الخلافات تتفاقم بين برلين وتل أبيب.. وألمانيا تبحث عن طريقة للتعامل مع نتنياهو
عربي تريند_ كشفت مجلة “شبيغل” الألمانية أن ألمانيا ما تزال تبحث عن طريقة جديدة مناسبة للتعامل مع حكومة نتنياهو الجديدة، خاصة أن الخلافات في وجهات النظر باتت تطفو على السطح بين الطرفين الألماني والإسرائيلي، وكان ذلك واضحاً في زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، الثلاثاء، إلى برلين والتقائه بنظيرته الألمانية أنالينا بيربوك. فاللقاء، بحسب وسائل الإعلام الألمانية، حمل الكثير من القلق والاختلاف في وجهات النظر، حيث عبّرت وزيرة الخارجية الألمانية بوضوح عن قلقها حيال تنامي العنف في صراع الشرق الأوسط، ومن سياسات الحكومة الإسرائيلية المقبلة في ما يخص الاستيطان وفرض عقوبة الإعدام ومسارات التفاوض مع الفلسطينيين.
وبالرغم من أن ألمانيا تحاول دائماً إظهار نفسها كشريك لإسرائيل، كما يحرص السياسيون الألمان على تأكيد ذلك في كل مناسبة سياسية تجمعهم بإسرائيل، بيد أن المجلة الألمانية وصفت الشراكة هذه المرة بأنها تثير المشاكل، ووصفت وزير الخارجية الإسرائيلي بـ “الشريك المشكلة”.
وقالت المجلة: من الواضح أن الجهود الألمانية ما تزال متواصلة من أجل إيجاد صيغة جديدة للتعامل مع حكومة نتنياهو الجديدة، فزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إلى ألمانيا كشفت العمق في الخلاف القائم، وأن الاختلاف في وجهات النظر لم تعد يقتصر فقط على موضوع عقوبة الإعدام، التي أعلنت إسرائيل أنها تريد فرضه على الفلسطينيين، بل يشمل مجالات أخرى عديدة.
وخلال لقاء لها مع كوهين، قالت السياسية المنتمية إلى حزب “الخضر” في برلين: “لدينا قناعة راسخة تعارض عقوبة الإعدام، ونحن نتحدث عن ذلك في كل مكان في العالم”.
وأضافت: “هناك دول في كل أنحاء العالم بصدد التخلي عن هذه الممارسة الوحشية، فقد ثبت أيضاً أنها لا تحقق الردع على نحو فعال”. مشيرة إلى أن “التلاميذ يتعلمون في المدرسة في ألمانيا أن إسرائيل لم تطبق في تاريخها عقوبة الإعدام سوى مرة واحدة فقط بحق مجرم الحرب النازي أدولف أيخمان، وذلك رغم أنها معرضة لخطر الإرهاب على نحو يختلف عن أي دولة أخرى”.
حكومة نتنياهو الجديدة
قبل عام، وعندما حضرت أنالينا بيربوك ونظيرها الإسرائيلي، آنذاك يائير لبيد، إلى المؤتمر الصحافي، في فبراير شباط 2022، بدا كلاهما متفاهمين للغاية، كما لو كانا يعرفان بعضهما بعضاً منذ فترة طويلة. وبالرغم من تشديد ألمانيا في زيارة وزيرة الخارجية على موضوع المستوطنات، وقولها بأن “ألمانيا تعتبر بناء المستوطنات ضاراً وغير متوافق مع القانون الدولي”، فقد شددت الوزيرة أيضاً على فوائد الحوار المكثف بين الأصدقاء، وعَنَت بكلامها ألمانيا وإسرائيل.
الحال اختلف في هذه الزيارة، بحسب “شبيغل”، فعندما ظهرت أنالينا بربوك أمام الصحافة برفقة وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، إيلي كوهين، ظلت العديد من الأسئلة بلا إجابة؛ ما هو المستوى المناسب للحكومة الفيدرالية تجاه حكومة نتنياهو الجديدة، الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل؟ كيف تتعامل مع الوزراء الإسرائيليين الذين أبدوا ملاحظات عنصرية، أو لديهم سجل إجرامي؟ كيف ترد على الإعلان عن بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية الفلسطينية، لأن للشعب اليهودي “الحق الحصري في جميع مناطق أرض إسرائيل”؟ كيف تتعامل مع “الإصلاح القضائي” المخطط الذي يتظاهر ضده عشرات الآلاف من الإسرائيليين؟
وبينما تحاول برلين إيجاد التوازن الصحيح في التعامل مع حكومة إسرائيل، فإن الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين يقترب من الذروة، بحسب المجلة الألمانية، فدوامة العنف والقتل اتخذت مساراً دامياً في الأيام الأخيرة، كما أن تحركات المستوطنين بحق الفلسطينيين باتت أكثر وضوحاً، ما دفع إسرائيل إلى تكثيف الإجراءات الأمنية لاحتواء الوضع الأمني.
وبالرغم من محاولة الوزير الإسرائيلي تأكيد التوافق مع ألمانيا بخصوص إيران، حيث أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن بلادها وإسرائيل تتشاطران القلق حيال “التصعيد النووي المتواصل” لإيران.
واتهمت بيربوك، في مؤتمرها الصحافي مع نظيرها الإسرائيلي، إيران بتهديد الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط.
بيد أن الخلافات في طريقة التعامل مع إيران كانت واضحة، بحسب “شبيغل”، حيث بدا واضحاً حرص ألمانيا على اتخاذ الطرق الدبلوماسية من أجل حل هذا الملف، في حين كان واضحاً مدى الحرص الإسرائيلي من أجل حشد الجهود الدولية لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، حيث أكد أن الخيار العسكري يجب أن يظل مطروحاً على الطاولة، في حين اعتبرت بيربوك أن هكذا خيار سيكون مدمراً وله عواقب وخيمة.
الديمقراطية في خطر
بيربوك حاولت، خلال اللقاء، نقل القلق الألماني بخصوص التغييرات التشريعية التي تحاول الحكومة الإسرائيلية الجديدة فرضها وتعديلها، لا سيما في ملف القضاء. وأكدت أمام الصحافيين أن الإجراءات الإسرائيلية تشكل تهديدًا للدولة من الداخل
وقالت: “لن أخفي حقيقة أننا قلقون في الخارج بشأن بعض المشاريع التشريعية في إسرائيل”، و”من تغيير القيم التي توحدنا، مثل حماية مبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء”.
ويبدو أن الاختلاف في وجهات النظر قد بلغ ذروته، بحسب المجلة، حين سأل أحد الصحافيين الوزيرة الألمانية عمّا إذا كانت الديمقراطية في إسرائيل في خطر، نقلت بربوك عن زميلها في مجلس الوزراء ماركو بوشمان، من “الحزب الديمقراطي الحر”، والذي زار إسرائيل، في بداية الأسبوع الماضي، حيث أوضح بوشمان، خلال زيارته، أن “الديمقراطية القوية تحتاج إلى قضاء مستقل يمكنه أيضًا مراجعة قرارات الأغلبية، وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بقيادة نتنياهو”.