الجزائر تتهم المغرب بالوقوف وراء حملات تغيير الخرائط بين البلدين.. وتتوعد: الويل لمن تسول له نفسه الاعتداء على أرضنا
عربي تريند_ وجهت الجزائر عبر وكالتها الرسمية التي تعبر عن خط السلطة، اتهامات للنظام المغربي، بالوقوف وراء الحملات الإعلامية الأخيرة التي تدعي حق المغرب التاريخي في جزء واسع من أراضي الجزائر الغربية، في محاولة حسبها لصرف الأنظار عن المشاكل الداخلية التي تعيشها المملكة.
وكتبت وكالة الأنباء الجزائرية مقالا شديد اللهجة، ذكرت فيه أن “دواليب المخزن (النظام المغربي) أوعزت إلى إحدى الدكاكين الإعلامية المقربة من القصر الملكي في الرباط والمعروفة بعدائها للجزائر، لنشر ملف دعائي، يفتقد لأية احترافية إعلامية، يعكس الأطماع التوسعية المغربية”، في إشارة إلى غلاف مجلة “ماروك إيبدو”، الذي نشر خريطة جديدة للبلدين، ضمت فيها أجزاء واسعة من الجزائر للمغرب فيما يسمى داخل المملكة بالصحراء الشرقية.
وذكرت الوكالة في رد ساخر على تلك الخريطة التي لونت بالأحمر، أن “المملكة المغربية ألفت صناعة حدودها افتراضيا أو على الخرائط بأقلام التلوين، التي لا تحتاج سوى ممحاة في يد طفل لا يتعدى الثلاث سنوات ليعيد للمخزن رشده”. ثم عادت سريعا إلى الجد، معتبرة أن “هذه الخرجة لم تكن بالتأكيد اعتباطية، إذ جاءت أياما فقط بعد تصريح مديرة الوثائق الملكية، بهيجة سيمو، حول نفس الموضوع، لتعيد إحياء نقاش عقيم حول موضوع تم الفصل فيه بموجب اتفاقيات مسجلة على مستوى منظمة الأمم المتحدة”.
واستنتجت الوكالة بفعل التزامن بين الحدثين، أن “هذه المؤسسات والدكاكين الإعلامية قد تلقت الإيعاز من مصادر القرار في المخزن الذي ساءت سمعته وأصبح منبوذا ومثار سخرية عبر العالم بعد ثبوت تورطه في فضيحة الرشاوى “ماروك غايت” على مستوى البرلمان الأوروبي، وكذا فضائح تجسسه على الصحافة والناشطين والتي لم يسلم منها حتى بعض المسؤولين الرسميين من شركاء المغرب”.
وذكر المقال أن ما وصفها بـ”العقلية التوسعية للمخزن، التي لا تراعي لا روابط التاريخ والأخوة ولا تعير أدنى اهتمام لاحترام قواعد القانون الدولي”، هي “مصدر كل المشاكل والقلاقل التي تعرفها المنطقة المغاربية”، معتبرا أن “النظام المغربي أصبح يشكل تهديدا وخطرا على جميع جيرانه، وهذا بشهادة الوزير المغربي الأسبق لحقوق الإنسان، النقيب محمد زيان”.
وأضافت الوكالة أن “هذا السلوك المخزني المرضي، الذي لم تسلم منه أي دولة مغاربية، هو من أفشل وقضى على كل مبادرات الوحدة والاندماج المغاربي، وامتدت أطماعه إلى خارج الفضاء المغاربي لتصل إلى عمق القارة الإفريقية التي تم تحريرها من نير الاستعمار بفضل تضحيات أبنائها”. وفي اعتقاد السلطات الجزائرية، فإن “هذا السلوك المرضي واضح وبما لا يدع مجالا للشك في عقلية المشرع المغربي ويبرزه بتجلي الدستور المغربي، الذي عكس كل دساتير العالم، يشير في فصله 42 إلى “الحدود الحقة”، وهو المفهوم الذي يحمل في طياته النية التوسعية والسلوك الحربي الذي ما فتئ المخزن يتعامل به مع جيرانه”.
وفي تحليل الوكالة، فإن “هذا الاستفزاز المغربي ما هو إلا استمرارية لإستراتيجية المخزن الساعي لتصدير التوترات والمشاكل الداخلية بغية صرف أنظار الشارع المغربي الذي يشهد احتجاجات مستمرة تتزايد يوما بعد يوم وغليانا غير مسبوق نتيجة الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية والتهميش والفوارق الاجتماعية التي تطال شرائح واسعة من الشعب المغربي، في ظل غياب تام للسلطات التي تنتظر توجيهات ملك مغيب يعيش لشهور طويلة خارج البلاد، ورئيس حكومة يتهمه المغاربة بالجشع ومص دمائهم عبر شركاته التي تزداد رؤوس أموالها يوما بعد يوم في الوقت الذي يوغل فيه المغاربة البسطاء في الفقر المدقع”.
ومهما تكن المسوغات، قالت الوكالة إن “الجزائريين يدركون اليوم أكثر من أي وقت مضى مدى العداء الدفين والمتجذر الذي يكنه المخزن لبلادهم، والذي امتدت يده إلى أرضهم التي حررها ملايين الشهداء الذين سقوها بدمائهم الزكية”.
وتابعت بكلمات تهديد ووعيد: “لعل الشيء الوحيد الصادق فيما نشره البوق المخزني هو اللون الأحمر الذي اختاره ضمن خريطة الأراضي الجزائرية والذي يرمز لتضحيات هؤلاء الشهداء، الذين، دون أدنى شك، سلموا الأمانة لأجيال تدرك معنى الأرض والتضحية. فالويل لمن تسول له نفسه الاعتداء على ذرة تراب مسقية بدماء الشهداء”.
وكانت مجلة ماروك إيبدو، قد اختارت في دعم “أطروحة الصحراء الشرقية”، الاستناد إلى المؤرخ برنارد لوغان، المعروف بعدائه الشديد للجزائر، والذي ادعى أن “فرنسا بترت أجزاءً من المغرب لتوسيع أراضي الجزائر الفرنسية وذلك منذ 1870، أي بعد 40 عاما من بدء الاستعمار الفرنسي في الإيالة الجزائرية التي كانت خاضعة للسلطنة العثمانية”.
واللافت أن حديث الحدود بات دارجا أكثر على الجانب المغربي منذ تفاقم الأزمة بين البلدين سنة 2021 إثر قرار الجزائر قطع علاقاتها مع الرباط، بسبب ما اعتبرته سلوك المملكة العدائي ضدها. واشتعل هذا النقاش بشكل حاد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد تصريحات الرئيس المستقيل للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني، الداعية للزحف على تندوف في الجنوب الغربي الجزائري، وحديثه عن تبعية موريتانيا تاريخيا للعرش المغربي، وهو ما ولد ردود فعل ساخطة في البلدين.