودية والإمارات جهودا لتشكيل مسار الأحداث في السودان إذ تريان أن الانتقال للديمقراطية بعيدا عن حكم البشير سيؤدي للقضاء على نفوذ الإسلاميين وتحسين الاستقرار في المنطقة.
وضخ كلا البلدين استثمارات في قطاعات مثل الزراعة إذ يتمتع السودان بإمكانيات هائلة، إلى جانب قطاع الموانئ على ساحل البحر الأحمر.
خسائر في صفوف المدنيين
ارتفعت حصيلة ضحايا الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان إلى 97 قتيلا وعدد كبير من الجرحى على ما أعلنت نقابة أطباء السودان صباح الاثنين.
وجاء في بيان للنقابة أن “ما لا يقل عن 97 شخصا قتلوا (…) منذ اندلاع الاشتباكات في البلاد، السبت” موضحا أن الحصيلة لا تشمل كل القتلى إذ أن الكثير منهم لم ينقلوا إلى المستشفيات بسبب صعوبات التنقل.
وأضاف البيان أن “365 شخصا أصيبوا” أيضا.
ويتواصل القتال في العاصمة السودانية صباح الاثنين لليوم الثالث على التوالي بين الجيش وقوات الدعم السريع المسلحة مع سماع إطلاق نار ودوي انفجارات.
ومن جانبه، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الأحد وقفا مؤقتا لجميع عملياته في المناطق التي يضربها الجوع في السودان بعد مقتل ثلاثة من موظفيه السودانيين في اشتباكات بشمال دارفور وتعرض إحدى طائراته “لأضرار بالغة” في مطار الخرطوم خلال تبادل لإطلاق النار.
وقال فولكر بيرتس في بيان “أشعر بالانزعاج الشديد من التقارير التي تفيد بأن مقذوفات أصابت منشآت الأمم المتحدة ومباني إنسانية أخرى بالإضافة إلى تقارير عن نهب مباني الأمم المتحدة وغيرها من المباني الإنسانية في عدة مواقع في دارفور”.
وقالت وسائل إعلام سعودية رسمية الأحد إن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أجرى اتصالين مع البرهان وحميدتي ودعا إلى إنهاء التصعيد العسكري. وأكد الوزير دعوة الرياض للتهدئة.
وقال السودان في خطاب أمام الجامعة العربية الأحد إنه يتعين السماح للسودانيين بالتوصل لتسوية داخلية دون تدخل من المجتمع الدولي.
وقالت القوات المسلحة على صفحتها على فيسبوك “لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة” وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة، مما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر.
ووصف حميدتي البرهان بأنه “مجرم وكاذب”.
وقال مسؤولان في شركة اتصالات (إم تي إن) في السودان لرويترز إن الشركة أوقفت خدمات الإنترنت في البلاد بناء على توجيهات من هيئة الاتصالات الحكومية.
وانقطع بث التلفزيون السوداني الرسمي بعد ظهر الأحد، في خطوة قال موظفون إنها تهدف إلى منع بث أي مواد دعائية لقوات الدعم السريع بعد أن دخل أفرادها المبنى الرئيسي لإذاعة وتلفزيون السودان في أم درمان واستخدموا شبكات الإذاعة لبث مواد مؤيدة للقوات شبه العسكرية.
واشنطن ولندن تدعوان إلى “وقف فوري” للعنف
وفي السياق، دعا وزيرا الخارجية الأمريكي والبريطاني بعد اجتماع على هامش قمة مجموعة السبع في اليابان الاثنين إلى “وقف فوري” للعنف في السودان حيث خلفت اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع 97 قتيلا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعد اجتماع مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي إن هناك اتفاقا على الحاجة إلى “وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المحادثات”.
وأضاف “ثمة قلق عميق مشترك بشأن القتال… والتهديد الذي يشكله على المدنيين وعلى السودان والذي قد يشكّله على المنطقة”.
ولفت إلى أنه تمت مناقشة الوضع في السودان مع حلفاء في الشرق الأوسط وإفريقيا وهناك اتفاق مشترك “حول ضرورة أن يعمل العسكريون… على ضمان حماية المدنيين وغير المقاتلين وكذلك مواطنين من دول أخرى”.
وتابع على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كارويزاوا اليابانية أنه تم التوصل إلى الاتفاق على “الحاجة لوقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المحادثات”.
وقال كليفرلي إن ما سيحصل “في المستقبل القريب يكمن في أيدي الجنرالات المشاركين في هذا القتال”، مضيفا “ندعوهم إلى وضع السلام أولا وإنهاء القتال والعودة الى المفاوضات. هذا ما يريده شعب السودان وهذا ما يستحقه شعب السودان”.
إيغاد توفد رؤساء للخرطوم
وكثفت دول مجاورة ومنظمات إقليمية جهودها، الأحد، لإنهاء العنف. وشمل ذلك عرضا من مصر للوساطة بين طرفي الصراع وفقا لبيان صادر عن الرئاسة المصرية.
وقال مكتب الرئيس الكيني وليام روتو على تويتر إن الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا (إيغاد) تعتزم إرسال رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى السودان في أسرع وقت ممكن لإجراء مصالحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وتأتي الاشتباكات في أعقاب تصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع بشأن دمج تلك القوات شبه العسكرية في الجيش. وأدى الخلاف إلى تأجيل توقيع اتفاق تدعمه أطراف دولية مع القوى السياسية بشأن الانتقال إلى الديمقراطية بعد الانقلاب العسكري في عام 2021.
“محاسبة المسؤولين”
طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد بـ”محاسبة المسؤولين” عن مقتل العاملين في برنامج الأغذية العالمي. وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان إن الأمين العام “يدين بشدة” مقتل مدنيين من بينهم الموظفون الأمميون الثلاثة، وأعرب عن أسفه “لتضرر مباني الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى بمقذوفات وتعرضها للنهب في عدة أماكن في دارفور”.
وذكر برنامج الأغذية العالمي من جهته تضرر إحدى الطائرات المستخدمة في عملياته السبت في مطار الخرطوم الدولي.
وأكدت مديرة البرنامج سيندي ماكين أن “برنامج الأغذية العالمي ملتزم بمساعدة الشعب السوداني الذي يواجه انعداما حادا في الأمن الغذائي لكننا لن نستطيع القيام بعملنا الذي ينقذ الأرواح إذا لم يتم ضمان سلامة طواقمنا وشركائنا”.
بحسب الأمم المتحدة، يحتاج ثلث سكان السودان لمساعدات إنسانية.
“مد يد العون”
عقدت جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا في القاهرة بناء على طلب مصر والسعودية.
ووصف رئيس الوزراء السوداني الأسبق عبد الله حمدوك في مؤتمر صحافي في أبوظبي، الوضع الإنساني بأنه “كارثي”، ودعا طرفي القتال إلى هدنة والمجتمع الدولي وخاصة الدول العربية إلى “مد يد العون” للسودان.
وجاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية الفرنسية الأحد أن باريس “تجدّد دعوتها لبذل كل ما هو ممكن لوضع حد للقتال ومنع أي تصعيد”، داعية إلى “حماية العاملين في المجال الإنساني”.
وقالت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس إن مجلس الأمن الدولي سيتطرق إلى الوضع في السودان خلال جلسة مغلقة الاثنين.
أعلن الاتحاد الإفريقي الأحد أن رئيس مفوضيته موسى فكي محمد سيتوجه “فورا” إلى السودان “للتحدث مع الطرفين بشأن وقف إطلاق النار”.
(وكالات)