دول الخليج تخطو سريعاً نحو السيارات الكهربائية: استثمارات وشراكات وتوطين للصناعة
عربي تريند_ تتجه دول الخليج العربي بخطى سريعة نحو الاستثمار في قطاع السيارات الكهربائية، لمواكبة طفرة نمو كبيرة شهدتها السوق العالمية للسيارات العام الماضي، رغم تراجع الدعم الحكومي للصناعة في أغلب الدول المنتجة.
وتنشئ دول خليجية مشروعات إنتاج السيارات الكهربائية من جانب، وتسعى نحو الاستحواذ على حصص وازنة في أبرز الشركات العالمية من جانب آخر.
مصانع محلية
وأنشات السعودية أول مجمع سكني بمحطة شحن للسيارات الكهربائية عام 2018، وهو مجمع “ديار السلام” في مدينة جدة، وذلك بالتعاون مع شركة “شنايدر إلكتريك” الفرنسية المتخصصة في مجال التحول الرقمي وإدارة أتمتة الطاقة.سيارات
وأطلقت شركة لوسيد للسيارات الكهربائية، في مايو/ أيار 2022، أول مصنع للسيارات الكهربائية بالسعودية في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، باستثمارات تصل إلى 12.3 مليار ريال (3.27 مليارات دولار)، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 155 ألف سيارة سنوياً.
ومن المقرر أن ينتج المصنع 4 أنواع من السيارات الكهربائية ابتداءً من العام الجاري، على أن يصل إلى كامل طاقته الإنتاجية بحلول عام 2028، مع خطط تصدير قرابة 95% من إنتاجه.
وتستهدف السعودية بناء مصنعين للسيارات الكهربائية لإنتاج 300 ألف سيارة سنويًا، وفقاً للاستراتيجية الوطنية للصناعة في المملكة التي أُعلِنت عام 2022.
وفي الإمارت، افتتحت مجموعة “إم غلولي القابضة”، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أول مصنع للسيارات الكهربائية، وهو مصنع الدماني في مدينة دبي الصناعية، الذي تصل طاقته الإنتاجية إلى 10 آلاف سيارة سنوياً.
ووقعت الإمارات اتفاقاً لإنشاء 3 مصانع سيارات كهربائية خارج البلاد، تبلغ سعة إنتاجها 40 ألف سيارة في السنوات الـ3 الأولى لتشغيلها، باستثمارات تبلغ 550 مليون دولار.
وأبرمت شركتا أدنوك للتوزيع وأبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) اتفاقاً، في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بهدف إطلاق شراكة جديدة تحت اسم “إي 2 جو” (E2GO)؛ لإنشاء وتشغيل البنية التحتية اللازمة لشحن المركبات الكهربائية في أبوظبي ومختلف أنحاء الإمارات.
تسهيلات للقطاع
كذلك تشهد قطر اهتماما متنامياً بالقطاع، إذ أعلنت المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (كهرماء)، في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن بدء تزويد جميع محطات الوقود في البلاد بوحدات شحن للسيارات الكهربائية، ضمن مشروع من المقرر أن يكتمل في غضون عامين.
وكانت “كهرماء” قد قامت بتركيب حوالي 100 محطة شحن للمركبات الكهربائية السريعة في قطر في عام 2022، فيما سيتم تركيب 150 محطة شحن في عام 2023 في جميع أنحاء البلاد.اقتصاد دولي
وتخطط الشركة القطرية أيضاً لإنشاء 600 إلى 1000 محطة شحن كهربائية بين عامي 2025 و2030، لتعزيز النقل الأخضر في جميع أنحاء البلاد.
وافتتحت قطر، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مستودع “حافلات لوسيل”، الذي يُعَدّ أكبر مستودع للحافلات الكهربائية في المنطقة، بطاقة استيعابية تصل إلى 478 حافلة، تزامناً مع انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم الشهر المقبل.
كما توسعت في استخدام الحافلات الكهربائية لنقل المشجعين خلال البطولة التي أُقيمت لأول مرة في المنطقة العربية.
وفي البحرين، تتجه وزارة شؤون الكهرباء والماء لطرح مناقصة خلال العام الجاري لتعيين استشاري متخصص لوضع استراتيجية خاصة للسيارات الكهربائية في البلاد؛ بهدف نشر ثقافة الطاقة المتجددة كمصدر للكهرباء، وتقليل الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري واستهلاكه، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.
وتسعى الوزارة، من خلال وضع الاستراتيجية الجديدة، إلى تسهيل نماذج الأعمال المستدامة وإعداد البنى التحتية والسياسات المتعلقة بالطاقة المتجددة، من أجل ضمان تحقيق أهداف البحرين والتزاماتها في الحد من انبعاثات الكربون بنسبة 30% من خلال إزالة الكربون ومبادرات كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060.
وفي الكويت، أعلن وزير الأشغال العامة وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة السابق، علي الموسى، في 10 سبتمبر/ أيلول 2022، الانتهاء من إعداد لائحة شواحن المركبات الكهربائية في البلاد، بهدف وضع استراتيجيات وقواعد منظمة وأسس ومعايير لمنظومتها الجديدة، وفق ما نقلت عنه وكالة “كونا” الرسمية.
وتهدف اللائحة إلى توفير خدمة شحن السيارات الكهربائية للعملاء؛ حيث وضعت آلية لزيادة مواقع نقاط الشواحن في مناطق مختلفة بالدولة.سيارات
استثمارات وشراكات
ويأتي ذلك فيما توقع تقرير لمؤسسة “6 دبليو ريسيرش” الهندية تسجيل سوق السيارات الكهربائية في سلطنة عُمان معدل نمو سنوي مركب قدره 31.4% خلال الفترة من 2023-2028.
وكانت شركة “ميس” العُمانية قد أسدلت الستار، في فبراير/ شباط 2022، عن سيارتها الكهربائية التي تعدّ من الابتكارات في السلطنة، لتكون بداية جديدة للقطاع.
والسيارة قادرة على قطع مسافة 500 كيلومتر بشحنة واحدة، وتحتوي على شاشة عرض كبيرة مزودة بأدوات تحكم لمعظم الوظائف، ومن ضمنها تنشيط مكيف الهواء وفتح الباب.
كذلك دخلت شركة “تاتا موتورز” الهندية، مع شركات سعودية وإماراتية، في مفاوضات لبيع حصص من أسهمها، حسبما أورد وفقاً لموقع “إيكونوميك تايمز”.
وتتصدر الشركة قائمة المبيعات في سوق السيارات الكهربائية الهندية، بنسبة استحواذ تصل إلى 86% من حصص السوق عبر طرازي “نيكسون” و”تيغور”.
وفي 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أطلقت السعودية أول علامة تجارية لصناعة السيارات الكهربائية محلياًٍ، تحمل اسم شركة “سير”، باستثمار مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة “فوكسكون” الصينية.
ومن المقرر أن تحصل “سير” على تراخيص تقنية المكونات المتعلقة بالسيارات الكهربائية من شركة BMW الألمانية لاستعمالها في تطوير المركبات، بينما ستقوم “فوكسكون” بتطوير النظام الكهربائي للسيارات، على أن تبدأ “سير” في بيع أول سيارة كهربائية لها خلال عام 2025.
استفادة من الخبرات الدولية
ويلفت الخبير الاقتصادي علي العبسي، في هذا الصدد، إلى أن السيارات الكهربائية أصبحت “صناعة معولمة” إلى حد بعيد، فالصين متميّزة في صناعة البطاريات وتستفيد من كونها أكبر سوق للسيارات في العالم، وألمانيا تستفيد من كونها واحدة من أعرق الدول وأهمها في صناعة السيارات، ومن ريادة شركاتها لتطوير تقنيات السيارات الكهربائية.
ويشير الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إلى أن الاتجاه إلى التوسع في صناعة السيارات الكهربائية يأتي في إطار سياسة حماية المناخ، مشيراً إلى أن التطور الكبير في تقنيات البطاريات الكهربائية، خلال السنوات الماضية، جعل السيارات الكهربائية أكثر كفاءة واعتمادية.
وذكر العبسي أن إعلان العديد من الدول التوقف عن منح تصاريح جديدة للسيارات التقليدية، ومنها النرويج، التي ستمنع بيع السيارات ذات محرك الاحتراق الذاتي بدأ منذ عام 2025، من العوامل الأساسية التي ساهمت في الدفع بصناعة السيارات الكهربائية، وهو اتجاه تدعمه دول عديدة بالاتحاد الأوروبي، بهدف وقف بيع سيارات الوقود التقليدي في عموم الاتحاد بدءاً من عام 2035.
تحوّط وتنويع
ورغم أن دول الخليج تستأثر بخمس إنتاج النفط العالمي، إلا أنها أيضاً تريد الاستفادة من إمكاناتها ودخول القطاع الذي يتوسع بشكل كبير عالمياً وإقليمياً.
وكشفت دراسة حديثة، أجرتها شركة الاستشارات والتدقيق العالمية PWC (برايس ووترهاوس كوبرز)، عن أن مبيعات السيارات الكهربائية العالمية سجلت نمواً بنسبة 70% على أساس سنوي في عام 2022.سيارات
وأشارت إلى أن الصين هي الدولة الأكثر تأثيراً في هذا الإطار، إذ قفزت مبيعات السيارات الكهربائية فيها بنحو 85%، واستحوذت وحدها على ثلثي المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات.
كذلك شهدت السوق في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا نمواً قوياً، بحسب الدراسة، التي أوردت أن ألمانيا وحدها شهدت نمواً للسوق بنسبة 32%، وهي المرة الأولى التي تتجاوز فيها حصة السوق الألمانية من السيارات الكهربائية نظيرتها من سيارات الوقود الأحفوري.
وتتوقع رابطة صناعة السيارات الألمانية مبيعات للسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في ألمانيا بحوالي 510 آلاف وحدة في 2023، بزيادة نسبتها 8% عن عام 2022.